Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

سدنيمبول والفراشة

في الحلقة الماضية من حياة أبو فراسه في سدني نسيت عزيزنا وقاريء كلماتنا الجليل والمتفضل علينا بالكثير وليس القليل أن أعرفك بنفسي , فأنا الفراشة . كثيرا ما يتحدث ألي قروي الموصل أبو فراسه وأناقشه ويناقشني فلا تستغرب أن أكون على ذكاء وأن أردد بعض كلماته كالبغبغاء .فهو يشاركني الأراء ويتكلم معي بكل صدق ونقاء . وأنا أقترح عليه بعض الحيل فلا مذاق للكثير من الأطباق بدون بصل . رحل أبو فراسه عن المحيط وأتجه حيث يمكن أن يلتقي ببعض مواطنيه ومحبيه حيث يمكن أن ترى العربية على بعض الجدران وتسمعها محكية في في الحارات والسبربان ( الضواحي ) . هنا حيث جاء لن يتكلم مع الفراشه كثيرا لأنه ألتقى بأحمد ومحمد وحسين وبشرى وعدويه وأبو منعم اللبناني وخميس أبو كوسة وعوضين وغيرهم الكثير من الأصدقاء المنحدرين من أصول شرق اوسطيه . ولكن ليس دائما فهذه فقط البداية فالوقت في سدني ثمين والترحيب والضيافة لن يدوم ألا لحين . فقرر صاحبنا القروي ان يتزوج ويملأ البيت بالعيال وتعرف على فتاة طيبة ولها سمعة نقية تدعى رباب . رباب فتية وقوية تعمل في اليوم سبع ساعات ونصف وأحيانا ثلاث أخرى أضافيه , تقود سيارة بسيطة وتعيش في كنف عائلة تقية . أبا فراسة مستعجل فهذه فرصته الذهبية . فطلب من رباب أن يتكلم معها بجدية وذهبا معا إلى منطقة جميلة وحيوية حيث سيجلسا معا ويتفاهم الأثنين على مستقبلهما . ما ان خرجا من السيارة بدأ الضعف يسيطر على القروي والمغريات تقتل قلبه فالبحر جميل والغابة اجمل والشمس ساطعة وأشعتها تنتج أحساسا بالسعادة حالما تتفاعل مع الجلد . فنزع القروي كل شيء عدا اللباس ( الشورت ) وبدأ الاثنين يمشيان حفاة على رمال سدنيمبول ويتكلمان ويتكلمان وابو فراسه يوضح أرائه ومخاوفه وخططه المستقبليه وطموحاته في تغيير زي رباب فهي محجبة ولكن بنطالها يكاد ان ينفجر وعيونها سبحان من خلق وجمل وفوق هذا مثقلة بالزينة وكانها مرسومة بريشة فنان . الثوب لا يكاد ان يحتضن البنطلون وهو من الاعلى مشقوق ومحصور وكأنه حصن يحمي قلعتين . رباب تستمع وتتسامع وتدعي أنها تتفاعل حتى جاء دورها في الكلام . فقالت له أتريدني أن البس النقاب أو عباءة فضفاضة وطويلة انظف بها الارصفة . أن تمشي انت على ساحل البحر بلباس وتريد أن تقفل على جسدي بالقفل والترباس . أسفة أنا لست من تتخيل. لن اكون لك رباب ربة البيت ولن اضع الخل في الزيت ولن اكون احدى دجاجاتك ولكن تكون لي ديكا حسن الصوت . فقفلت رباب كل الابواب وتركت أبا فراسه جالسا وحده على البحر يتكلم مع الفراشة ( معي ) . سأبحث عن اخرى وسالتقي سيدة أحلامي تلك الماشية تحت خيمة سوداء والمتكلمة خلف الباب والستار مع الغرباء . ..... ! كيف يكون لك ذلك يا صديقي وأنت في سدنيمبول ..... ؟ هناك هدى وهناك عذراء وأخرى تدعى مريم واخرى صفاء . المهم هو أن أحسن الأختيار فالزواج في سدنيمبول لا ينتهي بقول طلاق, وقانونهم المدني ثقيل لا يطاق . تزوج القروي بمن وجد فيها القبول وأنجب منها محمد ونجلاء وفاطمة وبتول . ولأن لديه من الصبايا ثلاث بدأ يقلق ويفكر كيف سيرسلهن إلى المدرسة وماذا سيتعلمن هناك وهل سيتخذن عاشقا عندما يكبرن أو سيتركن البيت بعد سن البلوغ . أنها مرحلة التأسيس , عليه أن يتخذ اجراءات سريعة وخطوات واثقة . محمد هو الصغير ولكنه سيكون الكبير وسيكون القيم على البيت في غياب واليه ولن ترفض له جملة ولا ترد عليه كلمة . أنهن نساء ( البنات ) والرجال قوامون على النساء هذا ما تعلمه القروي وهذا ما سيعلمه , عن هذه الدوائر لن نحيد وموروثاتنا وأعرافنا مقدسة عندنا حتى قبل تقديسنا التوحيد . فما حاجتي بأن أمتد خارج أسوار امتي . لن يطول عمري لأرى كل هذه التخيلات فأنا فراشة بعمر قصير وأبو فراسه يتخيل ويخطط ويرسم ويدبر , فأنا اعذره لأنه يحب هذا النمط في الحياة فهذا ما اختبر وهذا ما رأى . تماما كما احب أنا التحليق بحرية بين الزهور .في الأعالي أشارك الأجواء مع الحمائم ومختلف الطيور . كذلك أيضا أبو فراسه لن يتخلى عن قرون من الكذب والعيش كرهينة في تاريخ وتقاليد ومورثات ملئها فساد وغضب . لن يفتح مداركه ليطلع على حياة الأخرين لأنه واثق أن درب الحياة واحد عنه لن يحيد . ولكنه مازال مؤمنا بأن سدنيمبول بلده الجديد جميلة ورائعة ولا زال ولا زال في حرب قوية تدور رحاها في عقله بين ما عاش وما يرى, بين ما عانى وما صادف , بين ما تمنى وما وجد , بين ما جد وبين ما وجد . ولكي لا نطيل عليك أكثر يا صديقنا القريب البعيد سأترك القروي في داحس والغبراء ومأتم أهل البيت التي لا تنتهي ومشقات عباد الله . وسأذهب لأطير فانا أحب الحرية وأمسح من ذاكرتي كل كل شيء سبق هذه النقطة . وشكرا
عصام سليمان _ تلكيف سدني _ استراليا


Opinions