نـزار حيدر لبرنامج (جدل عراقي) عن اداء مجلس النواب: المتغيبون لصوص بامتياز
22/02/2010شبكة أخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
اعتبر نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان التغيب الملفت للنظر لاي نائب في البرلمان العراقي، يعد بمثابة لصوصية بامتياز.
واضاف نزار حيدر، الذي كان يتحدث مساء امس على الهواء مباشرة لبرنامج (جدل عراقي) الذي تقدمه الاعلامية مي كحالة على الفضائية السومرية:
ان النائب في البرلمان موظف يعمل تحت قبة البرلمان لصالح الناخب الذي منحه الثقة ليجلس على مقعده النيابي، مفكرا ومنظرا ومنتجا لمشاريع قوانين، ومراقبا لاداء الحكومة، فاذا تغيب عن جلسات البرلمان ولم يحضر، فهذا يعني انه سرق من وقت الناخب واساء التصرف بثقته، واستخف بمهامه وعمله، ولذلك فان المرتب الذي يتسلمه من هذه الوظيفة يكون بلا معنى، وان حاله حال الشرطي مثلا الذي يتقاضى مرتبه الشهري ليحضر يوميا في محل عمله الا وهو المخفر مثلا، والمعلم او المدرس الذي يتقاضى مرتبه الشهري ليحضر يوميا في محل عمله وهو المدرسة او الجامعة او ما اشبه، فلماذا يحاسب الموظف، اي موظف، اذا غاب عن محل عمله، وقد يفصل اذا تكررت غياباته، ولم يحصل الشئ نفسه مع النائب الذي يتغيب عن الحضور في محل عمله، وقد لا يحضر ابدا طوال السنوات الاربع الماضية؟.
لماذا يحاسب الموظف الصغير اذا لم يحضر في دائرته، فيستبدلها، مثلا، بالمقهى او النادي، ولا يحاسب النائب الذي يستبدل المقعد النيابي بعواصم العالم متنقلا فيها، او بمكتبه الفخم خارج البرلمان يستقبل هذا ويودع ذاك في حركات استعراضية مفضوحة وخطابات انشائية ممجوجة؟.
اولم ينص قانون مجلس النواب رقم (49) لسنة 2007 والذي يحمل عنوان (قانون تعديل قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم 6 لسنة 2006) في المادة الاولى (اولا: تنتهي العضوية في مجلس النواب لاحد الاسباب التالية؛ 7ــ اقالة العضو لتجاوز غياباته بدون عذر مشروع لاكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد) فما بالك اذا غاب النائب كل الفصول التشريعية، ولم يحضر ولا جلسة واحدة؟ الا يعني ذلك ان البرلمان كله يدلس ويكيل بمكيالين؟ الا ينبغي اجتثاث مثل هؤلاء النواب الذين يستهينون بثقة الناخب ولا يقدرون حرمة مقعد المسؤولية؟ وكلنا نعرف، فان قبة البرلمان في الدول المتحضرة التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها، تعد اقدس قبة في البلاد؟ لان البرلمان هو نبض الدولة والبلاد، فاذا توقف النبض او اختلت دقاته فستختل الدولة كلها وتضطرب امور البلاد؟.
ربما يرى المتغيبون انهم فوق مكانة مقعد النيابة، فهم زعماء لا يليق بهم المقعد النيابي، فلماذا، اذن، يرشحون انفسهم مرة اخرى لخوض الانتخابات النيابية القادمة؟.
واذا كانوا يرون انفسهم عاجزون عن اداء دورهم تحت قبة البرلمان، فلماذا، كذلك، يرشحون انفسهم مرة اخرى؟.
واذا كانوا يعتقدون بان وجود زملائهم تحت قبة البرلمان يعوض عن غيابهم وعدم وجودهم، فلماذا، كذلك، يرشحون انفسهم مرة اخرى؟.
واذا كانوا لا يرون في انفسهم الاهلية للجلوس تحت قبة البلمان، لعجزهم عن المجادلة بالمنطق والقانون والحجة الدامغة، وانتاج الافكار والرؤى، فلماذا، كذلك، يرشحون انفسهم مرة اخرى؟.
واذا كانوا يرون في اعمالهم واشغالهم الاخرى، اهم من عمل البرلمان، وان اوقاتهم ممتلئة باعمال اخرى اهم من حضور جلسات البرلمان، ولذلك فليس لهم الوقت للحضور تحت قبة البرلمان، فلماذا، كذلك، يرشحون انفسهم مرة اخرى؟.
اما اذا كانوا يرون في الصفة النيابية امتياز يمنحهم المال والجاه لهم ولعوائلهم، فتبا لهم، انهم لصوص بامتياز، واللص يجب ان تقطع يده، او على الاقل يجب ان يعاقب فلا يمنحه الناخب ثقته مرة اخرى، لان اللص لا يقدر على محاسبة غيره، فكيف سننتظر من النائب ان يراقب الحكومة ويحاسبها اذا كان متورطا باللصوصية؟.
انني ادعو الناخب العراقي، بشدة والحاح، الى ان يسحب ثقته من امثال هؤلاء النواب اذا كان البرلمان، وبقانونه، عاجزا عن سحب الثقة عنهم لسبب او لاخر.
ادعو الناخب الى ان لا يمنح ثقته لمثل هؤلاء النواب مهما كان الثمن، وبغض النظر عن قوائمهم وانتماءاتهم.
اتمنى على الناخب ان يدقق في اسماء النواب المرشحين للدورة القادمة، ليعاقب كل من تجاوزت غياباته الحد المعقول، فلا يمنحه الثقة ابدا، ولا يصوت لصالحه ابدا، والا فان تجديد ثقته به يعني حثه الى اللصوصية من جديد.
كما اتمنى على القضاء العراقي ان يقاضي امثالهم فيعمد الى تغريمهم بدفع آخر فلس تقاضوه من اموال العراقيين، كمرتبات وامتيازات شهرية وسنوية، ليكونوا عبرة لغيرهم، فلا يستهين نائب بموقع المسؤولية ولا يضحك على ذقن الناخب، ولا يستهزئ بثقته وصوته.
ان كنس مجلس النواب القادم من مثل هذه العناصر الرديئة والسيئة، سيساهم في تاسيس مجلس جديد، قوي مقتدر، خال من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع، متمكن من اداء دوره الدستوري الذي يتلخص في امرين اساسيين:
الاول؛ هو الدور التشريعي، فنحن لا ننتظر من النائب ان ينفذ لنا شيئا، وانما ننتظر منه ان يقدم افكارا بناءة تساهم في صياغة مشاريع قوانين، تساعد في حل مشاكل الناس المتراكمة، وان هذا الدور بحاجة الى ان يتميز النائب بما يلي:
الف: واسع الاطلاع وشديد المتابعة وكثير الاصغاء للمستشارين وذوي الخبرة في مجال اختصاصه.
باء: قادر على التفكير والبحث والتقصي لينتج الافكار، وتلك هي مهمته الاولى.
الثاني: هو الدور الرقابي، وهذا يحتاج الى ان يتصف النائب بما يلي؛
الف: الرصيد الشخصي، الذي يؤهله لان يقول كلمة الحق ولو على كتلته البرلمانية، فلا يصارع ولا يضارع ولا يتبع المطامع، ولا تاخذه في الله لومة لائم.
باء: ان يكون قوي الشخصية، لا يغلبه هوى نفسه فينهار امام الاغراءات، ولا يستسلم للشيطان والاعيبه، ليقف الى جانب الناخب ومصالحه كلما تعارضت مع مصالحه الشخصية او مصالح الكتلة البرلمانية التي ينتمي اليها.
لقد تغيب عن كل جلسة برلمانية ما لا يقل عن (100) عضو، فيما الغيت عشرات الجلسات لعدم اكتمال النصاب القانوني، ولذلك تعطلت قوانين وضاعت فرص وتراكمت مشاكل، فيما استمرت مرتبات النواب ومخصصاتهم سارية المفعول لم تتعطل او تؤجل لحظة واحدة، فماذا يمكن ان نسمي هذه الحالة؟ الا باللصوصية، وبامتياز؟.
هؤلاء لا يحترمون انفسهم، ولذلك لا يحترمون الزمن، ولا يقدرون معاناة المواطن، ولا يتحسسون بقيمة الفرص، ولا يعيرون اهتماما لمصير البلد الذي يقف اليوم على كف عفريت.
ان مسؤولية الناخب اليوم تتضاعف بعد ان منحه قانون الانتخابات الفرصة ليختار، في اطار نظام القائمة المفتوحة، فلم تعد هناك قوائم مغلقة يؤشر عليها الناخب معصب العينين ماخوذا بالجو الطائفي وخائفا من حرب الارهاب، وهو لا يدري لمن يمنح صوته وثقته، فليمحص هذه المرة وليدقق ثم ليؤشر على الافضل والاحسن والانسب من المرشحين.
10 شباط 2010