Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ملاحظات حول ما جرى في تللسقف, عساها تلقى آذانا صاغية

نحن بصدد ما جرى بحق الأب فارس ياقو في تللسقف وتعرضه للإهانة من قبل افراد البيشمركه, وقد قرأنا في صفحات مواقع الأنترنيت عن تفاصيل الحدث بصيغ إختلفت معها التعليقات والآراء , ونتيجة للحزن والخيبة التي خلفها الحدث لدى أبناء شعبنا وأهالي القرية تحديدا , شهدت القرية ومواقع الأنترنيت ردود أفعال شعبية وإعلامية أو سياسية بين متظاهر محتج وعازف لسمفونية تطويع الناس بما يحفظ له مصلحته ودوره المنشود , و بين محايد ينتقد الحالة بألم .

سادتي الكرام :

في بلد بوضع العراق الحالي ,بإمكاننا ربط كل شاردة مهما صغر حجمها اوكبر بواقع البلد وصراعاته المتفاقمه التي تنهك الجميع وشعبنا الذي هو جزء من الحاله ,نقول يمكن الربط ولم نقل يجب , لذلك تزدحم الردود وتتنوع التعليقات مع اية شاردة ما بين مدافع ومحتج , ومن منطلق أن الفوضى حين تستشري , يخصب المجال لقلب الابيض الى أسود والعكس عيني عينك, فكيف بصغيرة قابلة للتضخيم لتصبح مادة إعلامية مؤثره , و العكس هو ايضا صحيح ووارد جدا , حيث فينا من النمط الذي سيظطر في دفاعه عن منافعه وعن حزبه وسلطته الى إعتماد المفردة الكلامية في مناورته لإمتصاص نقمة الناس في اعتماد التبريرات أسلوبا لمحاولة تحجيم وتصغير أية حادثة مهمة من شأنها أن تشكل خيبة لهذاالسياسي امام الجماهيروخشيته من أن تتخذ ذريعة ضده تستغلها الأطراف السياسية المناوئه.

في الحالتين اعلاه , نحن أمام خلل يــُبقي المواطن هو الخاسر الأوحد أزاء ما تخلقه فوضى السياسه وصراعاتها التي لانمتلك لحد الان قانونا (قانون الأحزاب) أو نظاما لرسم الخطوط التي تفرض على الجميع مصلحة المواطن وصون كرامته وإعتبارها خطا احمر لا يمكن تجاوزه ,ولأن صورة ما حصل في تللسقف هي من الوضوح بحيث لا أعتقد بأن محاولة لفلفتها او معالجة إنعكاساتها تتم بمنع نقد الظاهرة ولا بإتهام الناس المتألـــّمه بإثارة الفتنة أو تحريض الشارع , مثل الناس هو مثلي وانا أكتب هذه السطور كمواطن من حقه ان ينتقد ظاهرة إهانة إنسان و رمز روحي اصبح ضحية مضافه الى سابقاتها , وهكذا الأهالي الذين إعتادوا الخيبات وسئموا الوعود ,ولو تحدثنا عن علاقات الجيرة التاريخية بين شعبينا (الكلدواشوري والكردي) ,فخوفنا هو من تركها حبيسة التلاطمات السياسية و مهددة بسبب غياب سلطة القانون وطغيان الصراعات فيما بين الأحزاب , وعليه صفحات وسائل الإعلام وقنواتها هي الأخرى ستبقى أسيرة وأبوابها مشرعة على مصراعيها ليمارس الأنداد كل حسبما تقتضيه منافعه السياسية حتى لو إظطرهم ذلك المساومة على حساب الحق والمتاجرة بمصير ومستقبل العلاقات الشعبيه.

حسنا ً إذن, لنبتعد قليلا عن تسييس الحادثة ,ونتساءل : متى وكيف يحق لنا منع الناس من إطلاق مشاعرها وقول رايها أزاء خطأ فاحش بحق رمزهم الديني ؟ أوَ لسنا بصدد البناء الديمقراطي وتسيّد القانون الذي ينظم حياة الانسان ويمنحه حق قول ما يراه ضمن قناعته في مناسبة كالتي حصلت بحق الاب فارس و تكررت في أماكن متعددة وبأشكال مختلفة , ولأننا نعيش حالة مد وجزر سياسي مزري ترفع زيدا للعلالي تارة وتجرف به تارة أخرى لترتسم امامنا صورة مرعبه تتراءى باستمرار امام اعيننا و توقعات اهلنا التواقين للعيش بسلام وأمان يضمنه لهم القانون والدستور فقط وليس الأحزاب السياسية وما تشاءه أجنداتها.

يا إخوتي, الاب فارس لم يهتف ضد الحرية كي ينهال عليه الحر ويهينه , ولا أعتقد ان الأب الوقور أطلق يوما شعارا ضد هذا الحزب او انه سيرفع يوما يافطة تمجد بالحزب الاخر, أما الكلام عن ترتيب خطة إنتقام ضده او ضد رعيته بسبب منح الأصوات لجهة معينه, فذلك ما لا نتمناه , كل ما في الأمر الرجل مارس حقه الإنساني وواجبه الذي تفرضه عليه طيبته وعقيدته الدينية لإسداء نصيحة مجانية كعابر سبيل , و لكن في غفلة يتلقى هذا الوقور الإهانة من حيث يفترض ان تأتيه المساندة والإشادة , اين الخلل إذن؟ هل فعلا أخطأ الأب في نصيحته كما أدلى أحدهم؟ حبذا لو بحثنا عن السبب قبل جلد ذاتنا في اتهام اهلنا بمثيري الفتن والحزازيات.
بالصريح المفيد نقول , ان السبب فيما حصل ويحصل,هو أن سوط قانون المحاسبة وردع المخالف ما زال في إجازة مفتوحة منحها له سياسييونا في عموم العراق وليس فقط في تللسقف, ولان الساسة الأكراد( وليس الشعب) هم أحد الموقعين على هذه الإجازة, فلهم حصة الأسد من نقدنا لما يدور , وقد شعر الإخوة بنتائج إستشراء هذا الغياب للقانون وعواقبه , لذلك سارعوا بتقديم الإعتذارات عما حصل بحق الرجل الروحي فارس ياقو , نعم جميل ان نقرأ ونسمع عن تسابق الساسة الاكراد للإعتذار من الأب الوقور ومن أهالي تللسقف, وشكرهم واجب علينا, و هكذاالاب فارس دون شك سيسامح المعتدي ,ولكن هل حــُلــّت المشكلة بالإعتذار والمسامحه ؟ وهل مشكلتنا هي فقط فيما حصل في تللسقف ؟ ام أن ما حصل في برطلة و في كرمليس وبغديده وعينكاوة وأماكن أخرى يكفي لجعلنا في قلق دائم حول مستقبلنا في خضم الصراعات المحتدمة بين من يريد فرض الهوية العربية أوالكردية او الشيعية والسنية على المناطق المسماة بالمتنازع عليها ليصبح الكلدواشوري السرياني وهو صاحب الأرض معبرا للطرفين وأداتهما الصراعية في مدنه وقراه .

ساستنا ووجهاؤنا ورجال ديننا و هكذا مثقفونا وقضاتنا ومسؤولونا الإداريون , ماشاءلله عليهم جميعا , نبارك فيهم كل مخلص يقدم لشعبه ما يستحقه فعلا ,ولكن في نفس الوقت نشدد مطالبتنا إياهم بالمراجعه الحكيمة للإهتداء النزيه بحكم قوانين السماء وأحكام دساتيرالأرض وإحترام إختيارات الشعب الذي ضاقت به سبل العيش في عهد مظطرب ومخيف,نطالبهم ونقول نحن اليوم بأشد الحاجة إلى من ينطق كلمة الحق دون الخوف من لومة لائم , نحتاج الى من يطلق الكلمة المجردة من اي حقد وضغينة والبعيدة عن إستغلال القوة والمناصب للتلاعب بمشاعر الناس ,حالة شعبنا المأساوية لم تعد تسمح له سماع المزيد من الديباجات ولا إستساغة تسويق الكلام عن الديمقراطية والحرية وعن إحترام حقوق الإنسان وتوفير الحماية بينما الواقع يحكي لنا عن معاناة ومشاكل لاطائل لها والوقائع أثبتت وما زالت بأن الوعود والإعتذارات بغياب سلطة القانون لم ولن تكن هي الحل الشافي بل مجرد ذر الرماد في العيون.

إن الواقع وما تمارسه الأطراف بحق شعبنا هي البوصلة الحقيقية لو شئنا تقييم توجهات الحاكم ومعرفة مدىمناصرته للمحكوم الذي بحت حنجرته من شدة الصراخ , وإن سكت هذا المواطن عن قول ما في داخله, ذلك لايعني ان الأمور على احسن ما يرام,بل هنالك خلل ومؤكد وراءه سبب واسباب, ربما يكون الخوف من العاقبة هو سبب السكوت وما أكثر الأمثلة على ذلك, أما لو تجرأ المعذب وقال كلمته في نقد الحالةبشكل عفوي وبريئ , فهنالك من قد هيــّأ له من التهم الجاهزة التي تصل الى تجليسه بصف الحاقدين اومثيري الفتن أو الرافضين للعملية السياسية القائمة .

لماذا لا نجتمع على مسألة أهم ؟ و لماذا لا نضع هذه الصورة المؤلمة التي تتكررمشاهدها بحق اهالينا , ما الذي يمنع من طرحها أمام كافة السادة المسؤولين الكبار ليطلعوا على حجم الجرائم التي إقترفها ليس فقط الاب فارس , بل من قبله شهداء عظام مثل الشهيد المطران رحو والكهنة رغيد وبولص اسكندر وابرياء كثيرون معهم , أية جرائم إرتكب هؤلاء الشهداء الأبرياءكي تسفك دماءهم بهذا البرود؟ , ثم ما بالكم يا ترى لو كان قد تجرّا أحد المواطنين العاديين و اسدى بهذه النصيحة لأي شرطي او بيشمركه أوانه إنتقد أسلوب البلدية والحزب الذي يرعاه ؟

في الحقيقة, تعميم الحالة أو إتخاذها شماعة للنيل من إخواننا وجيراننا التاريخيين ليس من الحكمة ولا من الخلق القويم , ولا يخدمنا باي شكل, لاننا إعتدنا ان نكنّ كل المحبة والإحترام لكل جيراننا سواء كانوا اكرادا او عربا ,شبك او يزيديون, وإذ نحن أمام حالة قلــّما حصلت في تاريخ قرانا , لا أعتقد بأن فضها او تحاشي تكرار وقوعها يتحقق بالإعتذار فقط , نعم الإعتذار هو من الشيم الراقيةالمعهودة , ومحاكمة المقصر هو إستحقاق قانوني وإنساني في نفس الوقت, ولكن الارقى من هذا وذاك هو في العبرة والإستفادة من الخطأ والعمل على تلافي وقوع مثله , لأن الذي حصل هو تكرار لما سبق حصوله , وهو بمثابة الإشارة الحمراء التي مازالت ترمش وتنذر الناس بالمزيد , أي المزيد من الحذر والخوف ألذي يولــّد النقمة واليأس و من ثم مغادرة الأرض لا سامح الله .

إذن على المسؤولين أولا ً وأخيرا تقع مهمة الأخذ بمثل هذه الأموربكل جدية و من كافة أبعادها, وأن يكون معلوما بأن إحتجاج الناس وأصواتهم هي بسبب غيرتهم ويأسهم من الحالة العامة التي جعلت من الحادث مناسبة أخرى دفعتهم للتظاهر كي يتنفسوا قليلا عن متراكمات لوقائع سابقة لم يعر لها المسؤولون الاهمية التي تستحقها , فما دام الحال لا يشير الى أي تحسن منظور فمن حق الناس ان تتظاهر و من حقهم أن يطالبوا بعزل الجهد السياسي ومقراته الحزبية بعيداعن تفاصيل حياة المواطنين اليومية ليتسنى فرض واقع جديد يكون للقانون وللنظام الدور الأساس في ترتيب حياة الناس , وخير دليل على اهمية هذه المطالبة هي قولنا بأن إهانة رمز ديني بهذا الشكل اللا مسؤول , يعطي الحق لكل من يشكك بنوايا وقدرات السياسيين ودور واجهاتهم المسلحه , أين الخلل حين نصف ذلك بأنه إخفاق وفشل من قبل الساسة ؟ خاصة ونحن نعيش تكرارالحالة في اماكن أخرى عديدة , لذلك وفي أقل تقدير, ضروري جدا تثقيف الغريب كي يكون ملــّما ً وداركا لخصوصيات البلدة التي شاءت الظروف المظطربة ان توكل جهة حزبية ما مهمة حماية الناس وترتيب حياتها لأفراد تنظيمها السياسي والعسكري , حينها سيعرف الشرطي والبيشمركة قدر الناس وإحترام رغباتهم وخصوصياتهم.

الوطن والشعب من وراء القصد
Opinions