Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل تستحق البيضة الأولى كل هذه التضحيات ....؟

في حالة التربية الطبيعية للدجاج بعيدا عن الأقفاص والمداجن وفي احضان فناءات البيوت القروية الواسعة أو داخل المزارع المفتوحة تبدأ الدجاجة في شهرها السابع بانتاج البيض ولكن قبل أن تضع بيضتها تصبح اليافعة منهن عصبية المزاج ولا تترك زاوية في البيت كله أو داخل النطاق المخصص لها ولا تجوبه وبصحبتها أقرب ديك إلى قلبها وهكذا تجدها راقدة في عدة أمكنة كل ثوان معدودة بعد تغير رأيها في المكان حتى تستقر في زاوية معينة تضع فيها البيضة الأولى الصغيرة والملونة بالقليل من الدم , لتنطلق بعدها أهازيج النصر والفرحة وصيحات الفخر منها ومن صديقها مدوية معلنة ولادة البيضة الأولى .
وهنا يحق لنا أن نتسأل هل العراق الجديد بقيمه الغريبة عن المنطقة هو بيضة أمريكا الأولى أم هو بيبضتها الأخيرة وعلى هذا الأساس سيقرر المزارع (( التاريخ )) بقائها أو تحويلها إلى أقرب مجزرة لأنها شاخت وكبرت .. ؟
أن موضوع العلاقة بين البيضة والدجاجة فيه الكثير من التداخلات والتأويلات التي تصعب علينا معرفة أيهما الأول البيضة أم الدجاجة فالواحدة هي نتاج الأخرى .هل سيولد العراق الجديد من دجاجة أمريكية أم أن أمريكا ستصبح أمبراطورية خالدة بعد أن تولد من العراق وتخرج منتصرة .
فبعض الأوربيون يصفون أمريكا بأنها أمبراطورية لم تعرف مرحلة البلوغ بعد وربما تكون بتصرفاتها هذه وتسلطها ورغبتها في نشر قيمها في العالم بأسره ولا سيما في منطقة عنيدة كهذه , تعمل بذلك على البرهنة بأنها ولود منتجة ولكنها ربما لم تختر المكان المناسب الذي يتلائم مع تطلعاتها أو قد تكون أصابت في ذلك ولم يتبقى شيء لكي يصل المستفيد من البيضة ليأكل الشرق الأوسط كله سواء برغبته أو رغما عن حكامه خصوصا إذا أثبتت امريكا بأن البيضة الأولى ستليها أخرى ولا يمكن مقاومة طعمها اللذيذ وهي في ذلك لا تتوانى عن تقديم كلفة باهضة للحصول على مكان ملائم لوضعها سواء البشرية منها او المادية . ولكن في الجهة الأخرى يوجد وجهة نظر مختلفة تماما تجاه البيضة (( الحرية والديمقراطية )) ألا وهو العراق ذلك المكان الذي قدم الملايين من الشهداء والمعاقين وخلفت الحرب الأخيرة فيه أرقاما هائلة قد تصل إلى نصف تعداده من الأرامل واليتامى والعنوسة وغيره من الكلف الأجتماعية التي وجد العراق نفسه مجبرا على تحملها بعد تأخر توقيت خروج البيضة وأنكماش القش العربي والأسلامي تحت الدجاجة الأمريكية هائلة الوزن والقليلة الخبرة في دفع البيضة إلى الخارج .
كعراقيون نستغرب عندما يتحدث أحدهم عن كلفة الحرب الأمريكية على الأرهاب وعن تلك العدادات السخيفة التي نصبوها في شوارع مدنهم الكبرى مع تقديرنا المطلق لكل من قدم تضحية في سبيل مبدأ ما . ولكن تبقى مليارات أمريكا والأف القتلى من جنودها أقل ما يمكن تسميته من ثمن لبيضتها الأولى في الشرق الأوسط لأن ما دفعناه كبلد , تمزق وهجر أبنائه ونهبت ثرواته وسقطت مؤسساته وفقد كل شيء في حرب لا يعلم لحد الأن من سيستولي فيها على الغنيمة , الجرذ أم المزارع نجدها لا شيء وإذا كان لك راي معاكس تخيل نفسك مخطوفا قتل لأنه لم يدفع فدية أو شابة أغتصبت وقتلت لأنها خرجت من المنزل .
كعراقيون وفي تقديرنا وحساباتنا , أمريكا مجبرة على تحمل المزيد لأنها لحد الأن لم تتألم بما يكفي ويعادل الامنا ولا يجب أن يخرج عراقنا الجديد بعد من جوفها ألا كأي بلد معافى بعيدا عن المخاطر والتهديدات داخلية كانت او خارجية حتى لو أستوجب ذلك قرن كامل من التعهد والألتزام الأمريكي بالمساعدة والمساندة بعد عقود من العداء وتجربة أخطر أنواع الأسلحة على بلدنا وفي أرضنا وإذا كان أسياد البيت الأبيض المقبلون يتشدقون ويتكلمون عن خسائرهم وتكاليف حروبهم الباهضة من أجل الحصول على مرقد ملائم لوضع بيضتهم الأولى في الشرق الأوسط ويجدونها غير مبررة وبأنها قد تعدت حساباتهم وأستنزفت ميزانية بلدهم فلينظروا إلى الأمر من وجهة نظر البيضة فالأخيرة كانت مكلفة وقد تذهب لأيادي لا تجمعها وتحضرها لموسم الرقود التالي وتيتي تيتي رحت يا أمريكا من التاريخ مثل ما أجيتي .


عصام سليمان – تلكيف .
Assyrian_publisher@yahoo.com
Opinions