Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نحن الاشوريون كما يرانا سيادة بطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة الجزيل الاحترام

yakoballo@yahoo.co.uk
ملاحظات اولية لا بد منها:
1- ليست الغاية من الموضوعة التي سوف آتي عليها،تسفيها لرأي سيادة بطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة فيما يخص موقفه من كون الاشوريين مؤمنين لهذا السبب،او هراطقة لسبب آخر،سواء اتفقت او اختلفت معه كما سأبين،انما هي محاولة مخلصة لتبيان مفهوم"اشوريون"كما يجب ان يكون بغض النظر عن العقيدة الدينية التي يأخذون بها،سواء كأفراد او جماعات،وفعلتي هذه يقرها لي الناموس الذي يقر بحق الدفاع عن النفس،فكوني رجل آشوري،وجدت انه من واجبي ان ارد بالحب على دعوى سيادة الانبا شنودة من اجل التوضيح ليس الا.
2- سوف لن استخدم الفاظا مثل:قداسة البابا،وسيدنا،وابونا،ومار،وغيرها من الفاظ التعظيم والتبجيل لاباء الكنيسة ورجالاتها الاجلاء البتة عملا بقول رب المجد وهو يخاطب الجموع والرسل:اما انتم فلا تُدعوا معلمين فأن معلمكم واحد وانتم جميعا اخوة،ولا تدعوا لكم ابا على الارض،فأن اباكم واحد وهو الذي في السموات،ولا تُدعوا مدبرين لان مدبركم واحد وهو المسيح/متى 9:23-11.الا ان هذا لا يعني اني ادعوا الى التمرد على آباء الكنيسة ومدبريها لانهم جعلوا لذواتهم صروحا وبروجا عاجية عالية فخمة محاطة بكل اسباب الجاه ومظاهر العظمة التي تصيب الانسان المسيحي البسيط بالدوار حين ينظر الى صروحهم،فالسادة الاجلاء هؤلاء،جعلوا من ذواتهم شخوصا ورموزا واجبة الطاعة والخدمة،بدل ان يكونوا هم الخدام الذين يستوجب ان يصغوا الى انين هذا الشعب المضطهد كما يوصى رب المجد في انجيله الطاهر من شبه العيب،انما ادعوا الجميع بالحب،ان يظهروا محبتهم واحترامهم الفائق لمدبري الكنيسة،ولكن ليس كاتباع ملزمين بالطاعة،انما كأخوة وشركاء في دم الفداء الثمين كما يقول الانجيل الطاهر،فقد آن الاوان لكي يسمعونا صوتهم من خلال محبتهم لنا كأخوة شركاء بالفداء الثمين،ويشعرونا بأنهم فعلا رعاة صلحاء،لكي يشتد عزمنا على الاتحاد بهم ومباركتهم بفرح المحبة رغم الامنا واحزاننا وعذاباتنا.
3- اتمنى على الجميع ان يغفروا لي جرأتي هذه في قول ما كان يجب ان يقال من دهور طويلة طويلة جدا،فتاريخ الكنيسة المسيحية يقر بكل وضوح وصراحة،بأن هناك العديد من الرجالات الذين تسلموا مقاليد ادارة شؤون قطيع الرب،كانوا من الذين باعوا ارواحهم للشرير اسوة بيهوذا الذي باع سيده بثلاثين من الفضة التي صارت فيما بعد ثمنا لحقل الدم(متى7:27-8،اعمال الرسل18:1-19)الا انه والتزاما بوصايا وتعليمات لا تتفق وروح الانجيل،وتتناقض وجوهر الرسالة المسيحانية سكت عنهم وتركوا يوغلون في غيهم،لاسباب سخروا بها من المؤمنين البسطاء لقرون طويلة واهمها:عملا بقول رب المجد:اسمعوا كلماتهم ولا تفعلوا افعالهم اولا،وخشية ان يتخدش رسم الكهنوت المقدس ثانيا.لا بل ان هناك اليوم رموزا اكليريكية فرضت لتدبر شؤون الكنيسة،وهي لا تتمتع بأدنى صفات المحبة والحكمة التي يستوجب ان تتوفر في المربي الصالح،انما اختيروا لشغل هذا الموقع لاسباب ليس لعفة النفس ولا طهارة السلوك ولا كثرة العلم اي دخل فيها،والحالة العراقية مثال صارخ على ما اقول،وعليه ادعو بكل حب وصدق،ان يكون لنا نحن العلمانيون صوت مسموع في اختيار مدبري كنيستنا المقدسة،اجل آن لهذا الصوت الذي كتم من دهور ان يخرج الى العلن،لكي يعرف كل منا سواء اكليروس اوعلمانيون واجباته وحقوقه في الشركة المقدسة التي وضعها رب المجد ناموسا لحياتنا جميعا.

مناسبة حديثي اليوم ايتها الاخوات،ايها الاخوة الاعزاء جميعا،هو ان احدى الصديقات العزيزات جدا على قلبي،قد ارسلت لي تسجيلا مصورا لسيادة الانبا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية المقدسة ينكر فيه علينا نحن الاشوريون ان يكون لنا نصيب في الميراث السماوي الذي وعد به رب المجد كل من قبله ربا والها وفاديا ومخلصا،بدعوى اننا قبلنا تعاليم نسطورس بطريرك القسطنطينية التي حرمها مجمع افسس الاول المنعقد في 431 لميلاد المسيح يسوع الذي انعقد برئاسة بطريرك الاسكندرية الانبا كيرلس،وقبل ان استسمح سيادة البطريرك شنودة بالرد على دعواه بالحب،اتمنى عليكم عرض هذا الفيديو والاطلاع على ما يقول به سيادته:
http://espanol.video.yahoo.com/watch/5806267/15196579
اعدت الاصغاء بأنتباه شديد الى ما قاله سيادة البطريرك مرات عديدة جدا،وفي كل مرة كانت حيرتي تكبر،وانذهالي من اتهام الرجل لنا نحن الاشوريون بهذه الجرأة التي تشبه حد الادانة بالهرطقة والخروج عن الايمان القويم الذي ورثناه عمن كانوا شهودا للميلاد والموت والقيامة تتحول الى حزن والم،وقبل ان ادخل في تفاصيل الموضوع،اود لو سمح لي سيادة البطريرك ان اوجه له سؤالي الساذج هذا:لا ادري سيدي،ان كنتم سيادتكم تعرفون،ان نسبة عالية من الاشوريين ومن بضعة قرون قد قبلت الاخذ بما تقول به العقيدة الكاثوليكية التي انشقت هي الاخرى عن الكنيسة الام في مجمع الخلقدونية في منتصف القرن الخامس بالضبط(سنة 451،اي بعد مجمع افسس بعقدين فقط) ام لا؟كيف سوف ستصنفون هؤلاء؟ولو كان كل من نختلف معه ويلعننا نحكم عليه كما حكمتم على الاشوريين،فمعنى ذلك اننا يجب ان نتوقف عند محطات مهمة جدا في تاريخ رسالتنا المسيحية المقدسة،فها هو يهوذا الذي اختاره رب المجد ليكون احد شهود الكلمة الالهية يخون سيده،ولكن لولا ان يهوذا هذا ارتكب حماقة قتله لنفسه كتعبير لرفضه لنعمة الغفران،ما تجرأ احد وقال ان مصيره الموت الابدي،ولولا ان سمعان الذي انكر سيده الذي كان قد كلفه برعاية خرافه،ابدى ندامته لانه تجبن وانكر سيده،لكان هذا ايضا مصيره الموت الابدي،وجريمة هؤلاء هي مؤكد اكبر من جريمة الاشوريين حتى لو كانوا يلعنون البطريرك كيرلس،فالانبا كيرلس كان مجرد بشر مثلنا جميعا،في حين ان بطرس انكر الهه الذي عايشه وكان شهيدا على الاف الاعمال الخارقة التي اتاها رب المجد امام عينيه،هذا ناهيك عن ان الادعاء بلعن الاشوريين للبطريرك كيرلس في كنائسهم ليس له ما يسنده،فأنا رجل اشوري منذ ستين عاما،ولم يصادف ان سمعت اشوريا واحدا يلعن البطريرك كيرلس.

نعرف جميعا ان قانون الايمان الذي يلخص جوهر العقيدة المسيحية،كان قد اقر في مجمع نيقيا في العام 325 لميلاد الرب،وكذلك نوقش في هذا المجمع البعض من الطروحات التي نوقش مثلها في مجمع افسس الاول،واهمها ما يتعلق بطبيعة رب المجد،اضافة الى خلافات بعض البطاركة مع أبناء الكنيسة في مناطقهم،وقبل ان نرجم نسطورس والاشوريين بالحجارة،تعالوا نستعرض خلاف نسطورس مع من حضروا مجمع افسس وحرموا ورشقوا الرجل بالهرطقة دون وجه حق كما اقر بذلك الكثير من رجال الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا،حيث ان تحريم نسطورس كما تقول وثائق المجمع جاء بغيابه،ولم يمنح الرجل فرصة الدفاع عما كان يقول به،ورئاسة المجمع كانت قد رفضت اي تأجيل الى حين وصوله رغم الالتماسات الكثيرة المقدمة لها.(ان دراسة مستفيضة لوثائق مجمع افسس ضرورية جدا،فهناك اختلافات كثيرة بين الوثائق القبطية الارثوذكسية والكاثوليكية على سبيل المثال،ففي حين ان البعض يؤكد على عدم سنوح الفرصة لنسطورس ليدافع عن نفسه في المجمع،تؤكد غيرها على اشتراط نسطورس حضور البطريرك يوحنا بطريرك انطاكية المجمع،وهذا اعتذر عن الحضور خشية احراجه وتصويته لصالح تحريم صديقه البطريرك نسطورس،كما اننا نلاحظ تناقضا كبيرا في الوثائق القبطية نفسها،ففي احد المواضع تقول الوثائق:ان نسطورس حضر المجمع ومعه 140 اسقفا وعددا كبيرا من الجند،وفي موضع اخر تشدد على رفضه الحضور واقتصاره على ارسال رسالة الى بطريرك الاسكندرية يتهكم فيها عليه،ثم تروي لنا الوثائق،رفض البطريرك يوحنا ايضا لقرارات المجمع بدعوى انه لم يتسنى له الحضور في الموعد المحدد لعائق خارج عن ارادته).

كانت الرقعة الجغرافية التي تنتشر عليها كنيسة المسيح يومذاك تدار من قبل اربعة بطاركة،في انطاكية والاسكندرية وبيزنطة(استنبول اليوم)وروما،وكان نسطورس احد هؤلاء البطاركة الاربعة/ونحن جميعا نعرف،ان اختيار البطاركة يومذاك كان يعتمد اصلا على مزايا من يستحق شغل هذا المقام النبيل،واهم تلك المزايا كانت:العفة والطهارة وسداد الايمان وسعة العلم،وتؤكد الكثير من الاخبار،على انه كان للشعب المؤمن التأثير الفاعل في اختيار الاصلح،والدليل على ما اقول،هو ان العديد من البطاركة والاساقفة كانوا اصلا رهبان زاهدين،الا ان سيرتهم العفيفة فرضت ان يتسنموا السدة البطريركية او الاسقفية(ان رتبة الاسقف هي اعلى رتبة الهية جعلها يسوع المسيح للرسل،اما البطريرك والبابا والكاردينال وغيرها فهي مجرد وظائف شرفية اقرتها الكنيسة)ولهذا السبب بالذات نجد ان العديد من اولئك الابطال بالايمان قدموا نفوسهم رخيصة من اجل ايمانهم،على عكس بطرس هامة الرسل الذي انكر ايمانه ثلاثة مرات ليلة القبض على المسيح،فهل يستحق اولئك الابرار مجدا ارفع من المجد الذي حظاه به المسيح شخصيا رغم انكاره مرات ثلاث، يوم جعله اساس الكنيسة التي لن تقوى عليها قوات الشرير:انت الصخرة،وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي.؟والجواب هو مؤكد كلا،فأنكار بطرس كان تدبيرا الهيا ليس مقام الخوض فيه هنا الان،من كل هذا يتبين لنا ان البطريرك نسطورس لم يكن راهبا دخل الدير من اجل لقمة خبز يسد بها رمقه كما كان يفعل ذلك الكثير من الرهبان الذين لم يعد لاسمائهم ذكر،انما كان احد البطاركة الاربعة الذين يديرون الكنيسة في كل المعمورة،وهذا يعني ان رسامته ليشغل هذا المقام الرفيع لا بد كان لها ما يبررها ايمانيا،فيوم ذاك لم يكن هناك بابا يختار فلانا او فلانا ليكونوا اساقفة او بطاركة بحسب قناعاته ومزاجه الشخصي كما هو الامر عليه اليوم مع الاسف،وليس لاحد حق الاعتراض على هذا الاختيار،انما فقط القبول وقول:نعم سيدنا.

قبل ان اتعرض الى الخلاف العقائدي بين البطريرك نسطورس ورئاسة مجمع افسس الاول،اسمحوا لي من فضلكم ان استعرض المراحل التي مرت بها كنيسة المشرق حتى انعقاد مجمع افسس الاول هذا:
تتفق جميع الروايات على ان المسيحية دخلت ما بين النهرين خلال السنوات البكر الاولى من عمر التبشير ببشارة الخلاص على يدي ماري وادي تلاميذ توما الرسول(ويقال انهما كانا من التلاميذ الاثنان والسبعين)وقبل بها الشعب الاشوري برمته بسرعة فائقة،وهناك الكثير من الروايات التي تؤكد على ان توما الرسول زار كنيسة المشرق وهو في طريقه الى الهند،كما ان هناك من يعتقد ان احدى رسائل الرسول بطرس كتبت في بابل،وانا شخصيا لا اتفق مع هذا الرأي مطلقا،ولو راجعنا خارطة توزيع المسيحيين الاشوريين في ارض ما بين النهرين،فأننا سنجدهم في عموم عراق اليوم امتدادا الى عيلام والخليج شرقا وجنوبا،حتى اسيا الصغرى وبلاد الشام والاردن شمالا وغربا(في الفترة الاخيرة تطوع بعض الحمقى من الذين عرف عنهم رخص ذمتهم لكثرة ما تاجروا بها،لكي يروجوا من خلال مواقع مشبوهة، بأن الاشوريين هم السبط اليهودي المفقود،ولو طالعنا بعض ادبيات جماعة المورمون الامريكية،وهؤلاء بدعتهم تقترب او تبتعد قليلا من بدعة شهود يهوا، سوف نجدها تتحدث عن هذا السبط المفقود ايضا،اما السبط اليهودي المزعوم كما يقول منطق العقل وعلم التاريخ، فهو الذي اتى به الملك الاشوري في 722 ق.م الى نينوى واسكن بدله هناك شعوبا اخرى،وحين عاد هؤلاء الى بلادهم بعد سقوط نينوى وبابل،رفضهم بقية اليهود بحجة ان دماءهم اختلطت ببقية الشعوب عن طريق التزاوج،وهؤلاء هم من كان يطلق عليهم السامريين ايام المسيح)وهذا يعني،اننا لو تتبعنا خطوات الرسول بولس في اسيا الصغرى فأننا لا بد ان نجد لها اثرا في المفهوم الايماني للاشوريين نتيجة احتكاكهم بأهل اسيا الصغرى،والشيء نفسه يقال عن تأثير بشارة الرسول يوحنا الحبيب الموجهة الى كل الكنائس عموما وكنائس اسيا خصوصا،وهذا يعني،اننا نحن الاشوريون اخذنا العقيدة من مصادرها الاصلية،وليس نقلا من فلان عن فلان عن فلان،لا بل هناك من الدلائل والقرائن التي تشهد على ان اخبار المسيح كانت معروفة بين الاشوريين حتى قبل الصلب والقيامة،فالوثائق التاريخية تؤكد على اتصال الملك الاشوري ابجر الخامس بالسيد المسيح له المجد،كما تقول بعض الروايات،بأن صورة المسيح المتداولة اليوم بين المؤمنين،هي نسخ للصورة التي كان قد رسمها موفد الملك الاشوري ابجر الخامس للسيد المسيح يوم قابله،وعدد الشهداء الاشوريين الذين قدمتهم كنيسة المشرق كشاهد ودليل على رسوخ ايمانها يفوق عدد شهداء كل الكنائس المسيحية بأضعاف الاضعاف كما يقر بذلك كل مؤرخي الكنيسة،ويكفينا فخرا ان نكون نحن الاشوريون ابناء اولئك الذين حصد بهم السيف الفارسي لاربعين سنة متواصلة،ولو كان للمسيحيين ان يفتخروا بدماء من سقطوا بالسيف الروماني بتهمة حرق روما التي حرقها جنون نيرون،فأنه يكون من باب اولى ان يفتخروا بدماء الاشوريين الذين حرق وما زال سلاطين هذا الزمان يحرقون بيوتهم ويستولون على ارضهم وينتهكون عرضهم امام انظار الجميع دون خشية من رادع ولا خجلا من قيم انسانية،ولا بد ان سيادة البطريرك شنودة وبقية البطاركة الاجلاء يعرفون ذلك يقين المعرفة،اذن معنى هذا ان تمسكنا نحن الاشوريون بالعقيدة المسيحية لم يكن ميراثا من الترف ورثناه عن ابائنا،انما هو ميراث وهبه لنا الله بنعمته يوم تعمذنا بدماء ابائنا بمعموذية الاب والابن والروح القدس،ومعموذية الدم والشوق،وما زلنا نفتخر كوننا نحمل دمائنا على اكفنا لكي نمجد رب المجد كأشوريين،ام ان سيادة البطريرك لا تصله اخبار الجرائم التي تقترف بحقنا اليوم في العراق؟

كما لا يخفى على احد،ان جوهر العقيدة المسيحية يرتكز اساسا على التجسد والموت والقيامة،ولو رجعنا الى اصل الخلاف بين الطوائف المسيحية فيما يخص مفهوم طبيعة المسيح بعد التجسد،فأننا سوف لن نجد سوى خلافا حول تفسير الالفاظ اللغوية لا اكثر ولا اقل(طبعا لا اعنى من شطوا واختاروا مفهوما يخرج عن قانون الايمان الذي وضع في مجمع نيقيا)اما جوهر الافكار عند كل الاطراف فهو واحد،او على الاقل،ان الجميع يحقق في النهاية نفس الغاية بالضبط ،والخلاف الذي وقع في مجمع افسس نجده يتكرر ايضا في مجمع الخلقدونية الذي كان سبب انهيار الكنيسة المسيحية بعد ظهور الاسلام بسهولة ويسر يثير الدهشة والاستغراب،ففي افسس كان عندنا نسطورس اسقف بيزنطة،وفي خلقدونية كان عندنا لاون اسقف روما يعاضده تقريبا اسقف انطاكية،كما انه بعد مجمع افسس كانت الكنيسة ما زالت قادرة على لملمة جراحاتها،في حين في خلقدونية وما تلاه كانت جراح الكنيسة داخلية،لان القيصر الروماني اختار ان يكون معاضدا لطمسون لاون الذي بموجبه تم تشييد مصنع لانتاج ما سميَ البابا،وبعد ذلك تفرع المصنع لانتاج الكرادلة(لفظة"كردينال" كانت تعني امير الكنيسة،وكانت محصورة فقط بأصحاب الجاه فقط،فقد كان بعض الكرادلة يوما اطفالا وصبية دون سن الرشد) وغيرهم،وقد اختار القيصر ذلك لاسباب شخصية بحتة ليس للعقيدة الايمانية اي دخل بها،فهذه المعاضدة تسهل له استعمار العالم المسيحي دون مشقة لانها بمباركة البابا،الذي اشيع بين الناس انه وكيل الرسول بطرس الذي بيده مفاتيح الجنة(وانا هنا اتساءل بسذاجة وجرأة:لو كانت روما جعلت عاصمة للعالم الكاثوليكي اكراما لدم الرسول بطرس الذي صلب على تلة الفاتيكان،لماذا لم يجعل من اورشليم عاصمة العالم المسيحي،فعلى جبل الجلجثة صلب رب الرسول بطرس،والرب كما يقول المنطق اولى بالاكرام من العبد،ومن اورشليم ايضا خرج نور البشارة الاول بالخلاص،ان لم يكن هناك غايات بشرية وانانية شخصية بحتة؟انه مجرد سؤال اطرحه على اصحاب الشأن)ولكي نتعرف على طروحات نسطورس،تعالوا نلقى نظرة عابرة جدا على ما تكرز به الكنيسة التي تأخذ بعقيدة نسطورس،ونقارنه بما تكرز به بقية الكنائس،صدقوني سوف لن نجد هناك فروقا في جوهر العقيدة مطلقا،الجميع يقول بالميلاد والثالوث والموت والقيامة.

كانت اهم فقرات جدول اعمال مجمع افسس،هي مناقشة بدعة بيلاجيوس الهرطوقية،ومناقشة اراء نسطورس حول طبيعة المسيح،ورفضه تسمية العذراء القديسة مريم "ام الله"،وهنا سوف لن اتطرق الى ما يتعلق بطبيعة المسيح بحسب ما رأى اصحاب الشأن يومذاك،فأنا اعتقد ان هذه الامور ليست ذات مساس مهم في عقيدتي الايمانية،كوني انسانا بسيطا لا تغريه النقاشات اللاهوتية التي ربما يكون لها اول،ولكن مؤكد سوف لن يكون لها نهاية،واؤمن ان يسوع الناصري هو اله كامل وانسان كامل ولد من العذراء القديسة مريم ونما وترعرع ومات وقام من بين الاموات دون ان يلمس حتى اهداب ثوبه غبار الخطيئة،ولو فعلت ذلك،فسأضطر الى نقل الموضوع ايضا الى مجمع الخلقدونية الذي كان مجرد رد فعل على مجمع افسس الثاني المنعقد في 449 لميلاد رب المجد،خاصة وان بروز اوطيخا على مسرح الاحداث كان خلال الفترة بين المجمعين،وكان هذا قد قدر ان يستميل اسقف روما الى جانبه،رغم ان الخلاف في المجمع كان قد انحصر تقريبا بين بطريرك انطاكيا وبطريرك الاسكندرية الذين قالا بنفس المبدأ،ولكن بكلمات مختلفة،ونتيجة لهذا الخلاف اللغوي حلت بالكنيسة الكارثة الكبرى كما نعرف جميعا مع الاسف،وكان هذا المجمع ايضا برئاسة البطريرك كيرلس بطريرك الاسكندرية،ترى هل سوف يحرم الميراث السماوي على جميع اتباع كنائس كل من اختلف مع البطريرك كيرلس كما حرمه سيادة البطريرك شنودة على الاشوريين؟

لم يتجرأ المجمع على تسمية القديسة مريم بتعبير" ام الله" انما سماها"ام النور الحقيقي"وهذا ما يقترب جدا من المفهوم الذي يقبله المنطق العقلي،فالعذراء مريم ورغم اقرارنا بكونها كانت قد اختارتها الرعاية الالهية لتحتضن كلمة الله المتجسدة منذ الازل،الا ان علاقتها المادية المحسوسة بالمسيح ابتدأت لحظة التجسد حتما كما يقول الواقع،وهذا يعني،ان افضل تسمية نطلقها على العذراء القديسة مريم الخالية من شبه العيب كما اري،هي" ام الله المتجسد "لان تعبير"ام الله"يدخلنا في متاهات مفهوم الكامل والناقص،والمطلق والنسبي،والصيرورة وعلاقتها بالزمن،وهذا المفهوم لا يتعارض مطلقا وتسمية العذراء مريم"ام المسيح"ولا يحط من قدرها مطلقا،فصدى صوت تطويبها سوف يظل يرنم به الى دهر الدهور،لان المسيح هو هو في كل الحالات.

لو اخذنا بالمبدأ الذي يقول به سيادة البابا شنودة في امر الاشوريين،فأننا لا بد سوف نضطر الى الغاء جزء كبير من الكتاب المقدس،فلو راجعنا تاريخ كل الشخصيات الوارد ذكر اسماءها في كل الكتاب المقدس،سوف لن نجد شخصية ملوثة بالخطيئة اكثر من شخصية داود النبي،فهذا سرق وزنا وقتل وانتقم لنفسه،وفي بيته كسر الناموس الموسوي( في قضية تمار واخيها امنون)،ولكن مع ذلك،نجد العقوبة التي انزلها الله به لا تتناسب والعقوبة التي انزلها بأولاد هارون لمجرد انهما قدما عن غير عمد نارا غير مقدسة امام الرب لم يأمرهما بها(لاويين1:10-3)وماذا عن موت عُزَّةُ الذي غضب عليه الله وقتله في الحال لانه مجرد مد يده بكل سلامة نية ليمسك تابوت العهد حين عثرت الثيران لئلا يسقط؟ (صموئيل الثاني6:6-7)ماذا نقول عن استير التي وضعها عمها مردخاي في حضن ملك وثني ليتمتع بصباها وجمالها(راجع سفر استير)فمهما كان هدف استير ومردخاي نبيلا ومخلصا،فأنه لا يبيح لهم ان يكسروا وصية الرب،كيف نفسر قتل ملاك الله لـ 185 الف جندي اشوري لا ذنب لهم سوى انهم ملزمون ان يطيعوا اوامر الملك كما اي جندي في العالم وفي كل زمان؟(الملوك الثاني35:19)اذن يا سيدي البطريرك،وكما تعرف سيادتك،ان الشعب الاشوري هو كغيره من شعوب الارض،قد سلم امر عقيدته بيد الكهنة،ولو فرضنا ان هؤلاء الكهنة يلعنون البطريرك كيرلس،فما ذنب البسطاء يا سيدي؟الم يختلف البطريرك كيرلس مع البطريرك يوحنا بطريرك انطاكية والبطريرك لاون بطريرك روما؟اذن هذا معناه ان جميع البطاركة اختلفوا مع البطريرك السكندري كيرلس،وهذا يعني ان اكثر من 75% من الشعب المسيحي تتبع هؤلاء البطاركة على فرض ان من بقى من المؤمنين تبعوا البطريرك كيرلس،فهل كل هؤلاء الى النار سيدي؟فأنا لا ارى كبير فرق بين من العنه بالاسم وبين الذي اسفه معتقده،ولو عمل جميع رجالات الكنيسة المسيحية وفق هذا المنطق،فمؤكد جميع المسيحيون مأواهم النار،وبذلك سوف لن يكون اي مبرر لموت المسيح على الصليب وفداء بني البشر.

نحن جميعا ابناء العهد الجديد،اي ابناء الله بأخوتنا ليسوع المسيح كما يقول شاول المغرور بمحبته للمسيح وهو على الصليب،ولا اجدني انه يليق بي ان اذكر سيادة البطريرك شنودة بما بقول به الكتاب الخالي من شبه العيب في محبتنا وغفراننا لعدونا ومضطهدنا،لاني واثق بالمطلق ان سيادته يحفظ الكتاب عن ظهر قلب،ولو كنا ندعي التمسك بحبنا لمبغضينا عملا بالوصية،فكم بالاحرى نحن مطالبون ان نمد ايدينا لبعضنا بالحب والذي بيننا ليس سوى مجرد اختلاف وجهات نظر في مسألة لا تدخل في الحياة الايمانية اليومية لجلنا؟انا واثق انه لو توفرت النية الحسنة،وقبلنا ان ننكر ذواتنا حبا بالذي فدانا لا بد ان نصل الى ما يرضي الجميع بالحب،لقد آن الاوان لكي نقلب جميعنا كل الصفحات المهترئة من تاريخ خلافاتنا،ونبدل عداوتنا لبعضنا بالمحبة لكي يرانا الناس فيعرفوا اننا تلاميذ يسوع المسيح الذي احبنا حتى بذل نفسه من اجلنا لكي يجسد هذا الى دهر الدهور،فنكون رعية واحدة وراع واحد،امين.

Opinions