وعود "كردية" بإعادتهم قريبا.. هل تطوى صفحة نازحي القرى العربية في نينوى؟
المصدر: شبكة الساعة
وعود جديدة يطلقها الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق بشأن إعادة النازحين من القرى العربية في نينوى، بعد أن منعتهم القوات الأمنية في الإقليم من العودة إليها طيلة السنوات الـ 9 الماضية.
الشهر الماضي، أعلنت السلطات الكردية عودة نحو 300 عائلة نازحة إلى قرية شيخان العربية (تسكنها عشيرة الشرابيين) في ناحية زمار، بعد أن هجروا منها منذ العام 2014 على خلفية أحداث داعش.
عودة سكان قرية شيخان، أعاد الآمال من جديد بعودة النازحين من القرى الأخرى والبالغ عددهم نحو 7500 عائلة، بحسب مصادر محلية في نينوى.
مطلع الأسبوع الجاري، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني بدء التحضيرات لإعادة سكان القرى العربية التي تسيطر عليها قوات البيشمركة منذ نهاية عام 2014، دون أن يحدد تفاصيل تلك التحضيرات والمدة المقررة لإعادة النازحين.
وقال الحزب في بيان إن " أبناء تلك القرى سيعودون قريبا إلى مناطقهم عن طريق لجان مختصة سبق أن تم تشكيلها لهذا الغرض"، مشيراً إلى أنه "من المؤمل أن تكمل هذه اللجان تحضيراتها في القريب العاجل من أجل عودة مئات العائلات ممن نزحوا من قراهم إبان سيطرة تنظيم داعش على المحافظة ومعارك تحريرها من سيطرتهم".
دائرة الهجرة في نينوى رفضت التعليق على الموضوع، على اعتبار أن إعادة النازحين لتلك المنطقة لا يقع ضمن مسؤوليتها، ولأن الأمر خارج سلطاتها وأنه بيد حكومة إقليم كردستان حصرا.
أصل المشكلة
وتقسم القرى العربية في نينوى التي مُنع سكانها من العودة إليها إلى قسمين: الأول يعرف بقرى مناطق شرق الموصل في منطقة الخازر التابعة لقضاء الحمدانية وتضم قرى حسن شام، وعلياوه، وأش قلعة كبير، وأش قلعة صغير، وبحرة، وتل أسود، وتعود مشكلة هذه القرى إلى العام2014 والمعارك ضد تنظيم داعش حيث لم يُسمح لأهالي هذه القرى الذين نزحوا بسبب المعارك بالعودة إليها، بعد استعادة السيطرة عليها من قوات البيشمركة الكردية، وذلك لدواعٍ أمنية كما تقول سلطات إقليم كردستان.
المثير في ملف نزوح سكان هذه القرى البالغ عددهم أكثر من 7 آلاف عائلة أنهم يتواجدون منذ سنوات في مخيم حسن شام الذي يبعد عن قراهم مئات الأمتار فقط، ويمكنهم من خلال المخيم رؤية منازلهم ومزارعهم التي منعوا من العودة إليها.
أما القسم الثاني يُعرف بقرى غرب دجلة وهي ست قرى، إحداها قرية الشيخان التابعة لناحية زمار والتي عاد إليها النازحون قبل أسبوعين، بينما تتبع القرى الخمس الأخرى ناحية ربيعة، وهي قرى: السعودية، والمحمودية، وجدرية، وصفية، والقاهرة، وتعود مشكلة النزوح في هذه القرى إلى عمليات فرض القانون في العام 2017، حيث فرت بعض العائلات هرباً من القتال الحاصل بين قوات الحكومة العراقية وقوات الإقليم والذي جرى على خلفية استفتاء الاستقلال الذي أجرته حكومة كردستان العراق في أيلول/سبتمبر 2017.
وكانت ناحية ربيعة التابعة إدارياَ لقضاء تلعفر قد سقطت مع مناطق أخرى في نينوى في يد تنظيم "داعش" في حزيران/ يونيو 2014، ثم استعادت قوات البيشمركة السيطرة عليها في أيلول/ سبتمبر من العام ذاته، وفرضت سيطرتها على ناحية زمار ومناطق أخرى تتبع لمحافظة نينوى.
وبقيت القوات الكردية في هذه المناطق حتى أطلقت بغداد عملية "فرض القانون" عام 2017، رداً على تنظيم أربيل استفتاءً للانفصال عن العراق. حينها تراجعت قوات البيشمركة إلى الأطراف الشمالية الشرقية لناحية ربيعة حيث توجد 5 قرى عربية، لا تزال مشكلتها قائمة لغاية اليوم رغم الحديث عن اقتراب حلها.
إغلاق الملف قريبا
في وقت سابق اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حكومة إقليم كردستان بعرقلة عودة سكان القرى العربية الـ5 البالغ عددهم نحو 1200 عائلة على الأقل.
لكن النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني أكد أن "ملف النزوح من القرى العربية سيغلق قريبا وأوشك على النهاية بعد التوصل لحلول وقرارات خاصة بإعادة الأهالي إلى قراهم".
وقال الدوبرداني في تصريح لشبكة "الساعة": إن "ملف القرى العربية "انتهى" وحُلت جميع العراقيل والمشاكل التي كانت تعترض عودة النازحين إليها"، مبينا أن "قرار عودة النازحين إلى القرى العربية في نينوى، وتحديداً إلى قرى الخازر وربيعة حسم، بصدور بتوجيه من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني".
وبشأن منع النازحين من العودة خلال السنوات الماضية قال الدوبرداني: إن "ذلك مرتبط بالأسباب الأمنية، حيث كانت العديد من القرى خط مواجهة مع تنظيم داعش والبعض الآخر أصبح الخط الفاصل بين القوات العراقية وقوات البيشمركة عقب الاستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان والمشاكل التي حدثت فيما بعد، فضلا عن وجود الألغام والمتفجرات في هذه المناطق".
وأكد النائب أن "لجانا مشتركة بين حكومة إقليم كردستان ومحافظة نينوى شُكلت في الأشهر الأخيرة أخذت على عاتقها تنظيم الإجراءات الخاصة بإعادة النازحين"، لافتا إلى أن "التحضيرات التي أجرتها اللجان المشتركة تتضمن مسألة التدقيق الأمني للنازحين، وإعادة الخدمات لتلك القرى كالكهرباء والطرق والماء وغيرها من الأمور الخدمية".
وعن الموعد الدقيق لعودة نازحي القرى الـ5 في ربيعة أوضح الدوبرداني إنه "لا يوجد موعد محدد للعودة"، إلا أنه نوه إلى أنها "باتت قريبة جداً وستبدأ فور انتهاء اللجان التحضيرية من أعمالها".
تشكيك بجدية الوعود
غير أن وعود الحزب الديمقراطي الكردستاني التي تطلق منذ أشهر لم تكن كافية لإقناع بعض النازحين من قرى ربيعة الخمسة بأن عودتهم باتت قريبة.
فلاح السالم أحد وجهاء قرية صفية ويعمل في سلك التدريس، يقول لشبكة "الساعة": إن "الحديث عن إعادة النازحين إلى القرى التي منعوا من دخولها لسنوات أمر يسر الجميع، ولكن إن طبق وأصبح أمرا واقعا".
وأضاف: أن "نازحي القرى العربية سمعوا عشرات الوعود من الجانب الكردي خلال السنوات الماضية، ولكن لم تصدق أيٌّ من تلك الوعود ولم يرجع نازح واحد إلى داره المبعد عنها بالقوة والإكراه".
وأوضح أن مماطلة الجانب الكردي في إعادة النازحين إلى قراهم مقصودة في محاولة لإنهاء وجود العشائر العربية من هذه القرى على اعتبار أن سكانها السابقين كانوا أكرادا ورحلهم النظام السابق في ستينات أو سبعينات القرن الماضي.
وشدد السالم على أن الشكوك بإعادة النازحين ما تزال قائمة، ولن تنتهي لغاية عودة النازحين الذين عانوا خلال السنوات الماضية من مأساة في تأمين السكن والبعض منهم من ذوي الدخل المحدود اضطر للسكن في الدور الطينية والدور قيد الإنشاء في ناحية ربيعة ومناطق أخرى من محافظة نينوى.
وقبل أشهر شهدت ناحية ربيعة تظاهرة واسعة لسكان القرى العربية النازحين، وغالبيتهم من قبيلة شمر، ووجهوا نداء إلى الحكومة المركزية نداءً للتدخل العاجل لاستعادة القرى وإنهاء معاناة النازحين.
فيما وصف النائب عن نينوى عبد الرحيم الشمري سيطرة القوات الكردية على مناطق عربية في ناحية ربيعة بأنها احتلال.
وأكد الشمري في تصريحات صحفية أن "القرى التي تفرض قوات البيشمركة السيطرة عليها لا تندرج ضمن مصطلح المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل"، واتهم "الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتنصل من وعود أطلقها بالانسحاب من القرى العربية وإعادة النازحين إليها"، مشيرا إلى أن "الغاية من إبعاد السكان العرب هو تغيير ديمغرافية المنطقة بقوة السلاح".