مرة أخرى : مع الألقوشي الغيور عمانوئيل تومي, التشويه يطال العراق كلله
ألسيد عمانوئيل وأعزائنا القراء الكرام :إن ما يدور في عراق ما بعد الديكتاتور هو تشويه لكل شئ مرتبط بتاريخ واسم العراق , يحصل ذلك رغما عن أنف الشعب الذي خذلته عنجهية قيادات حكوماته السابقه وغباء سياسات الأنظمه التي تسببت في فقدان ثقة العراقيين بانفسهم وبحاكميهم إلى أن فتحت الجحيم أبوابها في لحظة التغيير المزعوم الذي تعمد فيه صانعوه تغييب سلطات الأمن والامان القسري التي كانت تحمي المتفرد ين بحكمه, وحين أطيح بهؤلاء المتفردين استغل أعداء العراق فرصة غياب السلطه بدهاء ليبثوا سموم الفرقة والكراهية بين المعذبين اصلا.
لو كان فينا فعلا من يروم الأنتفاض ضد هذا الواقع , عليه أولا ان يقر وينطلق من حقيقة ( رغم شدة إيلامها) اننا نموذج شعب أصبحنا نستحق وصفنا بالهامشي بعد ان حطمت نفسياتنا مذلّة الديكتاتوريات لتتلقفها خدع الأحتلالات واحزابنا ( الفئويه الكبيره) التي ساهمت في ترويض أتباعها على الخنوع الإضطراري السلمي لإدعاءات الغرباء بخلاصنا بعد زوال النظام الديكتاتوري لدرجة جعلتنا نعتقد بأننا في ظل وجود قوات الأحتلال سنكون أعظم وأقوى دوله في المنطقه , بينما الحقيقة تفيد بأننا بعد ثمان اعوام من التطبيل والتزمير بالديمقراطيه بتنا نئن تحت وطأة دولة مسخ وحكومه تستأسد على شعبها المنكوب وتقمع مظاهراته السلميه ,في حين يتجرأ حتى فئران الجوار للعبث بأحشائنا , يعطــّشون شعبنا بقطع وتجفيف نهر الوند تارة و ينهبون مياه نهر دجلة والفرات تارة أخرى , يقصفون قرانا الحدوديه في اربيل ودهوك وسليمانيه,ويحتلون حقول نفطنا هنا ويبنون ميناء مبارك الكبير هناك, أين الأمريكان المحررون من كل هذا؟ هل جاؤونا فقط ليحمـّلوا الطائرات والسفن بآثارنا وتحفنا ومعادننا التي لا يمكن أن تقدر أثمانها؟ اين حكومتنا الطائفيه المحاصصاتيه التي يصفنوها بحكومة الشراكه وهي ليست سوى طائفيه بل إنعزاليه لأنها ومعها غالبية برلمانيينا الذين تورط بهم الشعب قابعون معزولون عن هموم شعبهم في قفص أخضر لا يكشون ولا يهشون , وهل تساءل أحدنا عن اسباب تكرار سذاجة ردات فعلنا الشعبيه وضيق افقها وعن همجية تهافتاتنا العفويه كلما لاحت لنا في الافق فسحة التحرر من الفرديه .
متى يتكرم ساستنا ويتساءلوا عن سبب إصرارالمحتل وأعوانه على سياسة تهميش وإقصاء كل صوت كان مكتوب له أن يأخذ دوره النضالي الوطني الصادق في نشر ثقافة الحياة الحره الكريمه والتآخي الوطني, وهل إستفسر أحدنا عن سر نجاح الاحتلال وأعوانه في خداع( وطنيينا ) الذين قضوا حياتهم يعارضون نظام صدام وعن كيفية اختراق هذه القوى بالوعود الكاذبه و تجنيدهم بإغداق البرطلات التي أعمت البصائر وراصفت الجموع كالقطيع للفتك فيما بينهم على خطوط شهوة الأنتقام وفي باحات وساحات الاقداس الروحيه والعقائديه والقوميه؟
أن سياسة ((فرق تسد)) السيئة السيط , يفترض بالعراقيين أنهم قد خبروها بعد أن عانوا جراءها الويل تلو الويل قرابة قرن من الزمان , قد عادت بنا ثانية و بنفس قذارة نهجها المعروف دون ان يتغير اي لون في حلــّتها او اسلوب مخادعتها , وقبلها الشعب المكضوم بشغف وشوق وأهازيج منقطعة النظير وكأننا كنا بانتظار صفارة الأجنبي التي ستعلن عن ماراثون شوط الوقت الضائع لاستكمال لعبة قتل ما تبقى من روح العراقي و تنفيذ مراحل تقسيم البلاد اللتي لم تكتمل أشواطها بالامس وها نحن اليوم نستكملها طواعية على سنة الدين و بعقليه سياسية سمجه و بنفس اسباب زيف الطائفة ودوافع القومية والدين.
أليس غريبا علينا ان يختفي وبهذه السرعة حســّنا الانساني كي نتجرد عن مسؤولية كوننا عراقييون مع إنغماس القامات في أوحال الانا المقيته و دوامة المرجع الروحي و سفسطات العقيده الحزبيه تاركين مآسينا وشكوانا تحت رحمة ما تتفضل به علينا حناجر الاجنبي لتتولى دور الفاضح لما يدور في هذه البلاد وشعبه المعذب, الغريب العجيب أن اصواتا اجنبيه باتت تصدح معترضة على شتى الجرائم ومنها الذي حصل في مواقع اثارية ومتاحف عراقيه في غياب متقع لأي صوت وطني شريف يهمه تاريخ و تراث هذه البلاد.
فقد قدم الرجل الامريكي , رئيس المكتب الاستشاري للشؤون الثقافيه في البيت الابيض الأمريكي , إستقالته على اثر نهب المتاحف العراقيه وعلق في إستقالته قائلا: ((إن الكنوز العراقيه التي نهبت أمام مرأى الجنود الامريكان وضباطهم , هي ذاكرة الأنسانيه وذاكرة جورج بوش نفسه !!)) بينما ابطالنا العراقيون يتصارعون على المناصب وعلى نصرة الدين و المكسب المذهبي الفئوي.
أنظروا الى صوت الشاعر الامريكي " جيم هيرسون" وهو يصرخ قائلا: " أنا رجل امريكي مثقف, لا أحيا خارج التاريخ, أما اللغه الحاليه التي تستخدمها حكومتي, فلا صلة لها بأي واقع تاريخي مشرف, ولو حاول إعلامها التحدث عن هذه الحرب, عليهم أن يدســّوا بين عباراتهم نباحا ً"" .
حتى السيد الامريكي المعروف , توماس فريدمان, والذي يعرف بميوله الإسرائيليه الواضحه , لم يحتمل عبء الضيم الذي يدور حين قال: إن ما إقتادنا إلى ضواحي بغداد ليس المحافظون الجدد فقط, بل هو مزيج أمريكي خالص من الخوف والتهويد!!! إذن أين نحن في سكوتنا وخنوعنا يا سيادة قادة الكتل السياسيه؟
يقول احد الأمريكان وهو يعترض على ما جرى:إنها ثلاثة عشر ألف قطعه أثريه تم نهبها من أهلها , أين سنضعها؟ هل سنضعها في عنق تمثال الحريه؟ واي حريه هذه ؟؟؟
في يوم الأربعاء , المصادف التاسع من نيسان 2003, عمـّت السرقه والسلب والنهب العديد من مؤسسات الدوله العراقيه, والاكثر فضاحة كان ما تعرض له المتحف الوطني العراقي على مدى ثلاثة ايام متتاليه ( الخميس والجمعه والسبت, 10 , 11, 12, من شهر نيسان) والكلام جاء من شهود عيان عانوا الامرين من ظلم وقهر صدام ونظامه , قال أحدهم , بأن اللصوص جاؤوا على شكل عصابات وافراد يقدر عددهم ب 400 شخص حملوا معهم ما أمكنهم وهشموا وحطموا الكثير مما عجزوا عن حمله وتحميله والامريكان كانوا على شمرة عصا بعيدين عنهم .
كان في المتحف العراقي الوطني ما يزيد على 220 ألف قطعه اثريه ,سرق اللصوص منها قرابة ال 15 الف ولم يعاد منها اكثر من 400 قطعه , بينما ظلت البقيه في عداد المسروقات , من سيعيد للعراق آثاره ليحفظ تاريخه وحضارته؟.
وعلى لسان أحد الساكنين في مجمع المتحف السكني, يقول هذا الموظف المسكين بحرقه وألم, بأنه رأى بأم عينه في العاشر من نيسان 2003, مجموعه مسلحه تحاول الدخول الى المتحف, مما حدت به غيرته الى ان يسرع الى دبابه امريكيه كانت جاثمه على بعد خمسين متر من بوابة المتحف, ترجى المسكين من طاقم الدبابة علــّهم يتدخلوا ويمنعوا المسلحين من الدخول الى المتحف والعبث بقطعه, لكنه صعق حسب قوله , عندما جاءه الرد بإعتذار الرقيب الامريكي بسبب عدم امتلاكه اي أمر بحماية المتحف, علما ان أمرا تحريريا كان قد صدر من القيادة الامريكيه وتم تعميمه , ينص هذا الأمر على حماية ستة عشر موقعا مهما في بغداد, أولها البنك المركزي العراقي ثم يليه في التسلسل الثاني المتحف الوطني العراقي , والأمر العجيب الغريب هو أن تسلسل وزارة النفط كان رقم ستة عشر في القائمه , لكن حراستها وحمايتها كانت المهمه الوحيده التي تم تنفيذها على 24 حبايه بينما المواقع الاخرى تم تركها بالكامل , وهذا ما اثار الشارع العراقي في حينها بحيث شاعت نكته معروفه مفادها : ان الجنود الامريكان المحررين قرأوا القائمه بالمقلوب!!! يا لها من مفارقه !!
في السابع والعشرين من أوكتوبر / تشرين اول من عام 2010 , صدر تقرير عن الصندوق الدولي مضمونه , انه بسبب التقصير المتعمد وسوء التخطيط والإداره , فإن في مدينة الموصل الشماليه , يوجد آثار لمدينة نينوى التاريخيه العظيمه, والتي أصبحت الآن على وشك الإختفاء بسبب عملية فرز الأراضي العشوائيه وبناء البيوت والمدارس بشكل ملاصق للمواقع الأثريه مما يجعلها معرضه ومهدده بالزوال بسبب المد البشري والعمراني الذي يتم حاليا بشكل عشوائي.
ومن الأمورالتي لا يمكن إنكارها , هو جهل ابناء شعبنا الذين مارسوا فعاليات لا مسؤوله في تعظيم القائد الضرورة (صدام حسين) لحد وصفه بالملك التاريخي نبوخذنصر حيث نتج عن هذا التزلف والتخلف ظاهرة تشويه الآثار بالنقوش والرسوم العائده لصدام حسين التي تم لصقها على طابوق مدينة بابل الاثريه وبالقرب من قصر نبوخذنصر. إنه أمر مؤلم فعلا ان ينجرف اهلنا الى هذه المطبات خاصة اولئك الذين كانوا يعملون في مؤسسات الآثار من الذين إمتهنوا من التملق للحاكم وللسلطة حرفة لهم في حياتهم .
الوطن والشعب من وراء القصد