Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل حقاً المالكي هو السبب؟

 

بعد نشر مقالي الموسوم (أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين)(1)، وصلتني مقالات لصحفيين وباحثين غربيين ترقى إلى مستوى دراسات موثقة، تؤكد ما ذهبتُ إليه، وتلقي أضواءُ كثيرة على ما يجري من هجمة ضارية شرسة على العراق لاغتيال النظام الديمقراطي وإعادة حزب البعث للسلطة، أي انقلاب على كل ما تحقق منذ عام 2003 في العراق. والغرض من هذه العملية هو إسقاط حكومة المالكي وإقامة حكومة بديلة معادية لإيران، وبمشاركة حزب البعث أو حتى استلام البعث للسطة كاملة. والغرض الثاني من هذه الهجمة هو تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كما خطط له نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2009، كجزء من مخطط لتفتيت البلدان العربية خدمة لإسرائيل وإبقائها الدولة العظمى الوحيدة في المنطقة. وهذه ليست من نظرية المؤامرة، بل هي حقيقة ظاهرة للعيان كما نرى نتائجها الملموسة.


ففي مقال للصحفي الأمريكيMIKE WHITNEY  بعنوان (The ISIS Fiasco: It’s Really an Attack on Iran)، فيه الكثير من الأدلة والبراهين تؤكد هذه الحقيقة وبشيء من التفصيل(2). لقد بدأت الحملة منذ تسنم السيد نوري المالكي رئاسة الوزارة في ولايته الثانية عام 2010. وبرزت المعارضة العنيفة ضد المالكي تحت مختلف الحجج والاتهامات بعمليات إرهابية، ترافقها حملة إعلامية واسعة لتشويه سمعة الحكومة بالفساد وسرقة الأموال، ومطالبة أمريكا بعدم تسليح الجيش العراقي، وقد جندوا لها إعلاميين وكتاب شيعة ليكون تأثيرهم أقوى على الشيعة، فسخر هؤلاء المرتزقة أقلامهم في الإعلام الخليجي والسعودي لهذا الغرض، كما ونجحوا في اختراق الجبهة الشيعية (التحالف الوطني) بكسب التيار الصدري وجماعة الحكيم، من أمثال أحمد الجلبي وغيره ليرددوا ذات الاتهامات ضد المالكي أنه عزل السنة والكرد وحتى كيانات سياسية من الجبهة الشيعية. وآخر من تم تجنيده لهذا الغرض هو الناطق الرسمي السابق للحكومة العراقية علي الدباغ، فاخترع لنفسه وظيفى جديدة وهي "الناطًق الرسمي للجبهة الشيعية ضد المالكي"، وفجأة صار النجم اللامع للإعلام بما فيه بي بي سي، ليردد كالببغاء نفس الاتهامات ضد المالكي دون أي تحريف مما لقنه الأسياد، مع التركيز على تعبير (سنة وشيعة)، وحتى تسمية داعش بالمسلحين السنة! وليس بالإرهابيين.


 


تركزت حزمة الاتهامات ضد المالكي فراحوا يرددونها ليل نهار، واستأجروا لها شركات العلاقات الاجتماعية وكتاب عمود مشهورين مثل توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمس، الذي أوجز هذه الاتهامات كما يلي:


"لقد أثبت رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي، أنه ليس صديقا للديمقراطية ولا للتعددية في العراق. فمن اليوم الأول استغل منصبه لتثبيت الشيعة في الوظائف الأمنية الرئيسية، وطرد الساسة والجنرالات السنة، و وجه المال مباشرة إلى المجتمعات الشيعية. باختصار، كان المالكي فاشلاً كلياً. إضافة إلى كونه رئيسا للوزراء، جعل نفسه القائم بأعمال وزير الدفاع وزير الداخلية ومستشار الأمن القومي، ونصب رفاقه للسيطرة على البنك المركزي ووزارة المالية. وللمالكي خيار - إما الحكم بطريقة طائفية أو بطريقة يشمل جميع الفرقاء - وأنه اختار الطائفية. ونحن لسنا مدينين له بشيء. " (المبادئ الخمسة للعراق، توماس فريدمان، نيويورك تايمز، نقلاً عن مقال مايك وتني)(2).


 


ذات الاتهامات تكررت على لسان جي غارنر الذي قال: "لا أحد هناك يريد أن يُحكم من قبل بغداد، قمنا بدعم المالكي في العام 2010 وكنا على دراية تامة بأنه سيحرم الأكراد وسيضطهد السنة وسيكون دمية للإيرانيين،"(كذا)، لافتا إلى أن العراق وأمريكا فشلتا بالتوصل إلى اتفاق في العام 2011 لإبقاء قوات على أراضيها وأن هذا الأمر عرض "المكاسب والعمل الجيد الذي قمنا به" للخطر.(3)


 


هذه الاتهامات راحت تتكرر وبعبارات موحدة على لسان أغلب الإعلاميين والسياسيين في الغرب والخليجيين، وحتى بعض العراقيين الذن تم تجيندهم لهذا الغرض، وكأنها منظمة عملاقة خاضعة لقيادة مركزية موحدة تلقنها بما يجب أن تقول وبمنتهى الانضباط والالتزام، أشبه بفرقة الأوركسترا الخاضعة لإشارات من قائدها.


 


فهل حقاً هناك تهميش وعزل للسنة والكورد من قبل المالكي في العملية السياسية؟


لقد ناقشنا هذا الموضوع في مقالات عديدة، وأهمها مقال لنا بعنوان (التهميش، وثياب الامبراطور الجديدة)، ذكرنا فيه زيف هذه الادعاءات والاتهامات أنقل فقرة من هذا المقال:


((فهل حقاً يمكن تهميش مكونة كبيرة من مكونات الشعب العراقي من الحكم في النظام الديمقراطي؟ وماذا عسى لهذه الحكومة، ومهما كانت الهوية المذهبية لرئيسها، أن تفعل إذا قام قياديون عرب سنة في السلطة مثل طارق الهاشمي، ورافع العيساوي، و أحمد العلواني وغيرهم بأعمال إرهابية؟ فهل تسكت عنهم لأنهم سنة، ولأن رئيس الحكومة شيعي لكي لا يتهم بالطائفية؟علماً بأن الجهة التي وجهت التهمة لهؤلاء هي (مجلس القضاء الأعلى) الذي رئيسه ومعظم أعضائه من السنة. كذلك قال الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية في العراق سابقاً، أنه كان على علم بتورط طارق الهاشمي بالإرهاب. أما رافع العيساوي فقد ظهر على شاشة التلفزة وهو ينقر على الدف ويرقص في ساحات الاعتصامات مع المعتصمين وهم رافعين رايات "القاعدة" السوداء. أما أحمد العلواني فبالإضافة إلى خطاباته البذيئة في الشحن الطائفي على منصات ساحات الاعتصامات، والمسجلة على اليوتيوب، ألقي القبض عليه بالجرم المشهود وهو يواجه القوات الأمنية بإطلاق النار عليهم. وهل هناك سلطة تحترم نفسها تسكت عن هؤلاء من أجل أن لا تتهم بمطاردة إرهابيين من مذهب معين؟ وهاهي الأنباء تفيد أن وزارة المالية الأميركية وضعت أربعة عراقيين من بينهم حارث الضاري (الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق) تحت طائلة أمر رئاسي يقضي بتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم داخل الولايات المتحدة ومنع المواطنين الأميركيين من إجراء أي تعاملات تجارية معهم كونهم يهددون السلام والاستقرار في العراق. http://alakhbaar.org/home/2014/1/161527.html


فهل أمريكا جمدت أموال هؤلاء لأسباب طائفية؟ في الحقيقة أمريكا تأخرت عشر سنوات عن توجيه التهمة لحارث الضاري وعصابته، وهو الذي صرح على رؤوس الأشهاد قبل سنوات أن "القاعدة منا ونحن منها". (4)


 

فكيف يمكن للمالكي عزل السنة والكرد وهم يشغلون المناصب العليا التالية: رئيس الجمهورية سني كردي، وله نائب عربي سني، رئس البرلمان عربي سني وله نائب سني كردي، وللسنة نائبان لرئيس الوزراء، وللسنة عرباً وأكراداً أكثر من نصف مجلس الوزراء، بما فيها وزارات سيادية مثل الخارجية والدفاع. أما البرلمان فحسب ما تتمخض عنه صناديق الاقتراع ولا دور للمالكي فيه.


 


المالكي متهم بالدكتاتورية، ونحن نعرف أن الدكتاتور هو الذي يصدر القرارات والقوانين دون الرجوع إلى برلمان إن وجد. بينما المالكي لا يستطيع إصدار أي قرار أو قانون إلا من خلال البرلمان. بل صار البرلمان عقبة أمام إصدار القوانين العاجلة التي لها علاقة مباشرة بحياة الشعب مثل قانون الموازنة، وإعمار العراق اللذين رفض البرلمان التصويت عليهما نكاية بالمالكي، ولم يستطع "الدكتاتور" المالكي أن يعمل أي شيء إزاء هذا الوضع ومع ذلك فهو دكتاتور !!.


وهكذا تعودنا على تكرار نفس الاتهامات كلما حصل تصعيد إرهابي أن المالكي همش الكرد والسنة، وأن ما يجري في المناطق السنية ليس إرهاباً، بل انتفاضة العرب السنة المظلومين المهمشين من قبل المالكي!!


 


المالكي هو السبب؟


وافضل رد على هذه الاتهامات وصلني عبر الإيميل، وأذيع على اليوتيوب جاء فيه ما يلي:


((لم يكن المالكي رئيساً للوزراء عندما ذبحتم أكثر من ألف شخص على جسر الأئمة، 


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وكنتم تقفون في اللطيفية تذبحون الموتى ومن معهم الذين جاؤوا لدفنهم،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وفجرتم الضريحين العسكريين في سامراء،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وقتلتم في يوم واحد بمفخخاتكم في مدينة الصدر أكثر من 500 شخص،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وفجرتم الحلة وراح ضحيتها أكثر من 300 شخص،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وقتلتم عزالدين سليم وباقة من الشهداء،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء وذبحتم 40 طفلاً في بغداد الجديدة،


لم يكن المالكي رئيساً للوزراء ودمرتم الجسور والوزارات وكل بنى العراق التحتية،


قلتم إن تنحي الجعفري فسنقبل بأي مرشح وها أنتم اليوم تقولون أن تنحي المالكي سنضمن الأمن.


غاياتكم ونياتكم مكشوفة عسى المغرر بهم من جمهور الشيعة يعرفون من أنت ولماذا تحاربون)).أنتهى.


 


ما هي ألأسباب الحقيقية للتخلص من المالكي؟


إذن ما هي أسباب الصراع ضد المالكي؟ هل حقاً كل هذه الأزمة أنتجها المالكي، وما أن يتنحى حتى و يعود الأمن والاستقرار والازدهار إلى العراق و"يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"؟


كلا وألف كلا، فحملة مطالبة المالكي بالتنحي (Maliki must go)، ما هي إلا ذريعة واهية لأغراض شريرة أهمها إعادة العراق إلى ما قبل عام 2003، وإلغاء الديمقراطية، وتسليم السلطة إلى البعث ورما باسم آخر، المهم تنصيب حكومة معادية لإيران، ومتحالفة مع السعودية وتركية وقطر وغيرها، لتنفذ ما يملى عليها من بارزاني وغيره. والغرض الأبعد هو تدمير المحور الروسي الصيني الإيراني.


وتأكيداً لما نقول هو ما صرح به مقتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي لصحيفة الشرق الأوسط اللندية السعودية قائلاً: «... والثورة لن تقف عند تنحي المالكي، بل نحن ماضون إلى تغيير العملية السياسية الحالية برمتها، لأنها بُنيت على خطأ يجب تغييره».(5)


ونقلت صحيفة (جاودير) عن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الملا بختيار قوله: ".. إن (داعش) والمتعاونين معها لا يهدفون الى تشكيل اقليم سني، بل ان هدفهم تدمير العملية السياسية والديمقراطية في العراق."


وهذا يؤكد لنا أن المالكي ليس السبب، بل العملية السياسية والديمقراطية في العراق برمتها، فهؤلاء مخربون وليسوا طلاب حق.


 


احتلال أمريكي جديد


وما حصل من احتلال للمحافظات الغربية هو في الحقيقة احتلال أمريكي جديد وبدون قوات أمريكية، حيث سخروا له منظمة (داعش) الإرهابية، وهي بالأساس فرع منشق من القاعدة، وفي العراق أنظم إليها الضباط البعثيون في الجيش العراقي السابق لقيادتها، فوجهوها لتحقيق أغراضهم، كما وتم اختراق الجيش العراقي الجديد بالضباط البعثيين، وتم التخطيط لما يحصل الآن منذ سنوات. فهناك تلاقي وتطابق في الأغراض الآنية بين أمريكا وداعش والبعث. داعش تريد إبادة الشيعة، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية، البعث يريد إعادة السلطة المفقودة، أمريكا تريد حكومة معادية لإيران وحكومة بشار الأسد في سوريا وضد روسيا والصين في المنطقة.


 


وإضافة إلى الأدلة التي ذكرناها في مقالنا السابق(1)، عن دور واشنطن في هذه الجريمة، هناك أدلة أخرى حصلنا عليها مؤخراً، تؤكد أن ما يجري في العراق تم بتخطيط من إدارة أوباما، والسعودية وتركيا وقطر. ففي رسالة من صديق عراقي أكاديمي بارز يعمل في أحد المعاهد الأمريكية، وناشط في مجال إعمار العراق، قائلاً:


"هل تعلم ان الشركات العملاقة هنا توقفت عن متابعة البناء في العراق قبل سنة، وأخبرني رؤساء هذه الشركات ان الوزارة الخارجية الأمريكية لا تشجع اعمال بناء المصافي والبتروكيميائيات في العراق لان الوضع قريبا سينفجر وهذه معلومات قبل سنة الخ"

ومعلومة أخرى من الصديق نفسه قال: "قبل أسبوعين اتصل بي تلفونيا، رجل كردي حاصل على الجنسية الامريكية ويعمل مستشار لشركة في تكساس، قال لي عنده نفط بكميات كبيرة وهو في الناقلات من كردستان، ومستعد ان يقدمه لمشتري معروف عندي بسعر تحت سعر السوق بعشرين دولار على البرميل، فقلت له قبل الحديث معه أني أعمل حسب قوانين الحكومة ألمركزية في بغداد ومن خلال مؤسسة التسويق SOMO ولا اعمل أي شيء إلا بما يتناسب مع قوانين الحكومة العراقية لوزارة النفط العراقية ولا توجد اية مؤسسة قانونيه للنفط العراقي غيرها... وقلت له: هل ممكن ان اعرض هذا الطلب على مؤسسة SOMO ليصادقوا عليه، فرفض رفضا باتا. وفي مكالمة أخرى عرض عليَّ مبلغ كبير جداً عدة ملايين دولارات، وقال اذا لم اقبل فسوف اندم لان الخارطة ستتغير خلال اقل من شهر... فأغلقت التلفون بوجهه...)) أنتهى.

فماذا نريد أكثر من هذه الأدلة على أن ما يجري من تصعيد للإرهاب الداعشي وبقيادة البعثيين وبهذه القوة الغاشمة، هو طبخة أعد لها في واشنطن منذ سنة وحانت ساعة الصفر يوم 10/6/2014 ؟

 

كما ويشهد رئيس المجلس المركزي لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني السيد عادل مراد عن الهجمة  التي شنتها جماعة داعش، على العراق، قال”هذا المخطط أعد له في اجتماع جرى في عمّان العاصمة الأردنية، وحضره مندوب عن زعيم جماعة داعش أبوبكر البغدادي، وممثلون عن عزة الدوري والبعثيين، وكتائب ثورة العشرين، والجيش الإسلامي، وجيش المجاهدين، والطريقة النقشبندية، وتم رفض مشاركة جناح حزب البعث الذي يقوده يونس الأحمد، وهناك وضع مخطط هجوم داعش على الموصل ثم تقدمت هذه الجماعة  الإرهابية الى بقية المناطق العراقية وخلقت حالة الفوضى التي نشهدها حالياً."(6)


وفي تتابع خطير لتداعيات التقارير التي تحدثت عن خطط اميركية وبريطانية لاعادة البعثين الى مسرح السلطة في العراق للمشاركة، او السيطرة على الحكم، نشرت صحيفة " ليفتس كانك " النرويجية تقريرا خطيرا عن الاتصالات الجارية بين البعثيين والمخابرات المركزية الاميركية الـ(CIA) والإدارات البريطانية المسؤولة عن ملف العراق. وكشف التقرير عن ضغوط سعودية وأردنية وخليجية تمت ممارستها على الادارة الاميركية لتقليص النفوذ الشيعي والعمل على اعادة ضباط الجيش والمخابرات البعثيين الى السلطة في العراق. وكشفت الصحيفة عن قيام طائرات خاصة بثلاث رحلات لنقل ضباط وسياسيين بعثيين مع عوائلهم من صنعاء الى بغداد في الاسبوعين الماضيين(7)


 


كذلك رفضت إدارة أوباما مساعدة العراق بمد جيشه بالسلاح والذخيرة والطائرات التي اشترتها حكومة المالكي منذ مدة وفق الاتفاقية الأمنية المعقودة بين البلدين، والغرض من هذا التلكؤ هو منح الوقت الكافي لداعش لتحقيق المهمة القذرة الموكولة بها، وهي احتلال كافة المناطق السنية لضمان تقسيم العراق وفرضه على الحكومة العراقية الحالية أو القادمة كأمر واقع. واكتفت إدارة أوباما بتكرار القول أن الحل سياسي، بتشكيل حكومة جديدة تشمل السنة والكرد بشراكة أكبر، وكأن هذه الشراكة غير موجودة الآن. 


 

وماذا عن أخطاء المالكي:

يعاتبني بعض الأصدقاء أني لم أذكر شيئاً عن أخطاء المالكي. نعم، المالكي غير معصوم عن الخطأ، فحياة الإنسان عبارة عن سلسلة من الأخطاء، والعاقل من يتعلم من أخطائه. ولكن المفارقة، أن هذه أخطاء المالكي هذه تعتبر عند خصومه حسنات. على أية حال، فمن أخطاء المالكي في رأيي ما يلي:

الخطأ الأول، أنه وافق على إعادة الضباط البعثيين في الجيش. وما حصل يوم 10/6/2014 من تسليم الموصل لداعش، وكركوك للبيشمركة نتيجة مباشرة لهذا الخطأ القاتل، خطط له منذ سنوات وبمنتهى الاتقان والخبث.

الخطأ الثاني، أنه وافق على نقل السجناء من بغداد والمناطق الأخرى من العراق إلى سجن بادوش وغيره في الموصل. وقد حصل مراراً فرار السجناء الإرهابيين من سجون الموصل خلال السنوات الماضية، ولا شك عندي أن الهروب كان يتم بتنسيق من الإدارة والمحافظ. ثم جاءت الكارثة الكبرى عندما سيطرت داعش على الموصل فتم إطلاق سراح الإرهابيين، وإعدام نحو 500 من السجناء الشيعة المحكومين بجرائم غير إرهابية.

الخطأ الثالث، إبقاء كلية القوة الجوية في شمال تكريت، ونتيجتها قتل 1700 من تلامذتها من الشيعة أيضاً على أيدي إرهابيي البعث الداعشي الطائفي.

رابعاً، إذعانه لضغوط إيران بعدم الموافقة على إبقاء قوات أمريكية في العراق لتدريب القوات العراقية ومساعدتها في محاربة الإرهاب عند الضرورة خاصة والعراق مهدد بالإرهاب ومن قبل دول الدول الجوار.

خامساً، عدم الاهتمام بالعلاقات العامة وتكوين لوبيات لحكومته في أمريكا وأوربا. فأمريكا تدار من قبل اللوبيات. ولذلك نجح خصوم المالكي (علاوي، والنجيفي والمطلك وبارزاني وغيرهم) في كسب المتنفذين في مجلسي: الشيوخ والكونغرس، وإدارة أوباما في البيت الأبيض، وبالأموال والضغوط السعودية والخليجية الأخرى، ولذلك نجد المالكي محاصر من كل حدب وصوب، وهو الآن مشروع شهادة، ليذبح العراق مرة أخرى كما ذبح في شباط 1963، وعلى أيدي نفس الجهات الداخلية والخارجية.

 

الاستنتاج:


نستنتج من كل ما تقدم، أن التحجج بدكتاتورية المالكي، وعزله للسنة العرب والكرد، وتفرده بالسلطة وصنع القرار السياسي، ما هو إلا غطاء لمخطط رهيب يهدد الشعب العراقي والمنطقة بأسرها، فما يجري هو احتلال أمريكي جديد ولكن ليس بجيوشها هذه المرة، بل بجيش داعش الإرهابي، مدرب أفضل تدريب ومجهز بأحدث الأسلحة الفتاكة، يقوده أشد الغلاة من الضباط البعثيين. أي أنه انقلاب على الديمقراطية، للمجيء بالبعث كمشارك فعال في السلطة أو يقود السلطة لتكون في بغداد حكومة معادية لإيران، وبالتالي إدخال العراق مرة أخرى في نفق مظلم قد يستغرق عشرات السنين. ويبدو أن مخطط تقسيم العراق إلى ثلاث دول مهيأ للتنفيذ، وليتحول قريباً إلى الأمر الواقع، وأن يقبل العراقيون ما لم يكن في الحسبان.


ـــــــــــــــــــــــــــــ


روابط المراجع


1- عبدالخالق حسين: أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين


http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=660


 


2- MIKE WHITNEY: The ISIS Fiasco: It\'s Really an Attack on Iran


http://www.globalresearch.ca/the-isis-fiasco-its-really-an-attack-on-iran/5387832


 


3- رئيس إعادة إعمار العراق لـCNN:  طريق طويل من الأخطاء الأمريكية بالعراق


 http://alakhbaar.org/home/2014/6/170897.html


 


4- عبدالخالق حسين: التهميش، وثياب الامبراطور الجديدة


http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=626


 


5- مفتي العراق: الثوار ماضون لتبديل العملية السياسية برمتها.. وما تفعله «داعش» لا يقيم الدولة


http://www.aawsat.com/home/article/123996

 

6- عادل مراد: هجمة «داعش» خطط لها في الأردن

http://alakhbaar.org/home/2014/6/170951.html


 


7- صحيفة نرويجية تكشف عن اتصالات مكثفة بين البعثيين وبين الاميركيين

والبريطانيين لتامين وصولهم للسلطة في العراق

http://burathanews.com/news/61955.html



 رابط ذو صلة


فيديو: موقف علماء السنه في العراق ((هام جدا))

https://www.youtube.com/watch?v=60G2pq8mYuo&feature=youtu.be


 

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
قراءات في النتائج (٤) نزار حيدر/ لا ادري لماذا يصر بعض (المثقفين) فضلا عن السياسيين، على تسطيح الوعي مع سبق الإصرار؟ فتراهم يتعاملون مع الأرقام فواطم: قصة عن الهندسة وتمكين المرأة في العراق فواطم: قصة عن الهندسة وتمكين المرأة في العراق بينما تقود سيارتك جنوب العراق نحو مناطق الميناء في البصرة، لن يخطر على بالك بأن المنطقة تعاني من أزمة خطيرة في توافر المياه. تجعل هذه الأزمة شبكة محطات المياه الخاصة بأقضية خور الزبير وسفوان وأم قصر رمزاً للتخفيف من وطأة التغير المناخي ومثالاً للصمود عندما يتحول الدين والمذهب والفكر النير إلى مجرد الفاظ وأقوال ليون برخو/ سأحاول في هذا المقال تقديم عرض موجز لفلسفة تحليل الخطاب (اللغة) لقرائي الكرام وسأتجنب الجانب النظري قدر المستطاع من خلال منحهم امثلة حية من الواقع الإجتماعي مقارنا ومقاربا ما لدينا بما لدى الأخر المختلف عنا. الطَبيبُ البَيْطرِيّ في عُقْرِ رِسالَتِهِ شذى توما مرقوس / ( أَيُّ دَوْرٍ لِلطَبيبِ البَيْطرِيِّ في حَملاتِ إِبادَةِ الكِلابِ السَائبَةِ ) ...... تَمْويهاً وإِخْفاءً لِلمَقاصِدِ العَدَائِيَّة مِنْ إِضْمارِ العَدَاءِ والكُرْهِ لِلحَيَواناتِ واحْتِقارِها وسُوءِ مُعاملَتِها ، وغَيْرِها مِن الأَسْبابِ اللاعادِلَةِ الأُخْرَى ، يُطْلقُ على جَرِيمَةِ إِبادَةِ الكِلابِ السَائبَةِ تَسْمِيَة
Side Adv2 Side Adv1