من أجل إدارة أفضل للتنفيذ عقود النفط - ثانيا
آليات السيطرة على عقود النفطينبغي الإشارة هنا إلى أن الشروط التي تحدثنا عنها في الحلقة السبقة، تعتبر هي الدليل الذي ينبغي التمسك به من قبل المسؤولين على مختلف مستوياتهم وأن لا يتنازلوا عن أي شرط عقدي مهما كان بسيطا حسب رأيهم، فليس هناك أمر قليل الأهمية وآخر يمكن إهماله حتى لو كان الإهمال إلى حين.
لقد صممت العقود بشكل يمنح العراق سيطرة كاملة على عملية التنفيذ وفي كل مراحل العقد، وهذا ما لم يكن معروفا في عقود المشاركة بالإنتاج التي كانت سائدة قبل هذا النموذج الاقتصادي الجديد والذي سمي بعقود الخدمة طويلة الأمد.
إن الآليات التي وفرها العقد للسيطرة على الأداء بالكامل مقننة بوجود عدة أدوار عراقية لضبط الأداء وتنفيذ بنود العقد بحذافيرها، هذه الأدوار سنأتي عليها بإيجاز شديد لأنها بحاجة إلى تظافر جميع الجهود والأفكار لتكون أدوات فاعة لتنفيذ سليم ومبدع كما فعلنا عندما وضعنا عقودنا الجديدة وأعتبرها العالم على أنها ثورة في الصناعة النفطية.
الشريك العراقي
لقد نصت العقود على أن تكون للعراق حصة25% من الشركة العاملة التي تطور الحقل وهي صاحبة الترخيص، على أن لا يتحمل العراق تكاليف التطوير، بل تتولى الشركات العاملة تمويل المشاريع التطويرية بالكامل لوحدها، لكن وجود هذه الحصة للعراق يضمن وجود عراقيون ضمن مجالس إدارة هذه الشركات ويشاركون بإتخاذ القرارات الكبرى وإن كان العراق لا يساهم بتوفير المال.
لكن مع الأسف الشديد أن الوزارة مازالت في طور بلورة الأفكار لشكل الدور الذي يجب أن يقوم به "الشريك العراقي"، وحتى هذه الأفكار لم تثمر عن وصف لهذه الوظيفة أو الدور لحد الآن، في حين كان يجب أن يكون هذا "الشريك الحكومي" حاضرا قبل أن تأتي الشركات للعراق وأن يكون فاعلا في مجالس إدارات الشركات العاملة على تطوير الحقول من أول اجتماع لهذه المجالس.
إن ضمان وجود هذا الدور يعتبر ذو أهمية كبرى بالنسبة للعراق حيث من خلاله يقدم العراق رؤيته بما يلزم بخصوص عمليات التطوير، وأن يحث الشركة بإتجاه الإلتزام بشروط العقد الموقع مع العراق. فالشركات العاملة ربما تتلكأ بتنفيذ شرط ما، أو تحاول الإلتفاف عليه بطريقة أو بإخرى، لكن وجود الشريك العراقي هو الذي يحدد الفهم العراقي لذلك الشرط، وهو الذي يعرف أهميته بالنسبة للبلد، وهو الذي يدعوا للإسراع بتطبيقه تطبيقا إبداعيا بحيث يحقق الغرض المرجو منه، أي إن المطلوب من الشريك العراقي أن يكون بمثابة خط الدفاع الأول عن مصالح العراق قبل أن يأتي دور الجهات الأخرى كالوزارة أو شركات الوزارة، وهو أيضا الذي يدعوا الشركات إلى اختيار الأساليب الأفضل لتطبيق البنود بالنسبة للعراق أو المنطقة التي منح الترخيص بها، وهو الذي يتابع مسألة التنفيذ خطوة بخطوة.
الشريك العراقي يجب أن ينسق عمله مع الوزارة والشركة العاملة صاحبة الترخيص، لكن مازال هناك لبس كبير بشكل الدور الذي يقوم به "الشريك العراقي" وكيف يعمل، وهذا ما يجب أن يتم السيطرة عليه من قبل الوزارة من خلال تشكيل هيئة تنسيقية باستطاعتها توجيه عمل الشريك العراقي في الشركة التي يعمل معها، حيث أن هذه الهيئة التنسيقية هي التي ستكون مسؤولة عن توجيه ممثلوا الوزارة الذين يقومون بهذا الدور وضبط أدائهم في جميع الشركات العاملة، حيث بهذه الطريقة سيكون أداء هذه المجموعة بوحي من الوزارة وسيحمل صفة العمومية، لا أن يكون الشريك الحكومي في شركة ما مجرد ظاهرة صوتية، أو أن يكون الآخر معرقلا لعمل الشركة العاملة التي يعمل معها ويطلب منها ما هو غير ملزم قانونيا، وربما يكون فاسدا فيستلم الرشوة ويستكين في مكتبه.
الشريك العراقي يجب أن يكون على معرفة واسعة بمفردات أعمال التطوير والإنتاج، وأن يكون فقيها بتفسير بنود العقد المبرم مع الشركة التي يعمل معها كممثل أساسي لمالكي الثروة النفطية، فإذا كان الشريك الحكومي بحاجة إلى معرفة الجديد في التكنولوجيا، على شركته أو الوزارة أن توفر له دورات تدريبية للإطلاع على ما هو جديد، وهكذا.
لكن على حد علمي المتواضع لا توجد لحد الآن ترجمة عربية رصينة للعقود؟ وهنا يأتي السؤال، أن كيف يؤدي هؤلاء واجبهم وهم لا يعرفون مضامين العقود؟ ربما يكون الاعتماد على النسخ الانجليزية، وهذا ممكن، ولكن هل فعلا لدينا من هو ضليع بهذه اللغة وفقيها بصيغ العقود القانونية؟ أنا أشك في ذلك.
فالوزارة إذا مسؤلة عن وضع ضوابط عمل الشريك الحكومي، ومستواه التقني والعلمي، وهي التي تقدم له الدعم الازم لأداء واجبه، وتقدم النصيحة، وهي التي تكون في نهاية الأمر مسؤلة عن مستوى أداءه وأداء الشركة العاملة التي يعمل معها ممثلا لمصالح العراق كونه يحمل ربع ملكية الشركة العاملة، وهو المالك للنفط المنتج.
لجنة العمليات الحقليةFOD ولجنة الإدارة المشتركةJMC
هذه اللجان نص عليها العقد، يتألف أعضائها من عدد متساو من الشركة العاملة صاحبة الترخيص، بضمنها "الشريك العراقي" وشركة الوزارة التي تملك الحقل، أي الشركة التي يقع الحقل ضمن نطاق عملها، وربما يكون هناك ممثلا عن الوزارة ككيان مستقل، وهذا يعني أن هذه اللجان سيكون للعراق فيها حصة أكبر من الشركة صاحبة الترخيص، لأن العراق يملك حصة الربع بالشركة العاملة صاحبة الترخيص، لذا فإذا كان عدد أعضاء اللجنة ثمانية فإن عدد العراقيين فيهم سيكون خمسة.
لجنة العمليات الحقلية هي التي تقود العمليات الحقلية للتطوير والإنتاج ضمن هيكل الشركة العاملة، لكن صلاحياتها بالمصادقة على العقود سواء كانت خدمية أو تجهيز أو بناء فإنها محدودة ب25 مليون دولار، فإذا زاد العقد على ذلك، هناك لجنة أعلى منها وهي لجنة الإدارة المشتركةJMC وتكون صلاحياتها أيضا محدودة بالمصادقة على العقود، فلها حق المصادقة على العقود التي لا تزيد على50 مليون دولار فقط، أما ما يزيد على ذلك فإن صلاحية الموافقة عليه تكون حصريا لشركة الوزارة صاحبة الحقل أو الوزارة لما يزيد عن هذه الأرقام كثيرا.
تعتبر لجنة العمليات الحقلية تنفيذية أما الجنة المشتركة تكون أقرب إلى مجلس إدارة ثاني، لكن بالتأكيد هاتين اللجنتين يكملان بعضهما البعض، وهذا يعني أن للوزارة والشركات التابعة لها دور كبير بصناعة القرار في الشركات العاملة ودورا واسعا بالتنفيذ، لكن مازل التنسيق بين الوزارة والشركات العاملة بحاجة إلى مزيد من التنظيم بالرغم من وجود هذه اللجان إضافة إلى "الشريك العراقي" الذي يجب أن يكون متواجدا طول الوقت في الشركة العاملة كتواجد أعضاء لجنة العمليات الحقلية.
من خلال المتابعة استطعت أن أتلمس أن هناك ضعفا واضحا لدى أعضاء هذه اللجان من العراقيين، فهم من الموظفين القدامى وبعضعم أمضوا حياتهم العملية في الحقول، ولكن مع الأسف بعيدون جدا عن هذا النمط من العلاقات الإنتاجية في الصناعة النفطية، هذا فضلا عن الضعف في المستوى التقني لبعظهم، كونهم عزلوا عن العالم عقودا من الزمن، لذا كان ينبغي الإهتمام بهم ورفع مستواهم بما يكفي للجلوس بمواجهة مع موظفين عالميين على درجة عالية من الكفاءة والتطور والدهاء. هذا الخلل كان يجب تحاشيه قبل أن تناط بهم مهمة خطيرة كهذه.
هذا ليس تقليلا من شأن هؤلاء الموظفين الكبار، فهم لم يحصلوا على الفرص خلال النظام السابق أو قبل منح التراخيص للشركات، فكأننا نطلب منهم أن يكونوا على درجة عالية من المهنية والمعرفة بالفطرة، لأن الوزارة لم توفر لهم الفرص الحقيقية لرفع مستواهم بما يكفي للقيام بهذه المهمة الخطيرة، أو أنها تطلب منهم أن يتعلموا من خلال عملهم، وهذا خطأ آخر بحد ذاته، لأن من الناحية الواقعية، إن الفترة الأولى للتطوير هي الفترة التي يتم خلالها صرف أكثر من60% من الكلف الإجمالية للتطوير التي قد تصل إلى مئتي مليار دولار بالإجمال، أي إن العراقي الذي يعمل ضمن هذه المجموعات، قبل أن يتعلم ويكون فاعلا بالقدر المطلوب، تكون الفترة الأولى قد انتهت، وتكون الشركات العاملة قد صرفت الجزء الأكبر من الأموال المخصصة للتطوير التي سيذهب قدرا كبيرا منها إلى جيوب الفاسدين والمفسدين، وهي أموال قد تصل قيمتها إلى ما يقرب من مئة مليار دولار، وربما أكثر، وهذا يعني أيضا أن هناك أموال طائلة تصرف حاليا من دون رقابة حقيقية، وربما هناك ما هو أسوأ.
دور الوزارة وشركاتها:
من خلال ما تقدم نستطيع أن نتلمس أدوار كبيرة ينبغي أن تقوم بها الوزارة والشركات التابعة لها بإدارة عمليات التطوير ومتابعتها وعمليات الإنتاج وضمان تنفيذ سليم لما تضمنته العقود وفي الوقت المناسب لتنفيذ أي بند، فهذه الجهات يجب أن تشكل لجان عليا تنسيقية بين الأطراف العراقية العاملة مع الشركات الأجنبية وتوجيهها الوجهة الصحيحة وفق رؤيا قانونية محض بما يخدم البلد من حيث الأساس، كما ويجب أن يساند هذه اللجان بيوت خبرة مستقلة عالمية وتكنوقرا عراقي متمرس بعمليات التطوير في جميع الاختصاصات التي تحتاجها عمليات التطوير، وتكون أيضا مدعومة بخبراء اقتصاديين وقانونيين وإداريين.
الوزارة والشركات التابعة لها هي التي تنتقي وتنسب الموظفين المناسبين والكفوئين لتولي المهام التي حددها العقد، وأن تضمن أداءا موحدا وفاعلا لهؤلاء الموظفين، وأن تقوم بإبدال ذووا الأداء الضعيف، وأن تحرص على رفع مستواهم التقني بما يكفي لأداء هذه المهمات الخطيرة.
على الوزارة أن تحرص على إدخال قيم عمل وأنظمة عمل متطورة وتدريب العاملين العراقيين عليها، وذلك من خلال متابعة ميدانية لأن غالبا ما تتلكأ الشركات بتطبيق تلك الأنظمة خصوصا في الفترات الأولى حين يصرف الجزء الأكبر من أموال التطوير.
على الوزارة أن تعمل على توحيد أنظمة العمل المختلفة التي تعمل بها الشركات العاملة حيثما وجدت ضرورة لذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يجب أن يكون نظام إدارة الصحة والسلامة والبيئة، وكذا نظام إدارة النوعية، موحدة بين جميع الشركات العاملة مهما كانت أنظمة هذه الشركات متطورة وتفي بالغرض، لأن أنظمة الرقابة لا تستطيع السيطرة على شركات ذات أنظمة عمل مختلفة.
من غير المعقول أن تجري عمليات التطوير في حقول تملكها شركات وطنية وأن لا يكون لها دور مباشر بالرقابة والمتابعة، لكن الذي يحصل هو أن الموظفين الذين تم تنسيبهم لتلك الشركات العاملة فقط يستطيعون القيام بالمتابعة، وليس هناك متابعة ميدانية وفي جميع مرافق الشركة، فإنهم يكتفون بحضور الاجتماعات فقط.
من الواضح أن هناك دورا للوزارة أوسع مما تقوم به حاليا وما نقترحه بمتابعة عمل الشركات على أرض الواقع، حيث يجب أن تكون هناك متابعة ميدانية بعيون متخصصة خبيرة لكل ما يجري هناك يرافقهم موظفون كبار، والقيام بتدقيق عقود الخدمة قصير الأجل أو عقود التجهيز صغيرها وكبيرها، وأن تحتكم إلى معايير عالمية، أو على الأقل أن تعتمد اسلوب المقارنة بما يجري في دول الجوار الإقليمي وخصوصا دول الخليج، وتقارن أسعار الخدمات والتجهيزات وأسعار البناء أيضا مع مثيلاتها في هذه الدول قبل توقيع أي عقد كان، وأن تتابع التنفيذ بشكل يضمن السلامة والنوعية والنزاهة.
دور بيوت الخبرة العالمية بإدارة العقود:
كما فعلت الوزارة عندما كتبت التراخيص أن استدعت شركات عالمية ذات خبرة واسعة بصياغة العقود، أن تفعل الشيء نفسه عند التنفيذ، وذلك لخلو أروقة الوزارو ومؤسساتها من الكفاءات القيادية تقريبا لتأدية كامل الأدوار التي يتحتم القيام بها، لأن مهما بلغت كلف الإستشارة فإنها ستكون بلا أدنى شك مبالغ لا تذكر أمام الهدر الذي نراه هذه الأيام للأموال الطائلة.
لكن للأسف الشديد لا نجد أيا من هذه البيوت ذات الخبرة الواسعة يساهم بالحفاظ على أموال العراق من الهدر، وأن تساهم بتعليم العراقيين كيفية إجبار الشركات على التنفيذ المبدع والنزيه لشروط العقد.
دور العاملين في الشركات العاملة:
في الواقع إن أي عراقي يعمل الشركات الأجنبية العاملة له مصلحة كبيرة بتحقيق جميع أهداف العقود، لذا من الضروري تثقيف جميع هؤلاء مضامين العقود وما يجب مراقبته، كما ويمكن لهذه المجاميع من العاملين أن تعمل بعيون مفتوحة لمراقبة أي خلل، أو فساد، وما إلى ذلك، لكن مع الأسف الشديد إن الوزارة لم تقدم لهؤلاء ترجمة للعقد لحد الآن كما أسلفنا، كما وحجبت البروتوكولات حتى عن الموظفين الكبار، حيث ان البروتوكولات تعتبر الجزء المكمل للعقود والذي يتضمن كل ما يحتاجه المراقب للقيام بعمل متكامل.
نحن بذلك لا نشجع على القيام بدور المخبر السري، لكن بدور صاحب المصلحة، لأن أيا من هؤلاء يملك حصة بهذه الثروة وله الحق بمراقبة ملكيته.
دور منظمة الشفافية للصناعة الاستخراجية:
يبدو وكأن هذه المنظمة لم يعد لها وجود بعد أن تم تاسيسها، بكل أسف أقول ذلك، لأنها يجب أن تقوم بدور فعال بمراقبة الأداء في الصناعة الاستخراجية وأن لا تكتفي بدور قراءة تقرير الوزارة عن مبيعات النفط الخام للخارج فقط، فهناك مساحات أخرى واسعة يجب أن تغطيها المراقبة من قبل هذه المنظمة التي تمثل عين الشعب على صناعته الاستخراجية، فهناك النفط الخام الذي يجهز لمصافي النفط ولم يجري قياس كمياته، والنفط الذي يتم سرقته وتهريبه أو بيعه محليا أو إلى دول الجوار، حيث لا يوجد أي تقدير لهذه الكميات على حد علمي المتواضع. لكن هناك ما هو أهم، ألا وهو كلف التطوير للحقول، فهذا الموضوع بالذات يكتسب أهمية بالغة في هذه المرحلة بالذات، لأن كلف التطوير التي تصرف في البداية، وكما أسلفنا، تعتبر الجزء الأعظم من الكلف الإجمالية خلال مدة العقد التي تمتد لمدة25 عام، فالكلف الحالية قد تصل إلى ضعفي الكلف الحقيقية، مقارنة مع مثيلاتها من الكلف في دول الخليج العربي، فلو كان مجموع كلف التطوير للعقود مجتمعة تصل إلى مئتي مليار دولار، فإن حجم الهدر لا يقل عن نصف تلك الأموال في أقل تقدير، وهذا الرقم يكفي لإعادة بناء نصف العراق من جديد، وتوظيف جميع العاطلين عن العمل, وتسديد ما تبقى من ديون العراق.
فإذا لم تكن منظمة الشفافية للصناعة الاستخراجية هي التي تراقب الشركات العاملة والوزارة والمؤسسات التابعة لها وتقترح إجراءات تصحيحية، فمن الذي يقوم بهذا الدور؟
كما وأعتقد جازما أن ليس باستطاعة أي مسؤول محاصصاتي أن يقوم بهذه المهمة مهما بلغ عدد مستشاريه أو عدد السيارات المصفحة التي تقوم بحمايته.
دور التكنوقراط العراقي:
لقد صدر عدد ليس بقليل من الدراسات والتحليلات حول هذه العقود لكن للأسف الشديد جلها كانت باللغة الانجليزية، نعم إنها غاية بالأهمية ولكنها بعيدة عن صانع القرار العراقي من ناحية، حقيقة ليس هنا بيت القصيد ولكنه استطراد لابد منه، حيث أن هذه الكتابات كانت بعيدة تماما عن واقع التنفيذ وإن كان، التنفيذ، في بداياته الأولى.
فقد كانت معظم الكتابات عبارة عن مراجعة او نقد لمضامين العقود، هذا جيد ومهم، لكن الأهم هو الأخذ بيد العاملين في النفط من العراقيين، لأن ما تضمنته العقود من شروط، تلك التي وصفت بالقاسية، سوف لن تلتزم بها الشركات وتنفذها بالكامل ما لم يكون للعراقي من دور في هذا المجال، لكي يستطيع أن يتلمس مكامن الخطأ أو التلكؤ، فالعراقي هنا: هو ذلك العراقي الذي يحمل مسؤلية الشريك الحكومي ضمن هيكيلة الشركة الأجنبية، أو ذلك العراقي الذي يعمل كموظف في الشركات الأجنبية، أو العراقي الذي بقي يعمل ضمن الوزارة أو مؤسساتها، أو العراقي الذي يعمل في الشركات الخدمية الخاصة أو القطاع المختلط، وحتى المستقلين ومنظمات المجتمع المدني التي يهمها شفافية القطاع النفطي، كل هؤلاء يجب تمكينهم بثقافة نفطية واسعة لكي يؤدوا أدوارهم بشكل سليم ويدفعون الشركات العالمية بإتجاه تطبيق سليم ومبدع للعقود وبكلف معقولة ومستوى عمل متطور.
لذا أجد من الضروري الكتابة باللغة العربية كونها اللغة المفهومة من قبل الجميع بما فيهم العاملين في القطاع النفطي الذين يفترض أن تكون لغتهم الانجليزية جيدة جدا, لكن مع الأسف هذا الأمر غير موجود لدي معظم العاملين في هذه الصناعة.
يتبع في الحلقة القادمة.........
*مهندس نفط مختص بإنتاج وتطوير الحقول النفطية والغازية
hjawahri@yahoo.com