من وحي عيد القيامة

وانتم تستقبلون قيام الفادي بقلوب ملؤها الايمان ونفوس مفعمة بفرح غامر احال فجيعة الصلب عيدا.
وانتم تودعون في كل عام ...بل في كل يوم مصلحا انسانيا وداعية سلام ومحبة وليس اخرهم المطران الشهيد بولص فرج رحو.
وانتم تفارقون في كل ساعة حبيبا. مهجرا،مهاجرا ،فارّا او شهيدا مغدورا.
وانتم تعيشون غربة الاوطان والازمان ،وقلة الاصدقاء والاعوان .وتحملتم وتتحملون ظلما واستهدافا واستضعافا مركبا على مر العصور والدهور.و انتم ...انتم اخوة الوطن واشقاء الانسانية مسيحيو العراق ذاكرته الحضارية لا تنسوا ان اجدادكم اذابوا اجسادهم المتعبة لترتكز عليها اول حجارة في اساس حضارة العراق، وان دماءهم ما زالت وستبقى تدور في "جمّار" نخيل العراق وجلّنار رمانه ونسغ زيتونه وبرتقاله وسنابل حنطته وشعيره...وبذرات خضاره وحبوبه ..ومياسم رياحينه وزهوره. اتدرون ان سحنتكم العراقية السمراء ما زالت وستبقى- هي الاخرى- تلون صفحات خدود اهوار الجنوب ووجنات صباياه وتقاطيع وجوه شبابه وشيوخه وتقاسيم ضحكاتهم المحببة ؟
اتدرون ان ملامحكم المالوفة مازالت وستبقى ترسم بهاء كربلاء والنجف بزهو ، وان ثلة من فرسانكم الشم مضطجعون بسلام جنب الحسين يفترشون صحن ضريحه الخالد؟.
وان ملاحمكم رسمت خارطة العراق قلاعا ومعابد ومتاحف ومدنا وزقورات ومسلات واسوارا. وان موروثكم المفخرة تناقله الاحفاد عن الاجداد فصار عطاءاً وابداعات فنية وعلمية وادبية وعمرانية وحرفية بارزة متميزة شكلت ذاكرة العراق الحضارية وطبعت حاضره بلمسات عصرية فائقة تفتقت عن ذهنيات متوقدة في جميع علوم الحياة مدفوعة بحرص شديد وبوطنية خالصة؟.
وبعد هذه الصفحات الخوالد ...بعد هذه المفاخر التي تحسدكم عليها شعوب الارض .. بعد هذا السفر المجيد المتواصل غير المتناهي لمنجزات وابداعات متجددة ...بعد كل ما عرفناه وما لم نعرفه،ما سجلناه وما تركناه ،ما فاتنا ونسيناه ،هل تطاوعكم اقدامكم على المسير باتجاه بوصلة لا تؤشر الى العراق؟!.هل ستستمتع عيونكم بصباحات واماسي خاليات من شمس وقمر العراق؟!.وهل ستطرب اسماعكم ترانيم نواقيس وتراتيل آذان لا تحمل نبرة الصوت العراقي ؟!. وكيف تتذوقون خبزا من غير تنور امهاتكم العراقيات وتستعذبون ماءا غير ماء دجلة والفرات بل كيف تستنشقون هواءا خال من رائحة تراب العراق؟!.اتعون ما يراد بكم ؟!.اتدركون حجم المؤامرة وخطورة المشروع ؟!.اترون تطور الاساليب وتدرج الطرق التي سعت وتسعى لاقتلاعكم من جذوركم؟ّ!.فمن ملتوية مقنعة الى مكشوفة مفضوحة، ومن غير مباشرة الى مباشرة موجهة ومن "اياك اعني واسمعي يا جارة " الى اياك اعني واقصدك بالذات فاسمعني جيدا ،ومن التلميح الى التصريح ومن كلمات رحمة يراد بها نقمة وكلمات حق يراد بها باطل الى دعوات صريحة معلنة وقحة.وها هم يثيرون من جديد رسوم الفتنة "الحرشة" باوامر وزراء رسميين هذه المرة للتحريض والتأليب عليكم من جهة ومن جهة اخرى يطلق وزراء اخرون تصريحات ترحيب باستقبالكم كمهجرين !.
وها هو صنيعتهم ابن لادن ونظراؤه ينسون العراق وافغانستان ليتناغموا مع شماعة رسوم "الصليبيين"لاتخاذها ذريعة متفق عليها لاستهدافكم وتخويفكم وترويعكم كي تهجروا اوطانكم وتتنكروا لجدودكم وتقاليدكم وقيمكم ،وها هي صنائعهم وحثالاتهم تخطف وتغتال صلحاءكم وكفاءاتكم فتتزامن معها وبكل وقاحة تصريحات وزراء دول كبيرة -تحت عناوين انسانية مخادعة-مهيئة الاماكن ترحيبا بهجرتكم لتذوبوا في مجتمعاتهم وتنسوا تاريخكم وتضيعوا مجدكم . فهل تستجيبون لهم؟!.حاشاكم.
لا تغفلوا ..لا يستخفنكم المغرضون .. لا تعينوا على انفسكم لا تصيروا سببا في ضياع تاريخكم و شتات امتكم .لا تجنوا على اجيالكم ولا تخونوا اسلافكم. واذا كان للباطل جولة فللحق صولة ودولة،وطريق الحق والايمان: طريق ذات الشوكة
فلا تتركوا قادتكم لوحدهم في ميدان اثبات الوجود ينادون:
اما من ناصر ينصرنا؟!!.
اذا انا لم اُحرقْ ومثلي صاحبي فمن ذا يضئ الدرب إنْ اظلم الدربُ

h-mossawy@yahoo.com