Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

محنة الفارين من الحرب...

رغم ان المؤتمر الذي عقد مؤخرا في عمان تناول قضيه اللاجئين العراقيين في دول الجوار والدول العربيه الاخرى الان انه لم يضع حلولا جذريه لها او على الاقل يضع برنامجا لتخفيف معاناتهم او الحد منها ووضع حالة الطفوله التي تتحمل هي الاخرى معاناة قلما يتمكن الكبار من تحملها فكيف بالضغار المهم ان هناك مستقبلا مجهولا ومظلما ينتظرهم وانقطاع عن الاتصال بمحيطهم والتواصل مع الحياة بعد ان فقدوا مقاعدهم الدراسيه وتعذر عليهم الحصول عليها في بلدان الجوار التي راحت تقفل ابوابها تدريجيا خوفا من تأثير هذه الهجرة على اقتصادها المحلي ومضاعفات اجتماعيه اخرى تخلفها على الواقع هذه الاعداد الكبيرة من الفارين..

حتى النسبه التي تحدثت عنها الامم المتحده من الاطفال الذين سيحصلون على حق التعليم في هذه البلدان لا يمثل شيئا قياسا للاعداد الحقيقيه التي قاربت الثلاثة ملايين وسبعمائة الف وعلى الاغلب يكون بينها ما لا يقل عن مليون ونصف من الاطفال ان لم يكن اكثر, والعدد الذي سيحصل على التعليم هو155 الف طفل واذا اجرينا مقارنه بين اعداد الاطفال الحقيقيين والنسبه التي ستحضى بحق التعليم فأنها تبدو نسبة ضئيله للغايه لاسيما وان الاعداد بتزايد مستمر يوميا وتتخوف الدول من ان تكون هناك سياسه متعمده وراء تهجير هذه الفئات الواسعه من السكان وخاصة ان الاغلبيه منهم تنحدر من المنطقة الوسطى بالعراق ومهما فعلت لهم المنظمات الدوليه فأنها لن تتمكن من السيطرة على اوضاعهم وتلبيه احتياجاتهم وتقديم التسهيلات التي تمكنهم من تجاوز حاله المحنة التي يعيشوا فيها فالمهاجر من موطنه قسرا وبفعل عامل مفروض كالحرب الطائفيه الدائره التي تخلف كل يوم المئات من القتلى والجرحى في صفوف ابناء هذا الشعب الذي كتب له ان يعيش حاله الحرب المستديمه ..

فالقضيه اتسعت اكثر بكثير مما كان متوقع لها حتى ان البعض من المنظمات الدوليه اعتبرها اكبر هجرة لشعب في التاريخ لانها تجاوزت الثمانية ملايين منذ عام 1990 ولحد الان وهي نسبه كبيرة للغايه وتهدد التركيبه الديموغرافيه لسكان العراق مستقبلا لا سيما وان النسيج السكاني المنوع هو الذي يدفع الثمن من خلال هجرة الاقليات التي شكلت لوقت طويل عنوانا للحضارة في هذا البلد..

ودول الجوار لا تستطيع تحمل هذه الاعداد لانها بحاجه الى مبالغ ماليه طائله ربما لا تتمكن الولايات المتحده نفسها من توفيرها لهذه الدول فكيف بالمنظمه المغلوبه على امرها التي تسمى الامم المتحده لذلك اختلفت طبيعة تعاطي هذه البلدان من دوله الى اخرى فسوريا اعربت عن عجزها عن توفير كل المستلزمات الضروريه لهم وطلبت عونا صريحا من الامم المتحده رغم انها كانت معارضه للحرب والاحتلال منذ والبدايه وكانت تدرك انها ستخلف مثل هذه المشاكل ..

والاردن طلب مليار دولار ثمنا لابقاء الجاليه العراقيه على الاراضي الاردنيه وهو لا يقدم لها اية مساعده لان الولايات المتحده والدول الغربيه من خلال منظمة الصليب الاحمر هي التي تلعب الدور الرئيسي في دعمها وتلبية احتياجاتها ونعلم جميعا ان اكثر من نصف الجاليه تعيش دون اقامات قانونيه ولم تخضع لتعداد اجرته المنظمه النرويجيه مؤخرا في الاردن والتي قدرت عدد العراقيين هناك بسبعمائة الف وهو عدد يكاد احدا لا يصدقه من العراقيين, اما البلدان الاخرى مثل مصر والخليج فانها لا تقبل بوجود العراقيين دون اقامات قانونيه فيها مع ان مصر على لسان رئيسها الذي اصدر مرسوما خاصا يمنع دخول العراقيين الى هذا البلد خوفا منه على الموارد النفطيه والطبيعيه الموجوده في مصر!!!

وفي تركيا لا تزال السلطات هناك تمارس نفس سياساتها السابقه في الاعتقال والتهجير الى زاخو لاتفه الاسباب حتى ان معظم العراقيين يتخوفون من تجديد اقاماتهم هناك من اعتقالهم وترحيلهم دون سبب وما ينبغي النظر اليه هو ان اعداد غفيرة منهم منعت من التواصل مع هذا العالم وان اطفالهم مهددين بالجهل بعد انقطاعهم عن الدراسه وان هناك مصيرا مجهولا يتحكم في اقدارهم بينما تعجز الحكومه العراقيه عن توفير ابسط الخدمات التي تقدمها القنصليات والممثليات في الخارج لرعاياها فقد تخلت عنهم هي الاخرى لتتابع مسلسل الصراع على السلطه بين اطرافها المختلفه والغوص في تفاصيل المحنه العراقيه بلا ادنى شك سيكون بحاجه الى مجلدات لتعبر عنه وعن الماساة التي يعيشها العراقي خارج بلده مكرها اما في الداخل فأنها تتضاعف يوما بعد اخر حتى اخذت تحول ارض العراق الى مخيمات للنازحين وخاصة في اطراف المحافظات التي يغلفها الارهاب ويسيطر عليها وفي مقدمتها الموصل التي تم افراغها تماما من سكانها الاصليين من الاشوريين والسريان والكلدان والقوميات الاخرى فقد اصبحت غابه يعبث بها الارهاب والحكومه فيها لا تتعدى سيطرتها حدود مبنى محافظة نينوى..

ان محنة الفارين من الحرب تتسع تدريجيا دون ان تلوح في الافق حلولا واضحه لمعاناتهم لا من قبل الدول التي تستقبلهم ولا حتى من حكومتهم التي تفسح المجال بتصرفاتها هذه للشعب الى ان يتأكد من انها لا تقوم بواجبها وان عليها الرحيل في اسرع وقت... Opinions