هل حسم الأمر أم مازال الباب مفتوحاً على مفاجآت...!!؟
الجدل الوطني حول ارجحية خيار القائمة المفتوحة او خيار القائمة المغلقة مازال حامياً وسترتفع وتيرة الدفاع عن هذا الخيار او ذاك حتى يشرع قانون الانتخابات ونأمل ان ينجز ذلك خلال الايام القليلة القادمة .لسنا بالتأكيد بصدد الحديث عن ارجحية اي من الخيارين ، ذلك ان العراقيين قد حسموا امرهم كما يبدو لصالح القائمة المفتوحة وهو امر طيب ويؤشر لوعي سياسي .
الا ان مجرد طرح الموضوع على الصعيد الوطني ومناقشته بحرية على مختلف الاصعدة وعلى مختلف المنابر دليل صحة وخير ، ونستطيع ان نقول بصراحة ان التجربة الديمقراطية ، ثقافة الشورى ، قبول الرأي والرأي الاخر ، تنمو وتتعمق جذورها باطراد ، ولو تدريجياً ، وان جرى ذلك ببطء ، وتبقى الظاهرة الملفتة للنظر في هذا المجال ،هي نضج الكيانات السياسية المهيمنة حتى الان على المشهد السياسي وشعورها بضرورة الاستماع الى توجهات الرأي العام وافضلياته وخياراته في بناء الدولة .
لقد تغيرت مواقف كيانات سياسية مرموقة وكيفت موقفها السياسي (المعلن) مؤخراً كي يتطابق مع اجماع شعبي يكاد يكون تاماً ، وآمل ان يتغير موقف كيان سياسي اخر مازال يحبذ خيار القائمة المغلقة كي يتحقق الاجماع الوطني المنشود .
تطور جديد تناقلته وكالات الانباء حول عزم مجلس النواب التصويت على القانون موضوع البحث بطريقة (الكترونية) ، وبالطبع لا اعترض على موضوع فني يفترض ان لا يغير في التصويت ولا في نتائجه ، ونفترض ان المقترح بريء وانه خال من اية اغراض او مرام سياسية , ويأمل العراقيون ان لاتوفر هذه الوسيلة غطاء للتضليل والتدليس ، بحيث تأتي نتائج التصويت لاحقاً مغايرة ومخالفة لما اعلنته معظم الكيانات السياسية بتفضيلها القائمة المفتوحة ، وبذلك يتخلص اعضاؤها من الحرج ، من زاوية ان قناعاتهم الحقيقية خلاف المعلنة ، اي ان موقفها الحقيقي هو لصالح القائمة المغلقة . واذا حصل ذلك ، والمأمول والمرتجى أن لايحصل ، فان مجلس الرئاسة سيكون له موقف بالتاكيد ، انطلاقاً من كونه يمثل وحدة الوطن ... سيادة البلاد ، يسهر على ضمان الالتزام بالدستور ، والمحافظة على استقلال العراق ، وسيادته ، ووحدته ، وسلامة اراضيه . (المادة 67 من الدستور )،...فاذا جاء قرار مجلس النواب خلاف الاجماع الوطني ، معارضاً للارادة الشعبية - نكرر أملنا ان لايحصل ذلك - فان المصلحة الوطنية تقتضي حينئذ تصويب القرار وفق الدستور وبتدخل مجلس الرئاسة .
العراقيون محبطون من عملية سياسية مازالت وعودها ونهاياتها معلقة بين الامل والرجاء ، وبالتاكيد سيتضاعف الاحباط ويتفاقم الشعور بالالم وربما ينقلب الى غضب ويأس اذا جاءت الرياح بما لاتشتهي السفن .
لسنا بحاجة للمزيد من الانشقاق والانقسام على خلفية تفاوت التشريعات وابتعادها عن رغبات المواطنين بل الحاجة الماسة اليوم الى مواقف سياسية ينبغي ان توظف ليس فقط من اجل تخفيف الاحتقان وازالة المخاوف والشكوك ، بل الى التقارب والوحدة ، وفي هذا المجال يمكن ان يلعب مجلس الرئاسة دوراً كبيراً ، في تصويب التشريعات القانونية حتى تأتي ملبية لتطلعات العراقيين ، وليس رغبات لكيانات سياسية تقتضي اجندتها ونظرتها الضيقة خلاف ذلك ، وبالتأكيد يكون لموقف المجلس من هذه المسأله المثيرة للجدل المبررات المنطقية والمسوغات الشرعية النابعة من تطابق الموقف مع رغبة المواطنين ، المعنيين اولاً واخيراً في الانتخابات ، بل سيكون من السهل الدفاع عن مثل هذا الموقف الذي اتوقع انه سيحظى بدعم شعبي لم يسبق له مثيل.
اشارة لابد منها حتى لايقرأ البعض موقف المجلس خطأ ، ويتدارك امره مبكراً من اجل ان يمضي قانون الانتخابات المعدل في سياقه التشريعي المطلوب لصالح القائمة المفتوحة دون مزيد من التأخير والتعويق.