Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مع "طريق الشعب" .. كلمات على شرف مهرجانها الاول

بدأت علاقتي بـ"الطريق"، بمحض صدفة، ومنذ اول يوم صدورها العلني في السبعينات. فقد ذهبت لشراء الصحيفة اليومية التي يقرأها صاحب المطعم، الذي كنت اعمل فيه بعد انتهاء  الدوام في المدرسة. فالعمل صاحبني، منذ دخولي الصف الاول في المدرسة الابتدائية، هكذا كان حالنا نحن ابناء مدينة الثورة، ويبدو انه ملازم لأبناء فقرائها لا يفارقهم. يومها وقعت عيني على جريدة جديدة لم تألفها، فدفعني الفضول لشرائها بدلا من الجريدة المعتادة. وعلمت من ثم انها جريدة العمال، كما قال لي صاحب المطعم باسما. لم افقه حينذاك طبعاً معنى ان تكون للعمال جريدة؟ وبماذا تختلف يا ترى عن الجرائد الأخرى؟

وصف صاحب المطعم للجريدة الجديدة بقي في ذهني وفي ذاكرتي. ومنذ ذلك اليوم اصبح وجود "الطريق" مألوفا في مقاهي مدينتنا، وفي ايدي مثقفيها. وبعد ان اشتد عودي وصرت يافعا، غدت زادي المعرفي، ومصدراً اساسياً لبناء وعيي وتنمية مداركي وبناء ثقافتي. وحرصت على اقتنائها يوميا، فساهمت في تشكيل موقفي المنحاز الى قضايا الناس البسطاء وهموم الكادحين، وقضايا العدالة الاجتماعية ورفض القهر والذل والاستبداد.

اليوم، وانا اتهيأ للمشاركة في مهرجان "طريق الشعب" الاول، تنتابني حماسة مفعمة بالامل، وأجد نفسي مندفعا للحضور والمساهمة، وكأني لم اشهد من قبل اي مهرجان. ربما هي الحماسة ذاتها التي دفعتني انا وزملائي الى توزيع "طريق الشعب" يوم 20 نيسان عام 2003 في بغداد، وكانت أول جريدة علنية تتداول في بغداد بعد التغيير، كما نقل اخبارها متلفزة العديد من وكالات الانباء العالمية.

  لــ "طريق الشعب" قدرة عجيبة في اضاءة قناديل الامل، وتحدي الصعاب، والوقوف ضد المألوف المتخلف، وتبني لصوت المثقف الملتزم قضايا شعبه، والتعبيرعن مطامح الكادحين والمعوزين، مبشرة بغد البناء والتحضر والمدنية والتقدم، ومروجة لثقافة السلام والتعايش المشترك في وطن متنوع يتسع للجميع.

ومن هنا يأتي المهرجان ليؤسس، الى جانب فعاليات مدنية اخرى، لعودة الحياة الطبيعية وصناعة الفرح، ونشر الوعي الديمقراطي، وترسيخ الثقافية المدنية والانفتاح. وهذا هو سر اصرار المنظمين للمهرجان وحرصهم على مشاركة جميع الصحف الصادرة في العراق،  هادفين بذلك الى ترسيخ فكرة "هناك مساحة للاتفاق رغم اختلافنا". 

قد يؤخذ على "الطريق" بعدها عن الإثارة التي يطلبها البعض في العمل الصحفي، وربما يعوز تصميهما التشويق، ويتوجب بذل اهتمام اكثر بالصورة، وربما يتطلب الاكثار من الاعمدة الصحفية. نعم، قد تكون نواقصها عديدة، وتحتاج الى تطوير في المحتوى والشكل، وهذا هم يومي للقائمين عليها. لكن سر "الطريق" وامتيازها يكمن في عدم وجود من ينافسها على اتجاهها اليساري. فالاهتمام بالقضايا الاجتماعية والحركة المطلبية وقضايا المواطنين وحاجات الكادحين، وكل امر يتصل بالحقوق والحريات والكرامة الانسانية، هو من اولوياتها التي لا تقبل المساومة.

سعيد من يكتب لـ "الطريق"، وسعيد من يقرأها، واسعد منها من يسجل بحضوره مشاركة في مهرجانها الاول، ليؤكد القدرة على صناعة الفرح، من خلال محفل الثقافة والحبور هذا وسط الخراب الواسع المحيط.

 

 

 

 

Opinions