واقع شعبنا ... ما العمل؟
ما تشهده الخارطة السياسية لأمتنا الكلدانية السريانية الآشورية يعتبر أمرا في غاية الغرابة وأقل ما يقال عنه أنه واقع حال مخجل لا ينم سوى عن الجهل السياسي والقصور في النظرة المتعلقة بقراءة المستقبل وتفضيل المصالح الحزبية الضيقة على المصالح القومية العامة، للأسف هذا الواقع يُدخل اليأس في قلوب أبناء شعبنا ويكون سببه كارثيا على مستقبل وجودنا فوق أرض العراق، وقد يكون أكثر تأثيرا من الاضطهادات العنصرية والعرقية والارهابية على أبناء شعبنا في أماكن تواجدهم التاريخية سواء في الموصل أو بغداد أو في مدن أخرى كثيرة .إن شعبنا يعاني من مرض الهجرة والبحث عن الأفق الأوسع الأكثر أمنا حتى لو كان في الموقع الجديد ممارسة بعض الأمور التي تعتبر مهينة للشخصية الانسانية؛ كاللجوء الانساني والعيش في الملاجيء وقبول العمل في الأعمال الشاقة أو الوضيعة والاتكال بشكل كامل على المعونات التي تقدمها الدول لأمثال هؤلاء، بالاظافة إلى عمليات الاحتيال على القوانين في تلك الدول لكسب المزيد الذي في النهاية يصرفونه على أجهزة القمار وغيرها من أماكن اللهو التي توفرها تلك الدول لامتصاص الفائض النقدي من رعاياه!!!
وواقعنا القومي يشير مع الاسف إلى الفرقة رغم كل فسحة الأمل الموجودة أصلا من خلال انضمام فصائل كثيرة من سياسيوا أمتنا تحت مظلة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، وتوحيد خطابها والاتفاق على التسمية المركبة لشعبنا وقيادته للمظاهرات المُطالبة بحصول شعبنا على حقوقه، لكن تشرذمنا رغم كل ذلك يعود إلى فقدان الثقة والأمل بمستقبل أفضل، لأن بعضنا يستكثر علينا حتى مسألة المطالبة بالحقوق ويعتبرون أن الأمر غير دستوريا ويتناسى هذا البعض ان الأمور الدستورية تكون مقرة ومحسومة وليس بحاجة لأحد أن يطالب بها!!!، وإن المطالبات تكون حول الأمور غير المحسومة ومازالت مثار جدال وأخذ ورد، وكل ذلك بغية إيجاد قنوات من الضغط على مصادر القرار لأحداث تغيير منشود، وأيضا من أجل تركيز أنظار العالم حول قضيتنا ومعاناتنا والتي بها نحصل على وسيلة ضغط دولية وتعريف العالم بالمعاناة التي عشناها وما زلنا على أرض وادي الرافدين العزيزة.
فهل نقول مذبحة سميل أو صورية أصبحت من الماضي ولن تتوفر أرضية محتملة لتكرارها في المستقبل، هل نعتبر موجات الهجرة التي قللت حجم وجودنا إلى ربما 2% أو ربما إلى الأقل من ذلك مقارنة بسكان العراق، هل نقول أن هذه ستتوقف لكي نعمل على تجذير هذا الشعب ونموه مجددا لكي يتماسك ويتمسك بالقرى والبلدات ولا يتركها مجددا؟ ولو نظرنا إلى الواقع فإننا نجده يشير إلى غير ذلك، فها هي القرى والبلدات التي عاد إليها أهلها وبُنيت لهم مساكن جميلة فيها يتركها أهلها لأول بصيص أمل في الوصول إلى أرض بعيدة أكثر أمناً!!!
أيها القادة والأخوة السياسيون:
* ألا تنتبهون لما يجري على الأرض؟
* ألا تجدون أن شعبكم قد ملَّ منكم وأخذ يهرب بعيدا وبأعداد كبيرة وبفترات زمنية قصيرة؟ ماذا تنتظرون؟
* وهل ستنقلون نشاطكم إلى دول المهجر لملاحقة شعبكم هناك والبدء بالنضال السياسي هناك؟
* فما قيمتكم إذا فقدتم الشعب الذي تمثلونه؟
اسئلة كثيرة بحاجة لكي تجيبون عليها وليس أنتم فقط بل جميع القيادات التي تعمل في مواقع صنع القرار الذي يخص شعبنا، فقد مللنا الكلام وعليكم أن تتحولوا إلى الفعل وتجلسوا معا حتى لو كنتم مختلفين بكافة الأمور، شاركوا الكنيسة أيضا لأن موقفها جدا مؤثر مع شعبنا ولا يصح أن تجلس الكنيسة على التل وتراقب ما يجري بدم بارد، لأنها كانت السبب الذي شجع على بقاء شعبنا على هذه الأرض ويستمر وحفظت له اللغة والوجود أبان العهود الديكتاتورية القمعية، واليوم ليس صحيحا أن تقول أن الأمر سياسي لا دخل لي به، جميعكم مدعوون للعمل الجدي لأن العاقبة ستكون خطيرة وربما نحن مقبلون لإفراغ ما بين النهرين من ورثة الحضارة السومرية والأكدية والبابلية والآشورية، لنغرد في بلدانا أخرى ونبدأ ببناء حضارة أجدادنا هناك!!!
فإلى متى الانتظار؟؟؟
عبدالله النوفلي
18 تشرين الثاني 2008