هل للمكون المسيحي في العراق متحدث رسمي؟
كثيرة هي الهموم التي نعيشها في عراق ما بعد 2003 كمسيحيين (كلدان .. سريان .. آشوريين)، جعلت منا في مناسبات كثيرة وقودا وحطبا يتم احراقه حسب مشيئة الاشرار الذين يختارون الزمان والمكان دون الاكتراث بالامور الانسانية ودون اعتبار أن هذا المكون يختلف عن غيره في العراق كونه لا يؤمن بالعنف ولا يمارسه بل عكس ذلك فإنه يؤمن بالمحبة والتسامح والمغفرة حتى مع الاعداء، ولم يقم أي من أفراد هذا المكون بعمل إرهابي أو التعدي على حقوق الاخرين بل كان الجميع يضعون أيديهم بأيدي أخوتهم الذين يشاركونهم بعراقيتهم لخدمة أنفسهم وأخوتهم والعراق كمحصلة نهائية.لكن المشكلة الاهم باعتقادي هو افتقار هذا المكون لقيادة سياسية فاعلة أو لتنسيق مشترك بين الاحزاب التي تعمل ضمن هذا المكون بحيث اصبح لدينا اجندات كثيرة ومتقاطعة أحيانا مما جعلنا مثار سخرية من قبل الكتل السياسية والمسؤولين الاعلاميين، بحيث كل من يتحدث وكأنه هو فقط المتحدث الرسمي باسم مكوننا المسيحي وكل ما عداه ما هو إلا محرض أو انتهت ولايته أو لا حق له بالتحدث وإن تحدث فهو يعبر عن رأي شخصي بحت والادهى من ذلك من يتصرف هكذا ربما لا يحمل حتى الجنسية العراقية وإن حملها فتوجد أخرى إلى جانبها يتنقل بها بحرية بين دول العالم وتكون جاهزة للفرار عندما تضيق الحلقة من حوله وبنفس الوقت هو يطالب بل يطلب من الاخرين أن لا يُطالبوا حتى بمنطقة آمنة يلجئون إليها عندما يهددهم أحدهم بحياتهم أو أموالهم أو معتقدهم وليس هذا فقط فإن أمثال هؤلاء كثيرون ومنهم من هو مستقر في الخارج ويطالبون أبنا شعبنا بالبقاء والصمود وتحمل العواقب ويقدمو لهم بالمشورة أو ربما إملاءات ويطالبونهم بالبقاء والصمود وعدم ترك أرض الآباء والأجداد، فأين كل هؤلاء مما يكتبون عندما حزموا هم حقائبهم للاستقرار بعيدا عن أرض بابل وآشور؟
هنا أتساءل: هل يوجد شخص واحد مخول بالتحدث باسم هذا المكون حتى وإن كان له مقاعد بالبرلمان؟ أليس ما يتحدث به هذا هو رأيه الشخصي، وربما رأي حزبه هذا إن كان كل من في حزبه يوافقونه الرأي؟ فلهذا أقول أنه عليه أن يعرف أن ما يصرح هو به أيضا هو رأيه الشخصي لأن الامة لم تخول أحدا للتحدث باسمها، ومن مجموع آرائنا الشخصية ممكن بلورة رأيا محددا للأمة نجتمع عليه، فالامة لا لسان لها تتحدث به وما يجمع عليه ابنائها هو الذي يمكننا أن نقول عليه أنه رأي الامة وبعد اجماع مختلف الافكار لخط معين يعمل لمصلحتها وحاضرها ومستقبلها.
وواقع حال مسيحيوا العراق اليوم وخاصة بعد تكرار أعمال الشر ومنها ما حدث ليلة 30-31 من كانون الاول لسنة 2010 وبكل تأكيد سوف لن يكون الاخير يدعونا بالحاح للبحث والعمل على درء المخاطر عنه وبأية وسيلة ممكنة سواء أكانت سياسية أو دينية بالتعاون مع أخوتنا العراقيين بمختلف مكوناتهم وأيضا العمل مع الدول الاخرى شرقية كانت ام غربية لان ما سنصل اليه قريبا ان شعبنا يتحول إلى مجموعات من اللاجئين هنا أو هناك تعيش على الفتات وتذوب تدريجيا في ثقافات أجنبية تمهيدا لتلاشي ذكر بابل أو آشور إلى الأبد وتبقى بابل وآشور موجودة في متحف اللوفر أو برلين أو غيرها من المتاحف فقط خاصة وأن متاحف العراق قد غيبتهم أصلا من الوجود على قاعاتها منذ زمن ليس بالقصير، وكل من يساهم بالوصول إلى هذا الحال المأساوي فإنه يساهم بأحداث تغييرات ديموغرافية حت في التاريخ وليس في واقع بلداتنا وقصباتنا الحالية التي تعمل اجندات مختلفة لاحداث هذه التغييرات فيها وربما ستتغير حتى تسمياتها لمحو كامل الارث الذي عمل آبائنا وأجدادنا لترسيخه في ارض ما بين النهرين.
إنه ربما واقع حال سنصل إليه حتما طالما بقي لدينا ساسة لا همَّ لهم سوى تحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة أو ربما مصالح أحزابهم على أكبر تقدير ويصادرون حقوق الاخرين نتيجة ما فرضه واقع العراق بعد حلول ديمقراطية بوش في اراضيه ونحن نعمل مع الاسف مع الآخرين الذين يتقاطعون مع آرائنا بأنهم أعداء لنا ونحاول النيل منهم ومن مواقعهم حت لو كانت بتشويه الحقائق (ذُكرَ أنني انتهت ولايتي... وللحقيقة أني قد طلبت الاحالة على التقاعد وحصلت على موافقة دولة السيد رئيس الوزراء لكن البديل لم يتم تعيينه بعد ومازلت أمارس عملي، أي أنني صاحب الطلب ولم يُنهي أحدا ولايتي)، ولمن يريد توضيح الحقائق التي ربما وردت كرموز في هذه المقاة فإيميلي الشخصي يعرفه الكثير وأنا مستعد لتوضيح أي شيء يرونه مبهما في مقالتي.
أمنياتي لعام 2011 أن يكون عاما آمنا يحلّ فيه السلام ويعيش شعبنا بأحسن حال وأن تتوضح ملامح مستقبله وتزول عن سياسييه وكافة مفاصل القيادة وانواعها فيه الغشاوة ونستطيع أن نرى بوضوح مجمل صورته حتى نختار قرارنا الصائب. وكل عام وجميع العراقيين بألف خير.
عبدالله النوفلي
31 كانون الاول 2010