نزار حيدر لـ (الفيحاء) عن القمة العربية المرتقبة:انعقادها في بغداد..اهانة
18/04/2011شبكة أخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
قال نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، انه كان يتمنى ان تبادر الحكومة العراقية الى الاعلان عن رفض العراق استضافة (القمة العربية) القادمة في بغداد، قبل ان تبادر دول الخليج، وبايعاز من المملكة العربية السعودية، الطلب من جامعة الدول العربية الغاء انعقادها في بغداد، مؤكدا بان انعقادها في العاصمة بغداد لا يشرف العراق ولا يشرف العراقيين الذين يبذلون اقصى جهودهم من اجل بناء نظام سياسي ديمقراطي يقف على النقيض من النظام السياسي العربي الفاسد الذي يقوم على اساس التوريث والسلطة الديكتاتورية والحكم الشمولي والبوليسي الذي يتعامل مع الشعوب العربية بالحديد والنار، ومع حقوق الانسان بالسحق المنظم.
واضاف نـــــزار حيدر، الذي كان يتحدث اليوم على الهواء مباشرة الى الزميل الاستاذ فلاح الفضلي في النشرة الخبرية الرئيسية لقناة (الفيحاء) الفضائية:
ان هذا الموقف الخليجي، السعودي المنشأ، المعادي للعراق الجديد، هو حلقة في سلسلة المواقف المعادية التي ظلت تقودها المملكة العربية السعودية ضد العراق منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان، فالهدف العدواني لم يتغير، انما الذي تغير هو الاسلوب والادوات، فتارة حارب السعوديون العراق بفتاوى التكفير التي ظل يصدرها فقهاء البلاط ووعاظ السلاطين، لتحريض صغار السن المغرر بهم والتي غسلت ادمغتهم المدارس الدينية المنتشرة في المملكة والتي تحرض على الكراهية والتكفير والعدوان على الاخر الذي يختلف معهم، وتارة بالتشكيك والطعن في ولاءات الاغلبية من الشعب العراقي، وها هم اليوم يحرضون على العراق بطريقة جديدة، وكل ذلك من اجل اسقاط التجربة الديمقراطية التي ترتعد منها فرائصهم كونهم والديمقراطية على طرفي نقيض لا يجتمعان، ولذلك فان العراق سوف لن يستقر، بل ان المنطقة سوف لن تستقر وان شعوب المنطقة، ومعها الشعب العراقي، سوف لن يعيشوا بامن واستقرار ووئام الا بعد ان يسقط آل سعود عن السلطة بثورة الشعب في الجزيرة العربية، لانهم يقودون اخطر نظام (ديني) تكفيري متعصب مدعوم بالمال والاعلام والفتوى الدينية التي تصدر عن فقهاء البلاط حسب الطلب.
انهم يقودون حرب الارهاب على الانسانية والحضارة والمدنية، ففي مملكتهم باض الارهاب وفقس وفرخ، وفي مدارسهم نشأ جيل من الشباب المعتوه الذي لا يعرف معنى للحياة ولا يعرف معنى للتعايش ولا يعرف معنى للوفاق ولا يعرف معنى للراي والراي الاخر ولا يعرف معنى للحب، ولذلك نجحت شبكات الارهاب في تجنيده ليتحول الى مفخخات بشرية لقتل الناس الابرياء في كل مكان، بدءا بنيويورك وليس انتهاءا بالعراق الذي تحمل العبء الاكبر في هذه الحرب.
ان انعقاد القمة في بغداد اهانة للعراقيين، كما انها اهانة عراقية للشعوب العربية التي تناضل اليوم وتضحي بكل غال ونفيس من اجل الانعتاق من ربقة النظام السياسي العربي الشمولي والبوليسي الفاسد، ولا اعتقد بان العراقيين يقبلون ان يوجهوا مثل هذه الاهانة الى اشقائهم في البلاد العربية الاخرى، خاصة وانها، الشعوب العربية، تحاول ان تستلهم مبادئ النظام السياسي الجديد والذي تسعى لاقامته على انقاض النظام السياسي العربي الفاسد، من العراق الذي مر قبلهم بثمان سنوات بنفس التجربة وان كانت بعض الادوات تختلف عما هو عليه الان في اغلب البلاد العربية باستثناء ليبيا الذي اضطر شعبها الى ان يستنجد بالمجتمع الدولي كما حصل في التاسع من نيسان عام 2003 في العراق، ربما لان الطاغية القذافي مارس بعض الاساليب التي مارسها من قبله الطاغية الذليل صدام حسين، عندما سخر القوة بكل اشكالها لقمع انتفاضة الشعب العراقي ضد سلطته في العام 1991 ابان حرب تحرير الجارة الكويت من احتلاله العسكري الغاشم.
انها اهانة لانهار الدماء التي سالت في العواصم والمدن العربية التي ثارت شعوبها ضد جلاديها من الحكام المستبدين، وانها اهانة للضحايا ولاسرهم وللشباب الذي يقود اليوم ثورة التغيير، وانها اهانة للتاريخ ولسنة التغيير التي ارتقبتها الشعوب العربية عقودا طويلة من الزمن، وانها اهانة لارادة التغيير المستمرة لا محالة، وانها اهانة للكرامة وللشرف وللتضحيات وللمقدسات ولكل ما تقسم به الشعوب المظلومة.
ان من المعيب جدا ان يظل حتى الان، وبعد كل الاحداث التي شهدها ويشهدها العالم العربي، بعض الساسة العراقيين يحلمون ويتطلعون الى انعقاد القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، وكانها ستحقق المعجزة للعراق الجديد، وللشعب العراقي الذي لقي الامرين من النظام السياسي العربي الفاسد الذي بدا يتهاوى اليوم كقطع الدومينو، وحجتهم في ذلك ان القمة ستعيد العراق الى محيطه العربي، فاي محيط هذا الذي يتكلمون عنه؟ اهو محيط الدم والقتل والتدمير والذبح الذي تمارسه السلطات البوليسية في البلاد العربية التي تشهد اليوم ثورة تغييرية شاملة تحاول اقتلاع النظام السياسي الفاسد من جذوره؟ ام هو محيط التخلف والامية والتآمر الذي لا ينتهي ضد بعضهم البعض الاخر؟ ام انه محيط الطائفية المقيتة والعنصرية البغيضة والاعلام التضليلي؟ ام انه محيط وعاظ السلاطين وفقهاء البلاط الذين يصدرون فتاواهم التكفيرية والطائفية حسب طلب الحاكم الظالم لخدمة اهدافه التدميرية ولاثارة النعرات الطائفية والعنصرية بين ابناء الامة الواحدة.
ان على السياسيين في العراق ان يغسلوا ايديهم من النظام السياسي العربي الفاسد، فالتغيير سيكنس ما بقي منه ان عاجلا ام آجلا، واذا كانت سلطات آل سعود قد تمكنت من قمع انتفاضة شعب البحرين البطل بالحديد والنار في اطار عملية غزو عسكري مخجلة ومعيبة، تفتقر الى الرجولة والشهامة، فانها سوف لم ولن تنجح في القضاء على جذوة الثورة الشعبية ابدا، لانها لازالت، وستظل، تعتمل في نفوس الشعب الى ان تسقط عرش آل خليفة الفاسد وبقية العروش المتهاوية الحاكمة في الخليج، هذه الانظمة القبلية المتخلفة المهترئة، التي اثبتت التجربة انها عصية على التغيير الا بالثورة الشعبية التي تكتسح النظام السياسي الفاسد من جذوره، كما حصل في تونس الخضراء ومصر الكنانة، وكما يحصل اليوم في اليمن السعيد وليبيا المختار.
ان عليهم ان يصطفوا الى جانب الثورات الشعبية التي يقودها الشباب في مختلف البلدان العربية، فهي الخيار وهي الرهان، متمنيا عليهم ان ينشطوا ذاكرتهم وكيف انهم كانوا يكرهون اي نظام او حاكم في البلاد العربية كان يصطف الى جانب نظام الطاغية الذليل بالضد من ارادة الشعب العراقي التواق للحرية، فكيف يجيزون لانفسهم بان يصطفوا الى جانب النظام السياسي العربي الفاسد وهم يرون كيف انه يتهاوى الواحد بعد الاخر امام ثورات الشعوب العربية؟.
حذار ان يفعلوا ما يسبب كراهية الشعوب التواقة للحرية لهم، فالشعوب لا ترحم، والتاريخ لا يرحم، ولهم في الطاغية الذليل وبقية الطغاة الذين مروا على شعوبنا عبرة.
اليس من المخجل ان تحتضن بغداد عاصمة العراق الديمقراطي الذي يمثل برلمانها الشارع العراقي بشكل حقيقي من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة، جوقة من الطغاة المنبوذين من قبل شعوبهم والذين لا يمثلون شيئا؟ اوليس من المعيب ان تحتضن بغداد العراق الجديد وجوها معتقة اكل الدهر عليها وشرب، تمثل جوقة القتلة والسفاحين والمجرمين؟ ماذا ستقول بغداد لشعب البحرين الذي ينزف دما على يد آل خليفة؟ وماذا ستجيب شعب الجزيرة العربية الذي يئن تحت سياط نظام قبلي طائفي؟ وماذا ستجيب شعب اليمن الذي يزهق النظام الحاكم ارواح شبابه بدم بارد وبارخص الاثمان؟.
احذرهم من مغبة الاسترسال مع امانيهم المريضة في عقد القمة المرتقبة في بغداد، هذه القمة التي لا طائل من ورائها، وان ضرر انعقادها في بغداد اكثر بكثير من فوائد انعقادها، هذا اذا كان لانعقادها اية فائدة تذكر، فهي، بالاضافة الى ذلك، ستكون سبب في خسارة العراق ملايين الدولارات بلا طائل، والشعب العراقي باحوج ما يكون الى مثل هذه الاموال.
انصحهم ان لا يشغلوا انفسهم بالتوافه من الامور وبكل جهد لا ينفع العراق والعراقيين، وانصحهم بان ينشغلوا، بدلا عن ذلك، بقضايا العراق لايجاد الحلول الناجعة لمشاكله العويصة، فالعراقيون ليسوا بحاجة الى ان تبذلوا جهودكم وتصرفوا اموال العراق على قمة لا تغني ولا تسمن من جوع، وانما بحاجة الى جهودكم للايفاء بوعودكم التي قطعتموها على انفسكم في يوم جمعة الغضب العراقي في الخامس والعشرين من شباط المنصرم.
ليس امامكم الكثير من الوقت لتثبتوا حسن نواياكم ازاء الوعود التي قطعتموها للعراقيين التواقين الى التغيير الحقيقي في حياتهم اليومية، وعلى مختلف الاصعدة.
ان من المضحك المبكي ان تبرر انظمة الخليج دعوتها الجامعة العربية عدم عقد القمة في بغداد، كون العراق وقف الى جانب شعب البحرين البطل الذي ثار على جلاديه من اسرة آل خليفة الفاسدة.
انها تهمة لا ينكرها العراقيون وشرف لا يدعونه، فلماذا يحق للانظمة البوليسية ان تتعاطف مع جلاد البحرين ولا يحق للشعوب ان تتعاطف مع ضحاياه؟ ولماذا يحق للانظمة الفاسدة ان تتعاطف مع ثورة شعب ليبيا مثلا، ولا يحق للعراقيين ان يتعاطفوا مع ثورة شعب البحرين؟ ولماذا يحق للحكام المستبدين ان يحرضوا ضد بعضهم البعض الاخر ولا يحق للشعوب ان تتعاطف مع بعضها؟.
لقد لجا هؤلاء الطغاة حتى الى (الفتوى الدينية) لتصفية حساباتهم بعضهم مع البعض الاخر، فلماذا لا يحق للشعوب ان تصفي حساباتها مع الظالمين ولو بكلمة تاييد لهذه الثورة او تلك؟.
هل تعتقد هذه الانظمة الفاسدة انها لا زالت البوصلة التي تحدد اتجاهات الشعوب ومسارات اهتماماتها؟ افلا تعلم بان الزمن قد تغير وانه لم يعد زمن الطغاة وانما زمن الشعوب التي ستكنس ما بقي من مخلفات النظام السياسي العربي الفاسد وكل ما يتعلق به من مؤسسات مهترئة ومنها المؤسسة الدينية الفاسدة التي اثبتت المرة تلو الاخرى انها لا تصطف مع حق الشعوب في الحرية والكرامة وانما تصطف دائما وابدا مع الحكام والظلمة الذين يسومون الانسان سوء العذاب؟.
عن ما يمكن ان تفعله جامعة الدول العربية بشان الطلب الخليجي بالغاء عقد القمة في بغداد في مايس (أيار) القادم، قال نـــــزار حيدر:
ان جامعة الدول العربية هي جزء لا يتجزء من النظام السياسي العربي الفاسد، وهي ظلت تمثل هذا النظام على مدى اكثر من نصف قرن، فهي جامعة الحكام وليست جامعة الشعوب، انها جامعة الطغاة والديكتاتوريين والمستبدين، وليست جامعة الشعوب المظلومة المغلوب على امرها، والتي تسوقها السلطات الحاكمة بالحديد والنار، ولكل ذلك يجب ان ترحل هذه الجامعة مع النظام السياسي العربي الفاسد الذي بدا يتهاوى تباعا.
انها اليوم اضحوكة العالم، فبعد ان طلبت الجامعة من مجلس الامن الدولي وحلف الناتو قصف احد اعضائها (ليبيا) بكل سلاح ثقيل، وبعد ان ظلت تتلفع بالصمت ازاء ما يجري في تونس ومصر الى ان نجح التونسيون والمصريون في خلع الديكتاتور، وبعد ان تلفعت بصمت اهل القبور وهي ترى بام أعينها القوات السعودية الغازية تجتاح احد اعضائها (البحرين) لتقتل الشعب وتذبح النساء والاطفال وتجهز على الجرحى في المستشفيات، بعد كل هذا، هل بقي من الجامعة شئ؟ وهل بقيت لها قيمة تذكر؟ انها اليوم المزحة التي يتندر بها الصغير والكبير في البلاد العربية.
لقد تعاملت الجامعة مع ثورة الشعب في البحرين بطائفية بغيضة، وتعاملت مع ثورة الشعب في تونس ومصر بلاابالية مميتة عندما اصطفت الى جانب النظام الديكتاتوري حتى آخر لحظة من عمره، ومع ثورة شعب ليبيا بحقد دفين، وهكذا بالنسبة الى بقية ثورات الشعوب العربية، ما يعني انها فقدت مصداقيتها وخسرت تمثيلها الحقيقي ولم يعد لها اي مبرر، ولذلك يجب ان ترحل مع الراحلين.
12 نيسان 2011