يكفي لنيافته شرف رفض الهبات
إن قراءة كلام نيافة المطران لويس ساكو بعجالة دون الرجوع إلى مواقفه و تصريحاته السابقة حول قضايا أخرى عدا موضوعة الحكم الذاتي , يمكن لسطحية القارئ أو لمواقفه المسبقة أن تفسر تحذيرمثقفينا وسياسيينا من مغبّة إبتلاع الطعم والوقوع في الفخ على أنه إنكار لحق شعب , وهذا مخالف للحقيقة, لأن نيافته بخلاف العديد من رجال الدين رجل قد أكسبته دراساته وتجاربه خبرة ودراية تكفي لدحض أي إتهام موجه ضده في هذا الخصوص, ولا يمكن لمقام مثل هذا الرجل أن ينطق كلاما مبطنا لمجرد عناد مع طرف سياسي أو إنحياز لطرف آخر , وهو ذات الرجل الذي يعرفه ابناء رعيته و شعبه بعفته ونزاهته التي منعته من قبول ألأفضال المسيّسة .أما السعي الى تخطئة نيافته من خلال تسفيه كلامه وإحتسابه تدخلا بالسياسة أو إنحياز لطرف دون آخر, فتلك محاولة فضحتها المفردات الغير اللائقة التي إستخدمها القلم الميشيغاني بحق نيافته , ولو إفترضنا إحتواء كلام نيافة المطران جملة او جملتين تؤيد المطالبين بالحكم الذاتي ,لتسابق الإخوة للإشادة به وقبلوا كل كلامه كما إعتدناهم دون إعتباره تدخلا في السياسة , إذن البكاء هو ليس على الحسين يا إخوان بل على الهريسة ,وهذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذا التباكي ,حيث الذي حصل بحق الحركة الديمقراطية الأشورية التي يتهمون نيافته بالإنحياز لها لم يكن بمعزل عما يسعون اليه الان ضد نيافته , و هؤلاء بعينهم هم الذين إعتادوا إتهام الحركة بالعنصرية والشوفينية تارة وتارة اخرى في مشاركتها بالتعريب أو التكريد كلما ضاقت بهم السبل و لمجرد أنها أي الحركة تستعمل العقل أكثر من العواطف في اتخاذ اي قرار أو إبداء أي رأي , والتهمة ذاتها جاهزة أيضا ضد كل من يطالب بتهيئة وإجراء دراسات سياسية وسكانية تجريها هيئات تمثل شعبنا بالتنسيق مع البرلمان العراقي ومجلس الوزراء لكسب التأييد الوطني له أولا .
إن كنتم تريدون أن تسلكوا الطريق الآمن في إنجاح اي مشروع إداري يخدم شعبكم يا محبي حكم ذاتي اليوم , عليكم أولا أن تضعوا ما في جيوبكم لصالح المشروع,لأن المشروع الذي تستنطقه الجيوب يعد مصدر رزق تتستر عليه الشعارات وليس مشروع لخدمة شعب ؟ أليس جديرا بأصحابه البدء في تشكيل نواة له من خلاصة دراسة شاملة تجريها هيئات إختصاصية مشتركة ليشق طريقه قانونيا وإجتماعيا وسياسيا إلى البرلمان العراقي كي يحقق كسب ثقة الآخر , وهل يتحقق هذا من خطابات وإستشارات آمالها متوقفة على تسيير تظاهرة حملّوها بشعارات فاجأت حتى الذين حملو اللافتات , كلّنا يعلم بما تنص عليه مواد وفقرات الدستور الذي تم تمريره رغم كثرة مشاكله , وكلنا يقر بأن في بعض نصوصه ما يضمن لنا المطالبة به (حكم ذاتي) في عراق المستقبل, لكن عراق اليوم فيه ساسة وشرائح يريدونه ديمقراطيا فيدراليا منذ هذه اللحظة , والبعض الآخر يرى ان مصلحة العراق في هذه المرحلة الحرجة تكمن في وجود حكومة مركزية إنتقالية تشرف على إجراء تعديلات دستورية للسير نحو الديمقراطية كما يؤكد السيد المالكي, أما إنشغال المطالبين بالحكم الذاتي ظاهريا متناسين بأنهم مازالوا يديرون صراعات داخلية متشعبه بالوكالة , فكيف لنا ان نتخيّل حافي القدمين يعلن حربه بالكلاشات !! إرحموا عقولنا ليرحمكم الذي في السماء.
إن غياب هذه الدراسات العلمية الشاملة مع غياب الهيئات الإختصاصية التي لها القدرة على صياغة منطقية ومقبولة لمشروع متكامل يفرض نفسه وطنيا على مجلس البرلمان والرئاسات في الحكومة , هذا الغياب يشكل إحدى العوامل التي تجعل المطالبة بالمشروع شبه ميته من لحظة بدايتها ,كما أن الطرح الإنفعالي حين تحكمه مصالح حزبية ومنافع ضيقة ظهرأن لها بصمات واضحة على صيغة الطرح الموجود الأن وهي التي جعلت العديد من أبناء شعبنا ومن ضمنهم نيافة المطران ساكو إلى إعتبار الأهزوجة وهم وفخ, لسبب بسيط هو ان العامل النفعي هو سبب عدم إمتلاكنا لاي تصور سياسي ناضج كي ندرك حقيقة ما يدور في الساحة ولم يتم إنجاز أي إستفتاء نظيف كي تضاف نتيجته الى ملف المطالبة بالمشروع , فكيف لنا أن نتهم صوت العقل الذي يطالبنا بوجوب التأني والدراية والحذر من الوقوع في شباك الأخرين؟ وهل نسي الإخوة أن صراعا سياسيا قد بدأ منذ زمن بعيد وما يزال بين الإخوة العرب والأكراد حول مناطق متنازع عليها يشكل أهلنا الغالبية في بعض أماكنها , ألم نلاحظ كيف ان آليات حل هذه النزاعات ما تزال تفرّخ نزاعات أخرى في الوقت الذي يدرك الجميع بأننا وبحكم تعدادنا وواقعنا الداخلي المشرذم وواقع الصراعات الدينية والقومية السائده في الساحة لا يسمح لنا بإطلاق مشاريع تطغى عليها الخطابات المبطنة سواء في الأنحياز لطرف عربي مسلم شيعي او ضد طرف كردي او تركماني.
على الذين يريدوننا التصديق بطروحاتهم ولكي يتمكنوا من فرضها على الواقع المعاش , أن يثبتوا للجميع أولا بأنهم يمتلكوا زمام مبادراتهم بكل ما تعنيه الكلمة. وشكرا
آذار 27