Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

وظلمَ رفاق الدرب وشركاء المسيرة

حين أعلنت هيئة الرئاسة في مجلس النواب العراقي الموقر عن فتح باب الترشيح لمجلس المفوضية العليا للإنتخابات لم يكن ضمن الشروط المتوفرة في المتقدم انتماءه السياسي أو القومي أو الطائفي أو المناطقي ما جعل جميع العراقيين يستبشرون خيرا ويتطلعون بشغف بحيث توقع كل من توفرت فيه الشروط المعلنة البسيطة انه سيحظى بمقعد في هذا المجلس الجديد. وأمام عدد جاوز الألف من المتقدمين الحائزين على الشروط المطلوبة لم يكن أمام اللجنة التي ألفها مجلس النواب لاختيار عدد حدد مسبقا وهو تسعة أعضاء فقط من هذا العدد الكبير الا اللجوء الى قانون تأسيس مجلس المفوضية العليا، والنصوص الدستورية الواضحة والمتعلقة بهذا الشأن. والتي أوجبت استيعاب هذا المجلس لكافة الأطياف المشاركة في العملية السياسية على ان يكون المرشح من التكنوقراط ذوي الخبرة والاختصاص.
لكن الذي حصل، بعد موافقة اللجنة على تسعة من الأسماء، جاء مخيبا للآمال وعكس التوقعات. ومرة اخرى تتعرض الأطياف ذات التمثيل البسيط والغبن المتلازم الى ظلم مركب في حقبة العدل والمساواة.. ويمارس معها أسلوب الإقصاء والتهميش في عهد احتضان كل المكونات، لا سيما الحركات المناضلة التي تبنت الثورة بوجه الاستبداد مبدءا، وساهمت مساهمة فاعلة في إسقاطه، بعدما قدمت الضحايا والقرابين وتعرض أفرادها على قلة عددهم لأنواع التعذيب والتقتيل والتشريد لا لأن السلطان غضب عليهم ولا طمعا في مكاسب شخصية ضيقة بل لأنهم بكل صفاء نية اندفعوا بعراقيتهم الأصيلة ليشدوا لحمة النسيج الوطني ويؤازروا القيادات الجماهيرية في تصميم أسطوري لتخليص البلاد من حكم دكتاتوري مستبد جثم على أنفاس هذا البلد وشعبه الصابر طيلة أربعين عاما، وفي طليعة هذه الحركات الحركة الديمقراطية الآشوريةالتي مثلت أطياف الطائفة المسيحية بموشورها الزاهي، من سريان وكلدان وآشوريين، ووحدت أصواتهم.
ومن ينكر دور الحركة الديمقراطية الآشورية منذ سبعينات القرن الماضي والى يوم الناس هذا، ومشاركتها في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية قبل سقوط السلطة السابقة وبعدها. ومن يتجاهل دورها في تحشيد الرأي العام الأوربي من خلال تجييش أصوات جالياتها العراقية الأصيلة في المهجر، ومن تأثير قادتها في المحافل الدولية طيلة تلك الحقب السود؟!. ومن لا يلمس سعيها الميداني المخلص في درء الفتنة ولملمة جراح العراقيين من خلال اشتراك أعضائها في أكثر لجان المصالحة والاعمار والبناء؟!. وبرغم هذا الغيض من فيض عطاء هذه الطائفة المتوازنة السلوك المعتدلة الخطاب المسالمة المنهج الواضحة المسار الوافرة العطاء الناشطة من غير ضجة أو تهويل والتي تحمل ارث العراق الحضاري بفيضه الانساني. وبرغم ما قدمته الحركة الديمقراطية الآشورية- الممثل الشرعي لهذه الطائفة في البرلمان الوطني والحكومة المنتخبة، وبرغم نصوص الدستور العراقي وقانون مجلس المفوضية العليا للإنتخابات، برغم هذا وغيره يحجب مرشحها الوحيد مع انه يمثل مكونا ضم الكلدان السريان الآشوريين، وله مقعد في البرلمان الوطني وهو سليل أعرق أمة في هذا الوطن المتآخي وحفيد ثاني الديانات المقدسة فيه!.
ولا يملك المراقب المنصف، وأمام هذه الإجحاف الواضح والتنكر الغريب، الا ان يعتب ويلوم ويستنكر بعد ان يفحص ويشخص. ومن حقنا ان نتساءل: ضمن أي مقياس ووفق أي مسوغ تم القفز على التزامات تعد من الثوابت القانونية والأخلاقية؟!، وكيف استطاع رفاق سلاح الأمس القريب ودرب نضاله الدامي وشركاء المسيرة الديمقراطية التنكر لالتزاماتهم بهذه السهولة؟!، إذ لو كان أعضاء مجلس المفوضية اثنان كان ثالثهم "كلدوآشوري سرياني - مسيحي" فكيف وهم تسعة أعضاء؟!.
العتب كل العتب على الكتل الكبيرة المكونة للبرلمان وعلى وجه الخصوص لجنة اختيار أعضاء مجلس المفوضية الجدد وما دام في الوقت متسع فليأخذ كل ذي حق حقه، وحتى لا تتكرر عملية الغبن التي صاحبت تشكيل الوزارة، فإن غمط الحقوق يثير الضغائن ويوغر الصدور.
Opinions