وبعد مبايعة كنائسنا للسيد سركيس آغاجان .. ما العمل ؟
أجزم .. بأن نجم السيد سركيس آغا جان قد تألق في سماء الوجود المسيحي في العراق على حدّ سواء بين الكلدان والسريان والأرمن والآشوريين ، ويبدو ان الشهرة لم تكن نتيجة المنصب الرفيع في حكومة أقليم كردستان فحسب ، إذ أن كارزمية الرجل تجلت بعد إنجازات على الأرض كان شعبنا بمسيس الحاجة اليها في الظروف العسيرة التي يمر بها وطننا العراقي .أضيف : نحن المقيمين في دول المهجر أنظارنا ومشاعرنا متجهة نحو قبلة الوطن العزيز ، والى أبناء شعبنا الذين يتحملون بصبر أيوب ، مظالم وظروف العنف الدموي العاصف في المجتمع العراقي .
ويشكل أبناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن بمثابة المرصد الذي نستشرف منه على الأوضاع السائدة ، وبه نسترشد في حكمنا ، ونكوّن لنا رأياً ، ونقترح منهجاً .
كما ان أبناء شعبنا في ( الداخل ) نعتبرهم بوصلة الأمان لمعرفة الحقائق ، ونحن نبني رأينا في الصالح والطالح على ضوء ما يقرره أبناء شعبنا في عراقنا المنكوب . باختصار ، إنهم المعيار الذي نحتكم من خلاله على الأحزاب والشخصيات والأحداث .
ــ في 01 / 08 / 2006 يتجشم غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان في العالم والمعروف بتفانيه وحبه لشعبه والقائل بأنه ( آخر مسيحي يترك بغداد ) ، هذا الأنسان العظيم عندما يغادر الى كردستان برفقة ممثل قداسة البابا في العراق المونسنيور توماس حليم حبيب ليقلد السيد سركيس آغاجان وسام القائد والفارس برتبة القديس غريغوريوس الكبير المدنية التي منحها الحبر الأعظم بابا الفاتيكان بيندكتس السادس عشر وذلك تقديراً لخدماته الجليلة .
ــ بتاريخ 06 / 10 / 2006 م يمنح قداسة الحبر الأعظم ( مار اغناطيوس زكا الأول عيواص ) بطريرك انطاكيا وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم ، يمنح وسام مار اغناطيوس النوراني برتبة ( كومندور ) للأستاذ سركيس أغاجان تقديراً لشخصه وتكريماً لجهوده ولاهتمامه بالمسيحيين .
ــ في 13 / 10 / 2006 تخطو كنيسة المشرق الآثورية نفس الخطوة حيث يمنح قداسة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك الكنيسة الآشورية في العالم السيد سركيس آغا جان وساماً بدرجة المهندس الناجح والميدالية البطريركية وذلك تقديراً للأعمال الخيّرة والطيبة التي حققها .
نحن في حالة الرضا والترحيب بكل بذرة طيبة تغرس في أديم وطننا الغالي .
إن هذه الشهادات تحثنا على الجزم بزحف واحة القواسم المشتركة على صحراء الأختلافات .
وفي جانب آخر لابد من التمعن في وضع شعبنا وهو يعاني ما يعانيه ، وهو على عتبة الهجرة الجماعية بمحاولات اقتلاع جذوره من تراب العراق ، فإن هذا الواقع المؤلم يدفع بهؤلاء الرؤساء الى التشبث بكل طوق للنجاة ينقذ شعبهم من الواقع المرير . فكيف إذا كان هذا الطوق من أحد أبناء شعبنا ؟
في تاريخ الشعوب والأمم لحظات حاسمة تقرر مصيرهم على مدى الأجيال القادمة ، وهكذا باعتقادي ان شعبنا يقف على مفترق طرق في هذه اللحظة الحاسمة وعليه استثمارها .
إن ( الحكم الذاتي وليس حذف الواوات ) يضعنا على خارطة العراق السياسية والمجتمعية بوثيقة الدستور ككيان له شخصيته الذاتية ، وهذه الحالة ستعطينا مساحة من الحرية والأستقلالية في مضامير اللغة والثقافة والأقتصاد والتراث والدين والتربية والتعليم .
لقد كتبت عن اهمية الحكم الذاتي لشعبنا ، وإن ذلك منوط بحكومتي اقليم كردستان والحكومة العراقية ، واليوم هذه الفكرة مطروحة بقوة من قبل السيد آغاجان ، ومن الطبيعي ان يكون طرحه ذا اهمية اكبر من ان يكتب هذا الكاتب او ذاك المفكر ، باعتبار ان للسيد آغاجان كلمة مسموعة في الحكومة والقيادة الكرديتين .
أقرأ بعض الآراء التي تعارض هذا التوجه بدعوى إننا جزء من العراق وكردستان جزء من العراق ولا يريدون ان يكونوا جزء من الجزء .
أقول : إن أقليم كردسان جزء من العراق وإن الدستور العراقي أقرّ بوضعية أقليم كردستان وإن بقي اقليم كردستان او انفصل من العراق ـ وهذا الأحتمال ضعيف على الأقل في المستقبل المنظور ـ فإن الجغرافيا لا يمكن تغييرها .
هكذا أرى ان نقطف التفاحة من الشجرة ، لقد أينعت وحان وقت قطافها ، إنها فرصة ذهبية قد لا تتكرر ، فالتفاحة قد تسقط على الأرض ويعلوها التراب والنسيان فتذهب دون فائدة ، وقتئذِ لا يفيد الندم .
من وجهة نظري ينبغي على الأحزاب السياسية لشعبنا ان تنهض بأعباء مسؤولياتها في قيادة وتوجيه شعبنا ، وعليهم ان يتحملوا المسؤولية بروح بعيدة عن الثوابت والأديولوجيات . فالأفضل ان تكون طروحات هذه الأحزاب عقلانية وقريبة من الواقع والظروف الموضوعية التي يمر بها شعبنا ، ويمكن لهذه الأحزاب ان تلعب دوراً ايجابياً ملحوظاً في هذه المسالة المصيرية .
في مقدمة هذه الأحزاب تأتي الحركة الديمقراطية الاشورية ( الزوعا ) ، والحزب الديمقراطي الكلداني ، والحزب الوطني الآشوري والمنبر الديمقراطي الكلداني وحركة تجمع السريان وبقية الأحزاب الآشورية والكلدانية ، ونوادي وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا .
إن الدعوات المتكررة التي يطلقها رجال الدين ضد الهجرة يبقى صداها خافتاً او منسياً امام الواقع المرير الذي يلم بشعبنا من جانب .
ما هو السبيل الى ترسيخ التجذر ؟
كيف نغرس هذه البذرة في ضمير إنسان يتمحور تفكيره في كيفية الوصول الى بلد يحميه ويزاول عمله دون إرهاب أو خوف ويمارس حياته ومعتقداته ودينه وطقوسه كما يشاء ؟
إن ( الحكم الذاتي ) سيزيل القلق والخوف من المستقبل ، إنها خطوة ينبغي وضعها في المقام الأول من اهتماماتنا ، والحكم الذاتي سيزيد تعميق جذور المواطنة في أرض اصبح هو مسؤولاً عن إدارتها وهو معني بتطويرها وازدهارها . ثم انه يمتلك الشخصية الذاتية الأثنية سواء كان بين الكلدان او الآشوريين او السريان الذين يجمعم دين واحد ولغة واحدة .
في الختام : ما هو موقف احزابنا ومثقينا ومفكرينا ؟ الا يجدر بنا جميعاً وضع لبنة خيرة في بناء الحكم الذاتي لشعبنا من الكلدان والآشوريين والسريان ؟
حبيب تومي / اوسلو