من فاطمة العراقية الى كاترين ميخائيل
لقد حفزني بحثك ايتها الاخت الرائعه كاترين .ومن حسن الصدف قبل ايام قلائل كان الحديث يدور حولك من قبل شخصيه واستاذ جليل التقى بحضرتك خارج العراق .والان وانا اقرأ بحثك عن تاريخ المراه العراقية عادت بي ذكرياتي الى ماض ليس ببعيد فقلت سانقل تجربتي الشخصيه لك والى كل القراء الاعزاء الذين يهمهم العراق وما يجري في العراق ..كنت قد عشت معاناة مواجهة مع نظام قمعي ومتعسف. انا زوجة رجل سياسي ومناضل كبير وانا افخر بذلك , لقد صال وجال في سجون العراق كلها وقارع نظام ظالم وانك اعرف بذلك, فمنذ اقتراني به اوائل السبعينات والى يوم زوال الدكتاتور عن كرسيه ونحن في معارك كر وفر مع الامن والمخابرات الصدامي .وهذا شي طبيعي. لكن امر المّر هو عندما اعتقل في سجن (ابي غريب)في تسعينات القرن الماضي رايت بام عيني كيف تهان النسوة وتتلقى السب والشتائم (وزوجة السياسي خاصه) .. كن ياتين من جميع محافظات العراق تحت المطر الغزير والبرد القارص وقبل انبلاج الفجر , وكنا نقف عند الباب الرئيسي لكي ندخل ونواجه احبابنا, وكانت طوابير النسوة تتزاحم باحمالها الثقيلة, كنّ من كردستان وجنوب العراق.
كان سجن (ابي غريب) يزخر بين جدرانه برجال عظام وفكر اعظم , يرزحون داخل اقبيته منذ عشرات السنين , هؤلاء النسوة الرائعات , هذه تحمل الرقاق من الشمال وتلك تاتي (بخبز الطابق الشهي من الجنوب) وحتى (قدور الدولمة) . كان في سجن ابي غريب الحكم اغلبه مؤبد بعد الاعدام طبعا , .كنا نواجه السجناء كل خمسة عشر يوما عدا المناسبات الوطنيه وفي اليوم الثاني من كل عيد .وفي كل مواجهة نشيّع بعيوننا الباكيه (توابيت المعدومين) وهي تخرج من داخل السجن.
لقد شاهدت العجائز الطاعنات في السن وهن يدفعن مع الاغراض في عربه لكي تصل وترى فلذة كبدها , المسافة كانت بعيده جدا بين الباب الرئيسي والدخول الى السجناء. لقد زاملت زوجة رائعه تواجه زوجها منذ عشرين سنه والتجربه كبيرة والمعاناة اكبر .كانت السياط تنهال على اكتاف الواقفات وتصب اللعنات باليوم الذي رأونا فيه شاهدت الاخوات من كافة الطوائف يحملن على ظهورهن الاثقال وما يشتهي الذي يقبع خلف جدران كالحه ومظلمه.
عزيزتي كاترين لا استطيع ان اجمع لك كل الصور التي شاهدت ور الاسماء التي سمعت فهن يفخرن واعتزاز افضل نساء العالم بدون غرور فالذي حكم العراق لن يأتي بعده طاغيه جبار فهو دكتاتور العصر كما يقولون وفي الاخير اقول للمرأه العراقيه سلام على امراه قامت ونهضت من بين اشلاء وانقاض الحروب الطاحنه التي اكلت الاخضر واليابس نهضت بقامه رائعه وهامه مرفوعه لكي تنفض عنها غبار ورماد سنين عجاف اطبقت عليها حافله بالجور والظلم مشت مبتسمه الى صناديق الاقتراع وهي تضع الامل والامنيات فيمن انتخبتهم ولكن للاسف لن تتقدم الى موقعها ويوجد من يبعدها عنه.
واقول:
عراقيه وهوى كلبي يدك من صغر بغدادي
وعيون المها عبرت من جسر بغدادي
يداخل للوطن بوس تراب بغدادي
عزيزة وشرياني شرب من ميهه هيه
عن موقع الجيران