Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هذا ليس حزناًعلى الشهـداء، بلْ عشـقٌ للإرهـاب، يـا دكتـور سـيّار الجميل!5/7

سابعاً: "متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئاً آخر؟" (من دعاء الدكتور سيّار الجميل المدرج في نهاية الحلقة):

أُؤكد لك – يا سيد سيار – أن "سيدة النجاة" الموقَّرة سوف لا تجيبك على سؤالك: " متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئاً آخر؟" لأنها ستقول لك بوقار: أما تملك السمع والبصر والفؤاد؟ أما سمعتَ ما قاله الإرهابيون اليوم والطغمويون قبل وبعد سقوطهم، وأنت العراقي، عن: "رفض الآخر" و "حراسة البوابة الشرقية" و "الفرقة الناجية" و"الطائفة المنصورة" و"المحافظات البيضاء والسوداء" و"الشروكَ" و"العجم" و"الصفويين" و"الشعوبيين" و"عملاء إيران" و"الإقصاء" و"التهميش" و"تهجير مليون كردي فيلي شيعي خارج العراق" و"هدم 4000 قرية كردية" و"تهجير الأكراد إلى مناطق الغرب والوسط والجنوب في حملة الأنفال" و"محو ناحية بشير التركمانية من الوجود" و"إصدار قانون التعريب الإجباري لغير العرب من كرد وتركمان وكلدو-آشوريين وأزيديين وشبك" و "هجرة الكثير من العوائل المسيحية والمندائية إلى خارج العراق" و"أبناء الزنى" و"الذين إستوردهم محمد القاسم من الهند مع الجاموس" و"الذين تخرج بناتهم من الصباح الباكر ويعدن في ساعة متأخرة من الليل وجيوبهن مليئة بالفلوس ولا يسألهن أهلهن كيف حصلن عليها" و"تجفيف الأهوار وتشريد أهله البالغ عددهم نصف مليون نسمة إلى خارج العراق وداخله" و"قانون 1985 بمنع بناء الحسينيات" و"لا شيعة بعد اليوم" و"إسقاط الجنسية عن شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري" و"منع معظم العراقيين من التملك في بغداد وإقتصاره على فئة معينة من العراقيين وعلى مرتزقة أجانب" و"قصر القبول في الجامعات وبالأخص كليات معينة منها على فئة معينة من العراقيين ومرتزقتهم" و"عدم تجديد جوازات سفر العراقيين وعدم منح جوازات جديدة إلا لفئة معينة من العراقيين ومرتزقة أجانب"؟ و "قانون زج العراقي في السجن إذا دخل في شجار مع مصري مهما كان السبب أو المعتدي" .

هل تريدني، يا سيد سيار، أن أذكرك بالمزيد المزيد من هذه الفضائح الإجرامية الغامطة لمواطنة معظم العراقيين والمهينة لكراماتهم؟ فكيف تجرؤ على غمز الوضع الحالي بسؤالك عن "متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئاً آخر". واضح أنك لا ترى عيباً في سلوك النظام البعثي الطغموي. إذ ما أن فرغتَ من طرح سؤالك هذا حتى أعقبتَه بآخر تتشوق فيه إلى ذاك النظام، فتسأل سؤال التمني: "متى تأتي الضربة القاضية؟"

هذه هي الثقافة المستندة إلى فكر الطغمويين وخاصة البعثيين التي أقصت وهمشت نسبة عالية جداً من أبناء الشعب العراقي؛ وتأتينا اليوم بعد تحرر العراقيين لتتمنى أن "يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئاً آخر". ليتك قلتَ ذلك من قبل، يومَ كان فيه الشعب بحاجة للكلمة الخيِّرة الصادقة ومعظمه في حالة إقصاء وتهميش.

يبدو أن إسترداد المواطنة العراقية للعراقيين المقصيين والمهمشين والمضطهدين والمنفيين، وما أكثرهم، أغاض البعض ففقد صوابه وصار يتخيل أن أولئك "شيء آخر"، وإفترضَ أن ذلك "الشيء الآخر" هو الذي إسترد لهم مواطنتهم المسلوبة. كلا – يا سيد سيار – ليس هناك "شيئاً آخر" قبل مواطنة العراقي الآن ، فهو مواطن عراقي أولاً وخصوصيته ثانياً. على هذا الأساس إجتمع قادة جميع الكتل السياسية العراقية في أربيل المدينة العراقية الكردية بمبادرة من رئيس إقليم كردستان العراق وهو عراقي وكردي؛ ولا ضير من ذلك كما ذكرتُ سلفاً. فالبريطاني هو بريطاني أولاً وإنكليزي أو إسكتلندي أو ويلزي أو كاثوليكي أو بروتستانتي أو أنكليكاني ثانياً.

سقط النظام البعثي الطغموي ولم يستطع المنتفعون منه وأيتامه وجلاوزته الدفاعَ عنه بتاتاً لأنه ترك وراءه كمّاً من الإجرام والرزايا ما يفوق جبال الأرض ثقلاً، في الوقت الذي أَمْلَتْ عليهم مصالحُهم الطبقية والشخصيةُ الأنانيةُ التصديَ للنظام الديمقراطي الجديد بجميع ما تيسر لهم من وسائل وأغلبها سيء وإرهابي. أثاروا الطائفية** بأعنف صورها بعد أن كانت مغطاةً مبرقعة فيما مضى عندما جعلتْ النظمُ الطغمويةُ الجزءَ هو الكلَ العراقيَ خاصةَ على الصعيدين الطائفي والقومي وقمعوا الآخرين ودفنوا الجوهر وغطوه ببرقع من الكلام الديماغوجي لم ينطلِ على أحد وإدَّعوا أن لا طائفيةَ ولا عنصرية ولا تشظي في العراق الذبيح.

أثار الطغمويون بعد 2003 الطائفية بأبشع صورة وأوسع مجال للتحول من حالتهم الطغموية المعزولة الخانقة إلى الحالة الطائفية الأوسع علهم يقدرون على إستعادة حكمهم الطغموي. لقد قمعوا الجماهير السنية العربية في المناطق الغربية من العراق والموصل وحالوا دون بروز أو إمتداد الحركات والأحزاب الديمقراطية والتقدمية هناك. فحوصرت الأفكار ومورس التعتيم. لقد إستعانوا بالإرهابيين التكفيريين الداخليين والخارجيين؛ ومارسوا أبشع أنواع الإرهاب بدعوى مقاومة المحتل لكنهم لم يقتلوا من جنوده سوى أقل من (5000) جندياً مقابل قتل ما يربو على (80000) عراقياً بريئاً؛ ومارسوا التخريب على أوسع نظاق فقد حطموا أكثر من (5000) برجاً لنقل الطاقة الكهربائية وفجروا كماً هائلاً من الأنابيب الناقلة للوقود إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية أو المتوجهة إلى موانئ التصدير.
لم يكفهم هذا بالطبع فشنوا حملة إعلامية موازية ترمي إلى التشويه والتشويش. وفي إطار هذا التشويش تطلق الإشاعات صراحة وتنويهاً عن تمايز العراقيين وتطلق الدعوات عن "متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون؟" متجاهلين الدستور الذي إعتمده العراقيون في إستفتاء حر عام. وإذا أبدى البعض ملاحظات هنا وهناك فلم يكن من بينها ما يمس المواطنة وسواسية المواطنين العراقيين في الحقوق والواجبات. الجميع في المحافظات لهم حكوماتهم المحلية المنتخبة وهو ما أسميتَه بالتشظي.

ثامناً: " إن السنين العجاف تمر ، وكل يوم وبلدنا يغرق في بحر الظلمات".

إن السنين التي مرت لم تكن عجافاً. فعلى الرغم من الديون الهائلة التي راكمها النظام البعثي الطغموي على أكتاف الشعب العراقي، وعلى الرغم من الفقر المدقع الذي خلّفه ذلك النظام بعد أن إنحطت قيمة الدينار العراقي ب (7000) مرة ما تسبب في تفشي الفساد الإداري والمالي وإنخفاض معدل دخل الفرد الشهري إلى أقل من ثلاثة دولارات فأنتج الجوع والعوز وفقدان المناعة ضد الأمراض فإزداد معدل الوفيات، وعلى الرغم من الدمار والخراب الذي خلفته حروب النظام الطغموي وخلّفه، من بعده، أيتامه والتكفيريون عبر إرهابهم الأسود وتخريبهم المدمر، ورغم الدور الأمريكي السلبي الخفي والحرب المستترة بينه والطغمويين داخل العملية السياسية من جهة وبين الإئتلاف العراقي الموحد (حالياً التحالف الوطني) والتحالف الكردستاني من جهة أخرى ما أسفرت عن عرقلة بناء وتسليح أجهزة الأمن والشرطة والجيش وأبطأت عملية البناء الإقتصادي وتوفير الخدمات وفي المقدمة الكهرباء – أقول رغم كل هذه الأهوال إرتفع مستوى الدخل الشهري للفرد العراقي إلى 240 دولاراً وهذا أبلغ دليل علمي على خطأ أطروحتك.

من جهة أخرى، هل البلد الذي أنجز دستوراً من أفضل دساتير المنطقة وأسس نظاماً حراً يتجه نحو الديمقراطية وأطلق الحريات المتنوعة على أنقاض حكم الفرد الذي فرض نفسه إلهاً على تابعيه الذين إرتضوا صاغرين أن يلعبوا دور العبيد الأذلاء، هل هذا البلد "يغرق في بحر الظلمات يوماً بعد يوم"!!؟
يبدو أن السيد سيّار الجميل قد ظن بأن إرهاب التكفيريين ومطاياهم البعثيين الذي أعقب سقوطهم وأحابيل المحتلين (وهم المحررون في آن) قد أنست العراقيين الأهوال التي أنزلها النظام البعثي الطغموي بهم، وراح يراهن على سمة النسيان لدى الإنسان غافلاً أن تلك الأهوال غير قابلة للنسيان لأنها محفورة حفراً عميقاً في الذاكرة العراقية الشعبية وإلى الأبد.

وإذا كان السيد سيار ناسياً أو متناسياً أو مستهيناً بتلك الأهوال وضحاياها، فسآتي بحادثين من بين عشرات الآلاف أو أكثر من الحوادث التي حدثت في العهد البعثي الطغموي البائد وهما لا يمثلان حالتين متطرفتين أبداً لكنني إلتقطتهما على عجل للتذكير السريع بنمط عيش العراقيين في العهد الطغموي وكيف أصبح الحال الجديد "غاطساً بالظلمات" ويغطس أعمق كل يوم!!:

الحادث الأول: روته سيدة وقورة في فضائية الحرة بعد الأشهر الأولى لإنطلاق الفضائية. إذ تحدثت عن إمرأة من أهل البصرة ذكرت إسمها وكانت موقوفة معها لإنتمائها لإحدى القوى الدينية التي "تتحكم بمصيرنا" حسب قول السيد سيار الجميل. كانت برفقتها طفلتها الصغيرة. جاءها أحد ضباط السجن وكان "رحيماً جداً بحالها". قال لها: "إنك ستُعدمين غداً، فماذا سيكون مصير هذه الطفلة ومن يعتني بها؟ إننا نقترح عليكِ أخذ هذه القنينة وإسقيها للطفلة". يبدو أن الإمرأة فكرت ملياً وتصورت ما سيكون عليه مصير إبنتها الصغيرة عندما تكبر وهي بين هؤلاء الأوغاد. فما كان منها إلا أن سقت فلذةَ كبدها السمَ وقتلتها، وأُعدمت هي في اليوم التالي.

الحادث الثاني: روته طبيبة إختصاصية وأكاديمية عراقية معروفة وصفت، في رسالة وجهتها إلى "الحركة الشعبية لإجتثاث البعث"، تجربةً رهيبةً مرت بها. أدرج فيما يلي مقتطفات تمثل معظم رسالتها:
"انا من مواليد 1943 اعمل دكتورة نسائية ولي عيادة معروفة في بغداد ساحة النصر لم اكن اهتم بالسياسة والاعيبها , ولا اهتم بالعلاقات الاجتماعية وبالخصوص النسوية منها ( اعنى صداقات نسائية خارج اطار الاقرباء ) وقد تعودت على هذه الحياة التي هي اشبه بالروتين وصرت اعيش حياة مريضاتي وآلامهن اضافة الى سفراتي الى خارج البلد للمؤتمرات العلمية .
وفي احدى ليالي الشتاء من عام 1983 جاءت لي ثلاث نسوة مبعوثات من السيدة زوجة رئيس الجمهورية ( المجرم المعدوم ) وطلبن مني ان اذهب الى زوجة الرئيس لأمر هام , لم اكن احلم في يوم من الايام ان تستدعيني زوجة رئيس جمهورية وياليتني مت قبل ان تستدعيني هذه الجاهلة الرعناء , وكالعادة في استدعاءات الرؤساء لايمكن لك ان ترفض ولا لك الحق بأن تسأل لماذا , ولا يعطوك الوقت بل يجب ان تذهب , وفورا وهذا الذي حصل معي بالضبط .
ذهبت الى منزل حرم الرئيس وانتظرت في قاعة كبيرة جميلة بمنتهى الجمال حتى يحسب الداخل اليها كأنه يعيش لحظات من الخيال وايام الف ليلة وليلة .
بعد عشرة دقائق تقريبا جاءت حرم الرئيس ومعها بنت صغيرة عمرها يقارب ال 16 عام وامرأتين من المرافقات لها , جلسنا وبدأت تسألني عن عملي وعن الامراض الشائعة لدى النساء وتكلمت هي ايضا عن بعض الامور الصحية الخاصة بها , ثم قالت لي بأنها ارسلت لي لوضع حل لمشكلة هذه الفتاة , فقلت لها وما مشكلتها ؟ ...قالت نرجوا ان تعملين لها عملية لأعادة عذريتها , فقلت لها ان هذه العمليات ممنوع اجراءها في العراق , قالت ومن هو وضع الممنوع ! اليست الدولة التي زوجي رئيسها ؟!
قلت , لم اقصد شيئ سيدتي ولكن ارجوا ان تكون هناك ترخيصات لكي لا اقع في محذور قانوني .
قالت : انا اقول لكي تعملين العملية وانت تناقشيني ؟ ...من انت حتى تتكلمين معي بالقانون ؟..... العملية تجرى غدا ورجلج فوك رقبتك . ياله ...انتهت المقابلة .
وعدت الى بيتي متعبة نفسيا للمقابلة الغير مؤدبة التي قسم الله لي مع هذه المرأه الرعناء , حتى اني لم اذهب الى العيادة , واخبرت زوجي بتفاصيل ماحدث ونصحني بأن اقوم بالعملية وانهي الموضوع , وفي صباح اليوم التالي , جاء لي ثلاث رجال الى البيت وامروني بأن اتهيئ للذهاب فورا الى حرم الرئيس وماهي الا عشرت دقائق قضيتها في التهيئ , وخرجت معهم في سيارتهم حيث رفضوا ان اصعد في سيارتي الخاصة , وذهبنا الى حيث حرم الرئيس وهذه المرة لم يدخلوني الى القاعة بل وقفت في الممر الخارجي وانتظرت واقفة على قدمي لأكثر من ساعة ونصف , ولما خرجت حرم الرئيس ومعها البنت وامرأه اخرى كبيرة بالسن واثنين من مرافقاتها , ونقلونا الى مستشفى خيري تقع في الكرادة , وهناك دخلنا الى غرفة العمليات التي كانت قد جهزها احد العاملين من المستشفى وهو الدكتور ( ب . ح) وقد هيئ لي كل مستلزمات العملية بحسب خبرته الطبية , قبل ذلك سألني السائق في ما لو كنت احتاج ممرضين , فقلت له فقط احتاج ممرضتين , وفي غرفة العمليات اجريت بعض الفحوصات وسألت المريضه عن أسمها فذكرت لي اسمها الكامل , عندها علمت انها ابنت احد الرجال المهمين في قيادة الدولة , ولما اتممت العملية , اخذوا المريضة الى غرفة لترتاح , وبقيت في المستشفى الى اليوم التالي للاطمئنان على صحة المريضة وفي هذا اليوم قضيت وقتي في غرفة المريضة ولم اتصل بأي احد في المستشفى وكانت المرأه العجوز موجودة معي طول الوقت وحراس خارج الغرفة وفي الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي قلت لهم يمكنكم الذهاب الى البيت , فذهبوا وانا ذهبت الى بيتي وفي الساعة الخامسة من عصر نفس اليوم جاءت لي نفس السيارة وامروني بالذهاب معهم فنقلوني الى سجن النساء في الكاظمية , وهناك كانت تنتظرني احدى النساء التي رأيتها مع حرم الرئيس واخذتني الى غرفة وقالت لي : بأي حق تسألين البنت عن اسمها عند اجراء العملية ؟ فقلت لها هذا عمل روتيني لأكمل الورقة التي تحتوي على حقل الاسم لكل مريض نجري له عملية جراحية .
فقالت انا من الاول قلت لأم عدي ان ترى غيرك لما رأيتك تجادلين بالقانون والموافقات الرسمية , لكن شسوي لعنادهه .
فقلت لها ماصار شيئ الان , انا اعتذر عن هذا الذي سبب انزعاجكم . قالت ساخرة موبهاي السهولة يادكتوره .
بعدها دخلن علي ثلاث نساء شرطيات وعلقوني من قدمي الى السقف , وانا اصيح واستنجد بسكرتيرة حرم الرئيس لكن دون فائدة حيث قالت اسكتي هذه اوامر ام عدي , وتعرضت الى ضرب , فقط الله يعلم شدته على نفسيتي اكثر من شدته على جسمي وصاروا يعلقوني الى السقف كل جلسة تعذيب , تعرضت الى الضرب اربعة مرات باليوم ولا يتركوني الا ان يغمى علي , فصرت اتظاهر بالاغماء في اليوم الثالث بعد عدة ضربات لانجو من تعذيبهن لي . بعدها انزلوني ونقلوني الى غرفة التوقيف الانفرادية بقيت فيها سبعة ايام كانت جارتي في الغرفة الانفرادية المجاورة هي زوجة احد الوزراء الذين عدمهم صدام حيث اخبرتني انها موقوفة في هذا المكان منذ اكثر من سنتين اضافة الى ابنها الذي لاتعلم عنه شيئا وفي الغرفة المجاورة لي من جهة اليمين كانت استاذة جامعية من جامعة البصرة تلك المسكينة كانت تتعرض للاهانة والضرب بأستمرار وكانت قد اخبرتني عن ممثلة عراقية كانت موقوفة في نفس مكاني وقد خرجت بعد ثلاث اشهر من التوقيف الانفرادي وايضا اخبرتني عن اعدام سيدة من بيت النوري او النور على مااذكر حيث قتلوها بمنع الطعام والشراب عنها لمدة شهر فماتت المسكينة جوعا وسيدة اخرى من عشيرة الجبور هي زوجة لأحد القادة العسكريين المتمردين على صدام حكم عليها بالاعدام شنقا .
كانوا يأتون لنا بالطعام من تحت الباب وبقيت في تلك الغرفة الباردة في ذلك الشتاء القارص لاسبوع كامل , بعدها اخرجوني الى التحقيق , وهناك وجدت سكرتيرة حرم الرئيس تنتظرني , حيث اخبرتني بأن ام عدي قد عفت عني والآن سوف يعيدوني الى البيت , بعدها خرجنا بالسيارة وجلست بجانبي امرأه من حاشية حرم الرئيس وكانت مسيحية من كركوك ولما علمت اني مسيحية قالت لي بصوت خافت : اياك ان تذكري الذي حصل , وحاولي ان تنسي كل شيئ , لان ذكر اي شيئ مما رأيتي ممكن ان يؤدي الى اعدامك لان الموضوع سببه قصي والبنت كما عرفتي هي ابنت من ؟! .... فأياك ان تذكري شيئ حتى نصيحتي هذه اياك ان تقوليها لاحد...." .

فهل هذا، يا سيد سيّار، الحكمُ "المُتَنَوِّرُ" الذي غادره العراق الجديد "مع بالغ الأسى والأسف" فصار "يغرق بالظلمات" يوماً بعد يوم وأنت تكتب فيه مقالك الذي تحرض الناس فيه على دعم الإرهاب ضد الشعب والحكومة المنتخبة ولا أحد من المسئولين، أمنيين ومدنيين، يقول لك أو لأهلك: أُفٍ.
نعم، أراده التكفيريون الإرهابيون ومطاياهم الطغمويون وعلى رأسهم البعثيون أن يغرق في بحر الظلمات ولكن الشعب وحكومته قصمت ظهر إرهابهم وسيشهد المستقبل القريب نهايته المحتمة. لايمكن أن يغرق في بحر الظلمات بلد أعد خطة تنموية خمسية وهو يواجه بحراً من المشاكل الموروثة والحديثة المفتعلة والمصممة لعرقلة مسيرة البناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
أصل النداء:

سيّدة النجاة .. متى تنقذين العراق ؟

أ.د. سيّار الجميل

سيدتي العظيمة ..يا سيدة النجاة ، أتضرع وأتوسّل إليك إنقاذ العراق من هول الكوارث التي تعصف به .. سيدتي الأم الحزينة أراك حزينة منذ أزمان طوال ، وأنت تشهدين هول المأساة .. لقد قتل اهلك وهم يتضرعون إليك .. وهم يؤدون صلاتهم في رحابك الجميل .. ما ذنبهم ؟ وما ذنب كل الأبرياء ليكونوا طعاما رخيصا للصراعات المقيتة على ارض بلاد الرافدين التي صبغها الاحمرار ؟ ماذا نفعل مع هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون إلا الموت طريقا لهم ؟ ماذا يفيد الأسى وإعلان بيانات الاستنكار ؟ إن السنين العجاف تمر ، وكل يوم وبلدنا يغرق في بحر الظلمات كالذي قلته وكتبته قبل شهر ! إن العراقيين المسالمين الطيبيين يتمنون أن تستقر هذه العاصفة الهوجاء التي جلبها الأشرار وهم لا همّ لهم إلا نحر الأبرياء .. لم يزل الإرهاب يترصّد بالعراقيين ، نعم ، إن الإرهاب ضدهم ، يقف بكل خططه وبرامجه بالمرصاد كي يحصد أرواحهم ويعصف بمستقبل أولادهم وأحفادهم ! ما الذي يريده المجانين ؟ ما الذي يرمي إليه كل القتلة ؟ إنهم يحصدون الأرواح بدم بارد .. إنهم يخططون لإفناء البلاد والعباد . لماذا يريدون خطف الطيف المسيحي من العراق ؟ من أعطاهم الحق بتصفية الأبرياء نساء ورجالا ، وهم يؤدون شعائرهم في دور عبادتهم التي أذن الله أن يذكر فيها اسمه ؟
سيدتي الحنونة .. أيتها الأم الحزينة ، أراك تذرفين دمعة على خديك بعد أن ذرفت الدموع طويلا .. وأنت تشهدين مأساة العراق والعراقيين .. متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء ؟ متى تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور ؟ متى يهب النسيم عليلا على كل العراق ؟ متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق ؟ كم كنت أتمنى أن تعالج المحنة مع الإرهاب والإرهابيين بغير هذا الأسلوب الهمجي الذي حوّل كنيستك الجميلة إلى ساحة حرب ! كم كنت أتمنى أن لا يخرج بعض المتشدقين وهو يمتدح " الفرقة الذهبية " في الذي صنعته من جنون ! المأساة ستبقى إن اكتفينا بالصمت القاتل .. المأساة ستبقى ما بقي الإرهاب ! الإرهاب سيبقى ما بقيت جماعات وأحزاب تتحكم بمصيرنا باسم الدين ! المصير سيبقى قاتما ما بقي العراق يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا !
سيدتي الكبيرة يا سيدة النجاة .. أنقذي العراق .. ادعوك وأتوسل إليك لا تتركي اهلك وسط غابة يعبث بها الوحوش ويتحكم بمصيرها الزناة .. وأهل العراق يتقطعّون اربا اربا وقد استعد الناس للمواساة وكلمات الرثاء وإلقاء المواعظ السخيفة ! متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئا آخر ؟ وأخيرا .. متى الضربة القاضية لكل العابثين والإرهابيين والمتواطئين والانقساميين والحاقدين والمجانين .. كي يذهبوا إلى الجحيم ، وتشرق الشمس ، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تاريخ العراق ؟



Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
قوات التحالف تلقي القبض على قائد مجموعات خاصة وتمزق شبكات لعناصر اجرامية شبكة اخبار نركال/NNN/بغداد/ القت قوات التحالف القبض على قائد مجموعات خاصة مشتبه به خلال عمليات نفذت اليوم لتمزيق شبكات لعناصر اجرامية في منطقة الحسينية وزارة الداخلية: الشرطة تسيطر على الهاشمية بعد مواجهات بين جيش المهدي وقوات بدر الجيران/
قال مصدر أمني في وزارة الداخلية اليوم السبت إن الشرطة العراقية تبسط سيطرتها على قضاء الهاشمية في محافظة بابل أعقاب مواجهات اندلعت صباحا
نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي: من حق مجلس النواب والشعب العراقي أن يفهما إلى أين تتجه العملية السياسية‏ شبكة أخبار نركال/NNN/ اكد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ان مجلس النواب هو السلطة العليا في محاكمة جاسوس لنظام صدام حسين في الولايات المتحدة شبكة اخبار نركال/NNN/الوسط اون لاين/ مثل اميركي من اصل عراقي اعتبارا من الثلاثاء امام محكمة فدرالية في كاليفورنيا (غرب) بتهمة كونه كان عميل استخبارات في نظام صدام
Side Adv2 Side Adv1