يا رب أحفظ لنا...
صديق طفولة لي يدعى (سالم أحمد حميد) كان ولازال يطلق على مدينة الدبس بـ ( العراق المصغر) حيث جمع ولازال في بودقته كل أثنيات وطوائف الشعب العراقي وعاشت ولازال تعيش في محبة. كنا أصدقاء من موزائيك ملون( العربي والكردي والمسيحي والإيزيدي والصابئي) أصدقاء عديدون لازالوا لحد الان إخوة واحباء وأعزاء على بعضهم.أين أصبحنا نحن مسيحيي الوطن من هذا الموزائيك؟ لماذا تريد قلة غريبة على الوطن أن تمحو لونا أساسيا من بين ألوان هذا الموزائيك؟ أننا نعتب على كل الخيِّرين في الوطن! لأنهم لا يحركون ساكنا وهم يشاهدون تلك الوجوه البشعة تفتك بنا. وهم يشاهدون مقدساتنا تهان ويعتدى عليها. من يرضى بهذا الإضطهاد بحيث تقوم مجموعة مسلحة بإقتحام كنيسة سيدة النجاة، لتقتل أعضائها الذين إجتمعوا مصلين بخشوع متضرعين إلى الرب لكي يستتب الأمن والسلام في الوطن. نصلي أن يغير الرب أفكار وقلب ونفسية من نصب نفسه عدوا، فتتغير سلوكياته. هل في صلاة المؤمن أية شائبة؟ بل كل الخير. لكن الشيطان قوي وغير المتسلح بقوة الرب تراه يسقط في وحل الجريمة وقتل وسرقة أقرب الناس إليهم. أنها محنة نعيشها نحن المسيحيين في الوطن حتى صرنا نتلقى الضربات وضربة أخرى، لا سمح الله، ألسنا جزء من شعب عريق إسمه شعب العراق؟ ألسنا يا وطن نحمل جنسيتك؟ ألسنا من سكانك الاصليين؟ أم ماذا يا إخوتنا في الوطن؟ هل تبرأتم منا؟ أم نسيتم أننا شعب لا يؤمن بحمل السلاح؟ إن كان ربنا لم يحمله ولم يستخدم جند السماء، ليمنع عنه الصلب. وهو القائل:( أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟)"متى 53:26". كيف نستخدمه نحن؟ وهو الذي أوصانا (وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.)" متى 39:5 " ليس جبنا ولا خوفا بل سلاما سلام القلب، هذا السلام المتأتي من العلية لكل من وضع المسيح سيد المجد سيدا له. وإيمانا منا بالسماويات لا بالأرضيات. لم نجتمع في كنيسة أو بيت من أجل الصلاة إلا لنطلب السلام والأمان والرحمة لكل شعبنا العراقي. لم نجتمع في كنيسة سيدة النجاة إلا لنصلي، للوطن لكل الشعب. لم نجتمع في أية كنيسة وحتى في بلاد المهجر التي آوت كل اللآجئين من حول العالم وأسكنتهم وأطعمتهم وأعطتهم حقوقا كانوا يحلمون بنيلها في بلادهم. تجدنا نحن المسيحيين نصلي ونرنم طالبين من الرب يسوع المسيح"له كل المجد" أن يمنح سلامه إلى وطننا العراق. ألم تسمعوننا قبل أشهر كيف حولنا النشيد الوطني العراقي إلى ترنيمة رددتها جوقة الترانيم في كنيسة من كنائسنا. لذلك لا مبرر يوجد في قتل أناس إتصفوا بالسلام؟ اذا دعونا ندخل سوية كنيسة لا على التعيين ولنشاهد بأم عيون قلوبنا كيف نحن المسيحيون نقيم صلواتنا. قداس إلهي يبدأه القسيس ومعه الشمامسة، بالصلوات بينما المصلون يرددون خلفه. بعد أن نصلي الصلاة الربانية، وترنم جوقة الترانيم، ليقرأ القسيس من الكتاب المقدس. ثم يوعظ. ثم نقدم طلباتنا إلى رب المجد. تسمع القسيس، يطلب ويتوسل بالرب يسوع المسيح"له كل المجد" وهو يقدمه طلبات المصلين. وتسمع أصوات جوقة الترانيم وهي ترنم للرب، وكأن القسيس والمصلون وجوقة الترانيم يتحدون مع ملائكة السماء في طلبة واحدة هي السلام للشعب للوطن:
يا رب أعطي الحكمة للقائمين على إدارة ورئاسة بلدنا العراق.
يا رب أحفظ شعبنا العراقي بكل أطيافه وأديانه وأثنياته.
يا رب أحفظ العراق.
يا رب لتكن هذه آخر مآساة لشعبنا.
يا رب أستجب لطلبتنا.
هل في هذا دعاء على الغير؟ هل في هذه الصلاة ما يعكر ماء الغير؟ هل نطلب من الله أن يعطينا الفردوس ويمنعها على غيرنا؟ بل بعض كنائسنا تصلي باللغة العربية لكي يفهم كل من يسمع أو يستمع إلى الصلاة المقامة في تلكم الكنيسة. لن تسمع من قسيس أو كاهن أو رجل دين مسيحي وهو يلعن، بل يتوسل إلى الله وهو يردد (وَأَعْطَى اللهُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً وَفَهْمًا كَثِيرًا جِدًّا، وَرَحْبَةَ قَلْبٍ كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ.)" الملوك الأول4: 29". لن ننسى كل من وقف من إخوتنا في الوطن وهو يستنكر أو يرفض كل عمل ألحق بنا الضرر. ليس لنا إلا أن نقول ونكرركل يوم: يا رب أحفظ الشعب والوطن. آمين
المحامي والقاص/
مارتن كورش