مبدأ المشروعية والانحراف بالسلطة
رأي حقوقي
كما نعلم من الناحية القانونية ان أي خطأ في التكييف القانوني للوقائع، او خطأ في تفسير القانون يعتبر انحراف بالسلطة، ومن أهم أسباب الانحراف بالسلطة هو السبب النفعي يليه السبب العقائدي ثم السياسي، هذا واقع حال اليوم في العراق، لكي نكون حقوقيين ومع القانون نؤكد بوجود أفضلية نفعية بين فرد وآخر – بين مكون وآخر – بين مذهب وآخر – بين حزب وآخر! أليس هناك نفع تجاري لصاحب القرار او حاكم او مسئول؟ أليس هناك تحايل في تنفيذ الحكم القضائي؟ ومرات عديدة يتحول الظالم إلى مظلوم؟ أليس هناك قضايا متروكة على الرف منذ سنوات والجاني مجهول؟ إذن هناك قرارات تتخذ لأهداف خارجة عن الغرض الذي يقصده المشرع حين اسندَ الاختصاص للجهة المنفذة! هنا نحن في صميم او لب الانحراف بالسلطة من خلال تقويض مبدأ المشروعية الذي يؤكد خضوع الجميع (الأفراد وأجهزة الدولة ومؤسساتها) للقانون، وتخضع جميع السلوكيات والتصرفات إلى قواعد قانونية عامة تسري على كافة الأفراد! ان حدث هذا فحتماً سنرى مجتمع متطور يدعم كيان الدولة في جو من الأمن والأمان
مع الأسف والخسف
قلنا مع الأسف لان واقع حال المجتمع العراقي عكس ما طرحناه، ليس قولنا فقط، وإنما هناك أرقام ووثائق داخلية ودولية واعترافات المسئولين هي التي تتكلم! كيف ذلك؟ بما ان مبدأ المشروعية هو معيار في تصنيف الدول، نرى ان تصنيف العراق دولياً يقبع في ذيل قائمة (انتهاكات حقوق الإنسان – الأمن والأمان – الفقر – البطالة – تجارة الرقيق – الفساد) هذا يعني بعدم وجود لفكرة المشروعية فكيف يكون وجودها كمبدأ؟ واحد الأسباب الرئيسية هو عدم خضوع الحكام (بشكل عام) لمبادئ القانون مما يعني عدم وجود مبدأ المشروعية في التطبيق العملي للقانون والدستور! فكيف يمكن ذلك ان كان الدستور العراق أعرج؟ هنا نعيش في ما قبل الحضارة والمدنية / الحكام كانوا بمثابة نصف الإله = هم القانون! واليوم الحكام المستبدين الذين يمثلون أنصاف الآلهة أكثر من السابق لان في السابق كان هناك إمبراطور واحد واليوم عندنا عشرات الأباطرة في ملعب واحد، فأين يصبح القانون؟ وكيف يكون اتجاه مبدأ المشروعية؟
حقوق الإنسان
نعتقد جازمين ان تغيير الوضع القادم لا يتم إلا بوجود رقابة شعبية حقوقية / نساء ورجال حقوق الإنسان في تطبيق مبدأ المشروعية، وإلا انتقلت الدولة من دولة قانون إلى دولة بوليسية! أي من دولة امن وأمان إلى إرهاب الدولة، وبالتالي أي عمل تقوم به يكون عمل غير مشروع، وهكذا عندما نقول ان السلطة القضائية تصدر أحكامها وفق القانون نقصد به وفق المصدر الأساسي للتشريع ألا وهو الدستور باعتبار انه يقع في قمة الهرم القانوني كونه يحدد شكل نظام الحكم وعلاقة الدولة بالمواطنين وحقوق الأفراد وحرياتهم المشروعة
وبما ان دستور العراق اليوم يمشي على عكازه بوجود تناقضات واضحة بين مواده وضبابية فقرات أخرى بحيث تكون قابلة للتأويل والتفسير المتعدد حسب مصلحة النظام والحاكم (تعدد الحكام وحواشيهم) لذا يفتقد إلى المشروعية وخاصة من ناحية نزاهة التطبيق لوجود نصوص توجيهية في الدستور أي غير محددة تمثل في أهداف يعمل النظام السياسي على تطبيقها حسب مصلحته كشخص او كحزب او كمذهب او كمكون،،،،، هنا لابد ان يتدخل المشرع، ألا وهو البرلمان لإصدار التشريعات اللازمة لتنفيذ هذه النصوص التوجيهية وهنا أمامنا اليوم طلب البرلمان العراقي التدخل بخصوص المادة 4 إرهاب كمثال لا الحصر، هذا سياسياً، اما قانونياً ان البرلمان لا يستطيع إصدار قوانين مخالفة للنصوص مثل حق التظاهر – حق الوجود – حق المعونة الاجتماعية،،،،الخ) وكون البرلمان في العراق يمثل الإدارة العامة كونه منتخب بإرادة شعبية لذا يستوجب ان تكون قراراته وتشريعاته موافقة للدستور وألا كانت غير مشروعة!!! ولكن كما قلنا ان دستور العراق "أعرج – وجود خلل ومتناقض" لذا لا بد من تعديل الدستور او على الأقل بعض مواده قبل الانتخابات القادمة في 2014 وإلا لا مبدأ للمشروعية! ولا حق! ولا حقوق! ولا امن ولا أمان، ويستمر نهج الدكتاتورية إلى تقديس الأشخاص وتكريس مبدأ الأنا على حساب النحن، إذن رجعنا إلى القرون الوسطى المظلمة
الخلاصة
عندما نقول ان دولتنا هي دولة القانون يعني فرض حكم القانون على الجميع، أي إلزام الحكام والمحكومين بالخضوع لقواعد القانون – هذه هي دولة القانون والمؤسسات التي نكتب عنها ونراها في منامنا أحيانا، ولكن اليوم نرى بعيون القانون ونلمس بإياد الحقوقيين واعترافات المسئولين، في مباراة كرة القدم عندما تكون الكرة بين أرجل الحكام ليس هناك فاول (آوت) عندما تخرج من خط الملعب والحكم لا يصفر صفارته إلا عندما تكون الكرة بيد أفراد المجتمع، هنا تعتبر الدولة منحرفة لان القانون لا يطبق على الجميع، عليه وجوب وجود صمام الأمان (الحكم في المباراة) واحد أهم الشروط في الحَكَمْ هو النزاهة والشفافية لا ان يستلم مائة ألف دولار لكل ضربة جزاء غير صحيحة وغير قانونية للفريق الآخر!!!كمثال لا الحصر لأننا لم نقل استلام الملايين في صفقة تجارية،،،، هذا الصمام الأمان هو مشروعية زملائنا وزميلاتنا في حقوق الإنسان الحرة المستقلة، واستقلاليتها تتجلى في نزاهتها ونظافة فكرها وقلبها وأيديها من أردان الفساد بأنواعه، انها حقوق الأفراد والحقوق العامة معاً وسويةَ، وأي اعتداء او انحراف على هذه الحقوق يعني تدخل السلطة القضائية، وما أدراك ما السلطة القضائية ان كانت متحيزة للحاكم؟ وحتماً لن تكون منحازة للمواطن او للفرد، إذن لا مبدأ المشروعية ان كانوا رجال ونساء وشباب حقوق الإنسان والكفاءات بعيدين عن السلطات الثلاثة.
7/ كانون الثاني 2013