Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مراصد للحريات

قبل فترة ليست بالبعيدة أعلن مرصد الحريات الصحفية في العراق، وهو منظمة مهنية مستقلة تندرج ضمن مؤسسات المجتمع المدني التي تشكلت بعد سقوط السلطة السابقة واستثمرت نسمة الحرية "المنقوصة" التي استنشقها العراقيون ممزوجة برائحة الموت وغبار الخراب.
بعد اربعة عقود سود من التسلط والكبت والحرمان أعلن تقريره السنوي بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في العراق. ويُعنى هذا المرصد- تحديدا- بحقوق الصحفيين والاعلاميين ومن لف لفهم وشملته "بلاويهم". هذه الحقوق التي تعرضت لانتهاك من نوع آخر- غير التكميم والتغيب- ابان الحقبة الديمقراطية الجديدة. إذ برغم المساحة التي منحت للصحافة والإعلام والمتمثلة بهذا العدد الكبير من الصحف والمجلات والاصدارات والذي يقدر بالمئات مضافا اليها أكثر من عشرين قناة تلفزيونية فضائية وأرضية ومثلها من الإذاعات المحلية تنتشر في كافة محافظات العراق، ناهيك عن عدد الكتب والكراسات التي تصدر سنويا وبكافة المجالات والاتجاهات. وهذا الكم الهائل الذي لا ينقطع من المؤتمرات والندوات والمهرجانات الصحفية وغير الصحفية، والتي لا يمكن مقارنتها بالحقب السابقة حين كانت وسائل الاعلام محصورة في اربع صحف حكومية وقناتين تلفزيونيتين محتكرتين.. مع انغلاق تام عن العالم ومنع الاتصال بالفضائيات الخارجية ومنع دخول الصحف والمجلات والطبوعات، وحصر واحتكار اقامة المؤتمرات والمرجانات بالحكومة.
نقول مع هذا الفارق الشاسع تعرضت الحريات العامة والصحفية بشكل خاص الى انتهاكات خطيرة وساخرة، وليست بالضرورة ان تأتي هذه الانتهاكات من الحكومة وأجهزتها التنفيذية- عن قصد أو غير قصد- فقد حدث أكثرها من الاستخدام السيء للديمقراطية وحصل معضمها نتيجة الفوضى العارمة والاضطراب واعمال الارهاب التي تجتاح العراق منذ التاسع من نيسان 2003 والى يوم الناس هذا.
في تقريره السنوي للفترة من: 1أيلول 2006 الى ا أيلول 2007 سجل المرصد الانتهاكات التالية: 1. استشهاد 112 صحفي واعلامي، 2. اختطاف 23 لا يزالون مجهولي الهوية، 3. استهداف وتهديد العشرات، 4. 42 حالة اعتقال، 5. 38 محاكمة، 6. 24 حالة اعتداءات مختلفة، 7. تدمير مؤسستين اعلاميتين بالكامل.
ألقيت تبعة هذه الانتهاكات على جهات ثلاث: 1. ارهاب الجماعات المسلحة، 2. قوات الاحتلال، 3. السلطات الإدارية. وقد حمّل المرصد الحكومة العراقية ومجلس النواب والسلطة القضائية مسؤولية ما يحدث قانونيا واخلاقيا وطالبها بوضع قوانين صارمة لحماية الحريات الصحفية ووضع ضوابط عمل وقوانين شفافة للعمل الصحفي في العراق. كما طالبت المنظمات الدولية ومنها منظمة الأمم المتحدة بتفعيل قراراتها الخاصة بحماية الحريات الصحفية والعامة.
وعلى ذكر هذه الانتهاكات، ومن قبيل توارد الخواطر ومحاسن الصدف فقد حكمت محكمة جنايات العجوزة في مصر بالسجن لمدة سنة وغرامة مالية على أربع رؤساء تحرير صحف مصرية معروفة وذلك لتناولهم ونشرهم اخبارا عن صحة فخامة رئيس الجمهورية!.. وقبلها بأسبوعين تأجل الحكم على رئيس تحرير صحيفة مغربية نشر "مزحة" أولت وفسرت على انها تمس جلالة الملك!.
هذا على سبيل المعلن في بعض الدول العربية وما خفي كان أعظم، وكان الله في عون الصحافة العربية المكمومة وأفواه صحفييها المبلومة وصرخات أقلامهم المكتومة.
h _ mossawy@yahoo.com Opinions