وجهة نظر حول نبرة خطاب الحركة الديمقراطية الأشورية في جولة سكرتيرها العام
السيد يونادم كنــا, ناشط قيادي في الحركة الديمقراطية الأشورية (زوعا), خاض مضمار العمل السياسي في عهدين مختلفين ,عهد معارضة نظام حكم صدام و عهد نشاطه كسكرتير الحركة الديمقراطية الأشورية وطرف في العملية السياسية الحالية . شارك في تشكيلة مجلس الحكم ممثلا عن الكلدواشوريين السريان في 2003 ثم إنتخابات البرلمان 2005 و 2007 بقائمة الرافدين التي حققت لنا بشخصه تمثيلا في البرلمان العراقي.الكلام عن الحركة (زوعا) في فترة معارضة النظام هو غيرالكلام عنها وهي طرف في العملية السياسية التغييريه , فلو أخذنا بنظر الإعتبار المعايير التي كانت تعتمدها الأحزاب الكبيرة في فترة معارضتها للنظام والتي على أساسها كانت تتعامل بشئ من الــّود والتعاون مع التيارات الصغيرة كالحركة (زوعا), سيتضح لنا أن حدة التنافس ونزعة التهميش لم تكن تشغل آنئذ حيزا يذكرمن ممارساتها , إنما إعتبارات أخرى كانت قد فرضت تداول الخطاب المعتدل والتعاطي الودّي مع التشكيلات الصغيرة لكسب تأييد الرأي العام وحشده إعلاميا ضد السلطة الحاكمة وتحقيق هدف إسقاطها .
بعد سقوط النظام,إقتضت مصلحة المحتل الأمريكي توكيل مهمة تشكيل أركان السلطة الحكومية الجديدة إلى قيادات المعارضة كخيار لا بديل له , لتدخل أحزابها مرحلة جديدة أسبغت على أجوائها علاقات مختلفة كليّا عن تلك التي كانت سائده يوم جمعتهم جبهة معارضاتيه , كل شيئ تبدل, فالبحث عن منصب وتحقيق المكسب الحزبي جعل ديمومة الشراكة محكومة ً بمدى ما تحققه من مصالح حزبية أبعدت الكبار عن جوهر شعاراتهم التي إلتقت يوما ما مع هدف الصغار في تحرير العراقي من الظلم وتأسيس نظام علماني يفي للديمقراطية إستحقاقاتها, وأوضح مثال لتأكيد ما ندعيه هو ظاهرة تحالف الأحزاب الكردية العلمانية ذات التاريخ النضالي الطويل مع أحزاب إسلاموية طائفية
شيعية معلومة الولاء مقابل إهمال قوى علمانية تقدمية بل تهميشها بالكامل , وهو مأخذ يحسب ضدها نظرا للخلل الذي أحدثه في توازن العملية وعرقلة مشروع تبني الديمقراطية ,ناهيك عن هدره حقوق شرائح عراقية أصيلة عولــّت على العلمانية في إعادة بناء العراق, ربما يبرر البعض هذه الإنقلابات بحجة ولوجنا مرحلة تفعيل الأدوات الديمقراطية في تدوير العملية السياسية, لكن أن تنحدر الأمور بأحزاب عرف عنها علمانيتها لتتحالف مع أحزاب إسلامية مذهبية وتعقد صفقات ثنائية لتتم عملية تهميش حليف الأمس و تصفيته سياسيا فذلك لم يكن عهدالعراقي بها , وهو أمر يثير الدهشة والريبه ليس لأنه هتك لمعاني الديمقراطية المدعاة فحسب, بل طعن في مصداقية تلك الشعارات التي سبق وتغنت بها وعلى أساسها ساندها الشعب يوم كانت مجتمعة ً تعارض نظام صدام .
من التشظيات التي خلـــّــفتها صراعات وتحالفات الكتل فيما بينها , هو لجوئها إلى ممارسة الضغوط على التشكيلات الصغيرة من حلفاء الأمس والتي ثبت أن الهدف منها ليس تحقيق مكسب وطني بقدر ما هي محاولات إلتفافية لصنع اوراق تستخدمها لإستكمال وإستحكام برامجها الدينية والقومية على حساب استحقاقات الشراكة الوطنية .
من الطبيعي إذن, وكون الحركة الديمقراطية الأشورية(زوعا) إحدى التشكيلات الصغيرة, أن تنال من هذه الضغوط القدر الذي حصرها بين مطرقة المد الشيعي و سندان الأجندة القومية الكردية ثم صحوة الجانب السني العروبي مؤخرا بعد غيبة كان قد تورط فيها بأجندة القاعدة والسلفية.
لقد سبق وأكدنا في مناسبات اخرى على أن الخط السياسي القومي الوطني الذي تسلكه (زوعا) , قد سبب ّ لها حرجا أمام أجندات الأحزاب الدينية والقومية الكبيرة, فالأحزاب القومية الكردية إنصب إهتمامها على تحديد جغرافية لتشكيل كيان قومي كردي ,أما من ناحية الطرف السياسي الشيعي , فهو الآخر أخذ يستغل غالبيته العددية وتحالفاته في توسيع برنامجه الطائفي المذهبي بإتجاه تشيييع القرى والمناطق الكلدواشورية المسيحية التي أصبح للشبك الشيعه مؤخرا تواجدا حديثا فيها لتتقاسمه الاحزاب الشيعية لأجندتها المذهبية مع الأحزاب الكردية التي تعتبرالشبك الشيعه أكراد, وبين هذا وذاك يصحو السني العروبي من غفوته لتكتمل عملية خنق الديمقراطية وبث النزاعات بين المكونات الصغيرة التي إعتادت ان تتعايش لقرون طويلة, ارجو المعذرة عن إستخدامي التوصيفات القومية والمذهبية,لكنها الحقيقةالتي تنخر بالعراق .
بعد أن أصبح الحال كما هو عليه في غياب الخطاب الوطني الحقيقي ,بدأت هذه الكتل الكبيرة التي تتخذ من الديمقراطية غطاء لها ,تنظرالى نهج (زوعا) الوطني كحجر عثرة أمام تنفيذ أجنداتها الحزبية , بالنتيجة بات ينظر الى الحركة وبقية التيارات الصغيرة ليس كحلفاء أو شركاء بل خصوم يستوجب تهميشها او ربما إجتثاثها , إذن يا ترى كيف السبيل ؟ هل نستسلم أزاء تهميشنا وهضم حقوقنا ثم ذبحنا بحجة اننا نحترم( من طرف واحد ) رابطة الجيرة والمواطنة التي تربطنا مع هذه المكونات الجميلة , أم على الحركة ومثيلاتها من المكونات الأخرى أن ترفع صوتها و توضح موقفها وتضع النقاط على الحروف كي يطلع ابناء شعبنا على ما يدور ويعلموا أين تكمن مواطن الخلل الحقيقية المعرقلة للمسيرة الديمقراطية ؟
بعيدا عن الترويج الدعائي للانتخابات , أستنتج وهو إجتهادي الشخصي ومن خلال متابعتي للقاءات السيد يونادم كـــنه في جولاته الاخيرة وأحاديثه الصريحة مع جاليات ابناء شعبنا في المنافي , إبتداء من عمان مرورا بدمشق وكوبنهاكن والسويد ولندن وشيكاغو وديترويت وتورنتو وكاليفورنيا, سيرى المتفحص لكلام الســيّد يونادم في إجاباته على تساؤلات الحضور وطريقة تحليله لما يدور , سيرى أن نبرة الكلام لم تعد كما كانت في السابق , وهو تغيّر لم يتأتــّى من فراغ , بل نتيجة إمعان الكبار في تجاوزاتهم السياسية و التعمّد في تهميشنا وسلب حرية إختيار تمثيلنا, و لا نستبعد أن يكون بسب عدم الأخذ بإعتراضات الحركة و مطالباتها المستمرة بإحترام حقوق الأخرين , قد تولــّدت القناعة التامة بأن إهتمامات أطراف العملية السياسية المتنفذه في العراق قد إنحصرت في وعاء تحقيق مصالحها الحزبية الضيقة حتى وإن كلفها ذلك نقض وعود ها وإلتزامات شراكتها الوطنية التي أبرمتها ايام كانت تعارض نظام البعث, وهذا بحد ذاته يشكل خيبة أمل ليس لدى الحركة وابناء شعبنا فحسب بل لدى كل عراقي ينشد العيش الكريم في وطنه .
لقد سبق وإتبعت الحركة أقصى ما بإستطاعتها من ديبلوماسية أزاء تجاوزات الكبار وخروقاتهم في تهميش تمثيل مكوننا القومي الوطني وحرمانه من حقوقه , و اليوم على ما يبدو وبعد نفاذ صبر شعبنا وممثليه ,بات من واجب الحركة ونحن إذ نتطلع الى تحقيق الديمقراطية والعدالة , ان تضع النقاط على الحروف مع إستمرار مطالبتها بضرورة تصحيح المسارات وإعتماد مبدأ إحترام حق الاخر في إختيار ما يناسبه, وإلا سيكون الحديث عن الديمقراطية بذخا وسفسطة ليس غير .
أمــّا بخصوص الساده الذين يعتبرون صراحة السيد يونادم كنه في كشفه الحقائق بأنها مجرد كيل إتهامات , أقول لهؤلاء الإخوة,عليكم الإنصاف إن كنتم تحسنون فهم معنى العمل السياسي وكيف يتوجب على القائد ان يتكلم ومتى , علينا اليوم أن نقف مع أقلامنا بجرأة حيث تتحق إستقلالية إرادة شعبنا من دون أية مساومات , لقد بات معلوما وهي ليست المرة الأولى, أن القوائم التي تم تشكيلها وطرحها بإسمنا سواء عبر المجلس الشعبي او قائمة الحدباء ,لا تمثل باي شكل من الاشكال تطلعات شعبنا الكلدواشوريالسرياني الحقيقية, فهي من المنظور السياسي و الإجتماعي او حتى العشائري لا تمثلنا لا قوميا ولا دينيا فكيف لها ان تمثلنا وطنيا , إنها السياسة يا سادتي,و لعبة المتاجرة بأصواتنا بعد تشتيتها بهدف إنجاح أجندات خاصة بهم وبأحزابهم, سواء كانت شيعية او سنية عربيةاو كردية قومية , فعلام هذا التشويه العشوائي لحقيقة وصحة ما يقوله السيد كنـــه , إن كنتم تسعون إخفاء حقيقة ما أنتم عليه فثقافة الديمقراطية تفرض علينا نقد أية جهة سياسية والوقوف بوجهها كلّما حاولت التستر على الحقيقة مهما كانت الدوافع .
ختاما نقول,مع كل ما يقال ويكال بحق الحركة من سلب وإيجاب, فإن المؤشرات البيانية مازالت تؤكد صحة توالم نهج الحركة الديمقراطية الأشورية طرديا مع عقلانية تعاملها وهو ناتج عن قربها من معاناة شعبها وتفاعلها السياسي الهادئ في حلحلة كل ما يستجد من عقد , لذلك بقيت الحركة ونتمنى ان تبقى وسط جماهيرها الواعية التي إلتفــّت حولها وستظل لها الظهير والحافز الدافع بها الى التثقيف المتواصل بكل ما يصب في تعزيز وحدة ابناء شعبنا وإستقلالية تفكيرهم .
الوطن والشعب من وراء القصد