Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ماذا يريد شعبنا الكلـدانـي من القيادة الآشورية الشقيقة ؟

بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com



قطعاً في هذا المقال لا أودّ التطرق الى موضوع التسمية ، وإنما أريد ان ابحث واقع ينبغي التعايش معه في هذه المرحلة السياسية التي يمر بها شعبنا الكلــــــــــداني . فهنا أقر اننا المسيحيين نشكل شعباً وأحداً إن كنا من الكلدان او السريان او الأرمن او من الآشوريين ، فإن كان هناك من يحكمنا من اخواننا الأكراد او من العرب ، فلماذا لا نقبل بحكم أخواننا الآشوريين ، لكن في كل الأحوال لدينا مطالب عادلة ينبغي تحقيقها .
في مطاوي الحرب العالمية الأولى وفي العقد الذي أعقب هذه الحرب ، هاجر المسيحيون الذين طالهم التنكيل والأضطهاد في ظل الدولة العثمانية وبعد ذلك في ظل الدولة التركية الأتاتوركية ، وكان المهجرين الى هذه الديار ( العراق ) منهم الأرمن وهم الأقلية ومنهم الآشوريين وهم الأكثرية . القوم الأول ( الأرمن ) اندمجوا مع السكان وزاولوا حياتهم الأجتماعية والأقتصادية ، وأصبحوا جزء من المجتمع العراقي ، وعكفوا على تأسيس جمعيات ونوادي واحتفظوا بلغتهم وتراثهم وبمرور الزمن اصبحوا جزءً من النسيج المجتمعي في المدن العراقية .
الأكثرية من المهاجرين وهم الآشوريون بعضهم من الآراضي التركية وآخرين من الآراضي الأيرانية ، وحينما وصلوا الى العراق كان الأنكليز يستغلون اوضاعهم المزرية إن كانت صحية او معاشية ، وبعد ان فقدوا اهم ما يملكون وهي اراضيهم في تلك البقاع .
لقد حاول هذا القوم العودة الى أراضيه في تركيا ( جبال حكاري ) وأيران ( اورمي وسلامس ) ، وقد جهزت حملة بقيادة آغا بطرس وبمساعدة الأنكليز ، لكن الحملة أخفقت في الوصول الى اهدافها لأسباب سياسية وجغرافية وتعبوية ولا مجال للأسهاب في شرح هذه الأسباب لأنها خارج اهداف هذا المقال .
بعد إقرار الحاق ولاية الموصل بدولة العراق في سنة 1925 كانت بمثابة وأد الآمال الآشورية بالعودة الى ديارهم فلم يكن امامهم سوى قبول الواقع الجديد بالأستقرار في الوطن العراقي .
لقد استغل الأنكليز حاجة هذا القوم الى المادة والى الدواء والى السلاح ، وهكذا تم تسخيرهم كمرتزقة في خدمة التوجهات البريطانية في العراق ، وكان جل استخدامهم ضد الأنتفاضات العربية والكردية ويقول الكاتب الآشوري ماتفيف ( بار متي ) في كتابه : الاشوريون والمسألة الاشورية ص116
(( ان زعماء الآشوريين كسورما خانم شقيقة البطريرك بنيامين وبولص مار شمعون وعمه البطريرك أيشا مار شمعون الدور الكبير في تأسيس هذه الكتائب ، إذ كان لها كما للملوك والكهنة مصلحة مادية في توسيع تشكيلات الكتائب العسكرية ، حيث كانت العائلة البطريركية وكبار القادة والكهنوت يتقاضون وفق الأتفاق مع القيادة الأنكليزية حصة نقدية من مرتب كل ضابط ومجند آشوري )) .
باعتقادي المتواضع لو لم يكن هذا الدافع لانخرط الناس البسطاء من هذا القوم مع بقية شرائح المجتمع العراقي دون إعاقة او خلق ضغائن وكما فعل الأرمن من قبلهم . ونمضي الى القول أن هذا القوم دفع ضريبة الحرب وأردوا تعويض ذلك بمشروع قومي وحكم ذاتي في العراق وحينما فشلوا في ذلك ، لم يعد متاحاً امامهم سوى الألتفاف على الكلدانيين لتعويض ما خسروه ، والكلدانيون شعب وديع ويريدون التعاون والتآخي مع الجميع بضمنهم الآشوريين .
لكي لا نسرف في الكتابة ونتعب القارئ العزيز نأتي الى المرحلة التي أعقبت تحرير العراق في 9 نيسان 2003 م .
كان الشعب الكلداني في العهد الملكي له حقوق سياسية ازعم انها كاملة ، لقد كان لهم عضو ثابت في مجلس الأعيان المتكون من 20 عين ، وكان البطريرك الرئيس الديني لشعبنا الكلـــداني يشغل هذا المنصب لكن في بعض الفترات شغل هذا المنصب الكلــــداني يوسف غنيمة ، وكان للشعب الكلداني في العراق 4 نواب في البرلمان وبعد مغادرة اليهود في اواخر الأربعينات من القرن الماضي اصبح لهم 8 نواب .
بعد 2003 تغيرت مكانة الشعب الكلداني ونعلم عن السفير بول بريمر الذي كان ينوي تشكيل مجلس الحكم إذ يدرج في كتابه : عام قضيته في العراق ص 131 يقول :
(( خطر ببالي ان أبلغ العديد من المرشحين بأنهم لم يكونوا في عداد المجلس . أولاً المطران دلّي زعيم طائفة المسيحيين الكلـــــدان . فقد كانت ( الجالية ) المسيحية الصغيرة مجزأة على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد .
كان هناك الكلـــــدان الذين يبدو انهم يفوقون الآشوريين عدداً ، لكنهم لم يكونوا منظمين جيداً مثلهم وأقل فعالية سياسية ، وللمحافظة على هدف الحصول على اصغر هيئة تمثيلية ممكنة كان لدينا مكان مسيحي واحد فقط في المجلس . ويمضي بريمر قائلاً :
أخترنا ممثلاً للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا ان يسبب ذلك استياءً لدى الكـلـــــدان وكان ذلك صحيحاً ، إذ في تلك الليلة لم يكن قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية ، فبعد التذمر من استبعاده غادر غاضباً )) .
يبدو ان السفير بول بريمر لم يسبق له ان قرأ تاريخ العراق فأراد ان يرضي من يعلو صوته فقط ناسياً او متناسياً الحقائق التاريخية والديموغرافية على الأرض فكان نفاقه وغدره لحقوق الكلدانيين ، ويبدو انه اعطى إجازة لضميره فغدر بالسكان الأصليين لهذه البلاد والى اليوم لا زال حقوقهم مسلوبة في وطنهم التاريخي العراق .
أقول :
يوم هاجر الأرمن والآثوريون الى العراق شعر الكلدانــيون إن تعدادهم الديموغرافي سيتعزز بقدوم أعداد كبيرة من المسيحيين ، لقد كان الكلدانيـــــون يساهمون في العمل السياسي في العهد الملكي مع الأحزاب المتعاونة مع الدولة وحتى الأحزاب السرية ومنها الحزب الشيوعي العراقي وسنعلم مدى هذه المساهمة حينما نتعرف الى ان مؤسس الحزب الشيوعي العراقي هو يوسف سلمان يوسف ( فهد ) هو مسيحي من القومية الكلدانية . وكان تفاعلهم في الحياة السياسية العراقية وانخرط قسم كبير منهم في حزب البعث ، وساهم كثير منهم في مقاومة هذا الحزب بعد ان اصبح الحكم دكتاتوري يحكم العراق بالحديد والنار ، فاستشهد عدد كبير من الكلدانييـــن في مقاومة الحكم وأشتركت شريحة كبيرة منهم في مناصرة الثورة الكردية التي قادها المرحوم ملا مصطفى البارزاني .
لكن الذي حدث بعد 2003 ان حظوظ الكلدانييــــن من الكعكة السياسية لم تكن من نصيبهم وأجاد أخواننا الآشوريون في قطف ثمرتها ، لقد سعت الحركة الديمقراطية الاشورية الى تحييد الصوت الكلـــداني . بعد هذا الغبن والأهمال الذي طال الشعب الكلــــداني في وطنه ، إذ عقدت مؤتمراً في بغداد في اعقاب التغيير في 2003 طالبة ان يكتفي الكلدانيون بالتعبير المشترك لمكوناة شعبنا فيما احتفظ الآشوريون بأسمائهم الاشورية ، ومن منطلق اننا شعب واحد ، استأثر الآشوريون بكل الأمتيازات والمناصب الرفيعة :
االأستاذ سركيس آغا جان وزير المالية في حكومة اقليم كردستان ، والأستاذ نمرود بيتو وزير السياحة ، وألأستاذ روميو هكاري عضو برلمان كردستان ، وباسكال وردة وزيرة سابقة ، ويونادم كنا عضو البرلمان العراقي وغيرهم إما هم أشوريون او كلدانيون لكنهم اعضاء قياديين في الأحزاب الآشورية ، حتى بعض الوظائف التي يشغلها بعض الكلدانيين فهم يشكلون كوادر في أحزاب آشورية لا سيما في الحركة الديمقراطية الاشورية .
استطيع ان اقول ان الكلدانيين خرجو من المولد بلا حمص بعد 2003 وحصلوا على شئ واحد اسمه ( إننا شعب واحد ) لا غير .
ولابد ان نسبر اغوار ذاتيتنا قبل ان نرمي الآخر بشتى التهم ، لقد أخفقنا في ايصال الشخصية العراقية الكلدانية التكنوقراطية الأستاذ حكمت حكيم الى قبة البرلمان وعمل فؤاد بوداغ وغيره من الكلدانيين بإخلاص وتفاني ولكننا نحن الكلدانيين خيبنا آمالهم فبخلنا عليهم باصواتنا . وإن الأستاذ أبلحد افرام فاز بعضوية المجلس بعد تفاعل حزبه الحزب الديمقراطي الكلداني مع القائمة الكوردستانية .
وفي هذا المقام أقول : إن كنا شعب واحد مع الآشوريين فيجب ان يفسر ذلك على أرض الواقع ، ومعنى هذا التفسير الا تكون القيادة الآشورية منحازة للآشوريين او الكلدانيين والسريان الذين ينخرطون في احزابهم او الموالين لخطابهم فقط .
فيجب ان تكون هناك شفافية وحيادية في التعامل مع الجميع ــ استطيع ان أزعم ان الميزانية التي يتصرف بها السيد سركيس آغا جان توزع بنوع من الشفافية على مكوناة شعبنا ، لكن لنا عودة في قادم الأيام حول هذا الموضوع وعودة أخرى على موضوع قناة عشتار ، وارجو ان تتفتح القلوب لسماع الكلام الى أخره .
ولكن قبل ذلك نطلب من القيادة الآشورية وهي في اعلى المناصب ان توحد خطابها ، ففي شأن الحكم الذاتي ثمة خلافات في هذه القيادة وينبغي ان يجتمع خطابها على رأي ثابت وحول كل القضايا الأخرى التي تخص شعبنا ، فقيادتنا اليوم تقريباً جميعها من قومية واحدة وهي القومية الآشورية ودين واحد ، ولغة واحدة ، فلماذا لا يوحدون خطابهم ؟ نحن نقرأ عن هذه الخلافات في المواقع الألكترونية ونتمنى ان تزول تلك الخلافات .
بقي ان أقول لشعبنا الكلداني ينبغي ان نقتدي بأخواننا الآشوريين في رفع راية قوميتنا الكلدانية وتوحيد خطابنا ومؤازرة احزابنا الكلدانية لكي ننهض بشعبنا الكلداني ويحتل مكانته التاريخية في الوطن العراقي الحبيب
حبيب تومي / اوسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
ــ السفير بول بريمر " عام قضيته في العراق " دار الكتاب العربي ، ترجمة عمر الأيوبي .بيروت 2006
ــ ق . ب . ماتفيف ( بارمتي ) " الآشوريون والمسألة الاشورية في العصر الحديث " دمشق ، الأهالي للطباعة والنشر سنة 1989 ترجمة ح . د . آ
ــ نينوس نيراري " آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين " ترجمة فاضل بولا ، سان دياغو 1996م . Opinions