ما هدف الأوساط الإسلامية السياسية الداعية إلى إقامة نظام إسلامي طائفي في العراق ؟
ورد في موقع السيد علي السيستاني على الإلكتروني بتاريخ 31/آيار 2009 النص التالي:"وقال مصدر رفيع في مكتب السيد السيستاني "السيد السيستاني لا يزال عند رأيه من أن العراق لا يحكم بأغلبية طائفية أو قومية وإنما بأغلبية سياسية من مختلف الشعب العراقي تتشكل عبر صناديق الاقتراع". هذا النص منقول عن الموقع المنقول عن جريدة الصباح العراقية.
للسيد السيستاني الحق في اختيار الطريقة التي يصرح بها والمكان الذي ينشر فيه تصريحاته, ولكن, بما أنه يمتلك موقعاً خاصة به, فكان الأفضل, كما أرى, لكل القارئات والقراء أن يقرأوا التصريح صادراً عنه مباشرة وفي موقعه أولاً ويؤخذ عن الموقع لينشر في الصحف العراقية ومنها جريدة الصباح. كما لم يكن سليماً بأن الناطق الرفيع المستوى لم يذكر اسمه, وبالتالي يمكن التخلي عن هذا التصريح في أي لحظة, إذ ليست هناك مسؤولية مباشرة عن صاحب التصريح خاصة وان المتحدث رفض الإعلان عن اسمه. وهو أمر غريب بحد ذاته ايضاً.
ومع ذلك فأن مثل هذا التصريح المهم من الناحية الرسمية, إن كان صحيحاً, يفترض أن تكون له نتائج على أرض الواقع والحوزة الدينية في النجف وبالنسبة للسيد صدر الدين القبانجي والمجلس الإسلامي الأعلى, خاصة وأن القبانجي لا يزال يحتل موقعاً مهماً في الحوزة الدينية من جهة, وموقعاً قيادياً في المجلس الإسلامي الأعلى من جهة أخرى, وخطيب الجمعة في جامع النجف من جهة ثالثة, وهي كلها مواقع مهمة يستطيع من خلالها ممارسة دوره التثقيفي المؤيد لإقامة دولة طائفية وحكم طائفي في العراق يمثل المذهب الشيعي حسب فهمه الطائفي السياسي لهذا المذهب.
إن السيد صدر الدين, ومعه زميليه العضوين البارزين في المجلس الإسلامي الأعلى, يلعبون اليوم دوراً تخريبياً في العلاقات الوطنية من خلال رفع شعارات مضادة للعلمانية والدعوة إلى دولة دينية طائفية, في حين أنهم يدركون أن أغلب القوى السياسية الكردستانية تتحدث بالعلمانية وقوى ديمقراطية عربية تتحدث بالعلمانية أيضاً, وهم يهاجمون العلمانية التي تعني الكثير في عالمنا العربي والإسلامي والعراقي أيضاً, فالمدارس الحديثة هي جزء من نظام العلمانية, والدولة العراقية الفيدرالية هي جزء من العلمانية, والدستور المدني العراقي هو جزء من العلمانية, رغم وجود نصوص تتناقض مع العلمانية مثل دين الدولة هو الإسلام, في حين أن الدولة لا يمكن أن يكون لها دين باعتبارها شخصية اعتبارية وليست إنساناً عاقلاً يحق له حمل دين معين. وهم بذلك يفسدون على المجتمع القدرة على تعزيز نسيجه الوطني العراقي ويتنكرون للهوية الوطنيةو هوية المواطنة العراقية, وأن شعب العراق يتكون من قوميات وأديان ومذاهب واتجاهات فكرية وسياسية متعددة, وبالتالي فهم يدعون إلى رؤية شمولية في الدولة العراقية, أي رؤية استبدادية قسرية وطائفية سياسية مقيتة, وهو أمر مرفوض.
لقد قبل بعض هؤلاء الذين يدعون إلى مهاجمة العلمانية ومظاهرها في المجتمع ويمارسون ذلك فعلاً, خدمة النظام الصدامي. فعلى سبيل المثال لا الحصر أرجو من الحوزة الدينية في النجف أن تراجع المجتهد العلامة محمد كلنتر رئيس جامعة النجف الدينية وتسأله, إن لم تكن قد فعلت حتى الآن, الدور الذي كان يمارسه الأخ غير الشقيق لمحمد جلال الصغير, المدعو الدكتور غير المعمم منذ حكم صدام حسين, محمد حسين الصغير في مكتب المجتهد في جامعة النجف الدينية. لقد كان المجتهد رئيس الجامعة في التسعينيات من القرن العشرين يبكي وهو يحدث أصحابه عن مجيء هذا الرجل يومياً إلى مكتبه لمراقبة دخول وخروج وأحاديث من يحضر إلى غرفة رئيس الجامعة, إذ كان مكلفاً بذلك أيضاً, وأنه كان يخشى على نفسه وعلى هؤلاء الناس من انتقام البعث, إذ كان الدكتور محمد حسين الصغير وكيل أمن أو مخبر أمن, لا أستطيع البت في أحدهما أو غيرهما, بل ضرورة العودة إلى ملفات الأمن في النجف وفي بغداد لمعرفة التفاصيل الدقيقة عن هذا الموضوع. وهو اليوم يرفع صوته عالياً ليشتم العلمانيين والديمقراطيين ويدعو مع أخيه الصغير الآخر إلى رفض العلمانية وإدانة تناول المشروبات الروحية أو بيعها ...الخ.
أدعو إلى حملة وطنية عراقية, إدعو الكتاب العراقيين الحريصين على وحدة الشعب والمجتمع المدني, أن يبدأوا بالكتابة لإدانة هذا النهج السيء والخطير الجديد الذي يتبناه هؤلاء ومن يقف خلفهم من الأحزاب والقوى السياسية, لأنه البداية لأمور أخرى حلت في إيران المجاورة والتي يمكن أن تتواصل في العراق أيضاً وتقود إلى صراعات نزاعات لا آخر لها.
7/6/2009 كاظم حبيب