مثقفو إقليم كردستان العراق وموقفهم النبيل إزاء الحملة الجائرة ضد الثقافة الديمقراطية
برهنت, ومن جديد, جمهرة كبيرة وبارزة من مثقفات ومثقفي إقليم كردستان العراق على وعيها العميق بطبيعة الحملة الجائرة التي تتعرض لها الثقافة الديمقراطية العراقية, وعلى إدراكها الواضح والسليم بالمخاطر التي تتعرض لها الحياة الثقافية العراقية بكل تنوعاتها وتعددها وتفاعلها المتبادل وتلاقحها المستمر من جراء تلك الإجراءات الظالمة والمتخلفة التي اتخذتها بعض مجالس المحافظات أو فرضت على بعض المؤسسات الحكومية الموجهة ضد الثقافة والمثقفات والمثقفين في العراق. وأدركت مخاطر سكوت الحكومة الاتحادية, وبشكل القوى الفاعلة فيها والقوى المحسوبة على الصف الوطني والديمقراطي, على صدور تلك الإجراءات ولم تقف بوضوح وجرأة رافضة إياها ومتصدية لها بالاستناد إلى مضامين الدستور العراقي الجديد والمبادئ الأساسية التي تتضمنها لائحة حقوق الإنسان وحقوق المواطنة والحرية الفردية للمواطنات والمواطنين, وما كانت ولا تزال تتحدث به الحكومة الاتحادية ليل نهار.إن مضمون النداء الصادر عن الأخوات والأخوة في كردستان يحمل الكثير من المعاني الإنسانية والتضامنية والرؤية المشتركة لمستقبل العراق في حالة نجاح هذه القوى الظلامية والمستبدة في تكريس سياساتهم التي تتناقض مع حضارة الإنسان وتقدمه وحريته ومع الجماليات التي يسعى الإنسان إلى إبداعها ليضفي على حياة الإنسان الغنى الفكري والروحي, ويخفف عنه آلام وويلات الكوارث والمصائب والحرمان والبطالة والفقر التي مر بها أو لا تزال تعاني من آثارها نسبة عالية من بنات وابناء الشعب العراقي, والجديد من المشكلا التي أضيفت خلال السنوات السبع المنصرمة إلى التركة الثقيلة للنظام السابق.
إني إذ أحيي هذه الروح التضامنية والإنسانية الوثابة لدى مثقفات ومثقفي كردستان, أدعوهم إلى تنظيم حملة فكرية وسياسية وإعلامية واسعة وسريعة لتعبئة قوى وأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الديمقراطية المستقلة في الإقليم ضد الحملة الظالمة والجارية في بغداد وفي العديد من محافظات الوسط والجنوب. إن مثل هذه الحملة يمكنها أن تساهم في اتخاذ الأحزاب ورئاسة وحكومة إقليم كردستان وقائمة التحالف الكردستاني ورئاسة الجمهورية العراقية موقفاً واضحاً في رفض تلك الإجراءات وإدانتها والعمل الجاد على إلغائها وإزالة الآثار السلبية التي ترتبت عنها على المجتمع العراقي وعلى المؤسسات الحكومية, ومنها أكاديمية الفنون الجميلة, أو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. كما إنها يمكن أن تحرك الشارع العراقي كله لمواجهة ما يراد له في المرحلة الراهنة من حياة الشعب والدولة العراقية.
إن القوى الديمقراطية العراقية كلها تواجه خطر السعي لفرض خيمة فكرية جديدة لطرف واحد ومعين على مجمل الحياة الفكرية العراقية, تماماً كما فعل صدام حسين في سعيه لفرض الخيمة الفكرية البعثية الشوفينية والعنصرية على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتي قادت إلى الكثير من النكبات والمآسي في العراق وفي الدول المجاورة. ولهذا يفترض فينا تنشيط عملية التصدي لأي محاولة من هذا النوع. وما الإجراءات الأخيرة لمجالس المحافظات وسكوت أو تاييد مبطن لبعض القوى في الحكومة الاتحادية لها, يمكن اعتباره بالون اختبار لمزيد من الإجراءات الجائرة اللاحقة ضد القوى والثقافة الديمقراطية والتراث الشعبي الحي في العراق, وضد حرية الإنسان.
إننا في العراق نحتاج اليوم وأكثر من اي وقت مضى إلى ترديد ما قاله الشاعر الطيب الذكر كاظم السماوي في الخمسينات من القرن الماضي والعمل على ضوئه :
وإذا تكاتفت الأكف فأي كفٍ يقطعون
وإذا تعانقت الشعوب فأي درب يسلكون
كاظم حبيب
17/12/2010