نقاطع أم نمضي قدما
بعد ما آلت إليه أوضاع مصيرنا في كوتة انتخابات مجالس المحافظات، وبعد كل هذا الكم الهائل من الكتابات التي كتبها أبناء شعبنا والخيرين من أصدقائنا الآخرين، وبعد كل التعب الذي تعبه ديمستورا والمسؤولين الدوليين والعرب الآخرين، وبعد الزيارات المكوكية التي تمت بين المرجعيات المسيحية الدينية والكتل السياسية بحيث لم تترك بابا إلا وطرقته، لكن لم نقبض سوى بعض الريح ذو الرائحة الكريهة المهينة التي توَصّل جبلنا وتمخض عن أصغر من فأرة صغيرة حقيرة تلك هي الحقوق التي توصلنا إليها بعد كل ما ذكرناه...ولكن رغم كل هذا وبقراءة متأنية للواقع المُزري الذي أصبحنا عليه تحت ضل الديمقراطية المزيفة التي يتشدق بها سياسيوا الكتل البرلمانية والتي كانت ولا زالت تتحدث عن الظلم الفادح الذي لحق بها أبان العهود السابقة، وها هي اليوم تظلم غيرها وتلحق الأذى بالآخرين ممن كانوا معها يوما يرزحون تحت ذات الظلم ولكن لأنهم كانوا بمبادئهم يحترمون القانون ويعملون تحت مظلته فإنهم كانوا يعيشون من جد وكد همتهم لكي تستمر حياتهم وتصل إلى ما هي عليه اليوم...
والمشكلة نحن في العراق من الكلدان السريان الآشوريين نواجه أناسا مزدوجي الفكر ولا يستحون مما يتحدثون به ويواجهوننا بكلام كله عسل ومحبة وفي المقابل يطعنوننا في الظهر ويمارسون أبشع وسائل الظلم والقهر ويسلبوننا حقا أقل ما نقول عنه فهو حق السكان الأصليين الذي تعترف به كل الأمم في أرض الله الواسعة، وإن لا نقل هذا حق هذه الأمة التي مرغمة أصبحت مكونا صغيرا في موطنها الأصلي، لكننا نقول إنه حقها لأنه مكون أصلي في أرض الرافدين، هذه الأرض الذي كون حضاراتها أجدادنا السومريين والأكديين والآشوريين والبابليين و ... ولم يذكر التاريخ غيرهم من بناة حضارة هذا الوطن العزيز الذي روت أرضه دماء شهداء اضطهاد الملك الفارسي شابور الذي استمر لأربعين سنة وغيره من الحكام الظلمة الذين لا تشبعهم سوى الدماء ورؤية أشلاء ضحاياهم.
والمشكلة أيضا أننا أمة متفرقة ونصرُّ على تفرقتها وأضعافها بفكرنا وقولنا وممارساتنا وكل ما أوتينا من قوة كي نبقى ضعفاء خانعين لا حول لنا ولا قوة ونسعى لكي يتصدق علينا الأقوياء بفتات موائدهم القذرة ويعطوننا أصواتا أو مقاعد لا تغني ولا تسمن ولا يلتفت إليها أحد وربما مهما صرخت وأعلت صوتها لا يسمعها أحد، وعندما أراد أحد ممثلي شعبنا في البرلمان أن يتكلم ويُسمع صوته لم يُعطى له المجال حتى لمسك الميكروفون ويتحدث لأن صاحب السيادة المبجل رئيس كل هذه الكتل كان هو المتكلم وإن تحدث يجب على الآخرين السكوت!!!!
إذا هذا هو حالنا ولن نتعلم الدرس الذي كتبنا عنه حلقات عدة وليس اليوم ولكن منذ سنوات ومنذ وضعت الانتخابات الأخيرة أوزارها وخرجنا منها بالقاسم الوطني بمرشح واحد والآخرين عن طريق قوائم مؤتلفة ليصفى لأبناء شعبنا مقعدين!!! لا غير.
لكننا نستطيع الاتيان بأكثر من هذه لو مارسنا مبدأ نكران الذات والنظر لمصلحة الأمة دون المصلحة الحزبية الضيقة، فهذه النظرة الضيقة تجعل؛ إذا دعى طرف ضمن مظاهرة إلى حقنا في الحكم الذاتي يعتبره طرفا آخر أن هذه الدعوة هي السبب بما حصل لأهلنا في نينوى وأدى ذلك إلى تهجيرهم!!!!؟ وكأنه يقول يجب أن نكمم أفواهنا ولا نطالب بحقوقنا وكأن الآخرين الذين يطالبون بحقهم هم مواطنوا الدرجة الأولى ونحن من المراتب الدنيا!!!.
ومنهم من يقول أن البرلمانيون حجبوا عنا كوتة شبه منصفة خوفا من تغيير ديموغرافية الموصل لأن المسيحيون كانوا سيميلون إلى جانب الأخوة الكرد أثناء المناقشات والتصويتات لكي إذا ما تم أجراء استفتاء سيصوت المسيحيون أجمع إلى جانب ضم سهل نينوى إلى أقليم كردستا!!!؟
حقا إنه لتحليل مضحك مبكي، وليس هو سوى تحليل مفترض لأمر لا يمكن تحقيقه مطلقا إلا إذا كانت هناك أجندة مسيحية معدة مسبقا وجميع أبناء شعبنا متحدون خلفها وبعد ذلك نستطيع أن نصل إلى مثل هكذا فرضية، هذا إذا كانن الكلام عن الموصل فقط، لكن ما بال بغداد وهل كان للثلاثة مقاعد في بغداد أثر في تغيير ديموغرافية المحافظة؟ ولو كان السادة الأجلاء أعضاء الكتل البرلمانية محقون لطروحاتهم ومع أشد الأسف يعتقد بعض ممثلوا شعبنا بصحتها، لكانوا قد عوضونا عنها في بغداد لكي تثبت مصداقيتهم، هل تعرفون أيها الأخوة القراء الأحبة أن شيوخ الأنبار طرحو فكرة أن يعوضوننا في محافظتهم وأعربوا عن استعدادهم لجعل منصب المحافظ لأحد من أبناء شعبنا عندما أيقنوا أن ظلما قد لحق بنا وأنهم مستعدون لاستظافة المسيحيين في محافظتهم والدفاع عنهم حتى وإن اقتضى الأمر التضحية بالغالي والنفيس!!!
وعند الشدائد تمتحن الرجال وها إن رجال العراق قد ضهرت على حقيتها وأشرقت الشمس لكي تبرز عورات المتشدقين بالديمقراطية والحق والعدل والرحمة و و وإلى ما غير ذلك من الألفاظ التي ما هي إلا عبارات جاهزة لتخدير هذا الطرف أو ذاك من المكونات الصغيرة التي عند الحقوق هي أقلية وعند الواجبات تكون عراقية خالصة وعليها التضحية!!!، أليس هذا ضحك على الذقون؟
وبعد التي واللتيا، يسأل سائل ويقول لنقاطع ونريح أنفسنا ونحفظ كرامتنا ونرفض حتى المقعد الهزيل الذي خصص لنا هنا أو هناك؟ ولمثل هؤلاء أقول أهذا هو الذي وصلتم إليه أيها المفكرون الجهابذة الذين يبحثون عن مصير أمتهم ومستقبلها؟ ولم تخطر في بالكم أن تفكرون بحل آخر كتوحيد جهودكم أزاء هذا الظلم والاستهزاء؟ فهؤلاء القوم لا يعرفون سوى اللغة التي يتصرفون ويتعاملون بموجبها.
فما بالنا نعطي لهم خدنا الآخر لكل مرة يوجهون لنا لطمة على خدنا الأول؟ ونلتقي اللطمة ونركن جانبا بحجة المقاطعة !!! أليس هذا أمرا مضحكا ومبكيا لأبناء شعبنا كي نكون المتلقين للضربات دائما ولا نفكر أن نخرج قبضتنا للرد يوما؟ ونسينا أن لكل فعل رد فعل وعلينا أن نسير وفق قوانين الطبيعة لكي نكون جزءا من هذه الطبيعة، فيجب أن نكيل للآخرين بالكيل الذي يكيلون به لنا.
يجب أن نعمل من أجل أن نتحد ولو من أجل الوصول بمقاعد محترمة حتى لو كان مقعدا واحدا لكن بأرادتنا وبتخطيطنا إلى مجالس المحافظات، على السادة السياسيون أن يفكروا بأن الأمة ستلفظهم إلى مزبلة التاريخ إن بقوا على حالهم ووضعهم الذي لا يسر الصديق بل يسر له الأعداء، كفانا ذلا وهوانا ولنعمل من أجل الضهور المشرّف في الانتخابات القادمة ونحن متحدون، لنجرب ولو مرة واحدة وسنرى كيف تصوت تلكيـف وقره قوش وبرطلة وألقوش وغيرها من البلدات لنا.
فكما رأيتهم عدد أهلنا في الموصل والامكانيات الضخمة التي كنا لو نستثمرها لكان لنا مقاعد وثيرة وليست جرداء في مجلس محافظة نينوى رغم أنف الكارهين وهكذا في بغداد وغيرها، إن الغد المشرق يدعوكم أن تستمروا بهذا الطريق وتشتركوا في الانتخابات لأن بهذه الطريقة فقط سنثبت أن الظلم لا يمكن أن يدوم لأن بدوامه سيدمر كل شيء، وكذلك مقولة الشاعر الذي قال: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أي يستجيب القدر، والكنيسة هنا مدعوة لكي تكون مظلة للسياسيين وتكون سببا لجمع لحمتهم وأعادتهم إلى رشدهم كي يتوقفوا من الاستهتار بمصير هذا الشعب المظلوم، وإن غدا لناظره قريب. ولنمضي قدما وبكثافة لندلي بأصواتنا لممثلي شعبنا فبيدهم سيكون الخلاص ويكون الظفر بإذته تعالى.
عبدالله النوفلي
7 تشرين الثاني 2008