Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نصف الكلمة الأخر وسياسة الحزبين الكردييّن

تضامنا مع فكرة مقال الاستاذ يعقوب أبونا ( كلمة ونص) الذي أشار فيه إلى ظاهرة اللاإستقرار في سياسة الحزبين الكرديّين , خاصة في السنوات الخمس الأخيره , أوّد هنا مجتهدا إضافة النصف الأخر من الكلمة ,و ليسمح لنا الأستاذ يعقوب مشكورا , عساني أوّفق في ذلك لأقول :
لو ألقينا نظره خاطفه على محطات معينه من نقلات الحزبين الكرديين ما بعد سقوط النظام ,و بعيدا عن الخوض بتفاصيل تاريخ نشاط الحزبين ,سنلاحظ بأن هنالك ما يشبه إنقلابا مفاجئا قد طرأ في سياستيهما ومواقفهما , مع معرفتنا البديهية بطبيعة عمل وفلسفة الأحزاب القومية , إلا أنّ الحاصل زاد عن المتوقع بحبيتيّن ,و قد يعزى البعض جانبا من شبيه الإنقلاب هذا إلى حالة الرضوخ المنفعي (التنسيق مع المحتل) ألتي أفردت بصمة واضحة لميكانيكية الحزبين في إستغلال زيادة الزخم الذي إستحوذاه من مهمّة دعمهما للإحتلال, مما دفع بهما(الحزبين) نحو رفع مستمر لسقف مطالبهم الخاصة رافقه تسريع وتيرة فرض ونشر وجودهما العسكري والسياسي الملفت للإنتباه دون التحسّب لما تخفيه جعب وحقائب الاجنبي أو لردات فعل العراقيين في أقل تقدير .

فبينما السيّد الطالباني متربّعا سدّة رئاسة ألجهورية العراقية في بغداد , إرتفع العلم الكردي في لحظات بعد (إنزال العلم العراقي ) كالزائر الغريب يرفرف فوق مدرسة ومستوصف وشارع القرية ألتي لم يتواجد فيها أصلا أي نفر كردي لا اليوم ولا بالأمس , و أبن تلك القرية المسيكن ألذي لو تجرأ مطالبا بحقه الوطني في العيش حرا على أرضه التاريخية يصبح حاله كحال المتهم بتعكير وعرقلة مسيرة العملية السياسيه(الوطنيه) , ممّا أوحى للعديد بأن إقتراب ساعة سيطرة الحزبين الكرديين على عموم العراق باتت مسألة وقت و قاب قوسين او أدنى وهي نتيجة طبيعيه لو تمّ ربطها بما تقتضيه فلسفة المحتل الامريكي التي تلزمه بترك الحبل محلولا أمام كل من تعاون وشارك في دفع الأمور نحو تعميم الفوضى وزرع الفتنه ألتي يرى فيها المحتل المزيد من فرص السيطره على محاور الأوضاع بأكملها , لكن يبقى السؤال المثار مرارا هو :هل كان الحزبين الكرديين يتعاملان بذكاء مع الواقع هذا أم أنّ التخبط هو السبب ألذي سيفقدهما الكثير الكثير على المدى المنظور.

إنّ تطويف شعار ضم قرى سهل نينوى للكيان (( الكردستاني)) اللامعلوم , كانت الغاية منه التشويش على حق الكلدواشوريين الدستوري في إحتمال وإمكانية إقامة اي كيان إداري خاص بهم على أراضيهم ضمن حدود العراق وبموجب لائحة يقرها البرلمان الوطني العراقي تحت ظل نظام وطني تعددي يقر بحق العراقيين في إدارة أنفسهم بأنفسهم ,كما أنّ توقيت إثارة هذا الشعار أوحى إلى وجود رغبة لخلق خطّا ً أخريضاف إلى الخطوط الساخنة(الوهميّة) المؤجلة التي يرجح طرحها لاحقا داخل البرلمان, هذا من جانب ,وإستخدامه كدوّامّه مرحليّة من القيل والقال لتلهية أبناء المنطقة عن إحتياجاتهم الأساسية في إعادة بناء ذاتهم وتوحيد كياناتهم التي دمرتها الحروب والحصارات من جهة ثانيه , اي أصبح سهل نينوى في نهج الإخوة الساسة الأكراد خطا ً سياسيا هذه المره , بعد ان كان خط مواجهة عسكري أمامي في ستينات وسبعينات القرن الماضي حين كان ابناء قرى سهل نينوى هم الذين يديرون شؤون عملياته العسكرية ومنهم طيب الذكر الشهيد ابو جوزيف (ألقوش).

لقد أصبح العراقي يتساءل عن حدود ومساحة خارطة هذا الكيان القومي السياسي المجهول الحدود ذي الأطراف المطاطيه وعن مدى إمكانية توسعه مع وجود الإحتلال وغيابه في أوضاع متدهورة علّها ستوصلنا في الأخر إلى ساعة سماع إطلاق الإعلان عن البصرة عاصمة جنوبيه لكردستان شمال العراق , وهكذا الحال بالنسبة لخط كركوك الأكثر سخونة ألذي أنجب في غفلة من الفلتان مادة دستورية قيصريه تبيح شرعنة وتحقيق كرديتها ,ولكن يجب أن لا ننسى, ففي الجانب الاخر لابد لنا من الأخذ بنظر الإعتبار التغييرات المحتملة في مواقف الأميركان , وهو أمر أيضا طبيعي , فعقد الإتفاقات ألتي تم تغييب السياسي الكردي عنها مؤخرا هي الأخرى مؤشرات على كل سياسي أن ينتبه إليها , مما يجعلنا نعتقد كما يستشف أي متابع, بأن تطورات الأحداث السياسية في العراق و مقتضيات أجندة المحتل و تأثيرات المحيط الإقليمي قابلة أن تمهّد لإنقلابات ومتغيرات سياسية(أمريكيه وإقليميه) ربما لم يحسب لها الإخوه الساسة الأكراد أي حساب , وهي بالتالي تدعنا نجزم بأن أيّ إحتمال لتخلّي الحزبين عن مطالبهما الكثيره سوف لن يكون بقرار سيادي تطلقه قيادة الحزبين الكرديين كتنازل لصالح الوضع الجديد , إنما ستكون حالة تراجع خارجه عن إرادة أبطالها, والدلائل كثيرة لو اردنا عرضها , منها على سبيل المثال وليس الحصر, ألسكوت المطبق والتعتيم الإعلامي الكردي المخجل على أحداث تغلغل الجيش التركي المستمر وقصف طائراته المتكرر للقرى الحدوديه , أليس هذا بدليل قاطع على ما ندعيه .

إنّ الأمر الحيوي ألذي أوّد الإشارة إليه هو تغافل الحزبين الكرديين وهما منشغلان ومنهمكان في مصادرة المناصب وتجميع الأموال وبسط نفوذهم على الأرض , تغافل الحزبان حينها أنه كان بإمكانهما سلوك المسار الأكثر عقلانيه في فعل كل ما يصب في خانة تهيئة الأرضيه السياسية والإجتماعية لدى الأكراد و غير الأكراد لتأييد مشروعهم المستقبلي عبر إستغلالهم الرصين للظرف الإستثنائي لصالحهم, لكن لو قرأتم أخر إستفتاء أجرته منظمتين مدنيتين كرديتين تعنيان بأمور الشباب في مدن أربيل ودهوك وسليمانيه ؟ أنا متأكد بأن العجب سيزول بعد قراءة نتائج نسب الإستفتاء وأدناه الرابط لمن يريد الإطلاع على نتائج الإستفتاء:
http://www.iraqoftomorrow.org/wesima_articles/
Iraqiat-20080203-52494.html وهي التي
كانت تتمتع بقوه عسكريه وإقتصاديه هائله و وبثقل سياسي مدعوم أمريكيا , فبدلا من إفراطها وتماديها في فرض سلطانها العسكري والسياسي وما سببه ذلك من إثارة مشاعر الناس حيثما حلت, الم يكن الأفضل التركيز على تمتين أكثر لتلك العلاقات النضاليه من خلال تحاشي سياسة الفوقيه و في تأكيد إلتزامها السياسي تجاه الأحزاب الأخرى ألتي شاركتها نضالها الطويل رغم صغر حجمها وقلة تعداد أعضائها وإحترامها الصريح لإرادة المواطنين في المناطق الغير الكرديه ألتي قبلت بعد غياب السلطة بتواجد أحزابهم وميليشياتهم في قراها , كان يفترض أن يكون ذلك من أولويات مهامها , وليس الغرق في إبراز مظاهر التسلط الأحادي , كفرضها رفع العلم الكردي على المباني وقبب الكنائس كما حصل في قرقوش وبرطله وبعشيقه وتلكيف والقوش وسنجار وتلعفر وأماكن أخرى , وكأن كل شيئ قد اصبح أو في طريقه كي يصبح كرديا بحجة أنه كان مستعربا في زمن صدام واليوم لابد من الإنتقام في تكريد كل شيئ بدءا بالخالق ونزولا إلى أصغر الساجدين رغم انوف الناس.

من الطبيعي أن يكون لمثل هذه الممارسات ومثيلاتها وقعها السلبي على عامة الناس وفي مقدمتهم الأكراد أنفسهم الذين أرهقتهم سياسة صدام وواجهاته الحزبيه ,ومن الطبيعي ايضا أن يعكس ذلك حال من التذمر ألذي لن يقتصر فقط على رفض الأهالي لهذه السياسة والتجاوزات التي لم يتوقعها الناس من أحزاب كانت تحظى بتأييد جماهير المنطقة في نضالها الشعبي ضد الطغيان والظلم , لا بل تعدّت ردّات الفعل بسبب إستمرار هذه الممارسات إلى حد اللامبالاة الشعبية لحق الأكراد في مشروع فدرلة شمال العراق وتسميته بكردستان ألتي بدت لعامة العراقيين وكأنها الحوت الذي سيبتلع كل ما يصادفه.

الكل يعلم, والحزبين الكردييّن في المقدمه , بأن ابناء هذه المناطق الكلدواشوريه والإيزيديه والشبك لم يدخروا يوما شيئا إلا وقدموه دعما لنضال جيرانهم الأكراد ضد الظلم حين كان النضال التحرري هو طريق لكل الوطنيين العراقيين وليس فقط للأكراد, وفي مقدمة من كان يساند القضية التحررية الكرديه كان الشيوعيون المحلّيون من ابناء قرى سهل نينوى بمختلف إنتماءاتهم ومعتقداتهم, إضافة إلى مشاركة الحركة الديمقراطية الاشوريه الفعليه ألتي كانت تضم في صفوفها أبناء هذه القرى التي عانت الدمار و الويلات بسبب مواقفها الوطنية المشهوده في نصرة قضية الأكراد وهي تناضل جنبا إلى جنب مع مختلف فصائل قوى المعارضه في شمال العراق.

ألمؤسف أنّ الذي حصل بعد سقوط النظام الصدامي وإحتلال الأمريكان للعراق قد قلب الأمور فعلا رأسا على عقب, وباتت الخيبة تلازم الصغير والكبير في هذه المناطق المسماة بالمتنازع عليها , حيث لم يعد لتضحيات أبناء هذه القرى المنكوبة وشهداؤها أي ذكر في الجديد ألذي إنتهجته السياسة الكرديه ليحل محل شعار العمل النضالي المشترك شعار يا إما أن تعلن كرديتك وولائك للعلم الكردي و للحزبين الكرديين أو أنت محسوب من الحاقدين أو من أزلام النظام البائد .

بعيدا عن ضيق الزاويه التي إنحصر الحزبان الكرديان ينظران من خلالها إلى مصلحة الشعب العراقي عموما ومنه الكردي بشكل خاص ومن دون التساؤل عن فائدة التعويل على التعامل المفرط مع المحتل ألتي سبق وأن إكتوى بها الكلدواشوريين من قبل , نقول في صدد إضافة نصف الكلمة الأخر ,بأنه كان المفروض بالحزبين الكرديين أن يضعا في حسبانهما بأن الكلدواشورييون وهكذا الشبك والإيزديين أو حتى التركمان, هم أيضا ضحايا للظلم السابق , وأنّ لهم الحق في ممارسة دورهم السياسي السيادي على أراضيهم عن طريق التنسيق المتبادل(وبخلافه فإنهم يكونوا قد خرجوا من نير الإستبداد السابق ليدخلوا بالإستبداد اللاحق) ,أمّا محاولة تمرير اللعب السياسية فهو لم يعد بالأمر السهل ولا بالمستساغ أخلاقيا ,و ردّة فعل المظلومين في رفضهم لمحاولة تهميشهم وإهمالهم ستكون في أعلى درجات إنضباطها الأصوليه والمشروعه حتى وإن كانت المظلوميه تصدر من شركاء عقدت معهم بالأمس أمال وتطلعات لبناء الحياة الجديده ألتي تتوخاها الشعوب المؤمنة بالسلام والـتأخي.

لذلك سنظل ننادي ونقول بكل إخلاص, و الفرصة ما زالت قائمة والوقت ليس بالمتأخر,أن تبادر القياده السياسية الكرديه إن كانت تمتلك حرية الإختيار, لتعيد النظر في سياستها وتصارح الجمهور الكردي قبل غيره, لتدقق مليّا في ممارسات و تصريحات عديده تنوّعت في درجات إجحافها بحيث عكست حالة الخيبة واليأس لدى الكثيرين, ليس فقط من أبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني بل من غالبية شرائح المجتمع العراقي , وما ضير الأعتذار حين يستوجب الأمر ؟ ألم يطالب السيد نيجرفان من حكومة العراق التي يرأسها مسؤول لحزب كردي و يشكل الأكراد نصفها بالإعتذار من الأكراد؟
إننا نؤكد و نقول لو كانت النيات حسنة فلابد من التصحيح الفوري كي يبدا الجميع صفحة عراقيه جديده يكون النفس الديمقراطي الحقيقي في إحترام إرادة الأخر هو الأسلوب السامي الذي يجعل الأخر يقبل بالعيش متأخيا مع جيرانه و شركائه.

الوطن والله من وراء القصد. Opinions