يوم ضرب الجيش الأمريكي جنوده الفارين بالكيمياوي!
الحجة التي اختارتها اميركا لكي تبرر استعداداتها لضرب سوريا اليوم، هي نفس الحجة بالضبط التي ضربت بها صدام حسين، وحققت لها المطلوب بكفاءة، وهي "استعماله الأسلحة الكيمياوية لضرب مواطنيه". والتأكيد على عبارتي "الإسلحة الكيمياوية" و"ضرب مواطنيه" معاً، ضرورية هنا، رغم أن ضرب مواطني أي شعب، حتى لو كان "آخر"، وبأية أسلحة دمار شامل لا يقل وحشية عن ضرب جيش لمواطنيه بالأسلحة الكيمياوية. إلا أن الإكتفاء بالإدانة العامة لاستعمال أسلحة الدمار الشامل عموماً سيحول ذاكرة الناس فوراً إلى فيتنام وهيروشيما وعشرات القضايا المحفورة في ذاكرة البشرية خلال النصف قرن الماضي من سلطة هذه الدولة على العالم، وينقلب السحر على الساحر.
لهذا يحرص الإعلام الأمريكي الحربي أن يضيق دائرة إعلامه ويحصرها بشدة باستعمال الأسلحة الكيمياوية فقط، وعلى مواطنيه فقط، أملاً في أن يبقي ذاكرة الناس بعيدة عن جرائم بلاده التي يصعب إيجاد جريمة لم ترتكبها خلال تاريخها القصير على الأرض. لكن لو عرف الناس القصة التالية لما نجحت حتى تلك الخطة.
***
في صيف 1970 كانت الإحتجاجات المضادة للحرب على فيتنام في اقصاها في تلك الفترة، على إثر عودة الآلاف من القتلى الأمريكان في تلك الحرب. وعلى الجانب الآخر من الأرض، كانت الحرب الأمريكية تتوسع من فيتنام لتشمل حرباً سرية على لاوس تخوضها إدارة نكسون، ودون أن إعلان حرب رسمية على تلك البلاد، ودون أن تبلغ بها حتى الكونغرس الأمريكي نفسه!
على عمق ستين ميلاً داخل أراضي لاوس كانت هناك قوة كوماندوز أمريكية صغيرة مكلفة بمهمة خاصة. فقد رفض حوالي عشرون عسكرياً امريكياً الإستمرار في تنفيذ فضاعات الحرب الوحشية التي تشن على السكان الشديدي الفقر في تلك البلاد، والتحقوا بقرية صغيرة آوتهم.
كانت مهمة وحدة قوات الكوماندوز هي قتل الفارين من الخدمة العسكرية!
بدأت العملية بالبحث عن الفارين، وشاهد فريق استطلاع ما كان يصطلح عليه لدى الجيش الأمريكي بـ "العيون المدورة"، أي أهالي المنطقة في قرية من الخيام. فأبلغ قيادته التي طلبت منه أن يبقى في مكانه مختبئاً ويراقب. وفي انتظار القوة القادمة شاهد جيم كاثي الذي يقود فريق الإستطلاع مجموعة الأمريكان الفارين يتجولون في القرية بحرية.
وعندما وصلت القوة البالغ تعدادها 16 جندياً، هاجمت القرية وحسمت المعركة بسلاح خاص إسمه (CBU-15)، وهو نوع من القنابل الإنشطارية المصممة لحمل غاز الأعصاب، القيت على القرية في المساء. وفي صباح اليوم التالي هاجمت القوة المجهزة بأقنعة الوقاية من غاز الأعصاب القرية وقتلت مئة شخص.
ووصف المقاتلون الأمريكان تأثير الغاز بأنه كان فورياً، وأن “أفراد العدو” كانوا في حالة مستمرة من التشنجات والتقيؤ، ثم لا ينهضون بعدها.
كشف صحفيان في الـ سي إن إن ذلك الحدث في اواخر التسعينات من القرن الماضي، وجاء في تقرير لها استغرق أعداده ثمانية أشهر: لقد استخدمت الولايات المتحدة غاز الأعصاب القاتل خلال حملة لقتل جنود أمريكان فروا من الخدمة في لاوس خلال حرب فيتنام في عام 1970. واستخدمت سي إن إن للتحقيق، مقابلات مع 200 شخص بضمنهم العشرات ممن شاركوا في تلك الحملة، والتي دعيت "عملية تيلويند" (Operation-Tailwind).
وكشف أن تلك القوات كانت قد أبلغت أن كل أنواع الأسلحة عدا النووية ستكون تحت تصرفها، وأنها كانت تشمل سلاحاً يدعى "غاز النوم"، والذي تبين أن تلك التسمية كانت تمويهاً يطلق على غاز الأعصاب المسمى "السارين"، وهو نفس الغاز الذي استعمل في مترو طوكيو عام 1995، وبالرغم من توقيع الولايات المتحدة اتفاقيات عدم البدء باستخدام الأسلحة الكيمياوية.
وقد أكد الأدميرال المتقاعد توماس مورر، رئيس العمليات البحرية في فترة حرب فيتنام، بأن غاز الأعصاب قد استعمل بعد الحصول على موافقة فريق الأمن القومي للبيت الأبيض (في فترة نيكسون)، وأكد في مقابلة بعيدة عن الكامرات بأن الهدف كان قتل الجنود الأمريكان الفارين من الجيش.
****
ملحقات:
(*) حورب صحفيا السي إن إن وتقريرهما حرباً شعواء من قبل الإدارة الأمريكية التي استخدمت كل ما في جعبتها لإنكار الحادث أو تصغيره، لكن شهادات المشاركين في العملية كانت غير قابلة للرد. ورغم ذلك أجبرت السي إن إن على سحب التقرير، مذعنة للضغوط. وقالت أبريل أوليفر المشاركة في انتاج التقرير أن السي إن إن قررت قتل القصة وإيقاف الحديث حولها. وقد طردت هذه الصحفية بعد ان قال لها احد المدراء أننا سوف سنخرق قلب القصة بعصا، لتموت ولا تعود إلى الحياة ثانية.
وقال زميلها المنتج جاك سميث، ان الضغط الذي تعرض له اصحاب القصة كان هائلاً، وقال أنه ليس مندهشاً لذلك.
http://ftp.fas.org/irp///news/1998/07/980722-tailwind.htm
(*) في كتابه عن حرب فيتنام "لماذا ذهبنا إلى هناك" يكتب المؤرخ آفرو مانهاتان بأن تلك الحرب لم تكن سوى امتداداً لحروب الإحتلال الوحشية لروما الكاثوليكية، حيث كان الجنود الفارين الرافضين لقتل البوذيين يقتنصون ويقتلون واحداً واحداً، وأن تلك إشارة إلى ان مصير أميركا سيكون كمصير روما.
(*) كتب وليام بلوم :
"الحروب الجرثومية والكيمياوية تقلب الحضارةعلى رأسها"
الجراثيم لا تحارب، بل تزرع بعناية، الأطباء يستعملون علومهم من لوضائف الجسم البشري، لاختراع طرق أكثر فعالية لإيقافها عن العمل، وعلماء الزراعة يحقنون الفطريات عمداً لكي تتلف المحاصيل"
"غازات الأعصاب طورت أصلاً لتساعد الإنسان في القضاء على الخنافس والقمل، لكن الجيش يستعملها لتعقيم البشر"
(*) قال المدعي العام في محكمة لاهاي فريد بيفن أنهم حددوا بعضاً من تلك الشركات التي كانت قد باعت الأسلحة الكيماوية للنظام العراقي السابق ، حيث قامت بعض من تلك الشركات في سويسرا وأيطاليا واليابان والولايات المتحدة بمنح المواد الكيماوية الخامة لمدة (7) سنوات للنظام العراقي.
March 17 2008
http://www.chaknews.com/arabic/news.php?rowstart=840
(*) The evidence of US nerve gas use in Operation Tailwind
http://www.wsws.org/en/articles/1998/07/cnn2-j24.html
(*) U.S. used nerve gas during Vietnam War
http://karws.gso.uri.edu/Marsh/Vietnam/valley_of_death.html
(*) U.S. used nerve gas during Vietnam War - report
http://www.ratical.org/ratville/nukes/JTruman/060798_1.txt
31 آب 2013