هل من سبيل لتطوير مدينة تقانية في دولة العراق الأتحادية ؟ من اجل تعزيز متطلبات التنمية
hashim_mo2002@yahoo.com
تصنف الدول في العالم اليوم بالدول المتقدمة أو النامية (أو التي في طريق النمو) على أساس التطور العالمي والتكنولوجي الذي تستند إليه في إدارة وتنمية القطاعات المختلفة كالصناعة والزراعة والصحة والذي بدوره يعكس مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي لتلك الدول.
ولمواكبة متطلبات العصر في ظل العولمة والتحديات الجديدة والتنمية المستدامة فإنه يتحتم على الدول النامية بوجه خاص تهيئة الظروف المناسبة والإمكانيات اللازمة لدفع عجلة التطور العلمي والتكنولوجي وإدخال ذلك في برامج التنمية الشاملة القريبة والبعيدة المدى، كأحد العوامل الرئيسية للانطلاق نحو الابتكار والإبداع التقني.
ومن هذه المعطيات فإن إنشاء المدن التقانية وتطويرها على اختلاف أنواعها أصبح يمثل أهمية قصوى باعتبارها وسيلة فعالة في بناء وتحسين الصناعة وتعزيز متطلبات التنمية الأقتصادية وتطوير المستوى المعيشي لأفراد المجتمع، ومن أجل ذلك فإن تأسيس المدن التقانية ودعمها في الدول النامية والعناية بها وتوفير كافة الموارد الضرورية للتمويل وتأهيل الكوادر العلمية والفنية ذات الكفاءات العالية لإدارتها والإشراف على أنشطتها، يُعد مطلباً ضرورياً لتحقيق الأهداف المرجوة منها والتي على رأسها نقل وتوطين التقنية المتقدمة وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، كما أن جهداً من هذا النوع سيؤثر على زيادة التعاون في النشاط التجاري على المستوى القطري والإقليمي والدولي.
ولكي تنجح المدن التقانية في أداء الدور المناط بها على أكمل وجه فإنه لابد من أن ترتكز بنيتها التحتية على أسس وقواعد ثابتة تمكنها من الاستمرارية والنمو والتألق لمواجهة أي تحديات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية.
التعريف بالمدن التقانية وأهميتها:-
المدن التقانية (Technology Parks) هي عبارة عن منشآت تتوفر فيها الوسائل اللازمة، من كفاءات بشرية متخصصة وإمكانيات معملية خدمة لأغراضها وأهدافها التي من شأنها نقل المعرفة التقنية إلى الجامعات ومراكز الأبحاث وقطاعات الصناعة، لأحداث نهضة علمية وتقنية والاستفادة منها في إقامة وتطوير صناعات تقنية ذات عائد اقتصادي من شأنه المساهمة في تنمية المجتمع.
وهذه المدن لها دورها في تحسين الصناعات المحلية وتوطين الصناعات المتقدمة في العراق ، كما لها دورها أيضاً في النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم ، ثم على مستوى الدولة الاتحادية.
إن الفوائد التي نجنيها من إقامة المدن التقانية لا حصر لها ويمكن تلخيصها كالآتي:-
إرساء قاعدة فنية وتقنية تغذي المراكز البحثية والمؤسسات الصناعية على مُستوى الدولة الاتحادية.
تكوين شريحة جيدة من الأطر الوطنية المؤهلة فنياً والتي يحتاجها التطور الصناعي والاقتصادي بشكل كبير.
خلق جو علمي وتقني يساعد على الاعتماد على النفس ومنافسة الأخرين مما يسمح بالتعاون وتبادل الخبرات والمصالح على مستوى الند للند.
انتعاش المجتمع وتحسين معيشة الأفراد، والتغلب على البطالة من خلال إقامة المصانع والورش وغيرها من المؤسسات التي تحتاجها الدولة.
مواكبة التطور والتطلع إلى الأفضل في ظل توفير الاحتياجات المحلية وانطلاقاً منها إلى السوق الخارجي.
وهكذا يمكن القول أن المدن التقانية بوجه عام ترسي المبادئ الأساسية للنمو والتقدم على المستويات الاجتماعية والاقتصادية سواء كان ذلك على المستويات القطرية أو الإقليمية أو الدولية.
متطلبات المدن التقنية :
لقد أصبحت المدن التقانية هي إحدى الآليات الفعالة والضرورية للنهوض بالاقتصاد الوطني من خلال تطوير الصناعة وإحداث نهضة تنموية شاملة ترفع من مستوى معيشة الأفراد والمجتمعات.
وإذا كانت الدول المتقدمة تولي هذا الجانب أهمية كبيرة، فإنه جدير بالدول النامية ومنها دولتنا الاتحادية وهي تتطلع إلى حياة أفضل، أن تتجه إلى إرساء الأسس الكفيلة بإنشاء المدن التقانية على أسس علمية تراعي الاحتياجات والمتطلبات بحيث يمكن لهذه المدن أن تؤتي الثمار والنتائج المطلوبة منها.
وإذا كنا نعيش عصراً يزداد عولمة يوماً بعد يوم فإن الاتجاه إلى تكوين المدن التقانية يعتبر مطلباً جديراً بالتقدير والاهتمام.
إن مؤسسات البحث العلمي على مستوى الجامعات والأكاديميات ومراكز البحوث وغيرها في حاجة ماسة إلى مصدر يغذيها خاصة في المجالات التقنية، وهنا تأتي أهمية المدن التقانية التي تتحمل المسؤولية فتوفر الاحتياجات التقنية اللازمة وتسعى إلى خلق بنية تحتية قادرة سواءً على المستوى البشري أو التقني فتكمل النقص أينما وجد وتجدد النشاط وتنمي الإنتاج وتسعى إلى تجويده.
إن إقامة مدينة تقانية في إقليم آمن بالعراق، مطلب في غاية الأهمية، فهي التي تساعد على إنعاش الاقتصاد وتطويره، ومن خلال ذلك تسعى إلى توفير فرص العمل وتحارب البطالة، كما أنها تخلق كوادر فنية عالية المستوى يمكنها أن تضطلع بالدور التقني المطلوب منها، فتنافس بذلك المؤسسات الصناعية الخارجية من خلال تطوير الشركات الوطنية وربطها بالخارج فتجد مخرجاً للانخراط في السوق العالمي والاستفادة من التجارة العالمية وهذا ينعكس على الوطن والمواطن، فيرتفع مستوى المعيشة ويؤثر ذلك بشكل مباشر على الجوانب الصحية والتعليمية والبحثية التي تعتبر إحدى ركائز النمو والتنمية في أي بلد من البلدان.