Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نزار حيدر عن الانتخابات العراقية المقبلة: نموذج سيطيح بعروش

اعتبر نزار حيدر، أن الانتخابات النيابية القادمة في العراق، نموذج فريد من نوعه، لم تشهد دول العالم العربي والإسلامي، خاصة دول المنطقة، مثيلا له طوال تاريخها. وتوقع نزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، متحدثا في برنامج إذاعي عبر الهاتف، أن يكون لهذا النموذج، أثر فعال وكبير على شعوب المنطقة وبقية شعوب دول العالم العربي والإسلامي التي لا زالت ترزح وتئن تحت سياط الأنظمة الاستبدادية الشمولية، العسكرية منها والوراثية، التي تصادر أبسط حقوقها وتسوقها بالحديد والنار. وأضاف نــــــــــــــزار حيدر قائلا: لأول مرة في تاريخ الشعوب العربية نشهد مسرحا سياسيا تعدديا بهذه الدرجة الكبيرة من التنوع السياسي، تتنافس فيه العشرات بل المئات من القوائم الانتخابية عند عتبة صندوق الاقتراع، ليقف الناخب العراقي أمامه يختار ما يشاء من القوائم من دون إرهاب أو تهديد أو إكراه، وان هذا المشهد سيكون له، بكل تأكيد، أثر كبير على المشهد السياسي في بقية بلدان المنطقة والعالم العربي والإسلامي بشكل عام، والذي نأمل أن يكون مباشرا وسريعا، لنشهد، في أقرب فرصة، سقوط عروش الظلم والإرهاب والديكتاتورية والاستبداد والأنظمة الشمولية وسلطة الزعيم الأوحد والحزب القائد والعائلة الحاكمة، حتى تكون الشعوب هي صاحبة القرار واليد العليا والإرادة الأقوى في إدارة البلاد، بعد كل هذا الغياب الموحش والقاتل عن المسرح السياسي، والإقصاء عن الحياة العامة. وأضاف حيدر: أعتقد بأن هذا المشهد هو نموذج قوي سيطيح بعروش ديكتاتورية واستبدادية كثيرة إن عاجلا أم آجلا، ليس بقوة السلاح وإنما بقوة النموذج، فكما هو معروف فان الشعوب، أية شعوب، تتأثر بأي نموذج إنساني صالح بغض النظر عن هويته وانتمائه الديني والاثني، فما بالك إذا كان النموذج عراقيا من صلب الأمة، ومن لحم ودم شعوب العالم العربي والإسلامي، التي لا زالت تتطلع إلى يوم الخلاص والانعتاق من ربقة الأنظمة الشمولية؟. ولكل ذلك، أضاف نــــــــــــــزار حيدر، رأينا، ولا زلنا نرى، كيف أن جل أنظمة المنطقة والعالم العربي وقفت في طريق تقدم هذا النموذج، تشكك وتعرقل، للحيلولة دون طي مراحل تكامل نموه المرتقبة، فبعثوا بالإرهابيين إلى العراق ليقتلوا العراقيين على الهوية والانتماء، ومدوا أيتام النظام الشمولي البائد بكل مقومات الديمومة من خلال توفير المال والإعلام والفتوى الطائفية التي تهدر دم العراقي على الهوية، وكل ذلك من أجل قتل العراقيين وإشغالهم بلعق جراحهم النازفة، ومن أجل قتل المولود الجديد في رحم المعاناة، إلا أن إرادة العراقيين المدعومة بتوفيق الله تعالى وسداده، كانت هي الأقوى، ولذلك استمرت المسيرة السياسية في التقدم إلى الأمام، لتصل إلى مرحلتها النهائية بإجراء الانتخابات النيابية الدستورية في الخامس عشر من الشهر الحالي. كما أنهم رفضوا الاعتراف بالعملية السياسية الجديدة حتى وقت متأخر، ليس عن قناعة، بكل تأكيد، وإنما خوفا من انفلات الأمور من بين أيديهم، وحجتهم الخوف على العراق من الانزلاق في مهاوي الحرب الأهلية، وحرصهم على الدم العراقي، وكأنهم ليسوا هم الذين ساهموا بشكل كبير ومباشر في إراقة هذا الدم الطاهر، تارة بسكوتهم المخجل على جرائم الطاغية الذليل صدام حسين، وأخرى بدعم عصابات القتل والعنف والإرهاب التي تتلفع بعباءة المقاومة والدين والجهاد ظلما وعدوانا وكذبا وزورا. عن تشكيك البعض في العملية السياسية الجديدة في العراق، وخاصة العملية الدستورية والانتخابية، كونها تجري تحت ظل الاحتلال، قال نــــــــزار حيدر: إذا تعرفنا على هوية المشككين، فسنعرف الغاية من ذلك والدافع من ورائها. إنهم (المشككون) على ثلاثة أنواع؛ الأول، هم أيتام النظام البائد الذين خسروا، بسقوطه، كل الامتيازات الظالمة التي ظلوا يتمتعون بها طوال نيف وثلاثين عاما، فهؤلاء لا زالوا يحلمون بعودة النظام البائد إلى السلطة، ليعودوا معه إلى المسرح السياسي مرة أخرى، ولذلك تراهم يشككون بكل شئ جديد بانتظار (اليوم الموعود) الذي يحلمون به. الثاني، هم المنتفعون من النظام الشمولي البائد، ممن يطلق عليهم اسم(المثقفون والكتاب والصحفيون) من العرب والأجانب، أولئك الذين باعوا ضمائرهم للطاغوت من أجل دريهمات قليلة، فظلوا يبررون جرائمه ويفلسفون أخطاءه ويحللون سياساته، هؤلاء، كذلك يرفضون الاعتراف بكل جديد، حنينا إلى الماضي الذي كان فيه العراق بالنسبة لهم بقرة حلوب تدر عليهم بالمال الوفير ليل نهار، ثمنا لكلمة ثناء أو مقال مديح أو تحليل سياسي مكذوب، وهي كلها كانت مالا حراما سحتا امتلأت به بطونهم، وسيحاسبون عليها إن عاجلا في الدنيا أم آجلا في الآخرة. ويندرج في إطار هذا النوع، كذلك، العديد من الأحزاب والحركات العميلة للنظام البائد، تلك التي ظلت تعتاش على عطاياه سنين طويلة من الزمن، على حساب الدم العراقي المسفوك ظلما وعدوانا. الثالث، هم عدد كبير من الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي تتوجس خيفة من العراق الجديد الذي بدأ يؤثر على سلطتها شيئا فشيئا. هذه الأنظمة تخشى الاعتراف بالواقع العراقي الجديد، لأن الاعتراف بحد ذاته يطعن بشرعية سلطتها، ولذلك نراها تتحجج بكل شئ من أجل أن لا تمس الحقيقة. هذه الأنظمة التي لم يأت أي منها إلى السلطة بأية طريقة شرعية، وإنما عن طريق السرقات المسلحة(الانقلابات العسكرية) أو بالوراثة، فاتخذوا الشعوب (عباد الله) خولا والأوطان وخيراتها دولا، يتوارثونها كيف ومتى يشاؤون، من دون تفويض أو تمثيل من أحد، فلم يأت أحد منهم إلى السلطة عن طريق صندوق الاقتراع مثلا، أو باستفتاء حر وعام. الرابع، هم كل الطائفيين والتكفيريين والعنصريين الذين لا يسعهم أن يروا العراق الجديد قائم على أساس مبدأ الشراكة الحقيقية بين مختلف شرائح المجتمع العراقي، إنهم يريدون العودة بالعراق إلى سابق عهده تحكمه طائفة معينة (الأقلية السنية) مع تهميش كامل للأكثرية (شيعة العراق) ولثاني أكبر قومية (الأكراد)، ناسين أو متناسين أن ذاك الزمن قد ولى والى الأبد ولا يمكن أن يعود مهما كان الثمن، فلقد انطلق المارد العراقي الجديد من قمقمه ولا يمكن إعادته إليه وحبسه فيه ثانية أبدا. إن هؤلاء الطائفيين والعنصريين والتكفيريين لا يمكنهم استيعاب حقيقة جديدة في غاية الأهمية، ألا وهي أن ضحايا النظام الشمولي البائد قد نهضوا من تحت ركام الظلم المتراكم، ليبنوا مصيرهم بأيديهم من دون القبول بسلطة {أقلية} مهما كان نوعها، فالسلطة في العراق الجديد تحددها الأغلبية عبر صندوق الاقتراع على قاعدة (صوت واحد لمواطن واحد) ولا خيار أمام الأقلية إلا أن تحترم إرادة الأكثرية، من دون أن يعني ذلك، أبدا، التجاوز على حقوقها التي يجب أن تظل مصانة ومحفوظة، والتي كفلها لها الدستور العراقي الجديد. من هنا نفهم، أضاف نـــــــــزار حيدر، أن من يشكك بشرعية العملية السياسية الجديدة في العراق، هم كل من لا يقدر على نسيان (أيام العز) التي عاشها في ظل النظام الشمولي البائد على حساب معاناة العراقيين، وان كثيرين منهم ينطلقون من بعد طائفي وعنصري حاقد ولئيم لا يقدر على رؤية أي دور للشيعة والكرد في العراق الجديد، والا فان العالم العربي، على وجه التحديد، يعج بنماذج تاريخية ومعاصرة تأسست فيها دول وأنظمة بنفس الظروف التي يمر بها العراق اليوم، فلماذا لا يشككون بشرعيتها، ويشككون بشرعية الواقع العراقي فقط؟ ألا يعني ذلك أن وراء الأكمة ما وراءها، كما يقولون؟ وأن في نفوسهم حاجة يريدون قضاءها؟. لقد تأسس العراق الحديث بداية القرن الماضي تحت حراب الاحتلال البريطاني، كما تأسست دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن التي (صنعها الاستعمار) وقطر والإمارات وغيرها الكثير في ظل الاحتلال، كما أن دساتير دول كالعراق إبان تأسيسه الأول ولبنان وغيرها، كتبت في ظل الاحتلال الأجنبي، فلماذا لم نسمع أحدا يشكك بشرعيتها؟. ثم، ألم تشهد أفغانستان وفلسطين (المحتلتين) اليوم إجراء انتخابات وكتابة دساتير تحت ظل الاحتلال؟ فلماذا لم يشكك أحد بمصداقيتها ويطعن بشرعيتها؟. أجزم، قال نـــــزار حيدر، لو أن (الاحتلال) الاميركي كان قد سلم السلطة بعد سقوط الصنم في التاسع من حزيران عام 2003 إلى بقايا النظام البائد، أو إلى نفس الطائفة التي كانت تحكم قبل هذا التاريخ، لما أطلقت رصاصة واحدة ضد (المحتل) ولما شهدنا إرهابيا واحدا يرفع شعار المقاومة والجهاد ضد المحتل، ولما سمعنا أحدا منهم يشكك بشرعية النظام (الجديد) بل لظل عراق ما بعد الطاغية، قبلة يحج إليها كل هؤلاء المشككين، كما نرى ذلك اليوم، مع كل الذين يتدخلون في شؤون العراق، خاصة أولئك الذين يدبجون المقالات في الشأن العراقي، يتحدثون عن كل صغيرة وكبيرة من دون أن نقرأ لهم مقالا واحدا يشكك أو حتى ينتقد سياسات أنظمة الدول التي ينتمون إليها، فلم نقرأ لهم مقالا، مثلا، يطعن أو يشكك بسياسات النظام في السعودية أو الأردن أو قطر أو مصر أو أي نظام عربي شمولي آخر قائم على أساس (العقلية الخطأ) في كل شئ، ما أنتج كل هذا التطرف والتخلف والأمية والمرض والإرهاب والعنف، الذي بات يهدد البشرية. لم يعد الأمر خافيا على العراقيين أو على أي أحد، فالعراق الذي لا يدفع من أجل كلمة باطل يكتبها هذا المرتزق أو ذاك، كما كان يفعل الطاغية الذليل في السابق، أضحى يتيما وضعيفا مستضعفا لا يدافع عنه أحد إلا أبناءه الغيارى، أما شيوخ النفط وأنظمة المخابرات الدولية وحكومات الدولار، فان الذي يشفع لها عند هؤلاء المرتزقة، هو براميل النفط وحقائب الدولار، ولذلك فان باء أولئك تجر، أما باء العراقيين فلم تعد تجر أحدا أبدا، والمشتكى إلى الله العلي القدير قاصم الجبارين، فهو حسب العراقيين ونعم الوكيل. وفي نهاية تعليقه الإذاعي، تمنى نـــزار حيدر على الشعب العراقي، أن يثبت للعالم مرة أخرى، في يوم الانتخابات النيابية القادمة، أنه شعب حي بمستوى المسؤولية، وهو مستعد للتضحية بكل شئ من أجل تحقيق النجاح لتجربته السياسية الديمقراطية الجديدة، وأن الإرهاب والتشكيك سوف لن يثني من عزيمته قيد أنملة، ومنه تعالى يستمد الجميع التوفيق والسداد. 10 كانون الأول 2005 Opinions