Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من مكتبتي . الربان هرمز كان قديسا قوميا في العقيدة الكلدانية

cesarhermez@yahoo.com
يندرج هذا المقال من ضمن مقالات قرات لك او من مكتبتي لكي اسلط الضوء على فترة زمنية من حياة الرهبنة الهرمزية الانطونية الكلدانية ذات القلب النابض في الكنيسة الكلدانية وضوءا اخر على قريتي العزيزة القوش الكلدانية التي ستكون لها وقفات اخرى معي في المستقبل ولاهلها الطيبيبن .

الكتاب اسمه بغداد في الايام الخوالي ل كونستانس .م. الكسندر وترجمة سعيد احمد الحكيم .

الكتاب يتحدث عن يوميات ومراسلات كلوديوس ريج – الرحالة والفنان واللغوي وجامع العاديات الاثرية والمقيم البريطاني في بغداد في الاعوام 1800-1821 م .

في الفصل الثامن عشر نينوى والموصل (1820-1821 م)

وافضت بهم مسافة تربو الى عشرة اميال او خمسة عشر ميلا , الى الدير الكلداني (رابن هرمز) وهو مكان غريب للغاية. فهم,بعد دخولهم في ممر ضيق ,ظهروا فجاءة ليجدوا انفسهم فيما يشبه ارضا متدرجة تحيط بها جبال جرداء , وفي منتصف الطريق الى اعلى ذلك الجانب ,كان الدير .يتالف الدير من سلسلة بنايات وعدة كنائس تتشبث بقوة على حافة الاجراف (المنحدرات الصخرية). ولكن الاكثر غرابة هو الكهف والمغور التي نُقطت بها وجوه الصخور التي يستخدمها الرهبان صوامع او حجيرات للسكن – لكل واحد منهم حجيرة صغيرة يعمل فيها وينام . ويقيم في الدير نحو خمسين راهبا يدير شؤونهم رئيس الدير ,وهم من رهبنة سانت انطوني المتشردة في شعائرها وطقوسها .فاللحم لايؤكل الا في عيدي الميلاد والفصح وطعامهم اليومي نوع من العصيدة والخبز بكميات قليلة.ويقوم نزلاء الدير بكافة الحرف لذا اكتفوا اكتفاءا ذاتيا ,اما التحدث فيما بينهم فهو غير مسموح به ,لديهم جرس يدعوهم عدة مرات في اليوم الى جانب حضورهم قداديس منتصف الليل والفجر وغروب الشمس ويعودون الى صوامعهم بدون شمعة او انارة .يقع بعض هذه الاديرة على مسافات نائية معزولة ,على ارتفاعات شاهقة في الجبال بمحاذاة ممرات شديدة الانحدار يكون فيها البرد قارصا في بعض الاحيان ويرتدي الرهبان اروابا داكنة الزرقة او سوادا يضعون عليها الصايات البنية . اما روؤسهم فمغطاة بقرنس ضيقة تلف حولها مناديل سود ,وممارساتهم الدينية ذات طبيعة قاسية تفني الاجساد وتكبح الشهوات .

ويضيف ريج قائلا .(لم يبدو انهم سعداء او في صحة جيدة .وقد اخبرنا انهم يموتون في شرخ الشباب) .

نال رئيس الدير تعليمه في ديار بكر على يد صديق ريج سابقا – المونسينيور اوغسطينو ولذا سر كثيرا في استقبالهم .امضي اثنتي عشر سنة يخدم في دير ربان هرمز ,وعمل الكثير لاصلاح الدير والكنائس هناك وتردد ان رئيس اساقفة المدائن –تومارسا- هو وضع اسسه نحو (390م) وخصصه للقديس هرمز ,الذي كان قديسا قوميا في العقيدة الكلدانية ويفترض انه كان ابنا لاحد ملوك فارس ثم اصبح كاهنا مسيحيا وبالتالي اسقفا واستشهد تحت حكم ديوقليتانس والواقع هو ان رئيس الدير لم يستطيع اخبار ريج كثرا عن هذا القديس الراعي وان كان مشدودا اليه بتوقير كبير .

كان ريج يطمح في العثور على تاريخ مبكر على هذا المكان بين كتبهم القديمة ولكن لسوء الحظ كانت جميع المخطوطات قد اودعت قبل سنوات قليلة في احد الكهوف الكثيرة التي امتلاءت بها الاجراف الصخرية فظهرت كاءنها ثقوب في اقراص النحل وان سيلا عارما تفجر خلال هزة ارضية عنيفة غمر ذلك الكهف بالذات فاتلف كثيرا من تلك المخطوطات التي لم تعد ذات فائدة للرهبان مما حدا بهم رميها بعيدا عن المكان .وهنا ايضا نقش افراد العائلة اسمائهم على مدخل الباب قبل مغادرتهم ليشاهدوا رحالة يزورون فيما بعد وبالفعل ذكرت المس جيروتروبيل(1) في كتابها الموسوم (من مراد الى المراد)

هذه الاسماء المحفورة مع العلم ان الاسم المتداول هو (من اموراث الى اموراث)

وعلى مسافة نحو خمسة اميال من الدير عبر الجبال ظهرت للعيان قرية القوش التي قيل انها كانت موطن النبي ناحوم الذي دفن فيها .وقد اعتاد اليهود شد الرحال من الجميع الارجاء لزيارته في هذا المكان وجاء في الاية الاولى من كتابه انه كان يدعى (ناحوم الالقوشي) ويتذكر المرء ان نبوءاته كانت محلية تعنى بقضية الشرور التي اقترفتها نينوى .

عاد الركب الى الموصل ليكونا هناك قبل حلول عيد الميلاد ,وامتد طريقهم متراميا في اغلبه خلال قرى مسيحية كلدانية .ودهش السكان المحليون لرؤية ان يكون احد الاشخاص المشهورين مسيحيا ,وان بامكانه التحكم بالاتراك وباقي المسلمين واصدار الاوامر اليهم ,لدرجة انهم حشودا كبيرا من الناس ساروا في اعقاب ريج وزوجته وصديقيهما .ويشار بهذا الصدد الى ان احدى المسنات حاولت في الحقيقة حرق البخور امام كاوديوس الا ان حصانه شمس َ فطلبوا الكف عن ذلك .

وخلال هذه الرحلة حصل ريج على عدة مخطوطات اجزاء من الاناجيل باللغة الكلدانية التي اضافها اضافة الى ماحصل اليه سابقا من مجموعة كبيرة منها .

(1) المس جيروتروبيل هي جيرترود مارغيت لوتيان بيل (1898 -1926) الخبيرة في شؤون الشرق الادنى والرحالة والمؤلفة .كانت ضابطة ارتباط في المكتب العربي في العراق ومعاونة الحاكم السياسي ولعبت دورا كبيرا في تتويج الامير فيصل ليكون الملك فيصل الاول في العراق ولشتهرت في بغداد بلقب الخاتون .



Opinions