نصيحة .. لمن يهمه مصير العراق
استاذ جامعي مستقلاربع سنوات مرت والعراقيون في دوامة الخوف والعنف الطائفي , يتنقلون بين المحافظات لدفن قتلاهم وزيارة جرحاهم وحماية اهاليهم المرعوبين المهجرين , اربع سنوات كان يجب ان يكون العراق الغني بثرواته النفطية وطيبة شعبه في مقدمة الدول الديمقراطية التي ينعم اليوم شعبها بالأمن والعيش الرغيد , لكن ذلك لم يحدث .. بل أُغرق العراق في حرب اهلية طائفية على يد عصابات محلية وميليشيات الأحزاب الطائفية المدعومة من دول الجوار وفي مقدمتها ايران والتي استغلت الفوضى التي خلفتها الحرب التي شنتها اميركا , كما ان اميركا لم تكن موفقة " إما قصدا او عدم دراية " في اختيار الكفوئين من الساسة لحكم العراق , حيث وكما ظهر فقد تسلطت قيادات بعض الأحزاب الدينية الطائفية والمذهبية على الحكم , فاحدثت شرخا في التماسط الوطني أدى الى فوضى تمثلت في انتشار ثقافة الثأر والإجتثاث الطائفي والحزبي المتخلفة .
واليوم وبعد هذا الدمار والموت اليومي لم يعد العالم المتحظر يحتمل استمراره والسكوت عليه , فانطلقت احاديث هنا وهناك تدور في الوسط السياسي العراقي تتمحور حول السبل التي يمكن من خلالها انقاذ العراق والشفاء من مرضه الطائفي الذي حقنته قوى معينة في جسد العراق وتحت انظار القيادة الأمريكية , كما سمعنا ان الكونكرس الأمريكي سيعقد اجتماعات مكثفة للبحث في نفس الموضوع , حيث من الواضح ان " اي جهد لإنقاذ العراق لا يمكن ان يتأتى الا بمباركة امريكية" وهذه حقيقة يجب ادراكها .
ان اسباب التدهور وادواتها اصبحت واضحة , كما ان إعادة ثقة العراقيين بالتغيير الجديد , ليست بالمستحيلة , فمصارحة العراقيين عن الذين تسببوا في هذا التدهور , ستكون بداية الخطوة الأولى لإعادة ثقة العراقيين بالتغيير الجديد , فالعراقيون على دراية تامة من ان تشكيل الحكومات بعد الغزو عام 2003 وكتابة الدستور مرورا بانتخابات اعضاء البرلمان كلها جرت على اسس طائفية وحزبية , فالتزوير واخافة العراقيين بالفتاوى , ساهما في انتشار الفساد والفوضى الطائفية .
هذه الإشارات الثلاثة هي السبب الرئيسي للتدهور الحاصل في العراق , وان العمل على الغاءها وايقاف العمل بتعليماتها , هي البداية الصحيحة التي على ضوءها يتم بناء العراق الجديد .
وبما ان العراق والعراقيين قد اوصلتهم حكمة من حكمهم منذ اربع سنوات الى ادنى مستوى من التأخر والفساد والإنحطاط , فاننا نرى من الضروري وضع اليد على الأسباب لإعادة الأمور الى الوضع الطبيعي والعمل بتفاني من اجل انقاذ العراق , ولأجل ذلك نرى ان الحالة العراقية بحاجة الى ما يلي ...
اولا . اعادة النظر بالدستور ليتماشى مع طموحات الشعب العراقي والغاء كل ما يتظمن من فقرات تعزز المحاصصة والتقسيم الطائفي والإثني والجغرافي او الأيدلوجي , على ان يتم ذلك بإشراف مباشر من قبل هيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي , واعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات بما يضمن حياديتها بعيدا عن المحاصصة الطائفية او الحزبية الحاصلة اليوم .
ثانيا . اجراء انتخابات نزيه يشارك فيها جميع العراقيين وفق الأسس التالية ...
أ. جعل الإنتخابات على اساس الترشيح الفردي وليس على اساس الكتل او القوائم والتي احدثت شرخاً في مصداقية الإنتخابات , عاى ان تتم باشراف لجان دولية محايدة .
ب . منع استخدام الشعارات وصور الرموز الدينية عند الترشيح .
ج . اعتماد سجلات التعداد العام للسكان لأخر احصاء نفوس في العراق كأساس لحق الترشيح , وعدم الإعتماد على البطاقة التمنوينية التي اصبحت من فضائح الإنتخابات السابقة .
ان الترشيح الفردي هي الحالة الصحيحة التي تجعل العراقيين على دراية تامة بمن يستحق ان يدير شؤونهم مهنيا واخلاقيا , كما ان تقديم المرشح لمؤهلاته السياسية والأكاديمية شخصيا يبعد الشكوك حول امكانياته في تحمل المسؤولية , اما شراء الأصوات بالمال أو استخدام الرموز الدينية للتخويف والإيحاء بما سيؤلوا اليه الناخب الذي لا ينصاع لهم من ويل وثبور وعظائم الأمور , فلن تؤدي الا الى تشكيل حكومة ومجلس وطني هزيل وغير كفوء , وهو ضرب من السلوك الذي ترفضه الأعراف الدولية وجميع الأديان السماوية .
ثالثا , الغاء قرار حل الجيش العراقي السابق واعادته للخدمة بكل تشكيلاته قيادة ومراتب وبعدها يجري ان " تطلب الأمر" تدقيق اضابيرهم واحالة من تثبت ادانته الى القضاء لينال عقابه .
اعادة العمل بقانون الخدمة الإلزامية , حيث انها حالة وطنية تؤدي الى مشاركة كافة اطياف الشعب لخدمة وطنهم وهذا ما يعزز الوحدة العراقية.
ختاما ..
نقول لكل الأطراف ولمن يهمه الأمر , ان إنقاذ العراق بحاجة الى توفر حسن النية , والى اشاعة ثقافة وطنية تشارك فيها كل المؤسسات التعليمية والتربوية والدينية والحزبية وعلى رأسها وسائل الإعلام كافة , حيث يجب توجيهها للإقتداء بالروح الوطنية العراقية , بعيدا عن الإيحاءات الدينية والمذهبية والقومية والحزبية التي ساهمت في تأجيج الكراهية والأحقاد بين العراقيين , فهل من مجيب .