هل الحديث عن تشكيل قوة مسيحية مسلحه هو كلام بمستوى المسؤوليه ؟
ان نتظاهر سلميا, أو نطالب ممثلينا في البرلمان بأتخاذ موقف أحتجاجي أزاء تقصير الحكومة كالقيام بإعتصام او إعلان مقاطعة الجلسات البرلمانيه أو تعليق عضويتهم , فهي مطالب وردود أفعال اقرب الى ما يتناسب ووضعنا بإمكانياته المتاحه في خضم مجمل ما يدور,أما الكلام عن تشكيل قوة مسلحه من الكلدواشوريين السريان المسيحيين لحماية أنفسهم وممتلكاتهم وكنائسهم فهي ظاهرة ملفته للإنتباه بسبب تكرارإثارتها إعلاميا بين فترة واخرى كلما حلّت كارثه بأبناء شعبنا كتفجير كنيسة او سيارة نقل طلبه او تفخيخ المساكن وما الى ذلك من جرائم كالتي حصلت في مجزرة كنيسة سيدة النجاة وتفجير البيوت فوق رؤوس ساكنيها في بغداد .إن الذي يرى أو يعتقد بأن إثارة فكرة تشكيل قوة مسلحه بهذا الشكل وبالعلن ستعود بالنفع والفائده على شعبنا فهو واهم لأنه بالأساس قد أخطأ في إثارتها علنيا( إن لم يكن متقصدا في الجهار بها) دون اجراء دراسة مسبقه حولها , أما إن كان أحدهم يثيرها بعفوية كردة فعل معلنه فتلك بالتأكيد ستكون أحد اسباب رفضها وفشلها كما اسلفنا والسبب واضح ,وحتى لو إفترضنا إتمام تحقيق تهيئة الفكرة وبلورتها داخليا ,فأمامها من التعقيدات الواجب أخذها بنظر الاعتبار لما تتطلبه من جهد وتشكله من عبئ على كاهل اهلنا , فهي على الاقل تتطلب جهدا عسكريا لإدارتها اولا ثم تمويلها بالمال والسلاح والبشر , ناهيك عن فرضية موافقة الحكومه( او من يرعى الحكومه) على ممارسة دورمثل هذه التشكيلات في المدن الكبرى التي يتواجد فيها ابناء شعبنا وكنائسهم ومحلاتهم , وهو امر ايضا خاضع للسين جيم وتحيط به الكثير من الشكوك .
نقول أن الذي يستطيع قراءة الوضع العراقي الشائك أو على الأقل يمتلك قدرة التفكير بطريقة عسكرية راقيه تمكــنه من ربطها بخيوط السياسة المتشابكه , سيجد بأن في الفكرة الكثيرمن الشكوك والملابسات التي تضفي على مثيريها حالة من جهل الامور إن لم نقل التشكيك في نوايا أصحابها , ناهيك عن العوائق والموانع التي ستصادف مدبريها حتى وإن كانت النوايا حميده ,و لو تدارس المرء بعقل ورويه حيثيات الفكرة والمتعلقات السياسية التي تكتنف المشهد العراقي برمته , سيجد أن في فكرة تشكيل القوة المسلحه في هذا الظرف العصيب الكثير من عناصر توريط شعبنا في مغامرات هوليوديه شبه انتحاريه لا أحد يعرف عقباها لا سياسيا ولا امنيا , نحن لا نعني في كلامنا هذا أن حال شعبنا اليوم بخير ولا يحق لنا البحث عن بدائل واساليب تخفف من وطأة ما يحل به, بل ما يعنينا هو الانطلاق من الواقع والتعاطي معه بمنطق وعقل , نعم قد خسرنا الكثير من أرواح اهالينا الابرياء بسب فوضى الاوضاعوتقصير الحكومة , والأكثر إيلاما تفاقم ظاهرة الهجرة خلال سنوات ما بعد سقوط النظام السابق, وهي أي ظاهرة الهجرة والتهجير الداخلي الحاصل بحق ابناء شعبنا هي لمن الخطورة بالحجم الذي يستدعي بحثها وإيجاد الحلول الوطنية لها, أما تعقيدها أكثر بفكرة تشكيل ميلشيات مسلحه فهذا ما لا طاقة لشعبنا به , بل نؤكد بان من صلب واجبات ممثلينا في البرلمان هوإثارة المأساة بقوة ومطالبة المسؤولين العراقيين والدوليين لوضع خطط امنية وطنيه حقيقية تحفز وتشجع أهلنا على البقاء في أماكنهم, كيف يتم ذلك؟ مؤكد ان لا احد يدعي ان هناك من يمتلك العصا السحريه , وهذا ما سبق وأكدنا عليه في رسالة سابقه وجهت الى ممثلينا في البرلمان والى قيادة الحركة الديمقراطية الاشوريةبالتحديد, طالبناهم بوجوب التأكيد على هذه النقطة الحساسة والسعي الى توحيد خطاب يمكننا من معالجة ما يمكن معالجته من اجل تقليل الخسائر ومحاولة تخفيف حدة الهجرة والأليات التي يمكن ان تؤدي الغرض على المدى القريب والبعيد . .
في قولنا بأن تبني فكرة تشكيل قوة شبابية مسلحه هو أمر يفرض علينا الحذر والتأني حتى في الكلام حوله , هذا لا يعني أننا نقلل من قدرات شبابنا او قصورهم وعجزهم في تأدية واجباتهم تجاه اهاليهم, بل يستوجب عدم القفز في لحظات الانفعال باتجاه ما هو أسوأ وأكثر تعقيدا للأمور , وما لدينا من أمثلة وحالات أبدع فيها الشباب في توفير حماية وامن قرانهم بفعاليات وامكانات شبه ذاتيه خير دليل في تأكيد تسخير جهودهم الذاتيه فقط في حماية مناطقهم في غياب سلطات الامن والشرطه.
نعم هناك من سيعاتب اليوم وينتقد أبناء شعبنا كونهم كانوا يوما في مقدمة الثوار في كفاحهم المسلح مع كافة العراقيين أيام الحركة الكردية المسلحه طيلة النصف الثاني من القرن المنصرم ,بينما اليوم يصيبهم كما يصفهم أحدنا ما اصابهم من تنصل عن أداء واجباتهم تجاه ابناء شعبهم المهددين بالموت والأختطاف والتهجير من أماكنهم. مثل هذا العتاب وارد ورغم أحقيةصاحبه في طرحه لكنه بقدر ما هو عاطفي فهو يفتقد الى مراعاة الوضع السياسي في العراق ويتغافل عن أهمية عامل الجغرافية وعلاقات الجهات السياسية فيما بينها ومواقفها المتذبذبة تجاه ما يجري لابناء شعبنا , إذن حين يراد التحدث عن فكرة التسليح يفترض أن تؤخذ هذه العوامل بنظر الإعتبار كمعيار الحكم في إقرار إمكانية تشكيل مثل هذه القوة من عدمها.
كي لانكون في طرح راينا موغلين في الحط من قدرات سياسيينا وعجزهم عن إدارة أزماتنا, لكننا نقولها بكل صراحه أن حال ساستنا لا يحسد وعلاقاتهم الداخليه ما تزال تراوح عند عتبة التراشقات , وتلك لعمري مسألة من الاهمية بدرجة تستدعي الى لقاءات وحوارات تقود الى الخروج بخطاب فاعل ومؤثرفي معقولية المطالبه التي تعنى بأوضاع أهلنا وتحمي وجودهم كي يتم قبولها عند عرضها بقوة أمام البرلمان كي يتم ترحيلها وتوجيهها الى الحكومة الجديده للإيعاز بتشكيل لجنةمركزيه خاصة تتفرع منها لجان محافظات محليه تعني في وضع خطة شامله لتحسين أمور ابناء شعبنا ,على سبيل المثال وليس الحصر :
1_ تشجيع أهالينا وخلق محفزات تشجع عودة الذين أجبرتهم الاوضاع المضطربه الى تغيير محلات سكناهم داخل العراق.
2_ تهيئة برنامج يدعمه توفير الأمن ورصد الأموال لتشجيع أهلنا المتواجدين خارج حدود العراق للعودة الى أماكنهم ووظائفهم بعد ضمان تعويضهم المجزي بما تسبب جراء مغادرتهم القسريه.
3_ بإيعاز من مجلس النواب, مطالبة الحكومة بتشكيل لجنة مختصه في كل محافظة او قضاءيتواجد او كان يتواجد أهلنا في حدودها الاداريه , تكون مهمة هذه اللجنة وضع خطط استراتيجيه ضمن المحافظة تكون مهمتها التشديد على تنظيم طريقة منصفه ومجزية لاستقبال العائد,كإعادة ممتلكاته له وتوفير المال الكافي له كي يستطيع تمشية اموره لحين عودته الى عمله او ايجاد فرصة عمل تناسبه.
4_ وضمن المحافظة ايضا , يتوجب على اللجنه المختصه وبالتنسيق مع المحافظة, وضع خطط وقوانين لتسهيل وتشجيع عملية إستقطاب اموال أهلنا المغتربين وإستثمارها في بناء و تطوير واقع قرانا ومدننا من كافة النواحي,كبناء المعامل والمدارس والنوادي الثقافيه وبناء المسارح والمرافق السياحيه وتطوير المواقع الأثريه .
5_ ما تم البدء به في بناء جامعة في برطله, هو نموذج يفترض ان يتم تعميمه في اماكن أخرى , فمثلا في سهل القوش او تللسقف هناك إمكانية وظروف طبيعيه مشجعه على بناء كلية زراعة و قسم للطب بيطري وليكن معهد , لان المنطقة و بحكم كونها زراعيه بحته فهناك إمكانية تشجيع بناء حقول تربية الدواجن و المواشي والابقار ومعمل تصنيع الحليب وتوفير منتجاته للإستهلاك المحلي او على مستوى المحافظه.
6_ إنشاء فروع مصرفيه صغيرة في نواحي واقضية مناطق تواجدنا ثم إطلاق القروض المالية لدعم المواطن الكلدواشوري السرياني المسيحي في الشروع للمساهمه في خلق البنى الاقتصادية الذاتيه التي ستوفر بدورها فرص العمل الكثيره والتي ستعكس حالة من الاستقرار المعاشي الذي سيحد من التفكير بمغادرة الأرض.
7_ ومن ضمن مهام اللجنة المذكورة أعلاه , حث المسؤولين في المحافظة والوزارات المعنيه على تشجيع شبابنا في القرى على الإنخراط في مؤسسات القوات المسلحه كالجيش والشرطه وأجهزة الأمن الوطنيه معتمدين سيرة الشاب وتحصيله العلمي في قبوله وليس بتزكية حزبيه من اي جهة كانت, طبعا على المدى القريب هذا سيضمن تهيئة الكادر المحلي في إدارة شؤون منطقته أمنيا , اي ان المواطن سيشعر بان الدولة هي فعلا مهتمة به وما عليه الا ان يؤدي واجبه الوطني ليس اقل من غير إخلاصا , علما بان ابناء شعبنا معروفون بمدى ولاءهم التاريخي وحبهم وإخلاصهم لوطنهم الأم العراق.
8_ مادام العراق في مرحلة إعادة البناء, فالكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية الدوليه قد بادرت منذ سنوات الى المساهمة في اموالها وخبراتها في تطوير بعض المناطقلكن بشكل مبعثر , مما يتطلب من هذه اللجنة المختصه حث هذه المنظمات الى رصد المزيد من إمكانياتها الماليه والخبراتيه من اجل تطوير الشوارع وتشجير المناطق بأحزمة خضراء تعطي للطبيعة رونقا من النقاء والجمال الذي يبعث في النفس التفاؤول وحب الحياة.
9_ تشريع قانون خاص يفسح المجال لأي مواطن له قدرة التنافس على تقديم أطروحة او دراسه من شأنها ان تطور واقع حال بلدته ومجتمعه, ولتكن منظمات المجتمع المدني هي الجهة المخوله في تنظيم وبرمجة هذا العمل ولتكن هي حلقة الوصل مع الجهات التنفيذية سواء في مكافأة المبدعين او في متابعة إنجاز الدراسة والبحث الذي يقدمه المبدع.
10_ كي تستطيع الجمعيات الثقافية والاجتماعيه والنوادي الرياضيه من ممارسة نشاطاتها بعيدا عن اي تداخل سياسي تتداخل صراعاته في نشاطها, على الحكومة ان ترصد لهذه المؤسسات الصغيرة منح سنويه او تجهيزات تساعدها على تمشية أمورها وممارسة نشاطاتها بشكل مهني مستقل وحر .
11_من مهام هذه اللجنه ايضا, حث الجهات الخدميه والتعليميه والصحيه على فتح دورات تدريبيه فنيه قصيرة لتخريج كوادر متوسطه تشغل وظائف وشواغر خدميه متوسطه.
12_ وقبل أن نختتم كلامنا نقول, لابد من الاشاره الى ما تعكسه السياسات وارهاصاتها من ظاهرة قضم الاراضي ومساعي تغيير ديمغرافيات القرى والمدن وبسط نفوذ المرجعيات والأحزاب من خارج حدود ومكونات أهالي هذه القرى, مما يتوجب فرض وتشريع قوانين مراقبة ومحاسبة من شانها أن تحد من هذه المظاهر والممارسات حفاظا على خصوصيات المنطقة وتاريخ تواجد ابنائها فيها.
13_ يبقى ان نقول في مسك خاتمة كلامنا, إن كانت الحكومة المركزيه صادقه في كلامها ووعدها بحماية المسيحيين من الكلدواشوريين السريان وتشجيعهم على البقاء والعيش بأمان, فما ذكرناه أعلاه يشكل القليل من الكثيرالذي يستوجب قوله والمطالبه به , لذا نوجه كلامنا الأخوي وبالدرجة الأساس الى سيادة محافظ نينوى المحترم وقائمقامييه ومدراء النواحي المحترمين :
نقول لكم يا سادة , أن على عاتقكم تقع مهمة الحفاظ على اهلكم وابناء وطنكم , ونحن لا نطالب بالمستحيل, لم نطالبكم بتعيين محافظ من اهالي تللسقف , ولن نطالبكم بترشيح القوشي لرئاسة الجمهورية كإستحقاق وطني, بل نطالبكم بتهيئة الظروف لضمان العيش الهادئ لهذه الشريحة المنكوبة ومعها بقية الشرائح الصغيره الاخرى التي لا تقل معاناتها عن معاناة اخوانهم وجيرانهم الكلدواشوررين المسيحيين وشكرا لكم.
الوطن والشعب من وراء القصد.