Skip to main content
ماذا علمتني الانتخابات ؟؟ Facebook Twitter YouTube Telegram

ماذا علمتني الانتخابات ؟؟

أظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية المستقلة للانتخابات فوز ائتلاف دولة القانون بنسبة 38% في العاصمة بغداد، فيما حقق تيار الأحرار المرتبة التي تليه 9%، كما حقق ائتلاف دولة القانون في البصرة نجاحا بنسبة 37% يليه شهيد المحراب بنسبة 11.6%.
تحديات الخارطة السياسية العراقية
العراق يتوجه الى بناء دولة القانون، والقضاء على الإرهاب هاتين المهمتين ظهرتا كأبرز ما وصل اليه تحليلي السياسي . سوف اختصر بنقاط لماذا هذه القناعة :
نتائج الانتخابات خيبة امل لدول الجوار
1- نجاح الانتخابات وحده لا يعني بالضرورة انتهاء العنف الطائفي بالعراق، بل قد يشهد العراق قليل من اعمال العنف بسبب تدخل الدول الجارة الذي لم يقف فورا. الانتخابات لن تنهي طموحات ايران التي لا تزال تؤمن بتزايد نفوذها في المنطقة رغماً عن جيرانها والراي العام العالمي ضدها. هذه الانتخابات قادرة على ترك أثر قوي على الشباب الايراني المتعلم والغاضب على الثورة الايرانية التي لم ينتج منها غير تدهور الاقتصاد وتخلف البلد منذ بدأت الدولة الايرانية بتفكيرها الساذج لارجاع امبراطورية الفرس ، الشباب الايراني بشطريه المنفتح والمتخلف ينظر الى نموذج الانتخابات العراقية الديمقراطية المسالمة تجربة فريدة من نوعها في المنطقة.
اثبتت الانتخابات العراقية ان ايران وحزب اللله اخسر الخاسرين في تمزيق العراق رغم صرف ملايين الدولارات التي صرفت عبر عملائهم العراقيين لشراء ذمم العراقيين . لكن وعي الشعب العراقي كان اقوى حيث ادرك الشعب العراقي لااحزاب طائفية تخدمه ولا التدخل الاجنبي يبني الديمقراطية التي ينشد لها العراق الجديد .
2- فشل ما روج له الإعلام العربي وأعداء العراق من العروبين الفاشيين , هذه الانتخابات عكست الصورة الحقيقية, انها تشير إلى نجاح مشروع زرع الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، بدءا بالعراق، نجاح الديمقراطية في العراق هو أول المشوار. هذا رد قاسي على أعداء العراق . فهؤلاء حاولوا دائماً عرقلة المشروع وإفشاله بشتى الوسائل من إرهاب وحملات إعلامية كانت تعكس "لا أمل في بث الحياة في العراق"، ذلك من أجل تخويف شعوبهم من كلمة الديمقراطية في بلدانهم ولكن في نهاية المطاف نجح المشروع بامتياز. كانت قناة الجزيرة اول باعثي السموم لافشال المشروع الديمقراطي .
الشعب العراقي ماذا حصل ؟
3- تعلم المواطن العراقي درسا ولقن الأحزاب و الكيانات السياسية درسا قاسيا ، كان من المتوقع أن يعزف كثيرون عن المشاركة بسبب الإحباط واليأس الّذي تسببت به أحزاب السلطة الطائفية ، غير أن المواطن قرر في النهاية أن يُصوت لصالح غير الطائفين، فيعاقب اؤلئك الذين تاجروا بدينه و مقدساته واثاره راهنوا على أن المواطن لا زال يعيش في كهفه المظلم و فاجأهم بوعيه وعقله اذ ساهم الناخب كي يأتي إلى إدارة المحافظات أناس يخدمون المواطن بإخلاص و نزاهة ويجعلون القانون هو الحاكم وليس الاحزاب السياسية المهيمنة . تبين للمواطن العراقي أن الرفض السلبي ـ المقاطعة ـ غير مفيدة، بل و تضر به، لكنه حينما يشارك فهو يعاقب أولئك الذين خيبوا ظن المواطن و الشعب ونهبوا ثرواته و ليحل محلهم أناس أكثر وطنية ونزاهة ، هذه الانتخابات إعلان صارخ لوفاة للطائفية و القومية، هناك من الأحزاب من راهن على أن الشعب سيبقى أسير المنطق الطائفي و القومي العنصري، كانوا يعتقدون أن المواطنين سيبقون خائفين من بعضهم البعض طائفيا و قوميا، لكن الناخب العراقي اثبت ذكاءا عبر اختياره اناس وفق قناعته .

4- في آذار من العام الماضي البصرة شهدت مواجهات عنيفة بين التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والأجهزة الحكومية التي نفذت عملية بأمر من رئيس الوزراء نوري المالكي أُطلق عليها اسم “ صولة الفرسان ”. احد أسباب تقدم قائمة ائتلاف دولة القانون هو عدم اعتمادها على الرموز الدينية والتعبئة الطائفية المقيتة.

5- عملت هذه الانتخابات على إفشال ورقة استغلال الدين والشعائر المذهبية للأغراض السياسية، ففي الرمادي انحسرت مكانة الحزب الإسلامي المتطرف لصالح مرشحي الصحوة بعد ان كان مسيطرا على المنطقة . وفي المناطق الجنوبية خسرت القوائم الطائفية امام ما حصدته قائمة (إئتلاف دولة القانون) وهي التي تتألف من حزب الدعوة، وحزب الدعوة - تنظيم العراق، والحزب التركماني الإسلامي.

6- إن السبب الرئيس “بروز قائمة ائتلاف دولة القانون يرجع إلى ما حققه من نجاحات على صعيد الأمن ليس قوة القائمة بأشخاصها، كما لم تكن القوائم الأخرى ضعيفة، بقدر ما هو صعود وقوة شخصية المالكي كرئيس للوزراء وحسن أداءه خلال الفترة الماضية أن النجاحات التي حققتها القائمة انسحبت باتجاه شخص رئيس الوزراء، وان معظم من صوّت لقائمة المالكي صوّت للماكي وليس لشخصيات القائمة. وخسرت القوائم المسيطرة سابقا التي بدأت تعادي المالكي عندما طالب بالحد من ثقافة التطبير والزناجيل المتخلفة . ولهذا الموقف الشعبي دلائل إيجابية واعية تشير إلى بدء يقظة الشعب وفضح أمر اللاعبين بالورقة الطائفية .
7- كان هناك مناطق مغلقة في بغداد للأحزاب الإسلامية في الانتخابات السابقة، اخترقتها الأحزاب العلمانية في الانتخابات الأخيرة وحققت نجاحات واسعة .
8- رفض الشعب العراقي مشروع فيدرالية الجنوب. وهذا رد حاسم على دعاة تمزيق العراق إلى كيانات هزيلة تحت واجهة الفيدرالية، ليسهل ابتلاعها من قبل دول الجوار وخاصة إيران. كما وإن فوز قائمة المالكي على القوائم الاخرى المنافسة دليل قاطع على رغبة الشعب في حكومة مركزية قوية تستطيع حماية البلاد من عبث عصابات الجريمة المنظمة في الداخل و العدوان الخارجي، على خلاف الذين يطالبون بإضعاف الحكومة الفيدرالية ضمن خطط امنية مركزية لعموم العراق .
9- أن الناخبين الشيعة لم يسيطروا على المناطق التي اعتبروها ملكا لهم وسيطرو عليها تماماً، وذلك لأن الناخبين السنة شاركوا بأعداد كبيرة بعدما أدركوا خطأهم بمقاطعة الانتخابات السابقة. هذه دلالة ستستمر مشاركة السنة الايجابية حتى الانتخابات العامة التي ستُعقد هذا العام سوف يتغير تكوين البرلمان العراقي تماماً ويغير الخارطة السياسية العراقية لتضم جميع الاطراف السياسية بنفس اكثر ديمقراطية .
10- هذه الانتخابات كشفت التطور الإيجابي الذي حصل لدى القوات الأمنية العراقية وقدراتها، ونموها بوتيرة متسارعة في التجهيز والاستعداد لتحمل المسئولية وأداء الواجب في حفظ الأمن وسلامة الشعب. القوات الامنية اثبتت انها فوق الطائفية وفوق تدخل الدول الجارة التي حاولت تمزيق العراق لخمسة سنوات, اليوم من زاخو إلى الفاو لم نجد أي موكب من مواكب الجيش الأمريكي كما حصل خلال السنوات الماضية بعد نيسان 2003 وهذا سيساعد على تسريع سحب القوات الاجنبية من العراق. اثبتت الاجهزة الامنية انها مستعدة لحماية بلادها دون الرجوع الى قوى خارجية .
11- هذه الانتخابات اعطت درسا حكيما لمنطقة كردستان العراق تبعث برسالة لتقول اننا جميعا عراقيون وللعراق ننتمي . الانتماء القومي مطلوب ولكن الاكثر منه مطلوبا هو الانتماء الوطني .
اتمنى من قادة الكتل السياسية الذين شاركوا في هذه الانتخابات أن يرتفعوا إلى مستوى المسئولية في التعامل مع النتائج بروح المصالحة الوطنية ويتقبلو بعضهم البعض بصدر رحب ليعطوا للعالم انطباعاً أن السياسي العراقي قد بلغ مرحلة واعية، وأن الديمقراطية قد دخلت الذهنية العراقية خلال فترة زمنية قصيرة ، وصار المواطن العراقي يتعامل معها بقناعة تامة ويرضى بنتائجها الايجابية والسلبية . هذه الانتخابات هي بداية الطريق نحو الصواب، وما السنوات الأربع القادمة التي يحكم فيها الفائزون إلا مرحلة اختبار لهم وتحت مراقبة شديدة من الناخبين لامتحانهم في مدى تحقيق ما وعدوا به من وعود في خدمة المصلحة العامة . كما اني اطالب من الناخب العراقي ليطالب بحقوقه ويطالب الذين سيحكمون مجالس البلديات ليرتقو الى حكم القانون وليس لرغبات قيادات الاحزاب السياسية غير الكفوءة التي اثبتت فشلها .
شباط 2009
Opinions