هل دق النجيفي المسمار الأخير في نعش ما يسمى الحكم الذاتي ؟؟
كانت أنتخابات اعضاء مجالس المحافظات التي جرت في اليوم الأخير من شهر كانون الثاني من العام الحالي محكّا للعديد من الأمور وتعديلا للعديد من المسارات الخاطئة التي رافقت العملية السياسية , منها ما قامت به من تدعى الكتل الكبيرة ومحاولتها الأستحواذ على مقدرات البلاد , سيّما في الفراغ السياسي الذي أحدثه الأحتلال, وتقوقع وأنكماش الضلع المهم والمؤثر في البلد لما له من أمكانية عددية وخبرة سياسية وعلاقات لدى المحيط المجاور , كان من أثرها صدور دستور معظم ما في بنوده ألغام موقوتة تفجّر عند حاجة من شرّعوه . وبانت مساوئه بمرور الأيام مما أضطر البعض ممن ساهموا في أصداره الى أنتقاده ودعوتهم الى تعديله .لقد كانت فترة ما يقارب الستة سنوات الدرس الأقسى الذي تعلمه الشعب العراقي وهو يلاحظ ما أحدثته الأحزاب الدينية والطائفية ومليشياتها على أمن المواطن بصرف النظر عن دينه أو قوميته , فالأعتداء والقتل والتهجير طال معظم المواطنينلقد كان نصيب المسيحيين منه أكبر قياسا الى نسبة عددهم , فكان أن صدرت دعوات من جهات ظاهرها الحرص على المسيحيين وباطنها تنفيذ أجندات لمصلحة جهات خططت مسبقا للسير نحو الأستحواذ على أراضي سهل نينوى وضمه الى مناطق حكمهم معتمدة على مجموعات غير متجانسة , بعضهم من أحزاب أنتهت صلاحيتها منذ عشرات السنين ولم يتركوا فرصة للتعاون مع أعداء العراق لم يستغلوها منذ تأسيس أحزابها , ومنهم يحملون أحقاد تاريخية على مسيحيي هذا البلد من الكلدان والذين يمثلون معظم المسيحيين في العراق , ومجموعة أخرى من الراكضين وراء المال والمراكز , فكان هذا الخليط الغير متجانس هو (( المسمار الأول الذي دق في النعش )).
وكان المسمار الثاني هو الغموض الذي أحاط بأهداف المجلس وحدوده الجغرافية الذي لم يستطع أي من منظّري أنشاء المجلس الأجابة على الأسئلة والأستفسارات العديدة لأصحاب المصلحة الحقيقية في تقرير مستقبل المسيحية في العراق ومرجعيته القانونية والأدارية هل يرتبط بالحكومة المركزية التي يأبى معظم المسيحيين العراقيين أن يكون لهم مرجعية وطنية غيرها , لأنهم ببساطة لا يريدون أن يكونوا جزءا من جزء , أما عن الأدعاء بأن المسيحيين هم الذين سوف يقررون لاحقا مرجعيتهم القانونية والأدارية أستنادا الى أنتخابات سوف تجرى لاحقا, فأنها ضحك على الذقون لأن الأنتخابات التي يوعدون بها حتى وأن جرت فأنها معلومة النتائج في ظل المليشيات والظروف الآنية السائدة في مدن وقرى سهل نينوى .
المسمار الآخر الذي دقّ في نعش ما يسمى الحكم الذاتي , هو المحاولات المكشوفة في القفز على النتائج وتزوير الحقائق, والتحدث عن أرقام ونسب بأمكان الفاشل والراسب في مادة الحساب والرياضيات كشف عدم صحتها ومع ذلك يصرّ أصحابها على تكرارها في كل مناسبة .وأذا ما نبّه أحد الرموز الدينية أو الشخصيات الوطنية الحريصة على مستقبل العراق كبلد حرّ وحذّر من المطّبّ الذي يجري أعداده للمسيحيين العراقيين بصورة خاصة وللعراق بصورة عامة , ينبري الذين تتضرر مصالحهم من وحدة العراق الى شحذ سيوفهم وسكاكينهم وأقلامهم في الهجوم عليهم
أما المسمار الأخير والمؤثر في غلق النعش فقد كانت نتائج الأنتخابات الأخيرة التي جرت في نهاية كانون الثاني الماضي في محافظة نينوى وفوز قائمة الحدباء بالأغلبية المطلقة , وأنضمام أصوات الحزب الأسلامي , ومن ثم أصوات الكوتا الأيزيدية والشبك وحتى صوت المسيحيين الذي سبق وأن حصل عليه ممثل قائمة عشتار , صاحبة فكرة الحكم الذاتي , فمن المعلوم أن قائمة الحدباء كان برنامجها الأنتخابي يعتمد على وحدة أراضي محافظة نينوى , وأخراج المليشيات الكردية من أراضي المحافظة وأستلام مسؤولية أمن المحافظة بعد أن صالت وجالت فيها قوى الأرهاب مما أدى الى تهجير معظم المسيحيين من مركز المحافظة الى مدن وقرى الأطراف , وأستنادا الى هذا البرنامج منح أهالي المحافظة أصواتهم لقائمة الحدباء التي أستطاعت من تأليف جبهة واسعة من جميع أبناء المحافظة ب ( 25 ) صوت ما عدا الحزبين الكرديين الذين يملكون (12) صوت , وهنا نلاحظ أنضمام الصوت المسيحي ( صوت ممثل قائمة عشتار ) الى قائمة الحدباء والتي بالتأكيد هي ضد فكرة الحكم الذاتي في سهل نينوى , وهكذا تم أنتخاب السيد أثيل النجيفي محافظا لنينوى كم تم توزيع المناصب الأخرى في المحافظة على الفائزين بالأنتخابات , وصدر المرسوم الجمهوري بالموافقة على ما تم , وهكذا طويت صفحة ما يسمى بالحكم الذاتي , ولا سيّما بعد أنضمام ممثل المسيحيين في محافظة نينوى الى قائمة الحدباء مع بقية أصحاب الكوتا وممثلي الحزب الأسلامي , الذين بالتأكيد سوف لن يؤيدوا أستقطاع أي جزء من المحافظة ليتم تشكيل ما يسمى بالحكم الذاتي. بطرس آدم