Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هذا ليس حزناًعلى الشهداء، بلْ عشـقٌ للإرهاب، يا دكتور سيّار الجميل!6/7

تاسعاً: يواصل الدكتور سيّار الجميل تضرعه لسيدة النجاة سائلاً:
"متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق؟ كم كنت أتمنى أن تعالج المحنة مع الإرهاب والإرهابيين بغير هذا الأسلوب الهمجي الذي حول كنيستك الجميلة إلى ساحة حرب.....؟"

إذاً، الكنيسة كانت جميلة. دخلها المصلون الأبرياء وصاروا يتلون صلواتهم بقلوب مطمئنة بيضاء وينشدون للسلام؛ وهذه حقيقة لا يشك فيها أحد إلا التكفيريون. وهنا إنضم إليهم وشاركهم "ضيوف طيبون ومؤمنون" وصاروا "ينشدون للسلام" إفتراضاً، بشهادة الدكتور الأستاذ السيد سيّار الجميل التنويهية. بعدئذ، وبشهادته الموثوقة، داهمتهم ب "أسلوب همجي" قوات حكام العراق الذين "لم تسد الحكمة والعقل" عندهم، فصعقوا السيد سيار وأثاروا دهشته وحيّروه فراح يتضرع ويسأل "سيدة النجاة" من أعماق قلبه الرقيق الحنون: "متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق؟".

أعتقد أن هذه الصورة التي رسمتُها ليست بذاك البعد عن الصورة التي طرحها الدكتور سيار الجميل حول ما حصل في كنيسة "سيدة النجاة"، إذا ما إستثنينا ذكره لكلمتي "الإرهاب والإرهابيين" ؛ ولكنه إستخدم الكلمتين كإسمين جامدين لا روح ولا حركة ولا إجرام فيهما، كما لو كان يشير إلى شخص طبيعي مسالم إسمه السيد "قتّال" أو الأستاذ "بتّار" أو الدكتور "جزّار" أو المهندس "هدّام". لقد أسمى الإقتحامَ الإرهابيَ للكنيسة والبدءَ بقتل المصلين الأبرياء مباشرة ودون مقدمات ب "المحنة". على تواضع معلوماتي اللغوية والقانونية، لكنني لا أعتقد أن "المحنة" ترقى إلى مستوى "الجريمة" في سلَّم العقوبات القضائية وقد لا تترتب عليها تبعات جنائية.

أية وقاحة تفوق هذه الوقاحة حينما يبرِّئ السيدُ سيار "السيدَ إرهاب" و "السادةَ إرهابيين" من جريمة إقتراف مجزرة حقيقية مع سبق الإصرار والترصد، ثم يرمي بالمسئولية على عاتق الحكومة العراقية التي إتهمها بفقدان "الحكمة والعقل" وبمعالجة "المحنة" مع أولئك "السادة" ب "همجية" و "صنعت الجنون" حتى حَوّلَتْ قواتُها الكنيسةَ الجميلة إلى "ساحة حرب"!!.
إذاً، سَبَّبَ الإرهابُ المسكينُ "محنةً" وحَسْبْ، بينما إقترفت الحكومة فعلَ "الحرب" وكنيسة سيدة النجاة "ساحتها"!!! . أيُ عشقٍ للإرهاب هذا، يا دكتور سيّار؟!!!

عاشراً: يواصل الدكتور سيار الإفصاح عما يختلج في قلبه وعقله من مشاعر جياشة فيقول: "كم كنتُ أتمنى أن لا يخرج بعض المتشدقين وهو يمتدح "الفرقة الذهبية" في الذي صنعته من جنون".

في الواقع، إستغربتُ بادئ الأمر أن لمْ يطلب السيد سيّار من الإدعاء العام جرجرة رئيس الحكومة إلى المحكمة الجنائية لفعلته "الشنعاء" التي إزدادت شناعة بإمتداحه "الفرقة الذهبية". غير أنني تذكَّرتُ أن السيد سيّار لم يُدرج العمل "الهمجي"، الذي خلَّف "ساحة حرب" وراءه في الكنيسة، تحت باب "الإجرام" بل أدرجه تحت باب "الجنون". والجنون لا يحتاج إلى محكمة وقضاة بل إلى أطباء أو إلى قديسين وأولياء صالحين لذا توجه الدكتور سيار الجميل إلى سيدة النجاة لشفاء رئيس الوزراء من "جنون" ملاحقة "السادة الإرهابيين المظلومين" الذين لهم عيب واحد بسيط وهو قتل الأبرياء وبالجملة.
أُكرِّرُ: أيُ عشقٍ للإرهاب هذا، يا هذا؟!!!!

القضية وما فيها: ظن الرفيق سيّار أنه مسك الحكومة من "زمارة رقبتها" فأراد أن يوجعها ب"جعصة" تسبق "الضربة القاضية" لكي يضمن لنفسه مكاناً مرموقاً يوم أن "....يذهبوا إلى الجحيم، وتشرق الشمس، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تأريخ العراق".
ظن السيد سيار (أو أراد أن يظن!!)، ربما بعد سماعه إدعاءات بعض الفضائيات الكارهة للعراق الجديد، أن الإرهابيين قدموا مطالب لتنفيذها مقابل إطلاق الرهائن، وهذه خطوة "متحضرة"، وكان على الحكومة العراقية، والمالكي بالذات، أن تتصرف كما تتصرف الحكومات المتحضرة بالإستماع إلى المطاليب. تصرفت الحكومة التي تنقصها "الحكمة والعقل" ب "جنون" وأمرت قواتها بمعالجة "المحنة" ب "أسلوب همجي" قَلَبَ الكنيسة إلى "ساحة حرب". وهذه فضيحة كبرى وصيد ثمين وفرصة سانحة لا يتوجب تفويتها وربما قد يضيفها بعض "أبطال حقوق الإنسان" العراقيين إلى قوائمهم اليتيمة حول "الجرائم" التي إقترفها المسئولون العراقيون والمالكي بالذات بحق التكفيريين والطغمويين "الأبرياء" بشهادة وئائق ويكيلينكس، وشهادة من إدعى بأن نداءات أصدرها الشيخ كاظم الحائري ضد البعثيين حوالي يوم 9/4/2003 ترقى إلى مستوى بيان رقم (13) الذي أصدره "مجلس قيادة الثورة" لإنقلاب 8 شباط عام 1963 الأسود.

لسوء حظ السيد سيّار والفضائيات المشبوهة، أن ما كان يحدث داخل الكنيسة منذ الدقائق الأولى لإقتحامها من قبل الإرهابيين كان يُنقل إلى الخارج وبالذات إلى النائب السيد يونادم كنا عبر الهاتف الخلوي وأن المتحدث معه مازال حياً يرزق (حسبما أوضح السيد كنا في فضائية الحرة يومي 1/11 و 8/11/2010). أول ما عمله الإرهابيون أنهم نصبوا رشاشة (بي.كي.سي.) في مكان مرتفع وبدءوا بالرمي ومن ثم قتلوا قساً هو الأب وسيم ثم آخر ثم رئيس القساوسة (الخوري). أحاطوا الكنيسة بمتفجرات جلبوها بصناديق أدخلوها من خلف الكنيسة. بدءوا يقتلون المصلين. لم يكن هناك شيئاً إسمه "مطالب". كانت النداءات عبر الهاتف النقال تستغيث "أنقذونا، إنهم يقتلوننا". الذي يريد تقديم مطالب لا يقتل القساوسة دون سبب وهم الذين يقع عليهم، منطقياً، الإختيار لإبلاغ الحكومة بمطالب الإرهابيين.

كل الدلائل تشير إلى أنه لولا التدخل السريع للقوات الأمنية (التي وصلت بعد عشرين دقيقة من الإتصال الذي أجراه السيد يونادم مع المسئولين) وحسم الموقف بقتل الإرهابيين لقتلوا مزيداً من الناس ولإستدلوا على عشرات الأشخاص الذين إختبئوا في غرف جانبية. بشهادة الجميع أبلت "الفرقة الذهبية" بلاءاً حسناً بمهنية عالية. من هذه المنطلقات فقد إستحقت القوات الأمنية إمتداح رئيس الوزراء لها، وهي لم تصنع "جنوناً" كما إدعى السيد سيار، بل أنقذت أبرياء من موت محتم. وفي الوقت الذي أحيل فيه بعض المسئولين الأمنيين إلى التحقيق لتقصيرهم في أداء الواجب، كوفئ آخرون لشجاعتهم وحسن أدائهم كما بين السيد شيروان الوائلي وزير الأمن الوطني في فضائية الحرة يوم 22/11/2010.

ولو إفترضنا، جدلاً، أن الإرهابيين قدموا المطلب الذي أذاعته "دولة العراق الإسلامية" لاحقاً، وهو وجوب إطلاق سراح فتاتين محتجزتين في كنيسة بمصر لإعتناقهما الإسلام حسب إدعائهم، كيف يمكن تحقيق هذا الطلب في الوقت الذي نفت فيه الحكومة المصرية وجود هكذا حالة ورفضت إقحام إسم مصر في هذا العمل الإرهابي. أما كان يعطي التعامل مع هكذا مطلب مزيداً من الوقت والقتل المبرمج لكسب أكبر قدر من الدعاية في حين وقفت بعض الفضائيات على أتم الإستعداد لإدامة الزخم الإعلامي والرقص فوق جثث القتلى الشهداء؟
بعد هذا وأكثر: مَنْ تسود عنده الحكمة والعقل ومن يفتقدهما، حكام العراق أم السيد سيار الجميل ومن على شاكلته؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
أصل النداء:

سيّدة النجاة .. متى تنقذين العراق ؟

أ.د. سيّار الجميل

سيدتي العظيمة ..يا سيدة النجاة ، أتضرع وأتوسّل إليك إنقاذ العراق من هول الكوارث التي تعصف به .. سيدتي الأم الحزينة أراك حزينة منذ أزمان طوال ، وأنت تشهدين هول المأساة .. لقد قتل اهلك وهم يتضرعون إليك .. وهم يؤدون صلاتهم في رحابك الجميل .. ما ذنبهم ؟ وما ذنب كل الأبرياء ليكونوا طعاما رخيصا للصراعات المقيتة على ارض بلاد الرافدين التي صبغها الاحمرار ؟ ماذا نفعل مع هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون إلا الموت طريقا لهم ؟ ماذا يفيد الأسى وإعلان بيانات الاستنكار ؟ إن السنين العجاف تمر ، وكل يوم وبلدنا يغرق في بحر الظلمات كالذي قلته وكتبته قبل شهر ! إن العراقيين المسالمين الطيبيين يتمنون أن تستقر هذه العاصفة الهوجاء التي جلبها الأشرار وهم لا همّ لهم إلا نحر الأبرياء .. لم يزل الإرهاب يترصّد بالعراقيين ، نعم ، إن الإرهاب ضدهم ، يقف بكل خططه وبرامجه بالمرصاد كي يحصد أرواحهم ويعصف بمستقبل أولادهم وأحفادهم ! ما الذي يريده المجانين ؟ ما الذي يرمي إليه كل القتلة ؟ إنهم يحصدون الأرواح بدم بارد .. إنهم يخططون لإفناء البلاد والعباد . لماذا يريدون خطف الطيف المسيحي من العراق ؟ من أعطاهم الحق بتصفية الأبرياء نساء ورجالا ، وهم يؤدون شعائرهم في دور عبادتهم التي أذن الله أن يذكر فيها اسمه ؟
سيدتي الحنونة .. أيتها الأم الحزينة ، أراك تذرفين دمعة على خديك بعد أن ذرفت الدموع طويلا .. وأنت تشهدين مأساة العراق والعراقيين .. متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء ؟ متى تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور ؟ متى يهب النسيم عليلا على كل العراق ؟ متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق ؟ كم كنت أتمنى أن تعالج المحنة مع الإرهاب والإرهابيين بغير هذا الأسلوب الهمجي الذي حوّل كنيستك الجميلة إلى ساحة حرب ! كم كنت أتمنى أن لا يخرج بعض المتشدقين وهو يمتدح " الفرقة الذهبية " في الذي صنعته من جنون ! المأساة ستبقى إن اكتفينا بالصمت القاتل .. المأساة ستبقى ما بقي الإرهاب ! الإرهاب سيبقى ما بقيت جماعات وأحزاب تتحكم بمصيرنا باسم الدين ! المصير سيبقى قاتما ما بقي العراق يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا !
سيدتي الكبيرة يا سيدة النجاة .. أنقذي العراق .. ادعوك وأتوسل إليك لا تتركي اهلك وسط غابة يعبث بها الوحوش ويتحكم بمصيرها الزناة .. وأهل العراق يتقطعّون اربا اربا وقد استعد الناس للمواساة وكلمات الرثاء وإلقاء المواعظ السخيفة ! متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئا آخر ؟ وأخيرا .. متى الضربة القاضية لكل العابثين والإرهابيين والمتواطئين والانقساميين والحاقدين والمجانين .. كي يذهبوا إلى الجحيم ، وتشرق الشمس ، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تاريخ العراق ؟




Opinions