Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من هو الصحفي ؟

 

قد يبدو هذا التساؤل ساذجاَ في نظر البعض ومستغرباَ في نظر البعض الآخر . ولكن أرجو من القاريء ان لا يسارع الى اصدار حكمه و يسمح لي بأن أبدي رأياَ قد لا يوافقني عليه الصحفي الذي يعتقد ،  ان مهنة الصحافة هي سيدة المهن ولا تدانبها أي مهنة أخرى . و دعنا نتساءل أولاَ ،، ماهي الوظيفة الأساسية للصحفي(1)  ؟ وهل هي أكثر أهمية من سائر الوظائف والمهن الأخرى ؟

المهندس يصمم وينفذ أبنية جديدة لشتى الاغراض من أبسط  بيت سكني الى اعلى برج أو ناطحة سحاب أو يصنّع منتوجات جديدة أو يبتكر الات أو أجهزة تخدم الأنسان  ، والطبيب يعالج المرضى ، والمعلم يعلّم ويربى الجيل الصاعد ..الخ . أذن ما هي وظيفة أو مهمة الصحفي بصرف النظر عن الوسيلة الأعلامية التي يعمل فيها ؟

الوظائف والخدمات التي تنهض بها الصحافة و المهام التي يؤديها الصحفي - المواكب للتطور الأعلامي المتسارع في العالم -  تتوسع يوما بعد آخر ،الا أننا يمكننا القول ان الوظيفة الأساسية للصحفي والتي تغطي كل ما يتبادر الى الذهن من وظائف و مهام وخدمات ،  هي العمل كوسيط  بين المجتمع وبين مصادر المعلومات عن هذا المجتمع وما يحدث فيه  , أي أن مهمة الصحفي هي جمع ونشر المعلومات عن الأحداث الراهنة ، والاتجاهات وقضايا الناس وعمل ريبورتاجات و تقارير لنشرها او إذاعتها في وسائل الإعلام المختلفة مثل الصحف والمجلات الورقية والألكترونية  والتلفزيون والإذاعة. وبتعبير آخر ان يسرد  للناس عن أنفسهم وكل ما له اهمية في حياتهم او ما يثير اهتمامهم . و قد يتساءل البعض لماذا على الصحفي ان يفعل ذلك  ؟ فنقول ، لأن المعلومات الصادقة يساعد الناس في تشكيل آرائهم واختيار توجهاتهم في الحياة . وتجنب ارتكاب الأخطاء يقدر الأمكان وتحقيق النجاح . ولكن، لماذا يعتبر الصحفي وسيطاّ ؟

صحيح ان الصحافة هي مهنة المتاعب أحيانا عندما يتعلق الأمر بتغطية الأحداث الساخنة ميدانيا أو العمل في مجال الصحافة الأستقصائية . ورغم ان بعض الصحفيين يميل الى المغالاة في تقييم دوره في المجتمع  بالقول أنه حامل رسالة سامية أهم من أي رسالة أو مهنة أو وظيفة أخرى . ولكن في واقع الأمر فأن المهمة الأساسية للصحفي هو الحصول على المعلومات ومعالجتها وتقديمها أو عرضها للقراء أو المستمعين أو المشاهدين عل شكل نتاج اعلامي وفق شروط  وخصوصيات الوسيلة الأعلامية التي يعمل فيها.

ومن أجل استجلاء المهام التي يقوم بها الصحفي – حسب مجال عمله – لا بد من دراسة الوظائف الأساسية للصحافة أو وسائل الأعلام  في المجتمع ،  مما  يساعد على فهم اوضح لدوافع اطلاع المتلقي على ما تقدمه الصحافة .

في عام 1948 حدد  هارولد لاسويل ( lasswell) (2)  ثلاث وظائف  اساسية تقوم بها وسائل الاعلام في المجتمع .

أولاَ- ابقاء الجمهور على علم بالتطورات من خلال مراقبة البيئة المحيطة .

 

ثانياَ –عرض الاجزاء المختلفة للبيئة المحيطة والذي يساعد المستهلكين على فهم بنيتها ككل ويتيح لهم ربط  تلك الاجزاء وتكوين صورة اوضح لتلك البيئة .

 

ثالثا –نقل التراث الاجتماعي الى الاجيال الجديدة من المستهلكين ، وهي وظيفة في غاية الأهمية ، لأنها السد المنيع امام الغزو الثقافي أو فرض اسلوب حياتي خارجي على مجتمع معين يتناقض مع تراثه الأجتماعي وهويته الثقافية .

 

وقد أشار عدد من الباحثين الغربيين الى وظائف أخرى مثل التوجيه والتوعية والترويج للسلع والخدمات التجارية  ( الوظيفة الأعلانية ) .ولا نريد الأسترسال في عرض هذه الآراء  ، بل نفضل تلخيصها في الوظائف الرئيسية التالية :

 

1 – الوظيفة الأعلامية والأخبارية :

 تزويد المتلقي بالأخبار والتقارير عن الأحداث المحلية والخارجية مع مراعاة معايير الموضوعية والأمانة. وهذه الوظيفة لم تعد حكرا على الصحافة التفليدية ، بل ان الصحافة الرقمية الجديدة أسرع في تقديمها - مجانا في معظم الأحيان - وبالصوت والصورة قي آن واحد

 

2 – الوظيفة التنويرية أو ﺍﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ :

 

 تقديم جوانب شتى من المعرفة والآراء و الأتجاهات الفكرية والسياسية  ووجهات النظر التي تساعد القاريء على  تثقيف ذاته وزبادة معلوماته في شتى المجالات .

 

3 – ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻪ :

 

. وهي وظيفة مهمة تدل على ان العديد من افراد المجتمع يستخدم وسائل الاعلام  للأستمتاع والترويح عن النفس ووسيلة لتحقيق التوازن النفسي والعقلي لهم .

 

 الترفية والتسلية هي الوظيفة الرئيسية ،  وربما الوحيدة لـ( الصحف الشعبية) وصحف ( التابلويد) ، ناهيك عن(الـصحف الصفراء) ولكن هذا لا يعني ان هذه الوظيفة تقتصرعلى هذه الأشكال من الصحافة الخفيفة ،  التي لا تتطلب جهدا ذهنيا من المتلقي ، بل ان الصحافة الجادة والرصينة تقدمها أيضاً ولكن بجرعات محددة لا تغطي على وظائفها الأعلامية والتنويرية .

 

4 – الوظيفة الأعلانية  :

 

 وهي الوظيفة الرئيسية للصحافة التجارية ( الأعلانية ) أو لللقنوات التلفزيونية الترفيهية  ، التي تسعي لتحقيق اقصى ما يمكن من مردودات مالية . واحدى وظائف الصحف الرصينة

ففي ظروف اقتصاد السوق ، لا يمكن لأي صحيفة مثلاً  أن تعيش الا اذا كانت  تلقى الرواج ولها موارد كافية من الأعلان الذي ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ أصدارها ، ﻟﺘﺼﻞ ﺍﻟﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﺴﻌﺮ ﻳﻘﻞﻋﻦ ﺗﻜﻠﻔﺘﻬﺎﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ. ولولا الأعلان لأختـفى من الوجود معظم الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة غير المدعومة مالياّ من الدولة أوأي جهة أخرى .

 

ولكن أداء أي وظيفة من هذه الوظائف أوالعمل الصحفي يتطلب جمع المعلومات ومعالجتها بموضوعية وأمانة وشفافية  ومن ثم تقديمها كنتاج صحفي في نمط معين من أنماط الصحافة

 

العمل الصحفي الحقيقي يتطلب موهبة و أحيانا شجاعة عند التغطية الميدانية للأحداث في المناطق الساخنة او القيام بتحقيقات صحفية أستقصائية. ومع ذلك فأن مصطلح " الصحفي " مرن ورحب .فالمذيعة التي  تقدم عرضا لحالة الطقس أو أسهم الشركات أو أخبار الرياضة  من حقها ان تقول انها صحفية أيضأ ، فالمهنة الصحفية واسعة متنوعة المجالات والتخصصات والأشكال .

ولكن ماذا عن مصطلح " السلطة الرابعة " التي تطلق على الصحافة ؟

 

حقا ان من الصعوبة بمكان ان تتناغم السلطة مع دور الوسيط  . وارى ان سلطة الصحفي ووسائل الاعلام عموماً هي التأثير في الرأي العام والأسهام في تشكيله و النفاذ الى قلوب وعقول الناس و يا لها من مهمة نبيلة . ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال للصحفي ان يفهم مصطلح " السلطة" بالمعنى الفعلي للكلمة . لأن الصحفي لا يمتلك سلطة أو أليات من أجل تحويل كلماته الى أمر واقع .

 

الهوامش :

 

(1)   المقصود بمصطلح ( الصحفي ) هنا ، المعنى الواسع له أي الذي يمارس العمل الصحفي في أي وسيلة من وسائل الأعلام ..

 

(2)   هارولد دوايت لاسويل (Harold Dwight Lasswell) عالم اجتماع أمريكي (13 فبراير 1902-18 ديسمبر 1978) درس تأثير أجهزة الإعلام على تكوين الرأي العام,

 

 

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
العراق - حكومة عتبة انتقالية للأجندة الأمريكية صائب خليل/ ها قد تشكلت الحكومة العراقية بشكلها الأساسي ورغم بعض التعتيم، فشكلها العام واضح تماماً ويمكن تحديد مهامها الأساسية من طبيعة مجزرة بهرز...عندما يكون التحقيق واجباً، تكون الثقة عدواناً صائب خليل/ لمجزرة بهرز، أسوة بغيرها من قصص الإرهاب، قصتين أيضاً: سنية وشيعية (أنظر مقالتي "كيف تصمم "قصة شيعية" و "قصة لماذا ربح المالكي الانتخابات وخسر"المقبولية"؟ عبدالخالق حسين/ في بلد مثل العراق، متعدد الأديان والمذاهب والأثنيات، وقواه السياسية متخندقة وفق هذه الانقسامات، وفي نظام ديمقراطي لم يألفه من قبل إذا كان حب الوطن جريمة ، فأنا سيد الجناة بقلم لؤي فرنسيس/ عن المقال الموسوم (البارزاني الخالد ضوء في تاريخ أمة) للكاتب سالم اسماعيل ، الذي دون فيه مجموعة لأقوال الخالد ملا مصطفى البارزاني ، والتي توضح لنا صعوبة الحياة التي عاشها "رحمه الله" هو ورفاقه المناضلين في سبيل نيل الحرية وتحقيق الديمقراطية لكوردستان والعراق.
Side Adv2 Side Adv1