هل نحن شعب يقرا !!! و" اكيتو" !
Sabti_kallo@hotmail.com" بدون الكتب يصمت الضمير، وتنام العدالة، وتقف الطبيعة جامدة، وتعرج الفلسفة، وتصاب الآداب بالصمم، وتطوي الظلمة سائر الأشياء."
أ.بارتوليني
بعد رحيل الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي في عام 1999 نظم حفلا تأبينيا بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله ، برعاية موقع العراقي الإلكتروني في استراليا وتم تشكيل لجنة لهذا التابين برئاسة صاحب الموقع الاستاذ علاء مهدي وعدد من المهتمين بالثقافة في مدينة ملبورن ، وقبل يوم طلبت من احد الاصدقاء المدعوين بان " يعرج " قبل الاحتفالية الى مقهى يرتادها ابناء شعبنا ويؤكد عن موعدها ومكانها ويعلم الاخرين بهذه الاحتفالية التي يقمها محبي الشاعر عبدالوهاب البياتي وادبه وتاريخه في الادب العراقي والعربي وعندما وصل الصديق لم ارى احد معه او اي سيارة اخرى بعده او قبله ، واستفسرت منه هل بلغت من في المقهى ! اجابني : نعم
قلت له لم : ارى احد معك !
اجابني : احدهم قال لي من هو البياتي !!
والثاني قال بتهكم : لو بلغتنا منذ شهر كنا " رتبنا امورنا احنا والعائلة والجهال " !!
اجبته والاخرين !
قال : الجماعة " فدوى لعيونهم " خطية مشغولين " هاي باط وهاي بيط بالدومينو والاخرون طاخ وطيخ بلعبة الزهر " الطاولي " والبعض منهم يترقبون " الجوكر " ! اما البعض الاخر كانوا ينهشون في جسد " البتزا " بدون رحمة ولا شفقة !! ويضيقون الخناق على قنينة ما !!!
واختتمت الاحتفالية بخمسون شخصا !!
فدهشت !
2
قبل عدة سنوات كان يقام سنويا احتفالا شعبيا بمناسبة الاول من نيسان او كما يسمى " عيد اكيتو " وهو السنة البابلية الاشورية ، وكان هذا الاحتفال يجمع كل التسميات لابناء " بين النهرين " قبل ان يطعنوه بخنجر في وضح النهار ويمزقوا جسده واصبح كل فريق يحتفل احتفالا خاصا بسنته وتاريخه ! واصبح " اكيتو" مجزّأ رغما عنه بعد الالاف من السنين الى " اكي " والاخر " تو " !! و وفرت ادارة المهرجان في حينها الكثير من الفعاليات والخدمات فكان هنالك عروض للازياء والعاب لتسلية الاطفال وساهم عدد من المطربين في هذا الاحتفال مجانا وقدمت مسرحيات تاريخية تدعوا الى الوحدة والتضامن والشعب الواحد والتاريخ الواحد وكل شئ كان واحدا ! كما كان هناك " اكشاك " لبيع الماكولات الخفيفة والهدايا ومنها " كشك " لصديق لبيع اقراص الليزر CD) ) ، وفي حينها وردتني كميات لعدد من اصدارات دار نشرتعود لاحد ابناء شعبنا في الشتات ومن اجل ترويجها في هذه المدينة طلبت من الصديق ان يضع مجموعة من اصدارات هذه الدار بجانب اقراص الليزر وباسعار مخفضة خدمة للباحثين عن الكتب الحديثة وانخفاظ كلفتها مقارنة لو طلبت عن طريق البريد الالكتروني ، وحالي حال الاخرين كنت من الزائرين الذين تجاوز عددهم اكثر من 2000 زائر ، و قبل نهاية المهرجان توجهت الى صديقي الذي تطوع لبيع تلك الكتب واخبرني انه باع ثلاثة منها فقط فبادرته قائلا :
- انا اعلم من اشترى تلك الكتب !
قال لي كيف عرفت !
اجبته : شاهدت من بعيد الدكتور الفلاني والاستاذ الذي بجانبه وهما يتصفحان مجموعة من الكتب ... قاطعني ورد مبتسما :
- نعم تصفحا الكثير منها ولكن قبل ان يغادران طلب احدهم مني اخر قرص لنانسي عجرم اما الثاني سالني عن عن اخر كتاب للابراج !!
فدهشت !
3
في كثير من الاحيان كنت استقل القطارات وخاصة في الصباح وقبل بداية الرسمي للشركات والمؤسسات في هذه المدينة أشاهد اغلبية الركاب منهمكون بقراءة جريدة او كتابا او مجلة و لا ينبس أحد منهم ببنت شفة مع من يجاوره المقعد الا ما ندر ولا تسمع سوى صوت عجلات عربات القطار ، وفي أحد الأيام ولشدة الازدحام كان الكثير من امثالي واقفين لعدم وجود اماكن للجلوس ، ومن حسن حظي كنت قريبا من مقعد غادر شاغله عندما توقف القطار في محطة ما ، وكانت دهشتي كبيرة عندما رايت من بجانبي يقرأ كتابا باللغة العربية ، فقلت في نفسي ان عدوى القراءة في القطارات والطائرات قد انتقلت الينا ايضا ، فبادرته :
- صباح الخير
فاجابني : صباح الخير
قلت له : جيد ان ارى احد منا يقرا كتابا باللغة العربية ، من اين حضرتك !
اجابني باللغة الفصحى : انا بريطاني !!!
- بريطاني ! قلت له مندهشا !
اجابني : نعم
- وتقرأ كتابا باللغة العربية !
- نعم انا مدرس اللغة العربية في احدى الجامعات في هذه المدينة .
و سالني : وانت !
قلت له انا من االعراق .
قال : رائع ان التقي من احد ابناء ميزوبوتاميا واكثر ما استمتع بمطالعاتي هو عن اقدم حضارة في التاريخ وعن بابل ونينوى وسومر واكد .
قلت له : هل زرت العراق !
اجابني : نعم وتمتعت بزيارة بغداد واكلة " المسقوف كما سماها " في شارع ابي نؤاس وقرات الكثير عن الجواهري و الرصافي والزهاوي والسياب وبلند الحيدري والبياتي وجواد سليم وغيرهم .
4
وفق الاحصائيات المتوفرة على الشبكة العنكبوتية ما يلي :
" يقرأ الفرد العربي 6 دقائق فقط في السنة ، بينما الفرد الاوربي اكثر من 12000 دقيقة وان معدل القراءة في العالم العربي هو 4 % مما يطالعه الفرد في انكلترا وان الاوربي يقرا 36 كتابا في السنة والاسرائيلي 40 كتابا اما في عالمنا العربي يقرا 80 شخصا كتابا واحد فقط !! وان نصيب الطفل الامريكي من الكتب في العام 132608 والبريطاني 3838 والفرنسي 2118 والروسي 1485 "
اما طفلنا !! لا يحتاج الى كتاب لان والده يشرف على حشو راسه بالمذهبية والطائفية الضيقة وثقافة العنف ولا يطعن " ايكتو " فقط بل يطعن اور واريدو ونينوى وبابل واشور وسومر و يساهم بتمزيق التاريخ كله .
5
ولم اندهش او استغرب من كل هذا الطعن والتمزق لاننا شعب لا يقرا !!