ما قل ودل : أسلحة للأستخدام الداخلي
في الوقت الذي ينشغل فيه العراقيون بمعاناتهم اليومية وكابوس الموت المجاني ، وتنشغل القوى السياسية المعارضة بالأزمات التي أتقن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، أفتعالها وعمل كل ما من شأنه تعميقها وتفاقمها و ألهاء الناس بها أطول فترة ممكنة ، يسعى هو ( المالكي ) وراء الكواليس وبعيداً عن أنظار الرأي العام لأحكام قبضته على كل السلطات وتسخير الموارد المالية و البشرية للدولة من أجل تحقيق حلمه المستحيل في التربع على سدة الحكم في ما تبقى من العراق ، دكتاتوراٌ وزعيما أوحداً ، يتصرف بالبلاد و العباد على هواه وكما يحلو له .ولكن تحقيق هذا الحلم ليس هيناٌ من دون قمع أنتفاضة السنة وأخضاع الكرد لأرادته أو تحجيم أقليم كردستان الناهض في الأقل .
المالكي يعتقد أن حلمه لن يتحقق بالسياسة ، بل بأمتلاك قوات مسلحة مجهزة بأفتك أنواع الأسلحة من دبابات و صورايخ وطائرات مقاتلة وقاصفة و قادة أمنيين من صنعه ليكونوا رهن أشارته في خوض حروب قذرة ضد الشعب العراقي و ليس ضد عدو خارجي .
لست أنا الذي يقول هذا الكلام ، بل وسائل الأعلام الروسية التي نشرت طوال الأسبوع الماضي أخباراً وتقارير وتعليقات حول عقد صفقة أسلحة ضخمة جديدة بين العراق وروسيا ، أبرمه وفد عراقي في الأسبوع الماضي في موسكو مع " "روسوبورون اكسبورت " لشراء طائرات مقاتلة و طائرات هيلوكوبتر هجومية ودبابات و صوارخ و أنظمة دفاع جوى .
و حل العقد الجديد محل العقد السابق، المثير للجدل ، الذي وقعه المالكي خلال زيارته الأخيرة لموسكو في أكتوبر من العام الماضي.
المبلغ الأجمالي للصفقة (4.2) مليار دولار لم يتغير و لكن محتوى العقد الجديد، طرأعليه بعض التغييروحسب رغبة المالكي وهي أضافة أربع طائرات هيليكوبتر هجومية الى الصفقة مقابل العمولات المدفوعة لبعض الوسطاء .
ولعل أغرب ما تضمنه العقد الجديد من شروط ما يلي :
1 – تمتنع روسيا عن عقد صفقات تسليح مع أى طرف آخر في المنطقة .
2 – تستخدم الأسلحة التي سيتم تجهيزها بموجب العقد ، داخل العراق حصراًً.
3 – تتعهد روسيا بتجهيز الأسلحة المتفق عليها خلال عام 2013 الحالي .
هذه الشروط تفضح نيات المالكي المبيتة لشن عدوان على أقليم كردستان .
الشرط الأول يقصد به منع بيع أى اسلحة و لو كانت خفيفة الى أقليم كردستان ، اما الشرط الثاني فهو دليل دامغ على ان شراء هذه الأسلحة ، لا يقصد به الدفاع عن العراق ضد أي عدوان خارجي محتمل ، بل لشن عدوان على الأقليم .
وتقول التقارير الروسية أن الوفد العراقي ألح كثيراً على ضرورة تجهيز الأسلحة على وجه السرعة وفي موعد لا يتجاوز نهاية العام الحالي . وهذا يفسر النداء الذي وجهته كلية الدفاع الجوي الى طلابها السابقين للألتحاق بالكلية لمن يرغب في ذلك ، لوجود نقص في عدد الطيارين حاليأً .
و السبب الآخر لأستعجال المالكي هو خشيته من الأطاحة به ،بعد السقوط المتوقع للنظام السوري خلال الأشهر القليلة القادمة .
ان كل من يتمعن في شروط العقد الجديد ، لابد أن يتساءل : هل مهمة الجيش – أي جيش في العالم - الدفاع عن حدود و سيادة البلاد أم شن الحروب العدوانية الداخلية ضد الشعب .
المالكي يسير على خطى صدام ،و يعتقد أن بوسعه أقامة دكتاتورية جديدة بأخضاع الشعب الكردي . ويخيل اليه أنه سينجح في تحقيق ما أخفق فيه صدام ، ويبدو أنه لم يتعظ يما جرى لصدام ، ولا يدرك ان الزمن تغير لصالح الشعوب ومجازر الأنفال وحلبجة لن تتكرر ، لأن المباديء التي تحكم العلاقات الدولية اليوم ، لم تعد تسمح للطغاة بقهر شعوبهم بقوة السلاح بعيدا عن أنظار المجتمع الدولي، أستنادا الى ذريعة عدم التدخل في الشؤون الداخلية. و أنصح المالكي أن يراجع نفسه و يستفسر من مستشاريه القانونيين ، عن قرارات مجلس الأمن بهذا الشأن .
ستثبت الأيام ان مصير المالكي السقوط الحتمي ، ان لم يتخل عن حلمه الجنوني المستحيل قبل فوات الأوان .
جودت هوشيار
jawhoshyar@yahoo.com