Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

وحدة شعبنا الحالي ، نتاج لاندماجه القومي

الإندمـاج لغويا ، يعني ( اتحاد شـيئين أو أكثر وامتزاجهما وانصهارهما ببعضهما ، وتحولهما إلى شـئ واحـد ) فكيف ينطبق هـذا الأمر على اندماج الآشوريين والآراميين والكلدانيين والسـريان وبقـايا الشـعوب العراقية القديمة ، ببعضـها ، والذي نـراه ماثـلا في شـعبنا ( مهما تعددت تسميانه المتداولة اليوم ) بخصوصياته الواحدة المتميزة عن غيره من الشعوب في اللغـة والعادات والتقـاليد وصولا إلى مواصلة السكنى في مناطق من بلاد بـين النهرين التي اسـتطاع الحفاظ عليها ، على رغم الظروف الصعبة التي واجهها وعمليات التهجير ومحاولات الغير الإستيطان في أراضيه عبـر العصـور .

يشـير الاب البير ابونا في موضوع نشره في المواقع بعنوان ( مـن نحـن ؟ ومـا قوميتـنا ؟ ) الى مجموعة الأقوام التي برزت في أرض بين النهرين وأثّـرت فيها والذين منهم ( السومريون ، البابليون الآموريون الذين ينتمي اليهم حمورابي ، الآشوريون ، الدولة البابلية الحديثة ـ الكلدانيون ، الآراميون الذين جعلوا لغتهم لهذه الأرض وما حولها ، السلوقيون ، الفرس ـ الأخمينيون والفرثيون والساسانيون ) . . ويقـول : (( وفي هذا الخضمّ من الأعراق والجنسيات والقوميات اتي مرّت بهذه البلاد ، هل يستطيع انسان اليوم ، مسيحيًا كان أم مسلمًا ، أن يؤكّـد انتماءَه الى عرق معيّن او الى قومية لا يرقى اليها أي شك ؟ قالوا اننا ننتمي الى القومية الكلدانية او السريانية او الأشورية – حتى اذا رفعنا أو من بينها وجعلناها قومية مثلثة الأضلاع - . فمن ذا الذي يستطيع ان يؤكد انتسابه الى هذه القومية دون أخرى ؟ ومن ذا لذي يمكنه ان يربط حاضره بأقوام عاشوا قبل اكثر من ثلاثة آلاف سنة او حتى ألفي سنة في هذه البلاد؟ وهل ثمة انسان عاقل يسعه ان يقدم البراهين على ذلك الانتساب ؟ كلٌّ منا يتمنى الانتساب الى اجداد عباقرة وأسلاف جبابرة اشتهروا في تاريخ البشرية ، ولكـن ... إنها أمنيات عذبة ، غير انها قد لا تمتُّ الى الحقيقة التاريخية بصلة قريبة او بعيدة ، إنما اخترعتها مخيّلاتنا الخصبة وأنتجتها عواطفنا الخـلاّقـة، ولكن أيـن الحقيقـة ؟ فأيـن توارى السومريون الأذكياء ؟ واين اختفى الأكديون ؟ وكيف زال نفوذ الاشوريين العظام وتلاشت سيطرة البابليين والدول الأخرى التي كانت تـتباهى يومًا وتـتفاخر بسلطتها وقوتها وسيادتهـا على هذه البلاد العريقـة في الـقدم . )) .

أمـا المطران لويس سـاكو ، الذي نشـر موضوعا في المواقع بعنوان ( التسميات ) فيـقول : (( لا يزال أمامنا مجال لتوحيد التسمية بعيدا عن كل التاثيرات الخارجيّـة ، التسمية الحالية غير موفقة البتة ، لذلك بالامكان تبني مثلاً : تسمية موحدة كالاراميين أو سورايي، أو كلدانيين أو اشوريين أو السريان. ما نحتاجه هو التوافق وهذا قرار بيدنا.. اتـفاق معقول للتسمية وبشكل جماعي و ليس فردي أو فئيوي . )) .

واسـتنادا إلى هـذه الآراء وغيرها المشـابهة لها ، فـإن القناعة تـتوافر بأن شـعبنا الحالي هـو نتـاج اندماج شـعوب وأقوام برزت في بلاد بيـن النهرين منـذ آلاف السـنين ، وليس في شـعبنا أي انتـماء نقـي الى أي قوم مـن اقـوام بيـن النهرين القـديمة ، ولـكن في مجـال خـلو شـعبنا من تسـمية موحدة لـه فـإن دعـاة تقسـيم شـعبنا وتجزئـته وإضعافه يظهرون لإعـلان قوميات لهـم محاولين تمرير رغباتهم بالذرائع المختلفـة ، ما يتـطلب التأكيـد على أن شـعبنا يتكون من قومية واحدة لاغيـر ، أمـا الجهات التي تبقى على مواقفها سـواء كانت آشورية أو كلدانية أو سريانية . . ألخ فهي وشـأنها . . ومـا يؤكـد ما تطرقنا اليـه بعدم النقـاء الكامل لشـعوب بيـن النهرين الحالية وجـود حتى مسـلمين عراقيـين منـهم الدكتور تيسـير الآلوسي يشـيرون الى أنـهم من أصل سـومري ، وشـخصيا التـقيت بمسـلم شـيعي في كوبنهاكن بالدانمارك بحضور مجموعة من أبناء شـعبنا هناك قـال لـي إنـه واثـق من أن أصوله تعـود الى الآشـوريين . .

ولـذا فبالنسبة لشـعبنا ليست المشكلة في التسمية الموحدة ( كلداني سرياني آشوري ) القائمة حاليا ، وإنـما هي في محاولات البعض تقسـيمنا الى قوميات عـدة بادعـاء أن الشعب يتكون من قوميات متعـددة ، ووقوفهم ضد التسمية الحالية على أسـاس أنها مركبة . . نعم إن هذه التسمية هي مركبة وغير واقعية بشكلها وليست مثالية لأنها توفيقية لاغيـر ولتأكيد وحدة شـعبنا لابـدّ منها راهنا ، ويمكن تبديلها بتسمية غير مركبة إذا أكد دعاة التقسيم والقوميات المتعددة تخليهم عن موقـفهم الحالي والقناعة بتسمية موحدة والقبول مسبقا بالتسمية الموحدة التي تحظى بموافقة أكثرية شـعبنا داخل العراق من خلال اسـتـفتاء عام لشعبنا يتم باشراف هيئـة محايـدة . . لأنه ما جدوى تغييرها بغيـر مركبة في وقت لايزال دعاة التقسـيم يرفضون أي تسمية موحدة لشـعبنا ولا يقتنعون باندماجه القومي ؟

وإزاء هـذا ، فإنـنا نشـير الى قسـم من المصادر التأريخيـة التي بحوزتـنا والتي توضح لنـا الإندماج القـومي لشـعبنا الحالي . . ونبـدأ منـذ عهـد الملك الآمـوري حمورابـي ( حكم من 1792 ق.م. ـ 1750 ق.م. ) وهـو سـادس ملوك سـلالة بابل الأولى مـن بين ملوكها الأحـد عشـر الذين حكموا نحو 300 سـنة وكان حمورابي ( حكم 43 سنة ) الأطول حكمـا بينـهم ، وجـاء في كتاب ( كنوز المتحف العراقي ، المطبـوع في دار الحرية ببغـداد عام 1972 ، للدكتور فرج بصمة جـي ص 41 ) أنـه " . . وجّـه ( حمورابي ) همّـه إلى الشـمال وقضى على دولة آشـور القديمة وابـن شـمشي أداد ( اشـمي دجان الأول ) ووحـد العراق بقسـميه . . " .

ويواصل الكتاب نفسـه في ص 51 ، أن " الملك الآشوري أداد نيراري الثـالث ( حكم من 912 ق.م. ـ 891 ق.م. ) استطاع اخضاع بعض الأقاليم المجاورة ، ثـم تحالف مع بابل . . ( وهـو ابن ) الملك الآشوري شمشي أداد الخامس الذي تزوج مـن أميرة بابلية تدعى شـمورامات فكان لها أثـر ظاهر في تحسين العلاقات بين بابل وآشور ونشـر الثقافة البابلية في الشمال ، لاسيما عبادة الإله ( البابلي ) نابـو ، وقـد تولت الوصاية ( لمدة خمس سنوات بكل مقاليد الحكم ) على ابنها أداد نيراري الثالث ( حكم من811 ق.م. ـ 781 ق.م.) وأحرزت شهرة عالمية وقد ذكرتها المصادر الأغريقية باسم سميراميس . . واتخـذ الملك الآشوري تجلاتبلاسر الثالث ( حكم من 745 ق.م. ـ 727 ق.م. ) سياسة التهجير ونقل الشعوب من مكان إلى آخر ودمجهم مع بعضهم ، ليجعل منهم أمة موحدة ذات لغة واحدة وعادات متشابهة ، فنقل جماعات كبيرة من سكان سوريا وفلسطين ( الآراميين ) وأسكنهم بابل وآشور ورحّـل جموعا من البابليين وأسكنهم في الشـمال والغـرب . .

وبعـد هـذا التهجير والنقـل وما سبقه مـن اختلاط بين بابل وآشور ، أصبح الإندماج القومي ( الآرامي البابلي الآشوري ) شـبه كامل ، وغـدت المناطق والمدن والبلدات في بلاد بين النهرين تجمع حاملي الأسماء الثلاثة ، كما صارت نينـوى مختلطة ( آشورية بابلـية آرامية ) وأصبح الملوك الآشوريون ، مثل الشـعب ، مـن دماء مزيجة مـن الأسماء الثلاثـة ، فهـم مـن آبـاء آشـوريين ومـن أمهات بابليات وآراميات .

وفي هـذا الإطار ، يقـول كتاب ( كنوز المتحف العراقي ص 55 ) " . . وفي أواخر حكمه عيّـن سنحاريب ( حكم من 705 ق.م. ـ 681 ق.م. ) ابنه أسرحدون من زوجته الآرامية البابلية نقيـة وليا للعهـد دون اخوته الذين يكبرونـه . . وعيّـن أسرحدون ( حكم من 681 ق.م. ـ 669 ق.م. ) ابنه الصغير آشوربانيبال ( حكم من 669 ق.م. ـ 629 ق.م. ) وليـا للعهد وذلـك إرضاء لأمـه نقيـة . . " ويبدو واضحا تأثيـر الآراميين والبابليين في الحياة الآشورية في عهد الامبراطورية الآشورية الثانية نتيجة الاندماج القومي الذي حصل ، وأحـد الأدلـة الجلية على هـذا الإندماج انتشـار اللغة الآرامية في بلاد آشور ، وحول ذلـك يقـول الأب ألبيـر أبونا في كتابه ( أدب اللغـة الآرامية ص 31 ) نقـلا عـن المستشرق رينـان " لايمكننا أن نشـك في أن السـواد الأعظم من الشعب الآشوري كان يتكلم اللغة الآرامية ( أصل اللغة السريانية الحالية ) . . فالآرامية كانت مستعملة لدى الموظفين الكبار في البلاد الآشورية الذين أرسلهم سنحاريب للتفاوض مع حزقيـا الملك . . ولمّـا أعقب الحكم الفارسي الحكم الآشوري ، حافظت اللغة الآرامية على مكانتها الرفيعة وأهميتها الكبرى . . " .
ومـن أدلة أهمية الآراميين والآرامية ، الحكيم أحيقار ، الذي كان كاتبا ومستشـارا ، أي بمثابة رئيس الوزراء في أيامنا الحالية ، للملكين الآشـوريين سنحاريب وابنـه أسـرحدون ، وقصـته التي كتبها باللغة الآرامية اشتهرت في العالم القديم ولا تزال شهيرة حتى اليوم .

وبالنسـبة للعهد البابلي الأخير ( الكلداني ) يقـول كتاب ( كنوز المتحف العراقي ص 59 ) " . . قتـل رجال الدين الطفل لباشـي مردوك ( الملك الكلداني ) بعـد أربعة أشهر من وفاة والده الملك نركلصر ( حكم من 559 ق.م. ـ 556 ق.م. ) وعينـوا بدله الرجل الورع والتقـي نابونيـد ( نبونهيـد ) ( حكم من 556 ق.م. ـ 539 ق.م. ) ولعله من رجال الدين من أصل آرامي . . وقـدّم نابونيد الآراميين في الحكم والإدارة . . " وقضية نابونيـد دليل على أنه لـم يكن كل ملوك العهد البابلي الأخير من الأسـرة الكلدانية ، وأن هـذه الأسـرة الحاكمة لـم تكن تحظى بقبـول عـام مـن البابليين . . وتقتضي الإشارة إلى أن الكلدانيين انسحبوا من شمال بين النهرين وكل بلاد آشور بعـد سـقوط نينـوى مباشـرة ، لأن المنطقة أصبحت من حصة حلفائهم الميديين الذين شاركوهم في القضاء على دولة الآشوريين ، ولـم يكن للدولة الكلدانية أي علاقة بهـذه المنطقة طيلة عهـدها ، ولذا اتجهت الدولة الكلدانية نحو الغربأي جنوب سـوريا وفلسطين .

ويتناول السـيد بنيامين حداد في كتابه ( القطر البحري ـ بيث قطرايي ـ الأصول الأولى للكلدوآشوريين السـريان ، طبعة بغداد 2006 ، ص 70 و 71 ) " هناك الكثير من المؤرخين مـمن يعـزون أصل الكلدانيـين إلى الآراميين ، وصاحب كتاب كلدو وآثور ( المطران أدي شـير ) يعتبر الكلدانيـين والآثوريين شـعبا واحدا مستندا إلى مراجع عديدة "
أمـا الدكتور يوسف حبي ، فيقول في ترجته لكتاب الباحثة الفرنسية مرغريت روثـن الذي جعل عنوانه ( علوم البابليين ، منشورات وزارة الثقافة والاعلام ، الجمهورية العراقية ، طبعة 1980 ، ص 5 ) " . . أما أهم بحوثها ( مرغريت روثن ) فهو ما أقدمه اليوم لقرائنا الكرام ، تحت عنوان ( علوم البابليين ) بدلا من العنوان الأصلي ( علوم الكلدانيين ) "

وفـي شـأن قضية اللغة الكلدانيـة ، يقـول المـؤرخ العراقي طـه باقـر ، في كتابه ( مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة ـ الجزء الثاني ، طبعة بغداد 1956 ، ص 277 ) " وهناك تسمية مغلوطة تطلق على الآرامية وهي الكلدانية ، ومنشـأ هذه التسمية مـما ورد في سـفر دانيال من استعمال الكلدانيين للآرامية ، ولكن الواقع أن اللغة الكلدانية التي تكلم بهـا الكلدانيون ( أي البابليون في العهد البابلي الأخير ) إنـما كانت البابلية المتأخرة المشتـقة من الأصل الأكـدي " وهـذا توضيح مـن مؤرخ ضليع بلغات بلاد بين النهرين القـديمة في شـأن الخطأ اللغوي والتأريخي الحاصل لدى البعض من اطلاق الكلدانية على لغة السـورث ( الآرامية ـ السريانية ) الحالية ، والخطأ نفسـه نجده عند الذين يطلقون الآشورية على لغة السـورث ذات الأصل الآرامي حاليا .

وخلاصة الموضوع ، مـادام شـعبنا في داخل العراق يعيش مرحلة حاسمة مـن تأريخه التي يمكن القول إنـها الحـد الفاصل بين البقـاء والفنـاء ، فينبغي أن تحسـن نيات كل أطرافه بجميع تشـعباتها واتجاهاتها ، ويكف مـن يسـير منه بحسب التوجيهات التشـتـتية الآتية لـه من الخارج ، ويفكر مليا في التخلي عـن الإنعزالية ، والتـزام الوحدة الموصلة نحو شـاطئ السلامة والديمومة جغرافيا وتأريخيا واجتماعيا وحضاريا وثـقافيا ولغويا ودينيا وانسانيا . . بين مختـلف أطراف هـذا الشـعب الذي بدأ اندماجه الكامل منذ نحو ثلاثة آلاف سـنة ، هـذه الأطراف التي لـم يعـد يفـصل بينها غير المذاهب الدينية والمواقف السياسية ، والتي مـن الخطـأ استخدامها في ترسيخ التفـرقة والتباعـد والتشـرذم ، وكل مـا يقـود إلى الحاق الأضرار بالجميع .

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
السويد تحث الاتحاد الاوروبي على قبول العراقيين قنشرين/ حثت السويد، التي تؤوي حاليا اكثر من نصف العدد الاجمالي للاجئين العراقيين في اوروبا، الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي على بذل المزيد من الجهود في هذا المجال. يذكر ان اكثر من 9000 عراقي طل سلمان رشدي : من صنع هذه الظاهرة ؟ عاد اسم سلمان رشدي ليلمع ثانية عندما منحته ملكة بريطانيا لقب ( السير ) تقديرا وتثمينا ، وهو الكاتب البريطاني الذي عاش منذ قرابة عشرين سنة ، يظهر ويختفي مع ما يحيط به من حراسات ، اذ كان ولم يزل مهدد بالقتل نتيجة تكفيره من قبل العالم الاسلامي بسبب ما ورد عروض بيع الدولار تفوق طلبات الشراء لاول مرة بمزاد المركزي العراقي بغداد-أصوات العراق/ في سابقة هي الاولى في مزاد البنك المركزي العراقي اليوم الاربعاء زادت عروض بيع الدولار الى المركزي عن طلبات الشراء التي سجلت تراجعا كبيرا. مقتل امرأة وإصابة ابنتها بنيران مسلحين شرقي الموصل شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/ ذكر مصدر في شرطة نينوى ان امرأة قتلت وأصيبت ابنتها بنيران مسلحين شرقي مدينة الموصل , وأوضح المصدر لمراسل شبكتنا
Side Adv2 Side Adv1