يكفينا تبريرات وتلميعات, نريد عملا دوغريّا وجدياً ؟
في ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي أثناء زيارتي لأميركا,ومن ضمن لقاءاتي مع أخوة وأصدقاء مستقلين وناشطين قوميين أكنّ لهم كل المحبة والإحترام, إلتقيت بالأستاذ القدير حنا قلابّات عن طريق الصديق العزيز سعيد سيبو في مكتب مجلّة حمورابي/مدينة سنتياغو , وقد أعتبِرَ اللقاء بمثابة مقابلة ربمّا سيتم نشرها في العدد المقبل من المجلّه(حمورابي) .معذرةً من الصديقين العزيزين , فتذكيري القاريئ العزيز بهذا اللقاء هو ليس سبق المجلّه او منافستها , لكن ما وّددته من خلاله هوالإشاره بإقتضاب إلى أنّ أحد مواضيع محور حديثنا التي أُثيرت قد قادتنا في حينها إلى تبادل الرأي حول إمكانية وفائدة عقد مؤتمر قومي(كلدواشوري سرياني) شامل يضمّ أطياف شعبنا الكلدواشوري السرياني النشطه المتواجده في الولايات المتحدة على الأقل كخطوه أولى ,وكلمة شامل حسب ورودها في حوارنا كان المقصود فيها تحقيق أقصى تغطية ممكنة عبر مشاركة الحلقات المتمرّسه من مكونات شعبنا السياسية والثقافية والإجتماعية وواجهاتها الإقتصاديه وحتى الدينية لو إقتضى الأمر ذلك والهدف منها يكون التأسيس لتشكيل قوة ضغط( لوبي) في المهجر إبتداء من أميركا وعلى أمل توسيعها لتشمل دول وقارات أخرى , وهذا هو بالضبط ما يتوجب على مثقفينا عمله اليوم في دول المهجر.
أقول للعزيز القاريئ ولكل من يعنيه الأمر, إن كل من له إهتمام بشؤون السياسة والثقافة , يدرك كم يحتاج عقد أي مؤتمر يراد له النجاح إلى تدابير جديّه وجوهرية تسبق إنعقاده,كأن تشمل عقد لقاءات وحوارات مبكرّه ما بين مختلف فرقاء ومتا َلفي فصائل المكوّن السياسي القومي لأبناء شعبنا بحيث يكون عقد المؤتمر على أفضل صورة و بحسب الأصول المتعارف عليه والذي بدوره سيضمن نسبة مقبولة من إمكانية إثماره , بعكس الصيغ الخاطئه التي رُتبَت و عقدت فيها مؤخرا بعض المؤتمرات التي إتسمت بإرتجاليتها الواضحة , حيث ما شهدناه من إقصاء لأطراف سياسية ومؤسسات ثقافية ومهنية حيوية مقابل إغراء أخرين للحضور مجرّد كرقم مع إحترامنا لهم, أمّا ظاهرة التسارع الحثيث في لفلفة الأمور قبل وأثناء إنعقادها فقد وضعتهم شاءوا أم أبوا أمام مساءلات كثيره أدّت في معظم الحالات الى الحكم عليها وكأنها أشبه ما تكون بحملة تجميع حشود لإطلاق الهلاهل والزغاريد داخل قاعات مبهرجة بمدارج يشغلها المتراصفون جلوسا أمام خشبات مسارح زاهية تعلوها يافطات منمّقه وحلبات محاطة بأسوار واقيه لعرض العضلات المفتولة أمام جمهرة المتفرجين للتصفيق لها لا أكثر, وكأننا, وكم ذلك مؤسف ومؤلم , لا زلنا نعيش هامشيّة عهد المصارع عدنان القيسي وظلاميته بالجُرَع التي كان النظام الفاشي في بداية عهده يزرقها بأرواحنا وعقولنا في أجواء عروض صرعات ذلك الهرقل القيسي الباذخة وعكسيّاته الأسطوريه القاتلة كما كان يتم إخراجها على التلفاز , كلّها ومثائلها كانت تفبرك من أجل تعطيل عقول الشعب العراقي وإلهائه عن واجباته الوطنيه .
حسب إعتقادي, والحديث حول موضوع المؤتمر المؤمل عقده , فأن لقاءات في هذا الإتجاه قد تمّ و يتمّ عقدها منذ ما يزيد على الأربعة أشهر بين بعض مؤسساتنا وجمعياتنا القومية في أمريكا بمختلف تسمياتها على طريق التهيئه لمؤتمر مزمع عقده في المستقبل القريب إنشاءلله ,وذلك ما هو فعلا مطلوب القيام به قبل عقد المؤتمر.
مبدئيا ,و إنطلاقا من واقعنا الصعب الذي نمر فيه وما تمخض عنه من اّفة وفايروس إنفراد الأخرين فينا بإتجاه تمييع قضيتنا , أؤمن شخصيا بأن أيّ مبادرة توفيقيه أو تصحيحية صادقة لابد لها أن تجمع المختلفين كلّما بادر ليتبنّاها ويديرها أيّ من مكونّات شعبنا , سواء تمّ الشروع فيها عبر حوار ثنائي أو ثلاثي لتصل بالجميع إلى مستوى أرقى في عقد مؤتمر شامل , مثل هذه الممارسه بالتأكيد هي التي ستصب في صالح المجموع , وضمان نجاحها يكون مقرونا بشرط إمتلاك القائمين عليها الرغبة الحقيقية النزيهة في تحسين وضعنا العام في الداخل والخارج على حد سواءوشريطة تحلّيهم بالصفات الإنسانية والإجتماعية المرموقه التي تؤهلهم في إدارة مهمّات كهذه , كما يجب التذكير بأنّ إحقاق مثل هذا الأمر لا يتولّد إلا حين تنفصم عن أذهان القائمين نزعة تحدّي الأخر و الإبتعاد عن جعل الفعاليه وكأنها ردّة فعل على تصريح يصدر في لقاء تمّ هنا أو مؤتمر إنعقد هناك ,كما يتوّجب على المدبّر الإبتعاد عن أبطال وعوّاظ السلاطين الذين سرعان ما يسترخون أمام أبسط العروض المغريه مقابل تكليفهم في مهمة عساه يرى فيها السلّم الذي سيوصله الى درجة مبتغاه الشخصي, وإلا ما تفسير إنغماس أحدهم وهو يفكّ لنا اللغز في سبب عشقه لخاله المتميّز الشيخ الفلاني أو إنبهاره بسيّده السلطان العلاني أو إبن عمة زوجته البهبهاني ,و بناء على ذلك نقول , أنّ إستقلالية الفعاليه و رزانة شخوصها تشكّل المسلّمات والأولويات ألتي لا يجوز تغاضيها مهما كانت الأسباب , ولنا في المقام هذا من الأمثلة التي توضح سبب فشل أو نجاح العديد من المؤتمرات التي تم عقدها حديثا ومؤخرا.
لقد شهدنا ما شهدناه من مؤتمرات , وإستطلعنا ولو بشكل نسبي نوازع و أهداف كل مؤتمر وما خرج به مقارنة بالشعارات التي رفعها قبل إنعقاده , فالبيانات والتصريحات تنهال منذ نقاط البدايه وهي مثقلة و متخمة بالهلوسات ألتي تخفي في مضامين طيّاتها مفاهيم وثقافة التبعيّه الإستجدائيه الغير المبررّه ,ممّا يضفي عليها طبيعة الترّهل التي تغنينا عن التعويل عليها أو حتى عن الخوض في إمكانية نجاحها , وعليه نقول , فليكن الرأي فرضيا بأن هذه المؤتمرات قد أخفقت في محصلّة ما جنته ,مقابل محاولة البعض إضفاء ميزة النجاح عليها , لكن, لتكن خلاصة كلتا هاتين الحالتين رغم تناقضهما هي درسا مضافا وعلى إعتباره العامل الدافع في حال زعمنا السعي من خلال مؤتمر أخر يكون من أحد أهدافه المميّزه هو الإقتراب إلى ما هو أصلح و أكثر نضوجا سعيا منّا في تلافي ما حصل من أخطاء فنية وتنظيميه .ولا أرى أيّ غرابة في ذلك, فالكل متفقون على أننا مع الأسف قد أدخلنا أنفسنا في نفق مظلم يخيّم فيه كابوس التفرّد بالممارسة على مجمل نشاطاتنا والكل رافعا بيده شعار توحيد الأمّة وتحديد مطالبها, أليس هذا شعار يشترك فيه الجميع وهو يمثلّ القاسم المشترك الذي من شأنه أن يدفع بالجميع إلى الإستفادة منه والبدء في العمل الجاد ؟
من أجل الخروج من هذا النفق المظلم, يتوجب على الخيّرين من أبناء شعبنا من ذوي الإمكانيات الذاتية والذين طال غياب أصواتهم وإستغرق سبات أدوارهم , لأن كشف الحقيقه قد حان وقته , وعليهم الجلوس من أجل إيجاد سبل إخراج الأمّة من هذا المأزق و بأقل خسائر ممكنة, وبديهي جدا لو قلنا بأنّ شذوذية أسلوب التهيئه وخصوصية الأجواء السياسية ألتي تمّ أو يتمّ فيها عقد ألمؤتمرات يجوز لعشوائيتها وإفراطها أن تتسبب في ماّخذ يثيرها كل طرف منفردا على حدى وهو حرّ بحسب منظوره وفهمه أزاء ما جرى, ولكن في نفس الوقت , يجب ان نقر بحقيقه مهمّة ألا وهي أن فرضيّة تراكم الخبرة المكتسبة من خلال تكرار اللقاءات والمؤتمرات بسلبيات وإيجابيات نتائجها هي الأخرى ستولّد دون أي شك قدرا ولو بنسب متفاوته من القناعة بأنّ اليد الواحدة لايمكن أن تصفق بمفردها إطلاقا, كما لايمكننا التعويل على الغريب في فك عقد قضيتنا وحل أزماتنا من دون أن نكون في هيئة من يمتلك الإراده الجماعية .
إذن لقد ثبت لنا مبدئيا وعلى الأرض , بأن عجز الجهد المنزوي وقصور أهليته في تلبية وتحقيق تطلّعات أبناء شعبنا يستحيل تلافيه إلا بتوحيد سقف الجالسين على طاولاتهم وتقريب كراسيهم من بعضها البعض,وذلك لا يمكن أطلاقا وضعه في خانة الإستحالات, فهو يشكّل مطلب جماهيري ملّح طال إنتظاره , وليس مسموح لأي جهة تدّعي إلإخلاص أن تغض الطرف عنه, ففي حال لو كان الذي يجمعهم تحت هذا السقف الواحد هو مصلحة شعبنا بالدرجة الأساس و بناء مرتكزاته يتمّ على مبدأ سيادية القرار و في إحترام حق الأخر على الأرض دون جعل أسوارنا هشّة للحد الذي يسّهل عملية إختراقها, فسيادة إمتلاك القرار بإعتباره شرطا حيويا يمهد الإلتقاء بين الأطراف تحت سقف واحد و سيساعدنا حتما في التعاطي مع شطر التداول في تقريب وجهات النظر و إيجاد الأليات اللازم إستخدامها بما يسّهل ظاهرة التواصل في الحوارات, يكون هؤلاء المجتمعون حينئذ قد قدمّوا لنا نحن عامة الناس دليلا مشجعا يحفزنا دون اي تردد في المساهمة والمسانده الفعليه لكل ما يرسمونه ويقرروه , علاوة على الهيبة الجديدة التي سيتحلى بها تمثيلنا وفي نفس الوقت سيتم فرضه في المحفل الوطني والدولي .
ختاما, أنتهز مناسبة عيد قيامة سيّدنا يسوع المسيح, وأكيتو الأول من نيسان العيد القومي لأبناء شعبنا الكلدوأشوري السرياني , وهكذا الذكرى الثالثة والسبعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي, لأتقدم بأزكى التهاني وأطيب الأمنيات لكافة ابناء شعبنا العراقي .