Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هذا زمن جديد يفتح فيه البطريرك لويس روفائيل أعيننا لنرى حقيقتنا الإجتماعية كشعب وكنيسة واحدة

 

منذ تسنم البطريرك لويس روفائيل سدة البطريركية لكنيسة المشرق الكلدانية وأعين وقلوب شعبنا بتسمياته ومذاهبة وكنائسه المختلفة في شوق وأمل وسكون وكأننا مقبلون على زمن جديد بعد طول إنتظار وسبات لا بل غيبوبة كادت أن تقضي على كل أحلامنا.

وما هي احلامنا؟ يمكن إختصارها بجملة او جملتين. نحن شعب واحد، لنا لغة واحدة وتاريخ واحد وطقس واحد وليتورجيا واحدة وتراث واحد وثقافة وفنون مشتركة وكلنا ابناء وبنات كنيسة مشرقية مجيدة واحدة. 

امام هذه الحقائق الدامغة: كيف ولماذا صرنا اعداء ونحن اشقاء، ومتباعدون ونحن الأقربون، ونافرون لبعضنا  الأخر ونحن من طينة واحدة، واحيانا قساة وغلاظ القلوب على بعضنا البعض ومصيرنا كشعب وكنيسة مشرقية على كف عفريت؟

ما هي حقيقتنا الإجتماعية

كلنا كنا في حاجة ماسة إلى قائد يصعقنا ويهزنا ويفتح عيوننا ويرينا حقيقتنا الإجتماعية كما هي من منظور علمي وتاريخي واكاديمي وكنسي. وشعبنا الخلاق، صاحب أرقى حضارة في البسيطة واغنى لغة من حيث العلم والتراث والأداب والعلوم والفنون – اللغة التي إستوعبت علوم الدنيا أجمعها في القرون القديمة والوسيطة، اللغة التي هي اليوم بمثابة ارض خصبة تنتظرنا كي نحرثها لتعطينا ثمارا بوفرة وغزارة تفوق كل توقعاتنا – كان على موعد مع هذا القائد.

والبطريرك لويس روفائيل كان يقرأ الحقيقة الإجتماعية لشعبه وكنائسه بأسمائهم ومذاهبهم المختلفة – قراءة معمقة اوصلته في النهاية إلى إكتشاف ما يحتاجه شعبنا كي ينهض. إنها الوحدة ومن ثم الوحدة ومن ثم الوحدة التي جعلها شعاره الأول وفي سبيل تحقيقها منحنا نموذجا وضع كل مسؤولي شعبنا من المدنيين والكنسيين على المحك ووضعنا نحن عامة الناس على المحك أيضا.

أليس هو القائل انه على إستعداد حتى للتنحي عن منصبه في سبيل وحدة ومجد وعلو شأن كنيستنا المشرقية المجيدة بأسمائها ومذاهبها المختلفة؟

شعبنا مضطهد ولكن أصيل وخلاق

وشعبنا أصيل وخلاق وحضاري رغم الإضطهاد الذي جرى ويجري له من كل الأطراف. شعبنا ذكي وحكيم ولهذا إلتف حول البطريرك الجديد واليوم كلنا نرى فيه القائد المنتظر الذي وبفترة قصيرة جدا فتح أعيننا وجعلنا نرى حقيقتنا الإجتماعية التي جوهرها اننا شعب واحد وكنيسة واحدة والخلافات التسموية والمذهبية ليست إلا خلافات لفظية وإدارية لا يجوز ان تكون عائقا للوصول إلى الهدف الأسمى – مصيرنا ووجودنا كشعب عريق وكنيسة مشرقية مجيدة.

من منا لم تغرورق عيناه بالدموع ومن منا لم يتأثر تأثيرا بالغا وهو يرى كيف خرج ابناء شعبنا في المهجر وبالذات في إستراليا بصورة عفوية وهم يهللون ويزغردون ويرتلون ويدقون الصنج ويقرعون اجراس الكنائس بمقدم البطريرك.

الإستقبال العفوي والحب الكبير والشوق العظيم لرؤية البطريرك لم يكن مقتصرا على رعيته من الكلدان. ما أظهره اشقاؤنا الأشوريون وغيرهم من محبة عظيمة للبطريرك وكأنهم يستقبلون بطريركهم من خلال زغاريدهم ودموعهم وتصفيقهم الحار لكل كلمة تشير إلى الوحدة لدليل على اننا غصنين جميلين لجذع شجرة باسقة في السماء وجذورها في أعماق الأرض.

كم كان رائعا مشهد الأساقفة من الكنيستين المشرقيتين المجيدتين وهم يعانقون بعضهم بعضا وكم كان رائعا مشهد الشماسمة والكهنة من الطرفين وهم ينشدون ويرتلون سوية وكم كان رائعا مشهد الجموع التي إختلطت وتوحدت وكلها بصوت واحد تنشد للبطريرك.

رحلة ميمونة

زيارة البطريرك لأستراليا كانت فتحا جديدا لكنيسة المشرق الكلدانية. أظهرت أن البطريرك محبوب من الكل وفوق ما نتصور لدى رعيته من الكلدان وأظهرت كذلك ان جعله للوحدة الكنسية واحدا من أهم اولوياته قد أثلج صدور شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة وجعل منه وفي فترة قصيرة إيقونة في صفوف شعبنا.

حدث الكثير في هذه الزيارة الرعوية الميمونة مما سيشكل سابقة في تاريخ شعبنا الحديث.

رحلة البطريرك ومعه اساقفته من العراق كانت بادرة طيبة ودليل أننا امام قيادة جماعية ونأمل ان لا يسافر البطريرك إلا ومعه أساقفته كما كان الحال في إستراليا. وجود الأساقفة بجانب البطريرك أرسل رسالة قوية إلى كل أبناء وبنات الكنيسة الكلدانية مفادها اننا امام قيادة جديدة جماعية لكنيسة اصابها الشلل والتفكك وانهكتها  تركلة ثقيلة لا تتحملها الجبال. وجود الأساقفة بمعية البطريرك جعلنا نحن الكلدان ندرك لأول مرة اننا امام قيادة كنسية جماعية مصممة على النهوض بنا من خلال الوحدة والأصالة والتجدد.

والزيارة التي قام بها البطريرك وأساقفته لإشقائنا الأشوريين فيها رسالة عظيمة. البطريرك واساقفته أكدوا لنا اننا كنيسة مشرقية واحدة وعلينا ان نعيد مجدها وعلينا ان نركز على ما يجمعنا وهو الكثير وان نترك ما يفرقنا وهو ليس إلا خلافات لفظية وإدارية.

مسؤوليات كبيرة

المحبة الكبيرة التي أظهرها شعبنا بتسمياته ومذاهبة المختلفة للبطريرك وأساقفته يضعهم امام مسؤوليات أخلاقية وتاريخية وكنسية. أمامهم مهام كبيرة جدا في مقدمتها تأتي وحدة كنيسة المشرق والتي وحسب رأيي المتواضع سهلة التحقيق لأن الإرداة موجودة لدى الطرفين بالإضافة إلى ظهور زعامة كنسية جديدة وضعت الوحدة هدفا أساسيا ليها.

قدوة حسنة

وأخيرا، امل ان نقتدي كلنا بما قام به بطريركنا وأساقفتنا في إستراليا. لقد منحونا نموذجا للتصرف والعمل. وأمل ان يقوم بطريرك كنيسة المشرق الأشورية وأساقفته حين تواجدهم او زياراتهم لمناطق تواجد شعبنا بزيارة الكنائس الكلدانية وأمل ان نرد الجميل لإشقائنا الأشوريين وان نستقبلهم هم ورؤسائهم الكنسيون بمثل الحفاوة التي إستقبلوا فيها بطريركنا وأساقفتا.

لقد أمسكنا بزمام العهد الجديد الذي دشنه البطريرك لويس روفائيل وعلينا كشعب وكنيسة ان لا نسمح ان يفلت الزمام من يدنا هذه المرة.




 

Opinions