Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - رابعا

هيكل الوزارة والقوى العاملة
لعل من أهم أهداف التعاقد من شركات عالمية لتطوير الحقول هو توفير فرص حقيقية لتطوير الكوادر العراقية لترتقي إلى مستوى العالمية من خلال عملها مع شركات تعتبر الأكثر تطورا في العالم، وأن يقع مستقبلا عبء تطوير الحقول الجديدة على عاتق هذا الكادر النفطي المتطور، لكن يبدو لي أن الوزارة على وشك أن تضيع هذه الفرصة التاريخية التي يجب أن لا تتكرر، لأن كان يفترض بعد هذه المرحلة أن يعتمد العراق على قدراته الذاتية بالتطوير للحقول الجديدة.

لقد وقعت دائرة التدريب والتطوير التابعة للوزارة مذكرة تفاهم مع شركة اوبتو المتخصصة بالتدريب اوائل شهر شباط2011، وهذا يعني أن الشركة ستقدم دراستها بعد وقت ليس بقصير، بعدها تساهم بتأسيس مراكز تدريب أربعة قد تأخذ سنوات لبنائها وتجهيزها ومن ثم القيام بواجب التدريب! آن ذاك، ستكون عمليات التطوير قد اكتملت أو على وشك الإكتمال، ويكون العراق قد خسر فرصة حصول العراقيين على خبرة تطوير الحقول الفعلية، أي منذ البداية.

بكلمة أخرى، كان الأجدر بالوزارة، ومنذ اليوم الأول لعمل الشركات العاملة، أن تفرض عليها مهمة إعادة تأهيل أكبر عدد ممكن من الكوادر العراقية التي لديها خبرة طويلة من خلال برامج مكثفة تمضي بالتوازي مع هذا البرنامج طويل الأمد، أي برنامج التطوير الذي تفكر به الوزارة والذي لم يأتي إلا بعد إلحاح كبير من قبل التكنوقراط العراقي ومن مستشاري رئاسة مجلس الوزراء، حيث أن مسألة إعادة التأهيل للكوادر العراقية ذات الخبرة الطويلة يعني وجود كوادر عراقية قيادية كافية لإدارة عملية التغير، وهذا ما تفتقر له الوزارة حاليا، حيث أن "إدارة التغيير" تعتبر من أصعب أنواع الإدارات.

بالرغم من النقص الفادح بالكوادر القيادية، أو مازاد من الطين بلة، هو أن الوزارة لم تفرض على الشركات التعاقد مع العراقيين العاملين أصلا في الخارج ولديهم خبرات واسعة في مجال عملهم للعمل في العراق تمهيدا لعودتهم بصورة نهائية بعد غربة قسرية طال أمدها.

ما تقدم يعني أن فرصة الحصول على خبرات حقيقية بأعمال التطوير ستذهب دون الاستفادة منها، وستبقى الشركات الأجنبية تتحكم بمفاصل العملية، هذا فضلا عن حجم الفساد المالي المتوقع كنتيجة لغياب تلك الكوادر، وغياب شبه تام للخبرات العراقية المهاجرة التي تستطيع أن تحد من حجم الفساد المتوقع والذي بدت بوادره، بل روائحه تزكم الأنوف، فهو ليس كأي فساد، إنه يقدر بمئات المليارات من الدولارت خلال فترة التطوير المفترضة التي قد تمتد لستة سنوات أو سبعة، فضلا عن الخسائر الأخرى التي تتعلق بمستوى تطور التكنولوجيا التي يجب استخدامها, ومستوى تدني معاملات الاستخلاص للمكامن الحاملة للنفط، ويبقى الغياب شبه تام لأنظمة البيئة والسلامة العامة والسلامة الصناعية وتدني للنوعية في كل شيء.

موضوع التعاقد مع العراقيين في الخارج يعتبر مسألة غاية بالأهمية، وكان على الوزارة تفعيل رغبة مجلسي الوزراء والنواب وتحويلها إلى واقع عملي، لأن العراقي باق في بلده وهو استثمار كبير وجدي كونهم عملوا في بيئات عمل متطورة ولديهم معرفة واسعة بأنظمة وقيم العمل المتطورة والعالية، لكن الحصاد الحقيقي لمثل هذه السياسة أو الدعوات الحكومية، حيث أن وزارة النفط قد أفرغت هذه الرغبة أو السياسة من محتواها، ربما عن دون قصد، لكن الأكيد هو أن الوزارة لم تقدم حتى مجرد توجيهات شفهية بهذا الإتجاه ولو على سبيل ذر الرماد في العيون، وهكذا حولت وزارة النفط مثل هذه المبادرة الخيرة من قبل الحكومة ومجلس النواب إلى مجرد ظاهرة صوتية بلا معنى حقيقي، فلم تعد الخبرات المهاجرة، بل هي اليوم بحاجة إلى ألف دليل لكي تصدق دعوات العودة للوطن، ولعلي لا أضيف جديدا لمعلومات القارئ لو قلت إن معظم هذه الخبرات المهاجرة كانت معارضة للنظام السابق، وربما مهجرة قسرا.

كنتيجة لهذه السياسة، أي سياسة إهمال الكوادر العراقية المهاجرة أن وقعت الشركات في مأزق حقيقي، فلا الوزارة قادرة على تنسيب العدد الكافي لملئ الشواغر، ولا الشركات قادرة على ملئها بكوادر ثابتة من هياكلها لسد النقص كون العقود تفرض على الشركات نسبة85% في الشركات يكونوا من العراقيين.

لحل هذه المشكلة، قدمت الشركات العاملة صاحبة التراخيص عروض لتشغيل موظفين أجانب بصفة مؤقتة، أو شبه دائمة، كنوع من الإلتفاف على بنود العقود، فطلبت عروضا من المكاتب الاستشارية العالمية، كان أقل عرض تقدمت به الشركات بحدود500 دولار للساعة الواحدة للخبير الأجنبي، وهناك عروض أخرى تصل إلى1000 دولار في الساعة، أي أن الراتب الشهري لهولاء الخبراء يتراوح ما بين120 إلى240 ألف دولار شهريا، والغريب هو أن الوزارة قد قبلت بهذه الأرقام الفلكية ولم تلتفت للكوادر العراقية المهاجرة، ولم تفرض على الشركات أن يكون هؤلاء من العراقيين في الخارج، كما ومنعت الشركات من إرسال عراقيين للتدريب خارج العراق كون كلف التدريب عالية وفق حسابات الوزارة، أو هكذا قيل لنا، ولا أدري هل قارنت الوزارة رواتب الأجانب بما ستصرفه على إعادة تأهيل الموظف العراقي القديم أم لا؟

من جانب آخر، وللحق نقول أن هناك مشكلة أخرى كبيرة تعيشها شركة نفط الجنوب والشركات الاستثمارية العاملة فيها، بل وكل المؤسسات النفطية، ألا وهي أن الذين تم تنسيبهم للشركات الأجنبية العاملة يتقاضون رواتب أعلى من الذين مازالوا يعملون في الشركة العراقية، وقد سمعنا عن إضراب للعاملين هناك، وكان قبله إضرابات آخرى في الجنوب أيضا وآخر في شركة نفط الشمال، كلها بسبب تدني مستوى الأجور.

الوزارة وكعادتها في كل مرة لجأت للعقوبات الإدارية لمن تجرأ على الإضراب عن العمل، أن تم نقلهم من مناطقهم، حيث يسكنون مع عائلاتهم، إلى مناطق أخرى من العراق، بحيث يدفع خلالها الموظف الذي أضرب عن العمل كل راتبه للسكن في الفنادق، وذلك عقابا على ما أقدم عليه من ذنب عظيم وطالب بحقوق، هذا فضلا عن نقل البعض إلى مناطق فيها خطورة على حياتهم، فالنقل إلى بيجي، على سبيل المثال، لموظف من أبناء الجنوب يعني حكما بالقتل عن عمد وسبق إصرار، لأن هناك مازالت تنشط تنظيمات القاعدة ودولة العراق الإسلامية التي تجد بقتل هؤلاء نوعا من التقربا لله وضمانا للجنة وفوزا بحور العين.

صحيح أيضا أن الوزارة ومؤسساتها تعاني من تضخم كبير، لذا فإن مسألة منح الموظين أجورا مجزية أمر مستحيل، حيث أن الدائرة التي تحتاج إلى عشرين شخصا للقيام بكامل الواجبات المناطة بموظفيها، نجد فيها أكثر من مئتي موظف، معظمهم لا يجدون أماكن لجلوسهم، ولا أبنية تليق بهم أو تليق بأغنى وزارة في البلد، ولا عمل محدد يقومون به، لأن لا يوجد أصلا توصيف للوظيفة التي يحمل الموظف مسماها، ولا هيكل تنظيمي يتسع لهم، وفي واقع الأمر هناك من يقول: أصلا لا يوجد هيكل تنظيمي لأي مؤسسة أو دائرة من دوائر الوزارة، فكيف تمنحهم الوزارة أجور عمل مجزية وهم لا يفعلون شيئا؟ بل يشكلون عبئا عليها؟

لعل من أول الأمور الواجب توفرها في تشكيل مؤسساتي هو وجود هيكل تنظيمي، فيه وصفا دقيقا لمسمى الوظائف يحدد الواجبات والصلاحيات، وكما أسلفنا لا الهيكل موجود، ولا الوصف للوظائف موجود، ولا أي شيء يمت للتنظيمات المؤسساتية بصلة موجود، حالة غريبةجاد! ربما تكون هذه الحالة موروثة من النظام السابق، وربما توجد هكذا أوراق في أدراج الوزارة لكن لم يعمل بها، وربما لم يعرف أحدا الطريق لها، فعن أي هيكل تنظيمي نستطيع الحديث؟ من الأفضل ترك هذا الموضوع لأن من غير المجدي الحديث عنه في هذه الدراسة النقدية، كون النقد لما هو موجود أصلا، فكيف ننقد ما هو غير موجود؟

القطاع الخدمي الخاص لدعم عمليات تطوير الحقول:

كان من واجب الوزارة العمل على توفير بيئة خدمية تخصصية، كقطاع خاص أو مشترك، يكون هو الذي يقوم بكل أعمال التطوير الحقيقة، حيث من المعروف أن الذي ينوي بناء بيت، يجد هناك بيئة خدمية متكاملة للبناء، فإنه يجد المهندسين المعماريين ومهندسي البناء، والبنائين ويجد المختصين بصب الخرسانات، كما ويجد المجهزين لمواد البناء وهكذا باقي التخصصات كالتأسيسات الصحية أو الكهربائية وما إلى ذلك، أي بمعنى أن هناك بيئة خدمية متكاملة لعملية البناء، بغير هذه البيئة تكون مسألة البناء عسيرة، بل مستحيلة، فيما لو كان البناء المطلوب حضاريا يلبي كامل الاحتياجات وبكلف معقولة وبمقاييس ومواصفات عالمية.

بالنسبة للنفط هذه البيئة الخدمية غير موجودة على الإطلاق، حيث أن الشركات العاملة في حقيقة الأمر لا تنفذ أعمال التطوير بيدها، وإنما توكل المسألة للشركات الخدمية المتخصصة، وهي تقوم بإدارة العملية وتمولها فقط، بالضبط كما يحدث في حالة بناء بيت، حتى لو كان بسيط، بدون هذه البيئة الخدمية تكون عملية تطوير الحقول بكلف عالية جدا، لأن الخدمات التخصصية المطلوبة سوف تستقدمها الشركات العاملة من الخارج.

هذا الأمر المهم جدا لم تعمل الوزارة شيئا منه، فقد اكتفت بجلب بضع شركات أجنبية لا تزيد على أصابع اليد الواحدة لتقديم الخدمات المطلوبة، وكان أن اتفقت هذه الشركات مع بعضها البعض في غرف مظلمة، وربما بمعونة بعض الفاسدين من العراقيين، وفرضت أسعارا فلكية للخدمات التخصصية التي تقدمها، بحيث تزيد عدة مرات على مثيلاتها من الخدمات عالميا، وهذا بدوره كان السبب الأكبر لاتساع رقعة الفساد الذي أصبح مخيفا بكل المقاييس.

سأبقى أعيد المثال التالي لعل الذي يهمه الأمر يستمع لما نقول، ألا وهو أن في دول الخليج المجاورة للعراق نجد أن كلفة حفر البئر بعمق ثلاثة كيلومترات مع جزء أفقي قد يزيد على كيلومتر بحدود ثلاثة ملايين إلى ثلاثة ونصف مليون دولار، هذا يتظمن التجهيزات كاملة، لكن ما تمخضت عنه إتفاقات الغرف المظلمة في العراق هو أن السعر كان ما بين عشرة إلى أحد عشر مليون دولار لبئر بتلك المواصفات، وربما كانت التجهيزات ذات مواصفات غير ملائمة للضروف العراقية.

كان آخر مجموعة عقود خدمية، سمعنا بها، لحفر56 بئرا في حقل الرميلة تم توقيعها مع الشركات من خلال اجتماع ضم ممثلين من خمس شركات وممثلين عن الوزارة تم خلاله توزيع الآبار بواقع عشرة تقريبا إلى كل شركة بكلفة10 ملايين للبئر الواحدة، وقد قدرنا تكلفة هذه الآبار في مقالة نشرتها كانت بعنوان "عقود النفط-أول الغيث قطر" الرابط لها http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=210045بحدود مليونين ونصف المليون للبئر الواحدة وفق الأسعار السائدة في دول الخليج. كان الفرق هو سبعة ونصف مليون دولار للبئر الواحدة، وهكذا نجد أن الفرق بين السعر الحقيقي في هذه الصفقة فقط كان بحدود400 مليون دولار، لأن قيمة الصفقة مع الشركات الخمسة كانت بحدود550 مليون دولار، في حين أن قيمتها الحقيقية لا تزيد على140 مليون دولار.

في الواقع لم أسمع أبدا بهذا النوع من التعاقد! فهو مخالف لكل ما هو معروف عالميا وحتى محليا، ويعتبر بكل المقاييس من أوضح أنواع الفساد المالي الغير مسبوق، فقد كان الاجتماع بحق "عرس واوية" كما نعبر عنه بهذا المثل العراقي الشائع.

لكن بعد أن فضحنا الأمر في مقالات سابقة وعلى شاشات التلفزيون أيضا، تقدمت أخيرا شركة هاليبرتون بسعر خمسة ملايين دولار لحفر البئر بمواصفات أعلى من مواصفات الآبار سابقة الذكر، حيث أن عمق الآبار التي عرضتها شركة هاليبرتون بحدود3000 متر في حين كانت كلفة الآبار التي تم حفرها بعشرة ملايين بعمق2000 متر تقريبا، وهذا ما وصل إلى أسماعنا من خلال مصادر موثوقة، استطعنا الحصول عليها رغم التعتيم الإعلامي الذي فرضته الوزارة على مضامين العقود الخدمية قصير الأمد، كان قبل تنازل هاليبرتون وتقديمها هذا العرض ان صرفت الشركات العاملة والشركات التابعة لوزارة النفط مبالغ على حفر الآبار تزيد على مليار دولار وفق تلك الأسعار المبالغ بها، وهذا يعني أن الفرق وفق السعر الجديد المخفض بحدود500 مليون دولار ذهبت هدرا، مع ذلك، ورغم اضطرار الشركات الخدمية لتخفيض أسعارها إلى ما دون النصف، مازلت الأسعار عالية مقارنة بأسعار نفس الخدمات في دول الجوار تلك، لأن الخمسة ملايين لا تساوي الثلاثة ملايين بأي حال من الأحوال.

لتبيان أهمية هذا الأمر للقارئ الكريم لابد لنا من الإشارة إلى أن عمليات تطوير الحقول الجارية حاليا تتضمن حفر أربعة آلاف بئر تقريبا خلال فترة تمتد من خمس إلى ست سنوات من الآن، وهو العدد الذي نعتقد أنه كافيا لإنتاج12 مليون برميل يوميا، وإن الفرق بالأسعار حتى بعد التخفيض هو مليون ونصف المليون للبئر الواحد:

بالحساب البسيط سيكون الهدر، أو الفساد المالي، بحدود6 مليارات دولار، وهذا الفرق يتعلق بأعمال حفر الآبار وتجهيزها فقط وفق السعر الجديد المخفض، أما لو أخذنا الفرق مع السعر السابق فإن الفرق يكون بحدود26 مليار دولار، فكم سيكون الرقم فيما لو أخذنا باقي المنشآة بالحسبان؟

إن ما يجري الآن بعيدا جدا عن مفهوم المهنية بالعمل، حيث من الضروري أن يكون هناك منافسين من الشركات الخدمية، وأن يكون هناك تندر معلن تتنافس عليه الشركات المعتمدة من قبل الوزارة أو الشركات التابعة لها ومن ثم تتقدم تلك الشركات بعروض مشفوعة بوثائق تؤكد قوة الشركة تثبت أنها قادرة على تنفيذ بنود العقد وفق المعايير والمواصفات المطلوبة، ومن ثم يجري تقييم لتلك العروض من النواحي الفنية والمالية ومن قبل هيئاة مستقلة بعيدة عن الجهة التي تطلب تلك الخدمات، وهذا ما سنتطرق له بتفصيل أكثر في حلقة قادمة تتعلق بإدارة العقود الخدمية قصير الأجل لتقديم خدمات البناء أو التجهيز أو أي خدمات تخصصية أخرى، حيث سيكون هذا الملف من أكبر ملفات الفساد المالي على المستوى العالمي فيما لو تركت الوزارة تعمل بهذه الطريقة المتخلفة.

بعد منح تراخيص التطوير للشركات الأجنبية، كان على الوزارة العمل على إعادة هيكلتها، هي والمؤسسات التابعة لها، بحيث تخرج جميع الأقسام التي تقدم خدمات تخصصية من شركات نفط الجنوب والشمال والوسط، وتأسيس شركات خدمية تابعة للوزارة وأدخالها بشراكات مع شركات أجنبية ذات خبرة واسعة وسمعة جيدة لترقية شركاتنا الجديدة، مثل هذه الشركات تستطيع الدخول في منافسة مع الشركات العالمية التي تحتكر الخدمات النفطية حاليا، وبذات الوقت تكون النواة لبيئة خدمية تخصصية واسعة تستطيع فعليا القيام بأعمال التطوير وفق معايير عمل وأنظمة عمل وقيم عمل متطورة وعالية، آن ذاك تستطيع هذه الشركات أن تدفع للعاملين بها أجورا مجزية جدا، كما وأن وجود مثل هذه الشركات الوطنية المشتركة يحد بشكل كبير وفاعل من إرتفاع أجور الخدمات التخصصية إلى حد بعيد.

أضف إلى ما تقدم، إن اعتماد العراق على شركات أجنبية بالكامل بتقديم الخدمات النفطية يعني أن لو حدث وخرجت هذه الشركات العالمية يوما ما، فإن العراق سيبقى بلا أرض يقف عليها بما يتعلق بعمليات تطوير الحقول وإنتاجها وفق أرقى المعايير الهندسية المعروفة.

فلو كانت الوزارة قد عملت على قيام قطاع خدمي تخصصي يقدم خدماته للصناعة النفطية، وهي بيئة خدمية قد يصل عدد شركاتها إلى أكثر من ألف شركة متنوعة التخصصات، يكون معظم العاملين ممن يعملون في الوزارة ومؤسساتها حاليا، حيث في الوقت الحالي يشكل وجودهم عبئا ثقيلا على الوزارة. بهذا الإجراء التصحيحي الكبير، بل الأكثر ضرورة من أي إجراء آخر بما فيها جولات التراخيص الشهيرة، بهذا الإجراء كان يمكن للوزارة بناء هيكل تنظيمي رشيق منتج وفعال، ليس لها فقط، بل هي والمؤسسات التابعة لها، وهكذا يمكن منح الباقين من الموظفين ضمن الهياكل التنظيمية الجديدة أجورا مجزية جدا بسبب شطب البطالة المقنعة، وبذات الوقت توفير فرص عمل حقيقية لتك البطالة المقنعة التي تشل عمل الوزارة ومؤسساتها في الوقت الحالي، وكذلك نضمن أجورا عالية يستحقونها آن ذلك، فالقطاع الخدمي التخصصي ومؤسسات الوزارة قد تحتاج إلى أكثر من600 ألف وظيفة عمل حقيقية فاعلة وفق دراسة ""اوبتو"" التي قدمت للوزارة.

يتبع في الحلقة القادمة........

*مهندس نفط مختص بإنتاج وتطوير الحقول النفطية والغازية

hjawahri@yahoo.com
Opinions