مثلّث الرحمةمن مثواه يستنكر عمائلكم يا فخامة وسيادة دولة فرض القانون
لم تكن جريمة إختطاف وإستشهاد المرحوم المطران رحو ومقتل مرافقيه الثلاث هي الأولى,ودون أيّ شك سوف لن تكون الأخيره فاليوم إلتحق بكوكبة مثلث الرحمة شهيدا أخر (راني يوسف حنا), لينقل لنا على عجل برقية إستنكار المرحوم المطران فرج رحو وشجبه لإدعاءاتكم يا حكومتنا , وقد تم تم قتل الشاب المسيحي الأشوري راني يوسف في نفس مكان إختطاف مثلث الرحمة المرحوم فرج رحو في حي النور بالموصل!! أين أنتم يا حكومة فرض القانون؟ألمؤسف والغريب أنّ الحكومة العراقية بمختلف واجهاتها السياسية والأمنيه في طول العراق وعرضه لازالت على نفس غييّها منذ أول تنصيب لها قبل خمس سنوات ولحد اليوم ما بين ضعف أدائها وتغافلها عمّا يدور يوميا وهي ما تزال تتبع نفس النهج الهزيل في ردود أفعالها أزاء كل جريمة تقع ضد الرموز والناس الأبرياء , لابل قد أصبحت مصداقية ردة فعل المواطن العادي حتى في عفويتها تفوق بأضعاف المرات ركاكة ردود أفعال السلطات كما نشهدها على ألسنة وبيانات رجالات الحكومة , ولا داعي لنا للخوض بمسببات الحالة , فسياسة المحتل كما عرفناه هي في مقدمة أسباب تهميشه للحكومات ومؤسساتها, لكن العظماء فقط لايقبلوا على أنفسهم أن يستهان بهم .
لقد سئم المواطن العراقي كثافة بيانات الشجب والإستنكار إثر كلّ عملية تفجير او جريمة خطف او قتل يقابله التقصير المفضوح في ملاحقة الفاعلين و هكذا عجز القضاء عن أداء مهامة بحيادية ونزاهة للكشف عن الجريمة ومعاقبة مرتكبيها لأسباب هي الأخرى ليست بغريبة , مما أدى بالمواطن أن يصاب بالإعياء واليأس من كثرة تكرار تسجيل الجريمة ضد مجهول, إلى متى سيبقى حال العراقيين مرهونا بأيدي الإرهابيين أمام عجز السلطات النظامية عن أداء مهامها؟
من لم يسبق له معرفة شخصية الشهيد مثلث الرحمة ومواقفه الوطنية قبل إستشهاده , بات يعرفه اليوم أكثر وأكثربعد نيله وسام الشهادة , كان المرحوم المطران فرج رحو كما عرفته متواضعا محبوبا بين الأهالي حين كان كاهنا حديث العهد في الموصل في نهايات ستينات القرن الماضي, تدرّج في نشده التعمق في المعرفة كي يصبح من الأعلام الذين نالوا رضى غالبية المرجعيات الدينية والشعبية , إضافة إلى دماثة أخلاقه ألتي كانت سببا واضحا في بنائه علاقات متزنة مع العديد من الجهات السياسية والإجتماعيه وهو يرمي من خلال ذلك تحقيق الأمن الأخائي بين الناس و الحفاظ على وحدة وتآلف أهالي مدينته الموصل بمختلف إنتماءاتهم ,و ليس بخاف ٍ على أحد رأيه وموقفه ألذي أعلن عنه بعظمة لسانه وكرره في عدة مناسبات حول ما يدور في العراق وتحديدا في مدينته الموصل, شجاعته وصراحته و خبرته الحياتية المتراكمة جعلته دوما سريع البوح عمّا كان يعتمر في عقله وقلبه دون أن يردعه رادع أو تركعه قوة إلا الذي خلقه .
كيف لا وقد سمع الألوف كرازاته المنقولة مرارا وهو يؤكد فيها معاني المحبة والتعايش ويكرر مرارا ً نذر نفسه وحياته لشعبه وإيمانه بطريق الشهادة فداء ً لوطنه و شعبه وعقيدته , فلسفته في الحياة لم يبنها من فراغ, إنما بناها نتيجة خبرة متراكمة وممارسه يومية خرج منها بشخصية ممزوجة ما بين دينية وعلمانية مدركة لما تتطلبه مهامه كقائد مسيحي ديني بذي مسؤوليات حتمّت عليه تأطير مجمل فعالياته بالموقف الذي يحمي رعيته ويمّكنها من مواصلة حياتها وإرضاءً لخالقه .
نعم جرأة هذا الرجل المثال وروحه الوطنية و سمو درجة إيمانه بفلسفة المسيح هي التي دعته إلى قول ما لم يتجرأ ألعديد من اقرانه على قوله, والذي كان في خلده وذهنه كان دائما على لسانه من دون خوف ولا وجل, من ضمن ما كان يقوله المطران المرحوم والذي كررّه مرات عديده هو ضمن تصريحه في إحدى لقاءاته المعلنة على الهواء(إذاعة إس بي إس الأستراليه) قائلا بملئ فمه أن الذي يدور في العراق هو أمر مدبّر وفي أعلى المستويات و هو يؤكد خوفه على مستقبل المسيحيين في مدينة الموصل وعموم العراق , خشيته كانت من أنّ أجندة الأمريكان وتدابيرهم(حسب تصريحه) مع الأخرين من شأنها أن تؤدي إلى إحتمال إفراغ العراق من ابنائه المسيحيين( كلدواشوريين سريان وأرمن) أو حصرهم في زاوية تضيق عليهم الخناق كي يستسلموا لامر الواقع او أن يهجروا موطنهم, هذا كان لسان حال المطران الشهيد وهكذا كانت نهاية سفر هذا العراقي الوطني المخلص .
لم يعد لنا ما نقوله بعد إستعواذنا بالله من شرور جرائم المتسترين وإسترحامنا على ارواح شهدائنا الأبرياء, سوى أنّ وطننا الجريح بعد خلاصه من الديكتاتوريه إنزلق للهاوية الأبشع ألتي فيها غدا مرتعا سهلا ً تعبث بكيانه شتى منظمات الإرهاب و عصابات المخابرات المحلية والإقليمية والدوليهوحكومتنا فقط تسنتكر , نكرر تأكيدنا على مطالبة الحكومة إن كانت حكومة وحدة وطنية وحريصة على شعبها بحق و معها الهيئات القضائية والتحقيقية برّد جزء من الجميل لدماء هؤلاء الضحايا ولتشرع بالبحث الجاد عن الجناة الحقيقيين و سوف لن تكف أقلامنا عن تكرار المطالبة بالكشف عن الحلقات والمجاميع ألتي تدير و تموّل جرائم التطهير الديني والعرقي ألتي يتم إرتكابها بحق أبناء العراق الأصلاء.