Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من ذكرياتي الشخصية عن رجالات الأمة الآشورية / الحلقة الأولى

من ذكرياتي الشخصية عن رجالات الأمة الآشورية ، الذي سأقدمه في حلقات ، حيث سأذكر بعضا من المعلومات عن هؤلاء الجهابذة التي لم تذكر جوانب منها أو تم ذكرها من الآخرين ولكن بصورة مختلفة .

حديثي هذا سيغطي قسما من هؤلاء الذين عرفتهم خلال أناس تم احتكاكي بهم وأولهم والدي المرحوم ( رابي شليمون زومايا بيث شليمون ) وغيرهم من خلال جهودي الشخصية ، هذا اسمحوا لي ألا أتجاهل دور والدي المرحوم القومي في شخصيتي التي وصلت بي إلى حد الادمان بشغف وحب قوميتي الآشورية لأن أتحدث ولو باختصار عنه وللذين يبغون المزيد عنه ما عليهم إلا العودة إلى مجلة كوكبا آثورايا ( العدد الأول ، فصل الربيع لعام 2002 ص46 ) وكذلك يمكنكم الإضطلاع على كتاب " شني دأسقوثا / السنوات الصعاب 2003 ، ص 143 " للمرحوم عبديشوع دبارزانه .
والدي المرحوم ولد في عام 1892 ميلادية في منطقة حكاري ( جبال آشور ) كما كان يحلو له تسميتها .
قبل الحرب العالمية الأولى التحق بالكلية الأميركية في مدينة أورمية للدراسة ولكن نشوب الحرب العالمية الأولى لم تمكنه من اتمام دراسته حيث الى جانب فقدان والده فقد أخيه الأصغربسنتين نظرا للمذابح التي تعرض لها شعبنا في مذبحة " خوي " الإيرانية حيث مات رميا بالرصاص مع الآخرين من شعبنا قبل التحاق والدي بعائلته في أورمية حيث وجد نفسه أمام مسؤولية كبرى ألا وهي تربية ثلاثة من إخوته وأخت واحدة وهم صغار السن الذين نجوا من المذبحة بأعجوبة .
إن عائلة بيث شليمون لهي عائلة كبيرة تنتمي ل " بني ماثا " من أعمال " تخوما " العشيرة الآشورية التي ينتمي إليها كل من المغفور له " مار توما أودو " ورفيقه وزميله الحبيب المعروف ب " خواجة شليمون / آبا سولومون * " والإثنان كاثوليكي المذهب ومن العائلة التي أنتمي إليها أي بيث شليمون / سولومون .
في هذه الحلقات سأغطي تباعا كل هذه الشخصيات التالية وذلك بتسلل معرفتي الشخصية بهم وأول هؤلاء سيكون في الحلقة الأولى ، المغفور له " يوسف مالك " ومن بعده : المغفورين لهم " سنحاريب بالي " و " دافيد برلي برصوم "و " نعوم فائق " من الولايات المتحدة و " فريد إليا نزها " من الأرجنتين و " أبروهوم كبرئيل صوما " من البرازيل .

المغفور له يوسف مالك

نظرا لمكانة والدي في الأوساط القومية الآشورية كما قلت أعلاه فكان لي معرفة شخصية بقادة أحداث 1933 المشؤومة الرئيسيين وهما كل من المغفور له مالك لوكو شليمون بداوي ( بيث داود ) ومالك يعقوب مالك إسماعيل وإلى جانب ذلك الأستاذ ليفون دي مار شمعون وغيرهم .
في أواخر الخمسينيات ( 1948- 1949 ) كانت هناك فكرة تهجير الآشوريين السوريين إلى دولة " البرازيل " في أميركا الجنوبية وعلى إثرها تشكلت لجنة مؤلفة من الأشخاص التالية : ملك دانيال إسماعيل ، ملك لوكو شليمون بداوي، ليفون دي مار شمعون والسيد يوسف مالك .
إن هذه اللجنة كانت لها إجتماعات دورية تتدارس الوضع ولتنسيق العمل للمضي قدما بالمشروع وفي كثير من الأحيان كانت الاجتماعات هذه تعقد في بيتنا ( تل سكرا ) في منطقة الخابور من أعمال محافظة الجزيرة / الحسكة وعلى هذا الأساس كطفل كنت على علم بما يجري في مثل هذه الإجتماعات حيث كان إسم السيد " يوسف مالك " الموجود في لبنان وقتئذ يتردد في كثير من الأحيان أضف إلى ذلك كنت قد شاهدت أعدادا من جريدته " أثرا/ الوطن " في مكتبة والدي والتي كانت تصدر من بيروت باللغات الآشورية والانكليزية و الفرنسية والتي كان مصدر تمويلها الجالية الآشورية في الولايات المتحدة وخصوصا " الاتحاد القومي الآشوري الأميركي " علما أن والدي كانت تصل إليه كثيرا من هذه المطبوعات القومية الأخرى من الولايات المتحدة الأميركية وعلى سبيل امثال " ناطورا أومثانايا " و آثورايا / Assyrian The New " وسبرزبنا " Sparzabna إلى حد أن قوات الأمن في كثير من الأحيان داهمت بيتنا وذلك إثر شكاوى شعبنا للأسف بالذات ، شخصيا أذكر بنفسي مرتين منها .
إن المغفور له " يوسف مالك " كان نشطا جدا في القضية الآشورية وكتابه " الخيانة البريطانية للآشوريين " يعد من أروع الكتب في القضية الآشورية إلى الآن .
هذا إلى جانب ما ذكرته فقد أشترك في تحرير أدبيات ما يسمى " بالهيئة التحريرية الآشورية Assyrian Liberation Committee/ " حيث كانت تصدر منشورات دورية باللغة الانكليزية التي كانت تحت إشرافه الشخصي وفي مكتبتي أعداد منها .
أما مشروع تهجير الآشوريين إلى البرازيل قد تم إجحاضه بناء لما أورده السيد يونان ملك لوكو شليمون بداوي في مقال نشرله في مجلة " كوكبا آثورايا / Assyrian Star " منذ بضع سنوات ، والسبب من ورائه بطريرك الكلدان وقتئذ حيث لما علم بقصة تهجير الآشوريين والتي كان المتفق بها من قبل " الفاتيكان " دفع بعضا من نفقات السفر ، حيث البطريرك الكلداني هو الآخر طلب تهجير طائفته أيضا وهنا كانت المشكلة بان " الفاتيكان " ليس بوسعها القيام بذلك حيث آشوريي الخابور وقتها لم يكونوا إلا بضعة آلاف بينما الكلدان في ذلك الوقت من الممكن أن يكونوا أكثر بكثير .

والجدير بالذكر أني قضيت سني دراستي المتوسطة والثانوية في مدرسة داخلية بمدينة حمص السورية وإحدى المرات في عطلة عيد الميلاد فضلت زيارة عمي ( ابن عم والدي ) المقيم وقتئذ في بيروت لأن السفر شتاء كان صعبا جدا للوصول إلى الجزيرة مكان موطني حيث أحيانا قد تأخذ أكثر من يوم واحد .
و أذكر أن جرى الحديث في بيت عمي عن المغفور له " يوسف مالك " عندئذ طلبت من عمي لو يكون بوسعي مقابلته – كنت وقتها حدثا - عندئذ كان عمي إيجابيا وبابتسامة قال لي " أتريد مقابلته خوني " قلت نعم ، قال غدا صباحا سآخذك وهو كان يسكن كما قال لي في مدينة بيروت في حي " الخندق الغميق " على ما أذكر .
لا أدري كيف مضت الساعات حتى انني كنت أفيق مرارا ولا أصدق متى سيحين الوقت ، وبالفعل جاء الصباح وبعد أن تناولنا الفطور أخذنا " التاكسي " إلى مكان إقامته في حي خندق الغميق وتوجهنا إلى داره على ما أذكر كانت بناية كبيرة بشقق كثيرة ودق عمي جرس شقته ودخلنا سوية وبعدها أن سلم عمي عليه حيث رحب به من المؤكد كان يعرفه قبلا وأشار إلي وقال له هذا " إبن عمي ابن رابي شليمون " ألح إلي أن يقابلك شخصيا حيث مد يده على رأسي بلطف وبابتسامة عريضة إذ رحب بنا أجمل ترحاب ولكن كان يبدو بالفعل طاعنا بالسن حيث قادنا إلى غرفة كانت فيه طاولة كبيرة وعليها عدد لا يحصى من الجرائد والدوريات باللغات العربية والأجنبية . في وقت انهمك عمي معه بالكلام كنت شخصيا أقلب الجرائد والمجلات وبعد حوالي ساعة من الزمن وبعد أن قدمت الشاي لنا حسب العادة الآشورية استودعناه شاكرين ، ومن المؤسف لم تمض إلا بضعة أشهر من هذا اللقاء سمعنا بخبر وفاته الذي كان في 26 من شهر حزيران لعام 1959 الذي كان له دويا مريرا لا يقاس في أمته الآشورية التي أحبته وأحبها في كل مكان من المعمورة .
بالحقيقة لا أتذكر أكثر من هذا ولكن أمنيتي تحققت وكم كانت فرحتي عظيمة . ومن كان يعلم يومها ان الأيام ستدور كي يقذف بي الزمن في الولايات المتحدة الأميركية وأن أتبوأ محررا لمجلة " كوكبا آثورايا / Assyrian Star " لسان حال الاتحاد القومي الآشوري الأميركي حيث أحدثت في المجلة فور تسلمي زمام الأمور التي كانت غالبا باللغة الإنكليزية وبضع صفحات باللغة الأشورية لأن أوسع الركن الآشوري إلي عدة صفحات كما أدخلت اللغة العربية لأول مرة فيها كما اقترحت أن نكتب في كل عدد ترجمة عن حياة رجالات الأمة الآشورية مع تصدر صورهم غلاف المجلة ومن هؤلاء كان المرحوم والمغفور له " يوسف مالك " وتبعه آخرون من امثال : فريد اليا نزها ، سنحريب بالي ، مالك يعقوب والبطريك ( وقتئذ مطران بيروت ) المغفور له مثلث الرحمات مار بيداويد وغيره . أضف إلى ذلك ظهرت المجلة لأول مرة حيث الاسم ظهر باللغة المسمارية التي رتبتها بنفسي .

كما لا أنسى ، بعد مدة من صدور العدد من المجلة الذي يتصدر صورة المرحوم يوسف مالك غلافها ، حيث استلمت رسالة من مدينة ديترويت الأميركية من شخص اسمه على ما أذكر " يوسف الناظر " حيث كتب لي شاكرا على ما فعلناه ورسالته كانت طويلة لا أستطيع سردها هنا ولكن المهم كان فرحا جدا وأثنى بما قمنا به و بعثت له برسالة شكر جوابية أيضا .
تنويه : مرة صادفت في أحد المواقع التابعة ل " الحزب القومي السوري الاجتماعي " أنه راسل مؤسس الحزب " أنطون سعادة " وقد طبعت ذلك ولكن لكون مكتبي الشخصية مكتظة بكثير من المواد التي احتفظت بها زد إلى ذلك في السنة الماضية لارتفاع مياه المجاري التي دخلت القبو وفي مكتبتي فقدت كثيرا من محفوظاتي ولكن
سأحاول قدر الامكان البحث عنها بالتأكيد .

*أبا سولومون أو المعروف عادة ب " الخواجه شليمون " تلقى علومه ( في أواخر القرن التاسع عشر ) في مدرسة الدونيميكان الكاثوليك في مدينة الموصل ، وكان يتقن أكثر من سبع لغات حيث شاه إيران طلب يوما من الدولة العثمانية بأستاذ خاص لأولاده والسلطان العثماني أرسله " الخواجه شليمون " وعلى إثرها كتب شاه إيران للسلطان العثماني أن يبعث بشخص آخر كون خواجه شليمون مسيحي الديانة ولكن السلطان العثماني رد على الشاه بما يلي " هذا الذي بحوزتي " وما عليك إلا الرفض أو القبول ،عندئذ رضخ الشاه بالأمر الواقع وتقبله معلما لأولاده .
هذا كما أذكر في مطرانية السريان الأرثوذكس وجدت كتابا مطبوعا باللغة السريانية وباللهجة والحروف المشرقية ، بالحقيقة لم يكن لي متسع من الوقت لمعرفة ماهيته الحقيقية وما أستطيع ذكره أنه كان عن العلامة ابن العبري وفي المقدمة وباللغة اللاتيتية وجدت ذكر اسم " أبا سولومون " ولكن لا أدري دوره في كل هذا .
ملاحظة : أرجو ممن يعرف شيئا عن هذا الكتاب أن يزودني بمعلومات أكثر وسأكون له من الشاكرين .
Opinions