Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مديح ذو شجون

ترددت كثيرا قبل ان اكتب هذه السطور ، اذ من الصعب التعقيب على كلام شخص يمدحك ويذكر مناقبك وصفاتك الحميدة !! ولكن الموضوعين عني اللذين نشرهما مؤخرا موقع كتابات اثارا عندي تداعيات ذات دلالات سلوكية واخلاقية في العلاقات الانسانية .. وايضا في العلاقات المهنية بين المثقفين والفنانين العراقيين !
ولمن لم يتابع اوضح فاقول ان موضوعا نشر قبل ايام بقلم الكاتب احمد الصالح تحت عنوان ( لعل غربال الزمان ينصف فيصل الياسري ) استعرض فيه تجاربه الايجابية معي في العمل وفي العلاقات الانسانية ، وتبعه الاعلامي ديار العمري فكتب عما حفظته ذاكرته من معايشات ايجابية في عملنا الاعلامي الابداعي مع بعضنا ومع غيرنا وقد عنون موضوعه ( فيصل الياسري ، شهادة للتاريخ !) وكلا الكاتبان ركزا على الصفات الحميدة التي احملها في سلوكي المهني والانساني وانعكاسات ذلك ايجابيا على من اعمل معهم او يعملون معي ، وقد بين الكاتبان ماذا كسبا من خبرة ومعرفة في العمل التلفزيوني المشترك ...!
واعترف ان ذلك الكلام سرني كثيرا ، وهو حقيقي وواقعي ، ليس فيه تملق او محاباة او غرض شخصي ، فهو صادر من رجلين عرفاني عن قرب ، وليس لهما حاليا اية مصلحة عندي ولا منفعة ، فالاول ، الكاتب احمد الصالح ، يعيش حياة مستقرة في امريكا هو وعائلته ، بعد مشقات الحياة في العراق في زمن الحصار والظلم !! والثاني ، الاعلامي ديار العمري يشغل موقعا مهما في القناة التلفزيونية الجديدة الناطقة باللغة العربية التابعة لهيئة الاذاعة البريطانية , ولا توجد لديهما مخططات مستقبلية للفوز عن طريقي باية مشاريع نافعة معنويا او ماديا !
الا ان كلامهما الايجابي الجميل والواقعي اثار عندي بعض الشجون ، حيث ذكرني بمواقف معاكسة تماما من اناس احسنت اليهم وكان دعمي الفني لهم عاملا اساسيا في صعودهم المهني وتطوير مهاراتهم ، ولكنهم يهملون الاشارة الى ذلك عندما يتحدثون عن ماضيهم ، وكأنهم يشعرون بالمهانة ان يذكروا انهم في مرحلة مهمة من مسيرتهم ، قد تتلمذوا - ولو جزئا - على يدي او على الاقل اضفت الى مهاراتهم شيئا نافعا !!
فهذا ، مثلا ، مخرج شاب حقق قبل فترة فيلما تجريبيا عن بغداد 2005 ، نال شيئا من الاهتمام خاصة في بعض الاوساط المثقفة خارج العراق ، يتحدث في مقابلة معه منشورة في مطبوعة ( شهادات من العراق ) يتحدث عن ابسط التفاصيل في مسيرته وجهاده الفني ونضاله في سبيل تحقيق اهدافه السينمائية ، ولكنه لا يذكر ولا بكلمة واحدة كيف جاءني منتصف التسعينات ، وهو لما يبلغ العشرين بعد ، حملا احلامه وطموحاته وتمنياته للدخول في دنيا العمل التلفزيوني والسينمائي ، فرحبت به لما كان يتمتع به من ذكاء وحماس ، وادخلته في معمة العمل الفني ، وارشدته الى فنون الكتابة التلفزيونية والسينمائية عن طريق الممارسة الفعلية حيث كلفته ان يكتب نصوصا وكنت اتابع تطويرها معه خطوة خطوة ، وفي مركز الديار كانت خطواته الفنية العملية الاولى ، وعندما اراد ان يحقق محاولته الاخراجية الاولى بفيلم تجريبي من نوع احلام الطلبة الذين يعتقدون انهم سينقذون الفن العراقي ، شجعته على ان يتولى المسؤولية الكاملة من الناحية الفنية عن ذلك المشروع , ووفرت له كل وسائل الانتاج التقنية دون مقابل من التصوير الى المونتاج !
ولكنه الان لا يذكر في كل اللقاءات التي تجري معه شيئا من تلك المرحلة ، كما لا يذكر كيف ساهمت في توفير فرصة له للتدريب والاطلاع في هولندا قبل سنوات !!
كاتب آخر ، حقق مؤخرا بعض النجاح الشعبي في مسلسل تلفزيوني عرض في رمضان الفائت ، عثرت له على موقع شخصي على الانترنيت ، يذكر فيه كل ما يروق له من تفاصيل مهمة وبسيطة عن حياته وسيرته الفنية واجتهاده وجهاده ليحقق لنفسه موقعا مرموقا في الساحة الفنية العراقية – وانا اعتقد انه يستحق ذلك لانه كاتب مثابر ومجتهمد !!
ولكن هذا الكاتب ، والصديق بالمناسبة ، لا يذكر على موقعه الخاص كلمة واحدة عن تجربته في قناة الديار منذ تأسيسها حيث كلفته برئاسة القسم الثقافي وشجعته على ان يكتب ويقدم ويخرج بعض البرامج التلفزيونية الفكرية ، وفعلا حقق بنجاح ومقدرة البرنامج شبه الدرامي ( الذاكرة الحاضرة ) والبرنامج الحواري المهم ( محطات مضيئة ) الذي ظهر فيه لاول مرة كمقدم ومحاور !!.. وعندما اراد ان يحقق مشروعه الخاص عن مستشفى المجانين شجعته على ذلك ووفرت له في قناة الديار متطلبات المراحل الاخيرة من انجاز فيلمه الذي نال عليه تقديرا وجائزة في احد المهرجانات !!
كل هذه الامور يبدو ان صاحبنا لا يجدها جديرة بالذكر على موقعه الالكتروني ، وهذا من حقه فهو صاحب الموقع وصاحب السيرة الذاتية !!
ارى في تصفح المواقع الخاصة على الانترنيت نوعا من التسلية العبثية .. بل وحتى الهزلية ، فهي غالبا لا تستحق الوجود اساسا لهزالة مضامينها.. ولا تستحق المشاهدة الا من باب الاطلاع على كلام اشخاص يعتقدون انهم مهمون الى درجة يستحقون فيها ان تكون لهم مواقع شخصية على الانترنيت يغازلون بها انفسهم ويمتدحون انجازاتهم وينشرون صورهم النرجسية !!
وفي تجوالي شبه اليومي على مواقع الانترنيت عثرت على موقع للمخرج السوري علاء الدين كوكش ، فدفعني فوضولي ومعرفتي الشخصية به الى فتح الموقع وتصفخ محتوياته فلم اجده يختلف عن غيره من المواقع الذاتية من حيث المديح الشخصي والاطناب في وصف انجازاته الفنية وما قالوه عنه وما قاله هو .. وطبعا صوره في اوضاع منمقة .... وفي احد الملفات وجدته يذكراسمي .. فقلت في داخلي هذا افضل من صاحبينا السابقين فها هو كوكش يذكر عملنا المشترك قبل ثلاثين سنة عندما اخرجنا للمسرح في دمشق ( لا تسامحونا ) !!
ولكنه مع الاسف وجدته مزورا ومفتريا وينسب لنفسه ما ليس له ، فهو يقول عن المسرحية انه كتبها واخرجها وقد اشرك فيصل الياسري معه ، والحقيقة عكس ذلك ، فالمسرحية ( وهي في الحقيقة خمس مسرحيات في عرض واحد ) كتبتها انا دون اية مشاركة منه ، وساهم الممثل اسامة الروماني في صياغة الحوار باللهجة السورية !! اما الاخراج فكان مشتركا بيني وبين كوكش ، وانا الذي اشركته بالعمل بعد ان كونا يومها فرقة مسرحية باسم ( المسرح المعاصر) لانه لم يكن بمقدوري تقديم العمل في دمشق الا تحت اسم فرقة مسرحية !!
لا ادري لماذا يعتقد من ينشرون على صفحات الانترنيت ان من حقهم ان يقولوا ما يخطر ببالهم دون تمحيص وحرص على الحقيقة ، كما يبدو ان اصحاب المواقع الخاصة على الانترنيت ينسون ان ما يكتبونه لا مرد له بعد نشره بصوابه وخلله ويصبح مشاعا لاي شخص عبر الكرة الارضية ، وبالامكان الرد عليه و رصد القصور والخلل فيه !! وينطبق ذلك على موضوعي هذا ايضا !! Opinions