Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

وقفة مع أصحاب الكلمة الحرة ..!!

يبدو لي أحياناً أن مجرد الحديث عن حرية الرأي والتعبير أصبح أشبه بالحديث عن " الشهوات المحرمة .. ! " , أو " البعبع الأكبر " الذي سيفكك الأفكار..! صدقاً لا أجد مبرراً للخوف والهلع من حرية الرأي والتعبير والانتقاد , فطريق الكلمة الحرة يشع بالكثير من قناديل المحبة التي تواجه الظلام , حيث تشكل حرية الرأي والقول التعبير أحد الأدلة القاطعة في ممارسة الديمقراطية وصولاً لأعلى درجات التقدم والتطور , ومواكبة العصر والدخول إليه. كما أن حرية الرأي والتعبير، حق من حقوق الإنسان المكفول بالأعراف والمواثيق الدولية مثل ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، وحق تكفله الدساتير الحديثة ، بل إن الغاية القصوى من كفاح الإنسانية هي امتلاك الحرية بما تعنيه الحرية من قدرة الإنسان على تحقيق الذات البشرية ، عبر سيطرة البشر على حاضرهم ومستقبلهم وعلى ما يدور حولهم في الطبيعة والحياة ، الحرية تعني كسر القيود التي تكبل العقل واللسان والسلوك من أجل التقدم والتطور إلى الأمام ، ضد قوى الظلام ، التي تقيد البشر بقوة في أسفل القاع . فلكل فرد في المجتمع الحق في التعبير عن رأيه ومعتقداته دون تدخّل أي جهة لقمع أو إسكات هذا الرأي بأي حجة من الحجج . دعونا نحاول أن نتعامل مع عقولنا باحترام على أساس أن عقولنا هذه هي السبب في أننا نعتبر أنفسنا بشراً و لو بيننا و بين أنفسنا على الأقل.. فالإنسان كائن عاقل بما يكفيه ليستوعب مجموعة من الأوامر و النواهي مستمدة من "رأي" واحد وحيد يشكل " الحقيقة " الواحدة الوحيدة " التي لا يأتيها الباطل من أمامها و لا من خلفها " . وعليه يجب أن نعيش يومنا دون قلق أو خوف من التعرّض لحجز أو ضرب أو يقام علينا قيود وتوقيف كتّاب.. وإلا فهناك موقفين لا ثالث لهما , إما أن تعترف بحرية غيرك في الرأي علناً .. وإما القمع والاستبداد علناً دون خجل أو من خلف ستار ..! وفي المقابل يتوجب على أصحاب الرأي خيارين لا ثالث لهما , إما الرضوخ أو الاستمرار وفق ضوابط وحدود الكلمة الحرة . وقانون الحياة يؤكد أنه لا يمكن لأعداء حرية الرأي إطفاء مصابيح الحرية ، وحتماً فإن النور لابد أن يغمر الحياة بالبهجة والأمان . وعليه فإن أساس الحضارة الحديثة كانت مجموعة الحريات التي أعتقت البشرية من ظلام القرون الوسطى ، وقيودها المانعة لممارسة الناس حرياتهم ، وتم كسر القيود ، التي فصلت المجتمع الحديث عن المجتمع القديم ، فلولا حرية التعبير، والاحتجاج ، والتظاهر ، ولولا النقد لما كان العصر الحديث ، حق التعبير تم انتزاعه بالقوة في سياق بناء مجتمع جديد ، في مواجهة أنواع التخلف والقيود . فحرية الرأي و التعبير ترافق كل بناء جديد وفق الصالح العام بما يخدم جميع أفراد المجتمع ، في سبيل صون حرية الأفراد والجماعات المختلفة ، حتى لا يتم الانتقاص من حرية الأفراد وليس وفق منظور مصالح فئوية خاصة . برأيي المتواضع أن استخدام حرية الرأي و التعبير مقياس أساسي للدرجة التي يصل إليها كل مجتمع في سلم التحول الديمقراطي ومحرك أساسي نحو التغيير ..! وكذلك مقاساً للشكل الديمقراطي الخاص التي تتبعه أي حكومة ، فمن حيث المبدأ لا مجال لوجود ديمقراطية ، من دون حرية التعبير، لكننا للأسف نراها في مجتمعنا مجرد شعارات أو حبراً على ورق أو وفق " حرية مقيّدة ومشروطة ..! " لا تعكس حقيقة الواقع .. وستبقى أي محاولات لتحجيم وتقييد حرية الرأي كمن يحاول حجب شعاع الشمس بالغربال , فالحرية تعني قوة المجتمعات وتماسكها وفق قانون طبيعي تؤكده وقائع هذا الزمان . فهل سنبقى هاربين من نور الحرية بمختلف أشكالها ؟!

Opinions